أكرم عبدالفتاح

ما الذي يجعل تحالف العدوان الخليجي يرسل طائراته لتدمير مدينة سكنية قيد الإنشاء ومشروع خزانات تحلية المياه في جزيرة كمران البعيدة تماماً عن جبهات القتال، كما أنها خارج المسار المزعوم لإعادة (الشرعية) إلى صنعاء!
الجواب قد يأتي عند التأمل في خريطة استهداف الجزر اليمنية والتجمعات السكنية الواقعة ضمن المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية لقربها من خطوط الملاحة الدولية في باب المندب والبحر الأحمر.
فهناك جزيرة ميون التي احتلها تحالف العدوان الخليجي، وبنى فيها قاعدة عسكرية، إذ نجد تحالف العدوان يبدأ بفرض إجراءات تسعى إلى تهجير سكان الجزيرة.
ولا يختلف الأمر في المخا، إذ يحرص تحالف العدوان الخليجي على منع عودة النازحين إلى المدينة التي احتلها قبل أشهر، كما امتنع عن إعادة تشغيل ميناء الصيد الذي دمره هناك، ويواصل منع صيادي المخا من النزول للبحر للبحث عن لقمة عيشهم. ولا ننسى الإشارة إلى تعمده المبالغة في تدمير الكثير من الأحياء السكنية قبل وأثناء دخول القوات الموالية له إلى المدينة!
هذا كله يربطه رابط خفي بما حدث سابقاً من تدمير المدينة السكنية لعمال محطة كهرباء المخا، وكذا القصف المستمر على مخيمات النازحين والتجمعات السكنية القريبة من المخا وباب المندب، والتي لم تكن أولها مجزرة قرية واحجة، ولن يكون آخرها جريمة قصف مخيم النازحين في منطقة موزع..!
لنضف إلى هذا احتلال تحالف العدوان لجزيرتي حنيش وزقر قبل فترة، حيث ومنذ ذلك الحين يتم منع الصيادين اليمنيين من الاقتراب من الجزيرتين، ويكفي هنا الإشارة إلى آخر جرائم العدوان بهذا الخصوص، وهي جريمة قصف قارب صيد يمني اقترب من جزيرة (زقر)، قبل أيام، ما أدى إلى مقتل 8 صيادين من أهالي مديرية الخوخة.
ما تقوم به قوات العدوان في الجزر اليمنية ومدينة المخا يكشف عن وجود مخططات لتفريغها من السكان أو أي وجود يمني، بما يسهل إخضاعها للسيطرة التامة ضمن سياسة بعيدة المدى لاحتلال أهم المناطق الاستراتيجية في السواحل اليمنية بصورة دائمة.
ضخامة المخططات وأهدافها تشير إلى أن وراءها ما هو أكبر من السعودية والإمارات، وأنها تتعدى أغراض الوصاية والسيطرة السعودية المعروفة في اليمن، لتكون ممالك النفط مجرد مقاول تنفيذي أو واجهة لمخطط استعماري دولي تقوده الولايات المتحدة وتستفيد منه إسرائيل التي امتلكت مؤخراً حقوق الملاحة الحرة في مياه جزيرتي تيران وصنافير (بجهود سعودية)، كخطوة أولى لإنشاء قناة موازية لقناة السويس. وهي الآن تسعى للسيطرة الكاملة على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر كي تحقق بذلك أهدافاً عديدة، أهمها ضمان عدم إقفال خطوط الملاحة أمامها في حالة تطور الأوضاع إلى حرب إقليمية ضدها، وكذا لامتلاك القدرة على التحكم بحركة الملاحة عند الرغبة في حصار قناة السويس كإجراء احترازي سيفيدها في حالة انتقال السلطة في القاهرة إلى حكومة قومية تناصب إسرائيل العداء.
يقيناً.. إذا نجح العدوان الخليجي في أهدافه بتنصيب حكومة موالية له في اليمن كي تسهل تمرير مخططاته (تثبيت احتلال وإخلاء الجزر والسواحل الأقرب لحركة الملاحة الدولية وتحويلها لقواعد عسكرية تابعة له شكليا).. إن نجح في ذلك فسيكون هذا هو الإنجاز الأهم الذي سيحقق للكيان الصهيوني أكبر مكاسبه الإقليمية في القرن الـ21.
ولكن.. في مواجهة هذه المخططات، هناك جملة اعتراضية هي: إرادة المقاتل اليمني.

أترك تعليقاً

التعليقات