خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -

ليس بالضرورة أن تكون شريفاً ونزيهاً فقط لتشكل عنصر نجاح وتغيير إيجابي في أصعب مرحلة يمر بها اليمن، فهناك الكثير من الشرفاء لكنهم يفتقرون للذكاء، وهناك شرفاء وأذكياء لكنهم كسالى، وهناك شرفاء وأذكياء ومجتهدون لكن تنقصهم الخبرة والإبداع والتميز في الأداء أو مصابون بالغرور والكبر والعنجهية.
حاليا يتم استهداف كل من يجمع بين الصفات الإيجابية سابقة الذكر، لأنهم عناصر تؤرق العدوان، وبالتالي نجد أن مصيرهم إما التهميش أو تغييرهم من أعمالهم، وهذا ما حدث مع عشرات الأنقياء من الكفاءات، ومن لم تتمكن أيادي الفساد والفشل من استبعادهم أو إحباطهم أو التخفيف من مدى تأثيرهم، يتم اغتيالهم وفبركة الاغتيال كأنهم قتلوا في قضايا جانبية كما حدث مع وكيل محافظة إب الشهيد الشيخ إسماعيل عبدالقادر سفيان، ومع مطلق الصرخة في شرعب المجاهد المؤمن الشهيد أبو رعد الحشاش، وحدث أيضاً مع لطف محمد زياد "أبو أيوب"، مشرف منطقة شملان، هؤلاء وغيرهم ممن اغتالتهم أيادي العدوان المزروعة داخل الأجهزة الحكومية، حضروا مواقف كانوا فيها مصلحين وليسوا غرماء، ولم يكونوا حتى طرفاً في القضايا، لكن نية الاغتيال كانت مبيتة وفق مخطط جاهز وتربص واضح للعيان.
الغريب في الموضوع أن لا أحد من قيادات "الإنقاذ" و"السياسي الأعلى" لفت انتباههم هذا الموضوع، فهناك تخاذل عجيب وتخلٍّ عن الدعائم والركائز البشرية القادرة على إحداث نقلات نوعية في شتى المجالات، يتعامل مسؤولونا بطريقة عجيبة جداً مع المظلومين مهما كان حجم المظلومية، ولكن الدور حتما سيصل إلى كل متخاذل إن كان من الفئة المستهدفة، والأغرب من كل ذلك أن خونة الوطن والمتسلقين والفاسدين والفاشلين هم أصحاب الحظ الأوفر وهم البديل لكل وطني حر، شريف، مجتهد، مبدع.
يبدو أنه برنامج ممهنج ومخطط مدروس يدعمه العدوان، قد لا تتمكن الأجهزة الأمنيـــة من كشف هذه الحقيقـــــــــة بسهولة، لكن ليس بالضرورة الحصول على دلائل كاملة للقبض على كل من يعمل على إفشال المرحلة وتفريغها من شرفائها وكوادرها، فمثلا بمجرد أن تعلموا أن أحد المجاهدين قتل بطريقة غريبة في قضية لم تكن تستدعي القتل؛ فهذا يستوجب التحقيق باهتمام، ومتابعة القضية والتعمق فيها، وسيتضح لكم أنها مؤامرة.
وإذا رأيتم فلاناً استبعد عدداً من الكفاءات ومن لهم مواقف مشرفة مع الوطن وضد العدوان ومشهود لهم بالنزاهة وكانوا من المميزين في عملهم، واستبدلهم بأرذل القوم، هذا لحاله يكفي لاعتقال هذا المسؤول والتحقيق معه بجدية وحزم وسيعترف بمن دعمه ووجهه لهذا العمل الخبيث.
فالاتحاد السوفيتي بعد أن كان دولة عظمى تفكك وانهار بسبب تهميش الكفاءات وتعيين الفاشلين والفاسدين في مناصب عليا وحساسة، وكان ذلك يتم عبر خونة الداخل بإيعاز من أمريكا، وهذا بالضبط ما يحصل في وطننا الحبيب حالياً، أما التحجج بعدم وجود دلائل واضحة فهو عذر واهٍ، فهم ليسوا من رافعي الإحداثيات ولا من مؤججي الفتن وزارعي السخط المجتمعي إعلاميا ليسهل كشفهم، فلا يجب أن يتوفر لديكم نفس ما تسبب بالقبض على الخلايا التخريبية.
النخر في مؤسسات الدولة وإحباط موظفيها هو من أكبر الأعمال التخريبية، ومؤشرات معرفتهم كثيرة جداً، ومثال آخر، مسؤول فجأة اشترى (فيلا) وبدت عليه مظاهر البذخ وأصبح يملك أسطولاً من السيــــارات الفارهـــــة، بينما كان قبل تعيينه متوسط الحال وبعضهم كانت حالته المادية تعبانة ولا يملك حتى سيارة وحالته حالة، هذا وحده يجعلكم تسحبونه على وجهه وتسألونه من أين لك هذا؟ وسيتضح لكم أنه فاسد أو عميل خائن يستلم مبالغ من العدوان، وفي الحالتين هو خادم للعدوان بفساده أو بعمالته.
ومثال آخر، إذا رأيتم أن مسؤولاً فشل في جهة ومنحتموه فرصة أخرى نظرا لكلامه المنمق أو وساطته القوية وعينتموه في جهة أخرى وفشل فيها وكاد أن يدمرها وتم تعيينه في جهة ثالثة ورابعة وكانت النتيجة واحدة، ففي هذه الحالة اسحبوه واسحبوا من توسط له ومن كان سبباً في تعيينه في أكثر من جهة، لأن من توسط له تعمد الخراب ولا يوجد لديه أدنى شك بأنه لن يفشل. هل تريدون عشرات الأمثلة على كل هذه النوعيات من المخربين؟
تمكنتم من مواجهة عدوان كوني فكيف لم تتمكنوا من مواجهة هذه التصرفات المدمرة وقد باتت حديث المجتمع بعد أن زادت عن حدها؟
العدالة أساس قيام الدولة، والمظالم هي أول عوامل سقوط أعتى وأكبر الدول، وقد أشار سيد الثورة (سلام الله عليه) في 3 محاضرات رمضانية متتالية إلى خطورة الظلم وعواقبه في الدنيا والآخرة، وأهمية نصرة المظلوم، فهل تابعتم تلك السلسلة من المحاضرات الرمضانية، أم أنها كانت لحظات سليمانية لا ينبغي خلالها أن تسمعوا لمثل هذا الحديث؟!
لقد كانت كلمات تخترق القلب ويستوعبها العقل، ويجب أن تتحول إلى فعل وممارسة في حياتنا اليومية، وإذا لم تستفيدون منها في واقعكم العملي، فما الذي يمكن أن يؤتي أُكله معكم؟ فلا استخدمتم المضادات الحيوية ولا خلستم جلد أحد غير البسطاء والمظلومين بل المجاهدين والأنقياء، ولا هزتكم تحذيرات السيد... فهل بات الكي الحل النافع؟!
أكتفي بهذا الحد وإلى لقاء آخر.

ـ صورة مع التحية لسيد الثورة.

أترك تعليقاً

التعليقات