تقرير / لا ميديا -
غزة، هذا الاسم الذي بات مرادفًا للإبادة والجريمة الصهيونية الكبرى، لايزال يئنّ تحت ثقل المجازر اليومية، وتحت وطأة حربٍ عاتية لم تبقِ حجرًا على حجر، ولا جائعًا على قيد انتظار.
لكن مع ذلك تبقى غزة، رغم كل شيء، شامخة... جريحة، لكنها واقفة. مغروسة في الأرض كالشوك في حلق الاحتلال الزائل.
وفي ساحة المقاومة الفلسطينية والحرية، لاتزال المقاومة تسطر فصول نضالها. كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أعلنتا تنفيذ عمليات نوعية في محاور خان يونس، أُوقعت فيها قوات الاحتلال في كمائن محكمة.
كتائب القسام أعلنت عن عملية كبيرة أوقعت قوة صهيونية في كمين، واوقعت قوة الإنقاذ في كمين آخر وسقوط قتلى وجرحى، في ما وصفه الإعلام الصهيوني بالحدث الصعب.
وتحدث الإعلام الصهيوني أمس عن مصرع 3 جنود صهاينة وإصابة 16 آخرين بعضهم في حالة حرجة في كمين بغزة واشتعال مركبات عسكرية بالنيران.
منصة «حدشوت بزمان» الصهيونية تحدثت عن العملية وقالت إن هناك عددا كبيرا من القتلى الصهاينة وقعوا في كمين في خان يونس. مشيرة إلى أنه تم نقل المصابين إلى مستشفى في «تل أبيب».
الى ذلك عرضت كتائب القسام مشاهد لكمائن جديدة نفذتها ضد قوات العدو شرق خان يونس.
وتظهر المشاهد قنص جنود وتفجير آليات وتوثق استهداف قوة صهيونية راجلة بعبوة ناسفة ما أوقع أفرادها بين قتيل وجريح.
من جانبها سرايا القدس أعلنت تدمير آلية عسكرية صهيونية بعبوة برميلية شديدة الانفجار -مزروعة مسبقا- في محيط مسجد الكتيبة وسط مدينة خان يونس.
في المقابل، لم يجد الاحتلال إلا التهجير كوسيلة للتغلب على صمود غزة، فأصدر بلاغًا جديدًا يدعو فيه سكان جباليا والنهضة والروضة والتفاح إلى الإخلاء «الفوري» نحو الجنوب، وتحديدًا إلى منطقة المواصي، زاعمًا أنها آمنة. أيّ أمانٍ يُرتجى في خريطة دمٍ ممتدة من الشمال إلى الجنوب؟

80 شهيدا في 12 ساعة
في أقل من 12 ساعة من يوم أمس، استُشهد 80 فلسطينيًا بنيران قوات العدو الصهيوني، بينهم 56 إنسانًا كان ذنبهم الوحيد أنهم اصطفّوا في طابور الخبز، يحلمون برغيفٍ يسدّ رمق الأطفال.
مجزرة متواصلة وحرب عدوانية صهيونية لا تشبع من الأرواح الفلسطينية. ووفقًا لما أعلنته وزارة الصحة في غزة، أمس ارتفعت حصيلة شهداء «مراكز المساعدات الأميركية الإسرائيلية» وحدها إلى 516 شهيدًا منذ بداية افتتاح نقاط الموت هذه قبل نحو شهر، بينما أصيب ما يزيد على 3799 آخرين، كثيرٌ منهم تُركوا ينزفون في الشوارع، حيث لم تتمكن فرق الإسعاف من الوصول إليهم.
وفي المشهد العام، ترتفع أرقام الكارثة كأنها تصرخ في وجه العالم الأصمّ: 56,077 شهيدًا و131,848 إصابة، و12 ألف مفقود تحت الأنقاض، في عدوان صهيوني دموي لا يميّز بين طفل وشيخ، بين امرأة ومقاتل، بين مَن يحمل السلاح ومن يحمل كيس طحين.
في السياق ذاته، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر استشهاد أحد عمالها، محمود بركة، العامل في الدعم اللوجستي، خلال عودته إلى منزله في رفح، ليكون الخامس من موظفي الصليب الأحمر الذين يسقطون ضحية هذا الجحيم المفتوح.

15 منظمة تدين «غزة الإنسانية»
على خطٍ موازٍ من الجريمة، تطفو إلى السطح كارثة إنسانية من نوعٍ آخر، تحمل توقيع «مؤسسة غزة الإنسانية» المُشغلة من قبل أمريكا والعدو الصهيوني. ففي تقرير صادم وقّعت عليه 15 منظمة حقوقية دولية، وُجهت اتهامات واضحة للمؤسسة بـ«القتل غير المباشر»، و«الفوضى المتعمدة» في توزيع المساعدات، ما تسبب بسقوط أكثر من 467 شهيدًا وقرابة 3600 مصاب، معظمهم خلال محاولاتهم المحمومة للحصول على طعام لأطفالهم.
المنظمات وصفت نموذج المؤسسة بـ«غير الإنساني والقاتل»، واعتبرته انحرافًا خطيرًا عن المبادئ الإنسانية المتعارف عليها دوليًا. وذهبت أبعد من ذلك، بالدعوة إلى إغلاق المؤسسة، محذّرة من أنّ مواصلة دعمها قد يعرض الأفراد والجهات للمساءلة القانونية الدولية بتهمة التواطؤ في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

جرد 627 يوما من العدوان في الضفة
في الضفة الغربية المحتلة، المشهد لا يقلّ فظاعة. التعليم يُذبح كما الحياة: 138 طالبًا استشهدوا، 919 أصيبوا، و760 اختطفوا. المدارس لم تسلم، الجامعات لم تنجُ، والمناهج التعليمية باتت تُلقّن في ظلال الدمار. أما المدن، من جنين إلى طولكرم، ومن نابلس إلى الخليل، فصارت ساحة مفتوحة للاقتحامات، والاعتقالات، وتخريب الممتلكات.
وفي السياق ذاته شهدت الضفة الغربية المحتلة، أمس، تصعيدا عسكريا واسعا من قبل قوات العدو الصهيوني، تخللته حملات اعتقال جماعية واقتحامات عنيفة، إلى جانب عمليات هدم وتخريب للممتلكات في عدة مناطق.
وفي سلفيت شمال الضفة، اختطفت قوات العدو 4 فلسطينيين من بلدة الزاوية، وفي الخليل طالت الاختطافات 3 فلسطينيين في بلدات إذنا، ويطا، والشيوخ، إلى جانب عمليات دهم بمدينة الخليل نفسها.
وفي القدس المحتلة، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة عناتا فجرا واعتقلت الطفلين عبد حمدان ودانيال الرفاعي بعد مداهمة منزليهما.
وفي سياق مواز لعمليات القمع العسكري، أقدم غاصبون صهاينة على اقتلاع عشرات أشجار الزيتون شمال رام الله، كما اقتحموا تجمعا بدويا شمال غرب أريحا، في إطار ممارسات متواصلة لتهجير السكان الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم.
وملخص المشهد اليومي من التنكيل في الضفة الغربية، هو أن العدو الصهيوني يقتلع الإنسان من أرضه عبر منظومته المتكاملة من الطغيان.