عبد الإله محمد حجر

السفير عبد الإله محمد حجر

وفي نهاية الشهر الثاني للمفاوضات تبلورت لدى المبعوث الأممي من خلال اجتماعات مصغرة مع قيادات الوفدين، وبعد التشاور مع سفراء الدول الـ18، فكرة تقديم مشروعي اتفاق أحدهما ذو شق أمني عسكري (رؤية الوفد الوطني) يتضمن الانسحابات وتسليم الأسلحة، والآخر ذو شق سياسي ينظم تكوين السلطة التنفيذية بشقيها الرئاسي والحكومي، وعلى أن يتم التزامن في توقيع الاتفاقين، وقد حازت الفكرة على تأييد السفراء الـ18، إلا أن الخلاف لدى الوفدين ظل قائماً حول نوعية التزامن بين الخطتين، حيث أصر الوفد الوطني على ألا يتم تنفيذ الخطة الأمنية والعسكرية إلا في وجود سلطة تنفيذية توافقية مشكلة ومعلنة يمكن أن تباشر أعمالها في إحدى المحافظات حتى تكتمل الإجراءات الأمنية في العاصمة، أما الطرف الآخر فكان يربط تشكيل الحكومة بانتهاء الإجراءات الأمنية، ويصرّ على أن يوقع عبدربه هادي على قرار تشكيل الحكومة واللجنة الأمنية، وأن يحتفظ بمنصبه حتى الانتخابات القادمة، ولم يقدم أية ضمانات.
كانت تلك الأفكار بمثابة تقدم في المشاورات تبشر بقرب الاتفاق على حل شامل، وقد عبر السفير الأمريكي ماثيو تيللور في أحد الاجتماعات مع الوفد الوطني في فندق جميرا، وفي حضور نائب وزير خارجية بريطانيا ونائب وزير خارجية أمريكا، عن تفاؤله بعد الاطلاع وسماع رؤية الوفد الوطني، قائلاً: (أعتقد أن الحل قريب جد اً جداً). 
وبعد إصرار الوفد القادم من الرياض والمبعوث وكذلك السفراء الـ18، على تعليق المفاوضات إلى بعد عيد الفطر، وتستأنف بعدها ولفترة أسبوعين فقط، وافق الوفد الوطني على ذلك. 
وقبل مغادرة الوفود الكويت، وفي أثناء وجود الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في الكويت، في زيارة رسمية للتوديع بمناسبة قرب انتهاء فترة ولايته، التقى الأمين العام بأعضاء الوفدين، وألقى بياناً أكد فيه على أن الوضع في اليمن مصدر قلق بالغ للجميع نتيجة الوضع الإنساني والاقتصادي الخطير والانتهاكات الجسيمة، والتي تلقي مسؤولية أخلاقية وسياسية كبيرة على الوفود، وتحتم على المجتمع الدولي وضع حد للنزاع في أسرع فرصة ممكنة، والعودة للعملية السياسية، وكان من الملفت للنظر خلو بيانه من ذكر قرار مجلس الأمن 2216، مما كان له أثر واضح في مداخلة عبد الملك المخلافي وعبد العزيز جبارى، حيث بدا بياناهما متشنجين، وابتعدا عن الموضوعية، حيث ذكرا عبارات المليشيات والانقلابيين، في حين كان بيانا الأخ عارف الزوكا، والأخ محمد عبدالسلام إيجابيين وموضوعيين حيث ركزا على موقف الأمين العام الشجاع تجاه الانتهاكات السعودية لحقوق الأطفال، وأكدا الحرص على نجاح المشاورات الجارية، وبأن الوفد الوطني أتى منفتحاً لتحقيق السلام والاستقرار وطيّ صراعات الماضي وبناء الدولة المدنية العادلة المستقلة ذات السيادة ومواجهة خطر القاعدة وداعش، في حين أتى الطرف الآخر ليطلب الاستسلام، وطلبا من الأمم المتحدة التحرك العاجل لتجنب الكارثة الإنسانية في اليمن التي سببها القصف الجوي لطيران العدو السعودي والحصار الجوي والبحري والبري. 
 إلى هنا انتهى حديثي عن جولة المفاوضات الأولى في الكويت، وسأكمل إن شاء الله في مقالات لاحقة الحديث عن الجولة الرابعة من المشاورات، والتي هي الثانية والأخيرة في الكويت، وسأذيلها ببعض الاستنتاجات وتقييم أداء الوفدين وأداء المبعوث الأممي ودور الدولة المضيفة وخلاصة الرأي.

* عضو الوفد الوطني لمفاوضات السلام اليمنية.

أترك تعليقاً

التعليقات