ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين -

سام بيرلو فريدمان @
حضر الأشخاص المشاركون في الحملة اجتماع الجمعية العامة السنوية لشركة الأسلحة البريطانية وطرحوا بعض الأسئلة الصعبة، وفشلت الإجابات في الإقناع. 
في الأسبوع الماضي قام مجموعة من نشطاء تجارة الأسلحة بممارسة الطقوس السنوية المتمثلة في النزول إلى قاعدة فارنبورو الجوية، لحضور الاجتماع العام السنوي الذي تقيمه أكبر شركة بيع سلاح في المملكة المتحدة، أنظمة (بي إيه إي). وكلٌّ منا كان لديه حصة واحدة مما يسمح لنا بحضور الاجتماع، وكذلك طرح الأسئلة على السير روغر كار، رئيس مجلس الإدارة. 
ذهبنا إلى الاجتماع لأننا نريد جر أكبر تجار السلاح في البلد للمحاسبة. لن ندعهم يحتفلون بمهرجانهم السنوي هذا دون أن يكون هناك شخص يفسد عليهم الحفل ويذكرهم بالتكلفة البشرية لأرباحهم التي يجنونها. 
كانت أسئلتنا -وبشكل غير مفاجئ- أغلبها بشأن اليمن، حيث مقاتلة (بي إيه إي) الجوية تشكل جزءاً أساسياً من القوة الجوية السعودية التي تحدث مثل هذا الدمار الشامل في البلد. تسببت حملة القصف الجوية السعودية المتواصلة في قتل آلاف المدنيين مع تدمير المدارس والمستشفيات والمصانع والأراضي الزراعية والمنشآت. وبالإضافة إلى الحصار الذي يفرضه التحالف بقيادة السعودية، تذهب حملات القصف باليمن نحو المجاعة، مع تقدير الأمم المتحدة لإجمالي القتلى سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بأنه يمكن أن يصل إلى 230 ألفاً في نهاية العام 2019. 
ويملك روغر كار عدداً من الخطوط الدفاعية إزاء اتهام (بي إيه إي) بكونها تساعد وتشجع على المجازر. كان أحدهم على وشك لعب دور سفير سعودي حين أصر على أن المملكة ليس لديها أي خيار آخر سوى اللجوء إلى حرب اليمن، لحماية شعبها من هجمات الصواريخ الحوثية ومحاربة "الإرهاب" وإعادة الحكومة الشرعية الممثلة بالرئيس هادي المستبعد من قبل المتمردين الحوثيين في العام 2014. 
ومع ذلك فإن تبريرات روغر كار للحرب -وهو يصور النظام السعودي كأحب عشاق السلام- الأمر الذي اضطرهم إلى حرب لم يكونوا أبدا يريدونها، تُسحق بأبسط التحليلات. 
الحقيقة أنها حرب اختيارية للسعودية وحلفائها. لم يكن الحكم الحوثي مُرضياً على نحو عميق من نواح كثيرة، إلا أنه في المقابل لم يكن يهدد السعودية ولا جيرانها. فلم تبدأ هجمات الصواريخ الحوثية المتفرقة تلك على أهداف سعودية إلا بعد بدء حملات القصف الجوي للتحالف في مارس 2015. والسبب الحقيقي للحرب هو أن السعودية رأت يد إيران في السيطرة الحوثية وعزمت بالتالي على مقاتلة منافسها الإقليمي مهما كلفها الأمر. 
وبالنسبة لمحاربة الإرهاب، ذكرت تقارير أن بعض الميليشيات التي تسلحها السعودية والإمارات، وغالباً ما تكون مزودة بأسلحة غربية، على ارتباطات بالقاعدة وحتى داعش. ولطالما ورد أن السعودية تمول وتستجلب القوات السودانية غير النظامية والمرتزقة للقتال في حربها البرية، بينهم مجندين أطفال، بالإضافة إلى جماعات الجنجويد السابقة المسؤولة عن الجرائم الوحشية المرتكبة في دارفور. 
ولكن حتى إذا كانت الحرب ذاتها في معناها المجرد نوعاً ما، هذا لا يبرر استهداف المدنيين أو البنية التحتية المدنية والهجمات العشوائية التي تفشل في التمييز بين ما هو مدني وما هو عسكري. 
