تحت ستار العمل بشركات (أمنية إماراتية)، وبعروض مالية مغرية، تجند أبوظبي أبناء القبائل العربية بوسط أفريقيا، من أجل المشاركة في حرب اليمن، المستعرة منذ أكثر من 3 سنوات، دون أفق واضح لإنهائها.
ناشطون كشفوا أن الإمارات، الدولة الغنية بالنفط، تغري شباب قبائل (التبو) و(الطوارق) المنتشرة في كل من ليبيا 
وتشاد والنيجر بوسط أفريقيا، والذي يعيشون على الرعي وتجارة التهريب، بجنسية إماراتية ورواتب شهرية تتراوح بين 900 و3000 دولار.
هذه الإغراءات، حسب (هاف بوست)، قلبت حياة الشباب الأفارقة رأساً على عقب، كونهم فقراء 
يحلمون بفرصة حتى وإن كانت عن طريق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
10 آلاف شاب، على الأقل من بين هذه القبائل، تم تجنيدهم خلال الفترة الأخيرة، 
بعدما انكشف دور رجال الأعمال الإماراتيين في يناير 2018، في زيارتهم للنيجر.
خداع

مصادر مقربة من عائلات المجندين، الذين سافروا إلى الإمارات مؤخراً، قالت إن أبوظبي اتجهت مؤخراً لتجنيد أبناء القبائل العربية التشادية والنيجرية، وإلباسهم الزي العسكري الإماراتي، ثم توزيعهم على جبهات القتال في اليمن، على أساس أنهم عناصر من الجيش الإماراتي، وقبل ذلك توظيفهم وتدريبهم في شركات أمن خاصة.
وتقول عائلات المجندين إن أبناءها يتم خداعهم عبر إقناعهم بأنهم ذاهبون إلى الإمارات للعمل في الشركات الأمنية الموجودة هناك بمبالغ وامتيازات خرافية، وحين وصولهم يتم أخذهم وإرسالهم إلى الجبهات الساخنة مع أنصار الله كجنود إماراتيين.
وبعد اكتشاف هذا الأمر، بحسب مصادر العائلات، أصبحت الإمارات تعتمد على وكلاء في التجنيد، منهم شخصية دبلوماسية تشادية، سافرت مؤخراً إلى النيجر لإقناع القبائل العربية هناك، عبر مفاوضات مباشرة، بإلحاق أبنائها بالجيش الإماراتي مقابل امتيازات مالية.
مواصفات معينة يختارها الوسطاء في المجندين، على رأسها ضرورة أن ينتموا إلى قبائل التشاديين العرب الرعاة، الذين يمكن من سحنتهم أن يتحولوا إلى إماراتيين، وخاصة على الحدود الليبية في مدينة سبها جنوباً، التي تقطنها العديد من قبائل الرحل العرب المتنقلين بين النيجر وتشاد.
ويعرض الوسطاء على الشباب إما عقود عمل في شركات الحراسة ليجدوا أنفسهم بساحات الحرب في النهاية، وإما مبالغ مالية تصل إلى 3 آلاف دولار، تعرض عليهم مباشرةً إذا ما قبلوا الذهاب إلى القتال في اليمن.

تحذيرات
وفي مقابل ذلك، انطلقت حملة وسط الناشطين التشاديين على الإنترنت، تحذر الشباب من العمل لصالح الإمارات، أبرزها فيديو للناشط (محمد زين إبراهيم)، حذر فيه الشباب التشادي والنيجري من عروض العمل تلك.
وفي الفيديو، قال إبراهيم: (إن عقود العمل هذه ما هي إلا تجنيد للمشاركة في حرب اليمن ومقاتلة شعبها العربي والمسلم من أجل دولارات بخسة).
وأضاف أن (عرب الخليج، خاصة الإمارات والسعودية، لم يكلفوا أنفسهم يوماً عناء التعرف على عرب الصحراء، واليوم يدعونهم لنصرتهم والقتال إلى جانبهم في اليمن).
و(زين إبراهيم)، ناشط تشادي بارز، اعتاد في صفحته على (فيسبوك)، أن ينشر مقاطع فيديو تتناول قضايا تمس الشباب التشادي الناطق باللغة العربية.
(إبراهيم) أضاف أن دوافعه لعمل هذا الفيديو جاءت من كونه يملك معلومات موثقة عن عمليات تجنيد تستهدف القبائل العربية في تشاد، وتشرف عليها جهات رسمية تتكسب منها مع تجار البشر.
وتابع أنه اكتشف ما سماها (المؤامرة)، إثر عودة دفعة من (المغرَّر بهم من التشاديين الذين أُرسلوا إلى الإمارات بعد أن تم خداعهم)، فعقود عملهم موضح فيها أنهم ذاهبون لحراسة آبار النفط والمباني الحيوية هناك مقابل مبالغ طائلة، وعندما تم عرضهم على الإماراتيين طلبوا إعادتهم إلى تشاد وجنوب ليبيا؛ لأنهم ليسوا بالمواصفات التي تريدها الإمارات.

حرب استنزاف
وبالنسبة إلى (إبرهيم)، فإن حرب اليمن، التي كانت تظنها الإمارات والسعودية نزهة عسكرية، تحولت إلى (حرب استنزاف، ومستنقع يصعب عليهما الخروج منه بأقل الخسائر العسكرية)، خاصة مع رفض أغلب الدول المنضوية في التحالف العربي مشاركتهما القتال براً، واختيار المشاركة رمزياً.
أما الناشط الحقوقي التشادي (شريف جاكو)، المقيم في باريس، فقد أكد هذه المعلومات، وقال: (لديَّ معلومة بأن الإمارات استطاعت، عبر وكلاء من رجال الأعمال الأفارقة المقيمين بالخليج، تجنيد أكثر من 150 شاباً تشادياً من الجالية المقيمة بمدينة سبها (جنوب ليبيا)، والذين يتحدثون العربية بطلاقة، وملامحهم تشبه إلى حد كبيرٍ، ملامح الإماراتيين).
(جاكو) أضاف أن المجندين تم الزج بهم في حرب اليمن، وأنه كناشط حقوقي يتابع هذه القضية من مدة، معتبراً أن ما تقوم به الإمارات يندرج في إطار (الرق والاتجار بالبشر).
وطالب الناشط الحقوقي، المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لمنع هذه (الجريمة المروعة، القائمة على استغلال الفقراء وزجّهم في حروب دموية ليموتوا لصالح الأغنياء)، ويؤكد أنه يتوفر على ملفات موثقة لشباب تم (خداعهم والتغرير بهم وزجّهم في المناطق الساخنة باليمن ليموتوا).
وتقاتل الإمارات ضمن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وبدأت مؤخراً بدعم الانفصاليين الجنوبيين الذين يقاتلون الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف.
وبعد طول زمن الحرب في اليمن، وتفاقم الخسائر البشرية خاصة، اتجهت أبوظبي للتجنيد وسط الدول الأفريقية الفقيرة، وخصوصاً تلك التي أظهرت تعاوناً معها في أزمتها مع قطر، وعلى رأسها تشاد والنيجر.

(هاف بوست)

المصدر: (الخليج الجديد) إسلام الراجحي + هاف بوست