فعّلوا مبدأ الثواب والعقاب وغربِلوا
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
كنا سابقا كلما انتقدنا أي اختلالات وتقصير وإهمال في أية محافظة يسارع المحافظ إلى التذمر والشكوى من قلة الحيلة، وأن إيرادات المحافظة كلها مركزية، وأنه كلما أراد أن يصلح شيئاً ينصدم بالعجز المالي، وأن الدولة لا تعتمد شيئاً خارج إطار الموازنة المعهودة التي بالكاد تكفي كنفقات تشغيلية.
وكان حديثهم مقبولاً، باعتبارها معاناة ملموسة وحقيقية، رغم أن لدى كل محافظ الحق في التصرف بـ30% من إيرادات صندوق النظافة في المحافظة، وهو مبلغ لا يستهان به، إلا أن أغلب المحافظين يستغلون المبلغ في غير مكانه ويستثمرونه لمصالحهم الشخصية؛ إلا من رحم ربي.
عموماً، صدر مؤخراً قرار رئيس المجلس السياسي الأعلى بجعل كل موارد المحافظة محلية ومشتركة لصالحها، على أن توزع بنسب معينة على النحو التالي: 50% مشاريع عامة (كطرقات وغيرها)، 20% لدعم المشاركات المجتمعية، 25% لدعم الزراعة، 5% نفقات تشغيلية للمحافظة، وبالتالي لم يعد هناك أي عذر مع المحافظين.
وبعد هذه الخطوة يجب أن تكون الرقابة مستمرة، ومن الضروري جداً تقييم المحافظات، وعلى أساس الرقابة والتقييم يتم تفعيل مبدأ الثواب والعقاب. وخلال الستة الأشهر الأولى من تاريخ بدء تنفيذ القرار يجب أن يكون هناك حساب عسير يتم من خلاله تغيير محافظين وتكريم آخرين.
وللأمانة، أقولها وبكل أسف، أغلب محافظي المحافظات يجب تغييرهم؛ ليس لأن جميعهم فاسدون، بالعكس، فالكثير منهم شرفاء، وإنما هناك معضلة كبيرة، فنحن نعاني من غياب الحس الإداري، أو تسلط مستشاري السوء على أنقى المحافظين، يعني إما محافظ فاسد وإما فاشل وإما فاسد وفاشل معاً، وإما ضعيف شخصية، وإما ليس إداريا محنكا. ونادرا جدا نجد محافظاً يجمع بين الصفات المطلوبة (نزيه وفاهم وقوي...).
وللعلم والإحاطة، محافظو المحافظات بمثابة رؤساء في محافظاتهم، فإن صلحوا صلحت المحافظة، وقس على ذلك أغلب مسؤولي الدولة من وزراء ورؤساء هيئات ومؤسسات وصناديق... إلخ. أما ما يقال بشأن المحاصصة والشراكة فلا يمكن للشريك أن يفرض مسؤولاً فاسداً أو فاشلاً، فإن كانت بعض الحقائب والمناصب من حق المكون أو الحزب الفلاني فعليه أن يرشح للمنصب شخصاً يتمتع بالصفات المطلوبة، ولا يمكن أن يكون بقاء محافظ أو مسؤول معين فاسد لسنوات عديدة بسبب أنه محسوب على الشركاء في الحكم، وليس من المقبول أن يتعمد الشريك انتقاء أسوأ وأرذل وأقبح القوم؛ لأن ذلك سيبدو وكأنه برنامج لإفشال المرحلة وتشويه الأنصار وضرب حاضنتهم الشعبية؛ لأنهم يقودون المرحلة ويتحملون مسؤولية كل شيء.
ولا ننكر أيضاً أن بعض قدامى الأنصار خذلوا السيد القائد وانحرفوا عن المسار بعد أن استسلموا لملذات وشهوات الدنيا.
ونأمل أن يكون القادم أفضل بإذن الله تعالى بعد إجراء الغربلة اللازمة وتنظيف مؤسسات ومرافق الدولة.
ملاحظة: هناك موضوع مهم من الضروري إيجاد حل له؛ ففي كل مناسبة وأحياناً بدون مناسبة يطلبون من المكاتب الإيرادية دعماً مالياً للاحتفالات أو قافلة أو دعم جبهات، يأتي الطلب عن طريق المحافظ أو المشرف أو قائد معسكر أو قائد منطقة... هذا على مستوى فروع المكاتب الإيرادية بالمحافظات. وعلى مستوى المراكز الرئيسية أيضاً، الأمر نفسه، ويضغطون و»يخلوها مُحلّقة».
هذا الأسلوب العشوائي يجب أن ينتهي ويحددوا مخصصاً، سواء من إيرادات السلطة المحلية أو من حساب الطوارئ أو حساب الدولة العام أو تكون ضمن الموازنة ومحددة وليست عشوائية. هذه مشكلة كبيرة تعاني منها كل الجهات الإيرادية على مستوى الفروع وكذا المراكز.
والمشكلة الثانية هي الصلاحيات وتضارب القوانين (القوانين العفاشية) فيما يخص صلاحية المحافظين وتعارضها مع صلاحية الوزراء، والنتائج السيئة المترتبة على ذلك، وأهمها عدم قدرة المحافظين أو الوزراء على إقالة أو تغيير بعض مدراء المكاتب مهما أساؤوا التصرف ومهما طالت فترة تعيينهم؛ إلا إن اتفق المحافظ مع الوزير المعني على التغيير وعلى البديل، وهذا لا يحدث إلا نادراً.

أترك تعليقاً

التعليقات