الوعد الصادق 3: واشنطن تستعرض بقاذفات «B-2» وطهران تغير سياستها الصاروخية
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

تقرير: عادل عبده بشر / لا ميديا -
تتوالى المؤشرات على دخول المواجهة بين الجمهورية الإسلامية والعدو الصهيوني مرحلة أكثر تعقيدًا، وسط احتمال تدخل أمريكي مباشر غير محسوب العواقب.
ومع دخول العدوان الصهيوني على إيران أسبوعه الثاني وتصاعد الرد الإيراني بالصواريخ والطائرات المسيرة، محققاً ضربات استراتيجية دقيقة في منشآت حيوية للعدو على امتداد الأراضي المحتلة، وانهيار لافت للمنظومة الدفاعية «الإسرائيلية» والخسائر الكبيرة والمستمرة للاحتلال في بنيته التحتية واقتصاده، إلى جانب تزعزع الجبهة الداخلية للعدو، وتداعي الثقة بين المستوطنين والمؤسسة الأمنية، تتّجه الأنظار نحو الولايات المتحدة، وتزداد التساؤلات حول إمكانية انخراط واشنطن في حرب مفتوحة، خاصة مع ارتفاع احتمالات تكبّدها خسائر مباشرة، ما قد يُحدث شرخًا داخليًا كبيرًا، لاسيما في ظل مناخ أمريكي يرفض أي تورط جديد في الشرق الأوسط.
وتضاعفت احتمالات انخراط أمريكا في المعركة ضد الجمهورية الإسلامية، مع حديث وسائل إعلام أمريكية، أمس، عن إقلاع قاذفتين من طراز «B-2» من قاعدة «وايتمان» الجوية في ولاية ميزوري باتجاه القاعدة الأمريكية في جزيرة غوام بالمحيط الهادئ، برفقة أربع طائرات «بوينغ KC-46 بيغاسوس» للتزوّد بالوقود.
ونقل موقع «ذا أفيشنست» العسكري الأمريكي أنّ «سربين من قاذفات B-2 يضمان مقاتلات غادرا القاعدة صباحاً»، مشيراً إلى أنّ هذه القاذفات تتمتع بقدرة فريدة على حمل «أثقل قنبلة أمريكية خارقة للتحصينات»، والتي يُعتقد أنها مصممة خصيصاً لاستهداف منشآت محصّنة مثل منشأة «فوردو» النووية الإيرانية.
وأوضحت تقارير إعلامية أنّ القاذفات أُعيد تزويدها بالوقود فور إقلاعها، ما يُظهر أنها أقلعت وعلى متنها حمولة ثقيلة.
وفيما يرى مراقبون بأن هذا التحرك قد يكون رسالة ردعية لطهران، لاسيما بتزامنه مع التلويح الأمريكي المتواصل بإبقاء «كافة الخيارات مطروحة» في مواجهة طهران.. إلا أن إعلاما أمريكيا حذّر من أن «الولايات المتحدة على شفا كارثة في غرب آسيا».
وقالت مجلّة «فورين أفيرز» إنّ تهديد ترامب بالتدخل عسكرياً ضد إيران يفتح الباب أمام حرب إقليمية خطرة بأهداف غامضة، واستراتيجية قاصرة، وباحتمالات مرتفعة للوقوع في الفخ، وسط شكوك في جدوى الضربة وإمكانية نجاحها ضد منشأة فوردو النووية.
ورأت المجلة أنّ هذا التهديد يعيد إلى الأذهان كوابيس حرب العراق، والتي لاتزال حاضرة في وعي الشارع الأمريكي.
ورغم محاولة إدارته تسويق الخيار العسكري ضد إيران بصفته ضربة موضعية يتمثل في استهداف منشأة «فوردو» النووية تحت الأرض والتي قد تعجز «إسرائيل» عن تدميرها منفردة، فإن التداعيات المحتملة تضع هذا الطرح موضع تساؤل، إذ يحمل القرار مخاطر كبرى، من بينها رد إيراني على القواعد الأمريكية في الخليج أو استهداف مصالح واشنطن الخارجية، ما قد يؤدي إلى تورط أوسع وزمن أطول في مواجهة لا يمكن التنبؤ بنتائجها، بحسب «فورين أفيرز».
دخول اليمن على الخط
إلى جانب الردّ الإيراني المتوقع على المنشآت والقواعد العسكرية الأمريكية التي تقع على مرمى قذيفة من أراضي الجمهورية الإسلامية، دخلت القوات المسلحة اليمنية، أمس، على الخط، متوعدة الولايات المتحدة باستهداف بوارجها وسفنها في البحر الأحمر.
