شارل أبي نادر

شارل أبي نادر / لا ميديا -
على العدو أن يفهم أن إمكانيات وقدرات منظومات الصواريخ البحرية اليمنية التي تم الكشف عنها مؤخراً ستكون ذراعاً صاعقة لتنفيذ مناورة الردع البحري الاستراتيجي، وستشكل النقطة الفاصلة في فرض الإنهاء الفعلي للعدوان، عبر وقف نهائي لإطلاق النار وللعمليات الحربية، وعبر فك الحصار والشروع بمفاوضات التسوية السياسية العادلة والصحيحة.
بعد كل عرض لوحدات الجيش اليمني، تكشف صنعاء عن أسلحة وقدرات جديدة أو مطورة عن العرض السابق، وتأتي رسائل كل سلاح لتضيف إلى أرشيف ومسيرة القوى اليمنية المسلحة مساحة أوسع من الثقة والإمكانيات والمميزات، ولتكوّن (هذه الرسائل) خارطة طريق واضحة للمرحلة المقبلة.
العرض الأخير الذي أقيم في ميدان السبعين في صنعاء بمناسبة العيد الثامن لثورة الـ21 من أيلول/ سبتمبر، بحضور الرئيس مهدي المشاط وقيادات الدولة من سياسيين وعسكريين وأمنيين، والذي كُشف خلاله عن منظومات مختلفة من أسلحة الردع الاستراتيجية، من صواريخ باليستية ومجنحة، وطائرات مسيرة، وصواريخ دفاع جوي وصواريخ بحرية، حمل الكثير من الرسائل الحساسة.
فبالإضافة لرسالة الضخامة والقوة والتخصص النوعي والمميز لكل من تلك الأسلحة والقدرات التي تم الكشف عنها، فإنه، أيضاً، حمل خارطة طريق للمرحلة المقبلة، ستفرض نفسها بلا شك في المستقبل القريب على كافة الصعد يمنياً أو إقليمياً أو دولياً.
أولاً: رسالة الأسلحة ومميزاتها، جاءت لتضيء على ترسانة ضخمة من الصواريخ المتعددة المهمات والأدوار، بأبعاد تقنية وعسكرية واستراتيجية، تتجاوز بإمكانياتها الميدان الداخلي اليمني، والذي خرج بشكل كامل ونهائي من دائرة اهتمام وتفكير وقدرة العدوان، لتصل بتأثيراتها إلى المدى الإقليمي الأبعد داخل فلسطين المحتلة وعلى حدودها البحرية الجنوبية الشرقية في العقبة و"إيلات"، وفي عمق كامل المسرح الحيوي البحري، والمرتبط بجغرافية اليمن الاستراتيجية، انطلاقاً من باب المندب وامتداداً غرباً وجنوب غرب إلى كامل حوض وسواحل بلدان البحر الأحمر من جهة، وامتداداً شرقاً وشمالاً، إلى خليج عُمان وبحر العرب وصولاً إلى شمال المحيط الهندي.
نقطة الارتكاز الرئيسية في هذا البعد الاستراتيجي، يمكن وضعها في خانة إمكانيات وقدرات منظومات الصواريخ البحرية التي تم الكشف عنها في العرض: "عاصف" و"محيط" وصاروخ "البحر الأحمر"، والتي ستكون (هذه الصواريخ البحرية)، مع الأسلحة البحرية الأخرى المساعدة لها، من ألغام أو زوارق بحرية، ذراعاً صاعقة لتنفيذ مناورة الردع البحري الاستراتيجي، والتي ستشكل النقطة الفاصلة في فرض الإنهاء الفعلي للعدوان، عبر وقف نهائي لإطلاق النار وللعمليات الحربية، وعبر فك الحصار والشروع بمفاوضات التسوية السياسية العادلة والصحيحة.
ثانياً: رسالة صدق الوعد والمسار التي قد تكون الأهم، وعلى العدوان أن يلتقطها ويفهم أبعادها وجديتها، من كلام قائد الثورة وراعيها الأمين السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والذي سبق العرض، متطرقاً فيه إلى كامل مسيرة المواجهة منذ انطلاق الثورة في 21 أيلول/ سبتمبر عام 2014، على أسس ومبادئ رفض الهيمنة وصون السيادة، مروراً بمسار مواجهة العدوان في الساحات وعلى الجبهات، وما تخللها من بذل للتضحيات الغالية وللجهود الضخمة، في التدريب والقتال وتطوير وتصنيع الأسلحة النوعية، والتي خلقت فارقاً لافتاً وصادماً، غطّى وألغى تفوق أسلحة وإمكانيات العدوان، لتصل القوات المسلحة اليمنية إلى ما هي عليه اليوم من قوة واقتدار.
النقطة الأخرى التي على العدوان أن يفهمها ويتابعها أيضاً، والتي سوف تساعده على التقاط اللحظة أو الفرصة التاريخية، تكمن في صدقية وثبات مسيرة المواجهة التي خاضها الشعب اليمني الوطني وقواه العسكرية، وذلك خلال المراحل التالية:
ـ مرحلة بداية العدوان، والتي فاجأت العدوان وكل العالم، بقدرة الشعب اليمني وقواه العسكرية على الوقوف والثبات والصمود رغم الفارق الكبير في الإمكانيات والقدرات، وفي الوقت الذي كان تقدير العدوان أن هذه المرحلة لن تتجاوز عدة أشهر، امتدت إلى ثماني سنوات بثبات وصمود منقطعي النظير.
ـ مرحلة تثبيت الجبهات والتقدم الميداني، والتي كانت صادمة للعدوان ولداعميه، حيث أظهرت القوات المسلحة اليمنية قدرات متميزة في تكتيكات القتال والعمليات الخاصة، دفاعاً وهجوماً، وقد تواكبت هذه المرحلة مع فورة يمنية داخلية في تصنيع وتطوير القدرات والأسلحة وبمقدمتها الصواريخ والمسيّرات، لتصل إلى مستوى متقدم في ما تميزت به من إمكانيات، لم يكن أحد ينتظره، على صعيد المدى والقدرات التوجيهية والتفجيرية، ولتتمكن عبرها القوات المسلحة اليمنية، من فرض معادلات ردع استراتيجية، شكلت نقطة مفصلية في الحرب والمواجهة.
من هنا، على العدوان اليوم، أولاً، أن يترك غطرسته التي كانت من الأسباب الرئيسة لفشله ولهزيمته، وعليه ثانياً، أن يقيّم مسار معركة الجيش اليمني الوطني وقواه العسكرية بمواجهة عدوانه، بطريقة جدية وموضوعية وبعيدة عن الغرور والجهل الذي طبع مقاربته لها حتى الآن، ويستنتج أن هذا المسار بما حمله من مراحل ثابتة وصادقة، لن يكتب له في النهاية إلا النجاح والانتصار.

أترك تعليقاً

التعليقات