في رثاء القائد المجاهد
- محمد العفاري الأثنين , 27 أكـتـوبـر , 2025 الساعة 10:44:57 PM
- 0 تعليقات

محمد العفاري / لا ميديا -
أنا جبال البلق في مأرب. أنا الصخر الذي حفظ وقع خُطاك يا سيدي هاشم.
حين كنتَ تصعد إليّ شامخاً تهمس للنصر وتقرأ على قممي سورة العزم، كنتَ تحدّث الريح عن وعد الله للمجاهدين. وكنتَ كلّما اشتدت الحرب على ثغري ازددتَ ثباتاً حتى صرتَ أنت عنوانها.
أنا صحراء اليتمة في الجوف. عرفت وقع أقدامك يوم كان القيظ يلسع الرمال، ورأيتُ كيف كنتَ تُقسم الماء بين جنودك قبل أن ترتوي، وكيف كنتَ تصلي تحت وهج الشمس وجبينك يقطرُ عرقاً وإيماناً.
اليوم أسألُ الريح التي تعبرني: أين ظلّك يا هاشم؟!
فتجيبني الدموعُ بدل الجواب.
أنا «وادي آل أبو جبارة» في كتاف. كم رافقتُ صيحاتك وهي تُشعل الحماس في صدور الأبطال! كم حملتُ أنين الجرحى إلى السماء وأنت تُضمدهم بيدك وتقول: في سبيل الله تهون الأرواح!
اليوم أفتقدك، وقد صار صدرك الواسع تراباً طاهراً وريحاناً للشهداء.
وأنا كهبوب والمخا والهاملي وحيس... أنا السهول التي ارتوت بدماء المجاهدين. أنا المدن التي كنتَ تسقيها من عزيمتك قبل المطر. أنا الذي ما خفتُ إلا حين سمعتُ نبأ رحيلك.
كم مررتَ في طرقاتي تزرع الأمل في الجنود، وتُطفئ الخوف في عيون الصغار، وتُذكّر الكبار بأن الوطن لا يُحفظ إلا بدماء الطاهرين!
وها أنا اليوم كل جبهة من جبهات اليمن كل جبل ووادي وصحراء، أقفُ على أعتاب الوداع الأخير.
أناديك: يا سيدي هاشم! يا من كنت لليمن قلباً نابضاً بالعزة! يا من علّمتنا أن الرجال لا يُقاسون بالأعمار، بل بالمواقف.
نمْ قرير العين أيها القائد المجاهد؛ فصدى تكبيراتك لا يزال يتردد بين جبالنا، ورائحة ترابك تمتزج بندى الصباح في سهولنا. واليمن -كل اليمن- سيبقى يذكُرك كلّما أشرقت شمس النصر من دماء الشهداء.
سلام الله عليك من كل ثغرٍ رابط، ومن كل جبل صامد، ومن كل ذرة تراب تقدّست بخُطاك.










المصدر محمد العفاري
زيارة جميع مقالات: محمد العفاري