وحذّر البيان المتلفز الذي تلاه ناطق القوات المسلحة اليمنية، يحيى سريع، من أنّ أي تورّط أمريكي مباشر في العدوان الجاري على الجمهورية الإسلامية في إيران، سيقابله رد عسكري مباشر عبر استهداف السفن والبوارج الأمريكية في البحر الأحمر.
وأشار إلى أنّ «أي هجوم وعدوان أمريكي مساند للعدو الإسرائيلي ضد إيران»، في إطار دعم العدو «الإسرائيلي» بالسيطرة على المنطقة، «لا يمكن السكوت عنه، لأنه يعني مصادرة حرية واستقلال وكرامة أمتنا، واحتلال أوطانها ونهب ثرواتها».
وأكدت القوات المسلحة أن موقف اليمن «المبدئي والثابت في رفض العدوان الصهيوني على إخواننا في غزة ولبنان وسوريا وأي بلد عربي أو إسلامي يتعرض للعدوان» لايزال على حاله، لافتة إلى أنها «تتابع وترصد كافة التحركات في المنطقة، ومنها التحركات المعادية ضد بلدنا، وستتخذ ما يلزم من إجراءات مشروعة للدفاع عن بلدنا العزيز وشعبه الأبي».
معركة فاشلة
الموقف اليمني المُهدد بعودة اشتعال البحر الأحمر، أعاد للأذهان الخسائر الفادحة التي تلقتها البحرية الأمريكية في معركة مع القوات المسلحة لأكثر من عام، إثر إعلان صنعاء في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، خوض الحرب ضد الكيان الصهيوني، إسناداً للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية في قطاع غزة، على خلفية عملية طوفان الأقصى في الـ7 من ذات الشهر.
في هذا الصدد يرى مراقبون بأن الحرب الأمريكية الفاشلة على اليمن، تُمثل نموذجاً لما يمكن أن تكون عليه أي حملة أمريكية محتملة على إيران، نظراً لتشابه التكتيكات العسكرية والجغرافيا في الحالتين.
فالبحرية الأمريكية خاضت في اليمن أطول وأقسى تجربة عسكرية مليئة بالإخفاقات بعد الحرب العالمية الثانية، باعتراف الأمريكيين أنفسهم.
ويؤكد خبراء بينهم أمريكيون أن بحرية واشنطن استخدمت في حربها على اليمن كل ما في حوزتها من الذخائر العادية والنادرة، بما في ذلك قاذفات B-2 الاستراتيجية التي تهدد الولايات المتحدة باستخدامها لقصف منشأة «فوردو» النووية الإيرانية شديدة التحصين في أعماق الأرض، إلا أن فشل هذه القاذفات الاستراتيجية في تحقيق أي نتائج عسكرية في اليمن، يجعل التهديدات الأمريكية لإيران جوفاء وبالونات فقاعية، حتى وإن تم استخدام أمريكا للقنبلة غير النووية الأقوى في العالم وتُسمى «GBU-57 E/B»، في قصف المنشأة الإيرانية.
في السياق شكك خبراء ومسؤولون أمريكيون في اليومين الماضيين في قدرة القنبلة على تدمير المنشأة الإيرانية، وهو ما لاقاه تحذير أطلقه الكرملين، أمس الأول، من التقارير التي تشير إلى احتمال استخدام أسلحة نووية تكتيكية في عملية أمريكية ضد إيران، معتبراً أن مثل هذا السيناريو سيكون «كارثياً على الأمن الإقليمي والدولي».
تطورات ميدانية
ميدانياً تبدو حكومة «نتنياهو» عاجزة عن تحقيق أي مكسب استراتيجي يُسوّق على أنه انتصار، فصافرات الإنذار لاتزال تدوي في مختلف أنحاء الكيان المحتل، مع تركيز إيران ضرباتها على منشآت استراتيجية عسكرية وتكنولوجية في شمال ووسط وجنوب الأراضي المحتلة.
وأكّد التلفزيون الإيراني، إطلاق دفعة صاروخية جديدة، في ساعات الصباح الأولى، أمس السبت، باتّجاه العمق «الإسرائيلي» في فلسطين المحتلة.
وشهدت «تل أبيب» وضواحيها أصوات انفجارات عنيفة، في وقت تحدثت فيه وسائل إعلام عبرية عن إطلاق إيران لـ10 صواريخ باليستية، استهدفت بشكل مركّز منطقة الوسط.
ونقلت «القناة 12 الإسرائيلية» أن أحد الصواريخ سقط على مبنى في مدينة «حولون» جنوبي «تل أبيب»، ما تسبب باندلاع حريق كبير في الموقع.
وواصلت فرق الطوارئ، أمس، محاولات السيطرة على الحريق وسط تكتم رسمي حول حجم الأضرار والخسائر البشرية المحتملة.
