تقرير / لا ميديا -
في مشهدٍ وطنيٍ مهيبٍ، احتشد مئات الآلاف من الإيرانيين في ساحة الثورة بالعاصمة طهران، صباح أمس السبت، للمشاركة في مراسم تشييع 60 من الشهداء الذين ارتقوا جراء العدوان الصهيوني المدعوم أميركياً، الذي استمر 12 يوماً واستهدف منشآت مدنية وعسكرية في أنحاء متفرقة من البلاد.
المراسم، التي وصفت بالأضخم منذ سنوات، شهدت حضوراً رفيع المستوى، تقدمه الرئيس الإيراني الدكتور مسعود بزشكيان، وقائد قوة القدس العميد إسماعيل قاآني، ومستشار قائد الثورة الإسلامية الأدميرال علي شمخاني، الذي ظهر علناً للمرة الأولى منذ إصابته في بداية العدوان، في رسالة واضحة عن تماسك القيادة الإيرانية رغم الجراح.
إلى جانبهم، حضر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وسلفه محمد جواد ظريف، ووفود رسمية وشعبية من العراق، اليمن، البحرين، وعدة دول عربية، ما أضفى على المناسبة بعداً إقليمياً يعكس عمق التأييد الشعبي للموقف الإيراني المقاوم.
المشاركون، الذين توافدوا منذ الفجر إلى قلب العاصمة، رفعوا شعارات مدوية: «الموت لأميركا»، «الموت لإسرائيل»، «لبيك يا خامنئي»، «لن ننسى.. لن نغفر»... كما طالبوا بمحاكمة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، محملين إياه مسؤولية التواطؤ في العدوان على المنشآت النووية السلمية الإيرانية.
وأكّد العميد حسن زاده، قائد «فيلق محمد رسول الله (ص)»، أن التشييع جاء امتداداً لعملية «الوعد الصادق 3»، التي مثّلت الرد الاستراتيجي الإيراني على العدوان الصهيوني، والتي طالت مواقع عسكرية واستخباراتية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى استهداف قاعدة «العيديد» الأميركية في قطر.
وقال زاده إن مشاركة الشباب والنساء والهيئات الدينية والمواكب الحسينية من مختلف أنحاء إيران أضفت على التشييع طابعاً رمزياً يعكس وحدة الشعب والتفافه حول ثوابته. وأضاف: «بين الشهداء الذين شيّعوا اليوم قادة عسكريون، وعلماء نوويون، وأطفال من عائلات مدنية، ارتقوا في منازلهم تحت وابل القصف الإسرائيلي».
اللافت في التشييع كان الظهور العلني الأول للأدميرال علي شمخاني، بعد تعافيه من إصابته، وهو ما فند شائعات تحدثت عن استشهاده خلال القصف. شمخاني، الذي يشغل حالياً منصب المستشار السياسي الأعلى لقائد الثورة، بدا قوياً مبتسماً، وهو يضع يده على نعوش الشهداء، في مشهد حمل رسالة صمود قوية مفادها أن «القيادة لا تنكسر».
من جهته، شدد وزير الخارجية عباس عراقجي على أن الشعب الإيراني لم يعرف يوماً معنى الهزيمة. وقال، في منشور عبر حسابه الرسمي على إنستغرام: «رغم ألم الفقد، ستظل أرواح الشهداء نبراساً يهتدي به هذا الجيل والأجيال القادمة. نعم، قد تُدمر المباني؛ لكن الكبرياء لا يُكسر. لقد وقف شعبنا ببطولة أمام قوتين نوويتين، واليوم هو أكثر إيماناً وثقة بمستقبله».
وأكّد عراقجي أن ما حدث خلال الأيام الـ12 الماضية، سيُسجَّل في التاريخ كملحمة صمود قلّ نظيرها، قائلاً: «لم نتخلَّ عن الأرض، ولم ننكسر أمام الحصار والقصف، وبقيت راية إيران مرفوعة فوق كل الجراح».
يُذكر أن العدو الصهيوني، بمشاركة مباشرة من الولايات المتحدة، شن، في 13 حزيران/ يونيو الجاري عدواناً هو الأعنف من نوعه على إيران، مستهدفاً منشآت نووية ومراكز عسكرية وأحياء سكنية، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 60 شخصاً، بينهم قيادات وعلماء ذرة.
وردّت طهران بعمليات عسكرية كاسحة ضمن «الوعد الصادق 3»، استخدمت فيها صواريخ باليستية ومسيّرات هجومية، مستهدفة عمق الكيان الصهيوني وقواعد أميركية، الأمر الذي أجبر «إسرائيل»، بعد خسائر فادحة، على القبول بوقف إطلاق النار يوم الثلاثاء الماضي.
وفي ختام المراسم، تعالت الهتافات: «هيهات منا الذلة»، «إيران لا تُهزم»، لتؤكد أن الشعب الإيراني لا يشيّع شهداءه بالبكاء، بل بالإصرار على مواصلة الطريق.