استقبلت العاصمة صنعاء، هذا العام، شهر رمضان الكريم، باحتفاء وروحانية غير مسبوقة. رافقته حركة تجارية وإقبال من المستهلكين على الأسواق الحديثة والقديمة، لشراء متطلباتهم الرمضانية. 
وفي ظل العُـدْوَان والحصار الذي انعكس على قدرات المستهلك الـيَـمَـني، حيث تباينت متطلباته بين المواد الأَسَــاسية والقليل من المواد الكمالية والموسمية التي تستهلك خلال شهر رَمْـضَـان الكريم، وتراجع المعروض من المنتجات المحلية أَمَـام المنتجات الأجنبية المتواجدة في السوق المحلية، بسبب التدمير الممنهج للمصانع الإنتاجية الـيَـمَـنية، وتوقف الآلاف من المعامل والمصانع الخفيفة جراء الحصار.
 إقبال المواطنين، خلال الشهر الكريم، لشراء احتياجاتهم، لم يتوقعه العدوان وأتباعه المرجفون الذين يبثون إشاعات كاذبة تخدم العدوان الذي ينتظرها بفارغ الصبر من أجل موت الموطن اليمني جوعاً داخل منزله، كمحاولة بديلة لإخفاقهم وخسرانهم في جبهات القتال، والمراهنة على الانتصار من خلال الضغط الاقتصادي وتدهور العملة وتجويع وحصار المواطنين بشتى الوسائل القذرة.
يقول بعض التجار إن الثقافة الاستهلاكية التي انعدمت طيلة السنوات الماضية، كانت حاضرةً لدى المستهلك الـيَـمَـني، وبالذات خلال هذا الشهر الكريم، برغم أنه يعيشُ في حالة تقشف إجباري جراء تراجع مستويات الدخل وفقدان الملايين من الـيَـمَـنيين أَعْمَـالهم جراء العُـدْوَان والحصار، وهو ما انعكس سلباً على الأَوْضَـاع المعيشية للمواطن الـيَـمَـني.
إلا أن الحركة التجارية ما زالت متسقة في توازن أسعار بعض المواد الغذائية وارتفاع لأخرى، وما زالت الأسواق المحلية مفتوحة أبوابها للمستهلكين. مصادر رسمية أكدت أن الاحتياطي الوطني من القمح والدقيق يكفي لستة أشْهر قادمة، وأَكَّدت مؤسسة موانئ البحر الأحمر أن ميناء الصليف استقبل ٢٥ باخرة تحمل ٨٨٧ ألفاً وَ٩٢٢ طناً من المواد الغذائية، من أصل ١٦٠ باخرة تحمل مليونَين و٢٣٢ ألفاً و٩٤٠ طناً من البضائع والسلع المتنوعة، منها ١٢٨ باخرة وصلت إلَـى ميناء الحديدة حتى منتصف شهر مايو الماضي، وأوضحت أن 18 باخرة ضمن تلك البواخر التي استقبلها ميناء الحديدة، تحمل ٢٩ ألفاً و١١٩حاوية، كما لا تزَالُ السلع والمنتجات الغذائية تتدفق على الأَسْوَاق المحلية بدون أي ارتفاعات تُذكر.
متخصص اقتصادي قال لـ(لا): إنه لا يوجد اقتصاد وطني متحرر أصلاً، ولا اقتصاد إنتاجي ثابت، فمعظم إيرادات الدولة هي من ريع النفط ومن الجمارك وعائدات الطيران، فيما جزء بسيط جداً من الاقتصاد اليمني كان يعتمد على الصناعات التحويلية، وحتى هذه المصادر الإيرادية لا تستطيع مواجهة الفساد.
أما عن تدهور العملة ومعاناة المواطنين وسعر الصرف، فقد حمل تحالف العدوان على اليمن بقيادة السعودية، والحصار، مسؤولية ذلك التدهور، وهو من أوقف كل هذه المصادر المالية، مضيفاً أن السيولة المالية انخفضت في حوزة المواطنين، لأن جزءاً كبيراً من العمال والموظفين فقدوا وظائفهم، ويرافق ذلك أن البنك المركزي مع توقف التصدير لم يعد يستجلب أية عملة صعبة، ويتم سحب مدخراته من أجل الاستيراد، وهذا ما يضعف الريال أمام الدولار، وفي نفس الوقت للمصارف دور في تضخيم عجز الريال أمام الدولار، واستغلال هذه الأزمة الاقتصادية بما يخدم قوى العدوان، فهي أزمة مركبة. 
ونصح المواطنين بمقاطعة المنتجات السعودية التي حلت محل الكثير من المنتجات اليمنية، وأن يرشدوا من الإنفاق أثناء شراء احتياجاتهم اليومية، وبالذات السلع الكمالية المستوردة التي يُفترض أن تمنع السلطة الوطنية استيرادها لتحد من خروج النقد الأجنبي واستنزافه. هذه كإجراءات من شأنها أن تخفف من الضغط الاقتصادي، فيما معالجته الأولية تكون بوقف الحصار واستئناف العمل في القطاعات الاقتصادية التي سلمت من القصف، والعمل على معالجة قضية الاقتصاد بشكل عام. 

