نصرك وإنصافك يا رب!
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -

من باب إبداء الرأي كنت قد كتبت في أكثر من منشور بأن المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية ضرورة. وهذا لم يغب عن قيادتنا وسبق وأن طالبوا بذلك منذ بدء العدوان أكثر من مرة وما زالوا يطالبون به؛ لكن الموضوع أخذ مجرى الابتزاز والمقايضة من دول حقوق الإنسان، فتم الاكتفاء بتكليف الأمم المتحدة لمجموعة خبراء لتقصي الحقائق. وعلى الرغم من عدم تمكنهم من إنجاز مهامهم في كثير من المناطق وعدم قدرتهم على التقصي عن كل الجرائم نظرا لتراكمها وكثرتها وضيق الوقت الممنوح لهم؛ إلا انهم رفعوا بتقرير دانوا فيه دول العدوان بجرائم حرب.
أما عن الجرائم التي ارتكبها العدوان بعد ذلك، فكان ما ينبغي فعله عند كل جريمة ومجزرة هو تجميع بقايا السلاح المستخدم من ساحة الجريمة. فمن خلاله يتم معرفة نوعه والدولة المصنعة والدولة التي اشترته، ثم التوثيق والإبلاغ الفوري للأمم المتحدة وللمنظمات الإنسانية وكل الجهات المعنية، مع إرفاق الأدلة. وهذا ليس من باب الاستعطاف، لكن كإثبات قانوني واقعي فعلي وإدانة مثبتة وموثقة وأيضا كتوثيق سنحتاجه عاجلا أم آجلا.
كما أن للعدوان طرقاً أخرى غير القصف الجوي في ارتكاب المجازر؛ وذلك من خلال مرتزقته على الأرض بقصف مدفعي أو قذائف أو كاتيوشا، كما حدث أمس الأول في سوق آل ثابت ويحدث باستمرار في الساحل الغربي وبين الحين والآخر في تعز. وهذا النوع من الجرائم لا يوجد صعوبة في كشف مرتكب الجريمة من خلال تصوير مكان الجريمة من كل الزوايا وتحديد الجهة التي انطلقت منها القذائف والمسافة، وبالتالي تحديد المكان الذي انطلقت منه القذائف بالضبط؛ وبهذا يتم تحديد الطرف المسؤول وهو المسيطر على تلك المنطقة.
لا نطالب بهذه الإجراءات لنعرف الجاني، فنحن نعرفه دون أدنى شك ونطالب بالثأر وإشفاء غليلنا منه كما أننا لا نطالب بها لإخراس الشواذ والحثالة من مبرري وكانسي جرائم العدوان وإنما نطالب بها للتوثيق والإثبات والإبلاغ بشكل رسمي وإعداد إحصائية مكتملة لكل جريمة عن الخسائر البشرية والمادية بالتوازي مع زخم إعلامي يتعاطى مع كل جرائم العدوان باحترافية، علما بأن أميركا وثقت خسائرها من حادثة البرجين رغم تواطؤها في الحادثة بعد تخطيطها ودراسة الأضرار والمكاسب المادية والسياسية، حيث قدر خبراء تعويضات جاستا بثلاثة تريليونات دولار، وكانت أغلبها تعويضات للأضرار النفسية والمعنوية. وذلك غير ما جنته من مكاسب سياسية واقتصادية، فمنذ ذلك الحين وهي تستعمر بعض الدول أو تنتهك سيادتها وتنهب ثرواتها وتخضعها لها تحت مبرر محاربة الإرهاب، رغم أنها لم تخسر إلا برجين متهالكين كانت مدتهما الافتراضية قد انتهت ودفعت شركات التامين قيمة كل الخسائر المادية. لا نريد أن تتحول مظالمنا إلى استغلال، لكننا بعد أكثر من أربعة أعوام لا أعتقد بأن لدى حكومتنا حصراً دقيقاً بكل الأضرار المادية، بالذات فيما يخص الجانب المدني. وذلك نظرا لعدم إنشاء جهة مختصة بهذا الجانب رغم كل ما فقدناه. أما الحديث عن الأضرار النفسية فلا يوجد أحد لم ينله نصيب من هذه المعاناة؛ حيث ارتكب العدوان كل المحرمات لإبادة أعرق شعوب الأرض وأكرمها وأكثرها نخوة وإنسانية. بل إنه استخدم في إجرامه ما لم يستخدمه غيره منذ خلق الله عز وجل الأرض. كما لم يوفر طريقة لتحطيمنا نفسيا وإنهاك معنوياتنا، لكننا بفضل الله سبحانه سطرنا أروع معاني الصمود والثبات. وهي أهم مرتكزات ومقومات النصر الإلهي الذي بات بعون الله يلوح في الافق.

أترك تعليقاً

التعليقات