نواف الزرو

نواف الزرو / لا ميديا -
بينما تصادف هذه الأيام ذكرى «المحرقة - الهولوكوست اليهودي»، يستنفر الكيان الصهيوني، كعادته في كل عام في ذكرى ما يطلقون عليه «المحرقة/ الكارثة اليهودية»، إعلامه وقياداته وكتابه ولوبياته في أنحاء العالم، في مهمة وخطة واحدة متكاملة، هي استثمارها تجارياً على الطريقة الشيلوكية، عبر «تكريسها في الوعي العالمي، ومواصلة ابتزاز العالم على مختلف المستويات، لتبرير وجود وجرائم الكيان الصهيوني في فلسطين».
فهذه المناسبة الذكرى، التي تصادف هذه الأيام، هي بالنسبة لهم صناعة وتجارة وابتزاز وتزوير للحقائق وتضليل للرأي العام العالمي.
وفـــــي هذه المناسبـــــة كــان الكاتب «الإسرائيلي» المعــــروف «يسرائيل شامير»، قال في ذكرى «الهولوكوست» فـــــي صحيفـــــة «هآرتس» العبرية: «إن إجرامنا تجاوز إجرام أمريكا في فيتنام، وإجرام صربيا في البوسنة. وإن عنصريتنا -ضد الفلسطينيين- ليست أقل انتشاراً من عنصرية الألمان». ويؤكد الكاتب في ختام مقاله: «إن آلام اليهود حول الهولوكوست مزيفة، فإما أن نتوب وإما أن نحترق بنار الفلسطينيين وكبريتهم».
وعلى نحو متكامل نربط بدورنا جدلياً في سياق التحليل الاستراتيجي ما بين ثلاثية «الهولوكوست» و«اللاسامية» و«الإرهاب»!
ولكن، على خلاف حالة «الهولوكوست اليهودي» -المزعوم- الذي ما زال يدور حول صحته الجدل الدولي على مستوى نخبة من كبار العلماء والمفكرين والباحثين، فإن «الهولوكوست الفلسطيني» حقيقة قائمة وملموسة وموثقة ومعززة بكمٍّ هائل لا حصر له من الوقائع والمعطيات والوثائق والشهادات الدامغة، ومنها وثائق وشهادات «إسرائيلية» عديدة ومتزايدة على سبيل المثال، وخاصة شهادات الدكتور «ايلان بابيه» في «التطهير العرقي في فلسطين»، «وبني موريس» في سلسلة من كتاباته البحثية حول مجازر العام 1948 وغيرها، و«تدي كاتس» حول الطنطورة، و«موشيه راز» حول الإجرام الصهيوني ضد الفلسطينيين خلال النكبة.
فحينما نتوقف أمام حكايات النكبة واغتصاب فلسطين لنتحدث عن «الهولوكوست الفلسطيني المفتوح» الذي اقترفته الحركة والتنظيمات الإرهابية الصهيونية، وتواصله «دولة إسرائيل» حتى لحظة كتابة هذه السطور، فهذا ليس من قبيل المبالغة والتهويل، فقد وصلت الجرائم الصهيونية المتنوعة والشاملة إلى مستوى «هولوكوستي» لم يسبق له مثيل في التاريخ، فنحن نعرف عن محارق هنا وهناك اقتُرفت، ولكن لم يحصل في التاريخ أن تواصل «الهولوكوست» المفتوح على مدى عقود من الزمن، ومرشح أيضاً للاستمرار إلى أفق زمني مفتوح، كهذا «الهولوكوست» المقترف على أيدي الدولة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني!
لذلك، نتوقف أمام قصة «الهولوكوست اليهودي» الذي تحييه «إسرائيل» في كل عام في الوقت الذي نتوقف فيه أمام ذكرى النكبة الفلسطينية واغتصاب فلسطين، لنتذكر ونذكر: أن الشعب العربي الفلسطيني يتعرض منذ أكثر من قرن من الزمن لـ«هولوكوست مفتوح» على يد الكيان الصهيوني، وأن هذا «الهولوكوست» إنما يطبق على أرض فلسطين بالبث الحي والمباشر على مدار الساعة.
فجرائم الحرب الصهيونية/ «الإسرائيلية» شاملة لم يفلت منها الإنسان ولا الشجر ولا الحجر، العربي الفلسطيني، ولم تنجُ منها مدينة ولا بلدة ولا قرية ولا خربة، وكذلك لم تترك مجالاً من مجالات الحياة العربية في فلسطين إلا وألحقت به الأذى.
وكانت تلك الجرائم شاملة مبيتة تجاوزت كافة القوانين والمواثيق والأعراف والخطوط الحمراء الدولية.
وفي الخاتمة المفيدة، تكفي الإشارة هنا إلى توثيق «شامير» أعلاه، وإلى تقرير الخبير الأمريكي «فريد لوشتر» الذي «يدحض افتراءات اليهود حول الإبادة الجماعية في المعسكرات النازية»؛ ولذلك نتساءل: 
- أين «الهولوكوست - الكارثة/ النكبة الفلسطينية المفتوحة» في هيئات المنظمة الدولية؟!
- والأهم والأخطر، لماذا يوافق العالم -ومنه بعض العرب- على تدريس وعولمة ثقافة «الهولوكوست اليهودي - تحت الجدل» في حين يغمض أعينه عن «الهولوكوست» الفلسطيني المفتوح والمرئي بالبث الحي والمباشر؟!
إن الحاجة تتزايد لدينا يوماً عن يوم ليس فقط إلى توثيق جرائم الحرب الصهيونية في فلسطين -التي تراكمت على مدى قرن من الزمن لتشكل «هولوكوستاً» فلسطينياً خاصاً- ليس فقط لغاية المطالبة بتقديم مقترفيها إلى محكمة الجنايات الدولية في يوم من الأيام، وإنما بالأساس لأن هذه المهمة التوثيقية هي مهمة تاريخية ثقافية تربوية تعبوية لشعوبنا وأجيالنا الراهنة والقادمة.
كما أن الحاجة إلى عولمة «الهولوكوست» الفلسطيني تزداد وتتكرس من يوم ليوم في ضوء المجازر الصهيونية اليومية ضد كل أبناء الشعب الفلسطيني!

أترك تعليقاً

التعليقات