مخاوف من انعدام الغاز المنزلي  
 برغم اختفاء مادة الغاز المنزلي تماماً في شهر رمضان خلال الأعوام السابقة، إلا أن هذا العام لم يحدث ذلك، وإنما ارتفعت أصوات المستهلكين منددة بارتفاع أسعارها، وقد وصل سعر أسطوانة الغاز الى 4500 ريال في بعض المحطات والمحلات. أما المشتقات النفطية فقد عاود ارتفاع سعر الدبة 20 لتراً الى 8500 ريال، بعد أن كان استقر سعرها عند 3500، قبل شهر رمضان. ويرجع البعض هذا الارتفاع إلى الحصار الذي يفرضه العدوان على اليمن منذ أكثر من عام ونصف، والذي يقوم باحتجاز شاحنات الوقود التابعة للقطاع الخاص في البحر، أَوْ القرصنة البرية التي يقوم بها مرتزقته في محافظة مأرب، والذين تعمدوا منذ أَيَّـام قطع الطريق أَمَـام إمدادات الوقود والغاز، في محاولة منهم لافتعال أَزْمَـة مشتقات نفطية وغاز منزلي، لأغْرَاض سياسية رخيصة.

مخالفات وضبط مواد غذائية
تدور أحاديث عن التلاعب بالأسعار من قبل التجار والوكلاء، وإدخال المواد الغذائية منتهية الصلاحية، والتي يتم بيعها بشكل طبيعي للمواطن من قبل بعض التجار ضعاف النفوس، كما قال بعض المواطنين، وبتواطؤ الجهات المسؤولة. 
ويقول مختصون إن بعض المواد الغذائية والمنتجات الموسمية، والتي يرتفع الطلب عليها في شهر رمضان الكريم، وهي مكونات العصائر والنشويات والكريمات والحليب وغيرها، معظمها مفخخة في الأَسْوَاق ومقاربة على الانتهاء، بل ومنتهية، وخُصُوْصاً في ظل العدوان والحصار، حيث اكتنز الكثير من التجار سلعاً ومنتجات في مخازن بطريقة غير سليمة، فأتلفت قبل انتهائها. ورغم مخاطر تلك السلع والمنتجات المنتهية أَوْ المقاربة على الانتهاء، إلَّا أن ضعفَ الوعي الاستهلاكي للمواطن البسيط وضعف القوة الشرائية تدفعه إلَـى شراء كُلّ معروض رخيص الثمن.
وقال مدير مكتب الصناعة والتجارة بأمانة العاصمة، في تصريح سابق، إن اللجان الرقابية الميدانية المكلفة بمراقبة الاستقرار التمويني وحركة الأسعار وضبط المواد الغذائية الفاسدة والمخالفات السعرية في أسواق محافظة صنعاء وأمانة العاصمة، ضبطت 153 مخالفة تموينية، في أسعار الموادّ الغذائية الأساسية، وأنه تمت إحالة 67 مخالفة منها إلى القضاء، وإتلاف 143 طنّاً من موادّ غذائية منتهية الصلاحية، و190 مخالفة تموينية، في أسعار موادّ غذائية أساسية متنوّعة، قبيل أيّام على دخول شهر رمضان.
وقال المسؤول الحكومي في وزارة الصناعة والتجارة إنّ لديهم خطّة لمراقبة السلع الرمضانية، التي يزداد إقبال المستهلك على شرائها خلال شهر رمضان، وأنّ الخطّة تتضمّن التفتيش على السلع المغشوشة والمقلّدة والمخالفة للمواصفات وقريبة الانتهاء، وكذا ضبط السلع التي لا تحمل بيانات الصلاحية.
وأفاد مدير مكتب التجارة أنّ حملات التفتيش والرقابة خلال شهر رمضان، ستشمل محلّات البيع بالجملة والتجزئة، والبيع في الأرصفة والميادين العامّة، ومعامل إنتاج الحلويات و(السنبوسة)، داعياً المستهلكين إلى عدم الاندفاع لشراء موادّ غذائية بكمّيات تزيد عن الحاجة، والتنبّه إلى فترة الصلاحية للموادّ الغذائية، والإبلاغ (عن أيّ تاجر أو محلّ يبيع موادّ غذائية منتهية الصلاحية، أو تالفة، حفاظاً على سلامة الجميع). 
ووجهت اللجنة الثورية العليا، الجهات المختصة في وزارة الصناعة والتجارة، بالتشديد في الرقابة على الأَسْوَاق المحلية. وضبطت الجهات المختصة المئات من الحالات المخالفة للأَسْعَـار المعلنة منْ قبل الوزارة، والموقّع عليها من قبل التجار؛ وذلك لضمان وصول السلعة بالسعر الحقيقي إلَـى المستهلك، كما شدّدت من حملاتها مع قدوم الشهر الكريم، وأقرت الوزارة تشديد الرقابة واستمرار اللجان الميدانية الرقابية في النزول إلَـى الأَسْوَاق لضبط أي متلاعبين.
وأعلنت عددٌ من المجموعات التجارية والشركات ورجال المال والأعمال في الصحف الرسمية، عدمَ وجود أي تغييرات في أَسْعَـار المواد الغذائية، وأن أَسْعَـارها ثابتة دون أي تغييرات.