«اتفاق جدة» صفر على الشمال والجنوب
 

ذو الفقار يوسف

مفرقعة صوتية أطلقها الأمريكي لتشتيت الانتباه عن استدارة بدأت فعلاً
«اتفاق جدة» صفر على الشمال والجنوب

ذو الفقار يوسف / لا ميديا -
برعاية أمريكية بريطانية، شرعت السعودية والإمارات في دور تسليم وإعادة انتشار صوري في الجنوب المحتل. الرياض بحاجـــة لورقــة الجنوب فــي الواجهــة لتفــاوض بها عن مآزقها المستفحلة بفعل تداعي جنوبها تحـت أقدام الجيش واللجان، ومفاجآت استراتيجية الردع السالفة والمقبلة.. والإمارات بحاجـة للتــواري عـن الواجهــة تحت مسمى الانسحاب، لتتلافى وعيد القيادة الثورية لها بضربات صاروخية ومسيرة قاصمة في ثنائي عصب اقتصادها النفطي والخدمي (أبوظبي ودبي)، كما أن انعقاد جولة مشاورات محتملة مع صنعاء تعوزه ورقة توت "شرعية" لا تمتلكها هي وتمتلكها السعودية.
إعادة الانتشار هذه محسومة برعاية أمريكية بريطانية تتحرى تربيط التناقضات السياسية والميدانية لمجموع أدواتها التنفيذية الإقليمية والمحلية الغارقة للعام الخامس في مستنقع إخفاقاتها وانقلاب قواعد الاشتباك لصالح مقاتلي جيشنا ولجاننا، ودفْع القيادة الثورية بمعادلة الردع إلى طور لا قبل للغرب كمركز للعالم باحتمال تبعاته على السوق المعولمة كمركز لاقتصادات العالم، كما وعلى روافع النفوذ الأمريكي الامبراطوري في ما يسمى الشرق الأوسط كمسرح رئيس للأحادية القطبية.
من السذاجة والتبسيط المبتذل والضحل الاعتقاد بأن تعثر التوقيع على ما يسمى "اتفاق جدة"، من قبل ما يسمى "الشرعية والانتقالي"، يمثل فاعلاً محورياً في جملة التداعيات الراهنة المتمظهرة في إعادة الانتشار، أو أن ثمة مخرجات جدية مرهونة بالتوقيع على الاتفاق، فهذا الأخير ليس إلا مفرقعة صوتية أطلقها مطبخ تحالف العدوان الغربي لتشتيت الانتباه عن هذه الاستدارة التي بدأت فعلياً دون حاجة حقيقية لبصمات هادي والزبيدي. كما أن المدير التنفيذي قد قضى وطره من توليفة الدمى الآنفة بانتقاء بعضها وتوزيعه على رقعة الشطرنج الحكومية في صورة تعيينات وزارية سالفة، تفي بخوض مشاورات محتملة قادمة؛ لاسيما تعيين وزير بديل لليماني في خارجية فنادق العمالة، وقد يجري تطعيم هذه التوليفة بوجه "انتقالي" في المقبل القريب، لكن الخطوط الرئيسة للاستدارة من مستنقع الإخفاقات هي ما يعمل على استيفائه عملياً اليوم ليضمن الحد الأدنى من وزن حضور فعلي يكاد يخسره كلياً أمام تحولات الاشتباك لجهة أصحاب الأرض.
ما يسمى اتفاق جدة والدمى (الشرعية والانتقالية) العالقة في شراكه، ليس إلا تشتيت انتباه عن كل ذلك برعاية أمريكية بريطانية مباشرة.
كلا (الشرعية والانتقالي) بطبيعة الحال دميتان بلا وزن ولا نصيب لهما في شمال ولا في جنوب، فالأولوية الأمريكية هي لجهة ضمان إخراج آبار البترول وأنابيبه وموانئه في الخليج من جحيم الاشتباك، وهذا لن يتحقق إلا باسترضاء قيادة صنعاء الثورية وتلبية شروطها الرئيسة المتمثلة في وقف العدوان بكافة أشكاله العسكرية والاقتصادية، وإنهاء الحصار، ومن ثم إفساح مناخ ملائم لحوار سياسي يمني - يمني برعاية أممية. حيال الشق الأول من الشروط يحاول الأمريكي ترتيب مسرح أمر واقع يتيح للسعودية المقايضة على أمن منشآتها الحيوية وسيادتها المتداعية على جنوبها، الذي هو أمنه وسيادته، كما ويتيح للإمارات التواري في الكواليس كإجراء وقائي لا مناص منه إزاء ضربات عسكرية داهمة.
المثير للسخرية هو أن "شرعية الفنادق" ترى في تسليم عدن للسعودية ضمانة لدولتها الاتحادية، وبالمثل يرى "انتقالي المعاشيق" في الخطوة ذاتها ضمانة لدولته الجنوبية المستقلة، وأما ما لا يخطر على بال الدميتين فهو أن احتمال التضحية بهما كقربانين تحت أقدام أصحاب الأرض، وارد للغاية، ولا يعوق المدير التنفيذي الأمريكي عن الشروع فيه سوى استعصاء القيادة الثورية على التطويع كوكيل له في اليمن.. وكيل حصري ووحيد لأمريكا على الشمال والجنوب يضع حفاه على رقاب مجموع أدواتها الخائبة المذعنة، ويحكم باسم مصالح مركز الهيمنة الكونية.
ليس بوسع الدمى - بطبيعة الحال - أن تعي أن كلفة الحرية والاستقلال باهظة وفوق طاقة غير الأحرار الحقيقيين على النهوض بها بالنقيض لكلفة الدخول إلى بورصة العمالة والتبعية البخسة والزهيدة والتي لا تعوز صاحبها سوى الخنوع بوضاعة تحت أقدام أمريكا، وهو ما نرفضه ونقدم زكي الأرواح والدماء على مذبح رفضه منذ 5 أعوام وإلى أبد الآبدين.
والبديل هو أن ترضخ أمريكا طائعة أو راغمة لحقنا في الحرية والاستقلال، وهذا ما سيكون، والقادم القريب المشهود يغنينا عن الوعد والوعيد.

أترك تعليقاً

التعليقات