ولدى روغر كار خط دفاعي آخر في هذا الشأن. فهو يقول: "هنالك حروب في كل العالم... والحتمية المؤسفة هنا "هي أن المدنيين دائماً يتعرضون للأذى"، فهو لا يريد هذا ولا تريده السعودية أيضاً. والفظاعات المرتكبة كقصف حافلة مدرسية مثلاً في شهر أغسطس الماضي، والذي قتل وجرح أكثر من خمسين طفلاً، والكثير من الحوداث المشابهة، ليست شيئاً بالنسبة لهم سوى حوادث مأساوية. 
وإذا كان الأمر يحسب على هذا النحو إذن فالسعودية تملك رصيداً مرعباً من "الحوادث المأساوية". وفقاً لمشروع بيانات اليمن الذي يقوم بإحصاء غارات قصف التحالف أثناء الحرب، كان على الأغلب نصف الضربات مركزة على المدنيين رغم إمكانية تحديد الهدف بسهولة. ولا يشير هذا القصف المنهجي المستمر للمدنيين إلى سلسلة من الحوادث المؤسفة، وإنما في أحسن الأحوال إلى فشل كامل في التمييز بين الهدف المدني والهدف العسكري، ولا مبالاة صارخة بما أو بمن تستهدفه الغارات. 
وقد شن التحالف مئات الضربات على أهداف مرتبطة بالزراعة وإنتاج الغذاء: أرضاً زراعية ومنشآت ري ومكاتب دعم الزراعة وقوارب صيد وموانئ ومراكز التوزيع وأكثر من ذلك. والعديد من هذه المنشآت بعيد عن أي هدف عسكري، والبعض قد استهدف أكثر من مرة. هذا لا يعبر عن خطأ، بل يدل على محاولة متعمدة لتدمير كل أشكال الدعم الواقعة في مناطق حكم الحوثي. وكما قال مسؤول سعودي ساخراً: "حينما سنحكمهم سوف نقوم بإطعامهم". 
وبالنظر إلى العلاقة المقربة التي تملكها (بي إيه إي) مع حكام الدولة وموظفيها 6300 في السعودية هل تحاول البحث والتحقيق فيما إذا كانت مقاتلاتها الجوية مشاركة في المجازر الوحشية؟ وهل تتخذ خطوات لإيقاف ذلك مرة أخرى؟ هل باختصار تقوم بالعناية الواجبة في هذا الشأن؟
وعند العودة إلى نقطة التملصات الماكرة حول محاربة الإرهاب والحفاظ على السلام والبقاء قوة من أجل الاستقرار والحصول على مقعد على الطاولة بتوفير السلاح، قدم روغر كار إجابة واضحة للغاية على هذا السؤال: كلمة "لا" مدوية، وليس فقط أن (بي إيه إي) ليس لديها هذه المعلومة، وليس فقط أنها لا تبحث عن هذه المعلومة، فليس دور (بي إيه إي) البحث عن ذلك أصلاً. بحسب كار، (بي أي إي) تقوم بتوفير المعدات وصيانتها فقط. ما يحدث بالتالي ليس من شأنها التعامل معه، فكل ذلك هو من مسؤولية المملكة المتحدة والحكومة السعودية. 
وهذا أمر غير عادي للغاية، فـ(بي إيه إي) تقوم بدور عظيم في كيفية أن تكون شركة مسؤولة، وحفاظها على أمن موظفيها وعملائها أمر مطلق، وعندما تقع الحوادث تعمل بقدر استطاعتها للتحقيق، وهي قلقة للغاية. كما قدم روغر كار إجابة واضحة على سؤال حول انبعاثات الكربون بشأن تأثيراته البيئية. في كل هذا تعلن (بي أي إي) استعدادها للذهاب إلى أبعد مما تحدده الحكومة. 
لذا تعترف الشركة بمسؤوليتها المشتركة عن تأثير أنشطتها على كل شيء، باستثناء تأثير أسلحتها على الأجسام الآدمية. في هذه النقطة، تغسل يدها وتدلنا على القوى التي تفرض الواقع. وإنكار المسؤولية هذا يتجاوز مسألة النفاق. إنها لامبالاة وحشية بحياة الإنسان والمعاناة الإنسانية. 
وكما تستمر (بي إيه إي) في تسليح ودعم انتهاكات حقوق الإنسان في كل العالم، سنقوم نحن بمعارضتها في كل خطوة تقدم عليها. قال روغر كار: "آمل ألا أكون هنا للإجابة على أسئلة تتعلق باليمن مجدداً". وهذا أمر يمكن أن نتفق عليه جميعنا. 

* "أوبن ديموكراسي" 
موقع سياسي مقره المملكة المتحدة
16 مايو 2019