في السياق استهدفت طائرة مسيّرة إيرانية مبنى من طابقين في بيسان شمال شرقي القدس، حيث اندلع حريق هناك فيما هرعت سيارات الإسعاف الى المكان.
وأفادت الطواقم «الإسرائيلية» المتواجدة في الموقع، بأنها تُجري مسحًا تحت الأنقاض للتأكد من عدم وجود أي محاصرين.
هجوم مركب
من جهته، أعلن حرس الثورة الإسلامية في إيران، تنفيذ الموجة الثامنة عشرة من عملية «الوعد الصادق 3»، ضد أهداف عسكرية «إسرائيلية»، وسط فلسطين المحتلة، عبر هجوم واسع بالطائرات المسيّرة من طراز «شاهد 136»، إلى جانب صواريخ دقيقة، مؤكدا أن العملية حققت أهدافها بنجاح، و أنّ العمليات ستستمر، بشكل متواصل وهادف.
وقال الحرس الثوري، في بيان صادر عنه إنّه تمّ تنفيذ الموجة الثامنة عشرة من عملية «الوعد الصادق 3» ضد أهداف عسكرية ومراكز دعم عملياتي لجيش الكيان الصهيوني في وسط فلسطين المحتلة، بما في ذلك مطار بن غوريون.
وأوضح أنّ العملية نفّذت من خلال هجوم مكثف، باستخدام طائرات شاهد 136 الانتحارية والمقاتلة، وصواريخ دقيقة التوجيه تعمل بالوقودين الصلب والسائل، حيث تمّ تدمير الأهداف المحددة مسبقًا بنجاح وبحول الله وقوته.
ولفت إلى أن عدة أسراب من طائرات شاهد 136 نفّذت مهامها بشكل متواصل في أجواء الأراضي المحتلة ليل الجمعة-السبت، فيما عجزت أحدث منظومات الدفاع الجوي عن اعتراضها، واضطر الصهاينة كعادتهم إلى الهروب نحو الملاجئ.
العدو يلجأ إلى منظومات دفاعية جديدة
في السياق كشفت القناة 12 العبرية عن قيام «جيش» الاحتلال الصهيوني بتركيب منظومات دفاع جوي جديدة في عدة مناطق، بعد حالة من الإحباط واليأس من فعالية أنظمته السابقة في التصدي للهجمات الجوية الإيرانية.
وأوضحت أن الاحتلال بدأ بنصب بطاريات منظومة «برق» الدفاعية، وهي منظومة تُستخدم للمرة الأولى، وتهدف إلى رصد واعتراض الطائرات المسيّرة التي تطلقها إيران.
ويأتي هذا التطور بعد تقارير عديدة أفادت بعجز المنظومات الدفاعية الجوية الصهيونية عن مواجهة الضربات الصاروخية والمسيّرة التي استهدفت مواقع داخل الأراضي المحتلة، الأمر الذي شكّل إحراجًا واسعًا للمؤسسة العسكرية والأمنية في الكيان.
وتشير هذه الخطوة إلى تصاعد القلق داخل الكيان الصهيوني من اتساع نطاق التهديدات الجوية، وفقدان الثقة بالمنظومات الدفاعية التقليدية مثل «القبة الحديدية» و»مقلاع داوود»، في ظل تنامي قدرات إيران وحلفائها في الحرب الإلكترونية والهجمات الجوية المركّبة.
كما تأتي هذه الخطوة مع تحذير مسؤولين أمريكيين من أن مخزون «إسرائيل» من صواريخ «حيتس-3» الاعتراضية قد ينفد خلال أسابيع، في وقتٍ تستمر فيه الهجمات الإيرانية بالصواريخ والطائرات المسيّرة نحو كيان الاحتلال.
استبدال الكم بالجودة
في غضون ذلك أعلن مسؤول إيراني أنّ «طهران غيّرت سياستها الصاروخية واستبدلت الكمّ بالجودة»، وذلك في اليوم التاسع من الحرب الإيرانية -الصهيونية.
وأوضح المسؤول، في حديثٍ إلى شبكة «سي إن إن»، أنّ إيران تستخدم «صواريخ دقيقة ومتطوّرة ضدّ أهداف حساسة، بدلاً من إطلاق عدد كبير من الصواريخ».
في المقابل، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن ضابط «إسرائيلي» قوله إنّ «بعض المواقع التي سقطت فيها الصواريخ الإيرانية تُشبه ساحة حرب»، وأضاف: «ما شاهدناه من دمار في شوارع تل أبيب جراء صواريخ إيران يبدو جنونياً».
وتابع: «شعرت في رمات غان بعد تعرّضها لصاروخ وكأنني في خان يونس أو بيت حانون».
في المقابل ومع استمرار الكيان في عدوانه على إيران، ذكر التلفزيون الإيراني الرسمي أمس أنّ «إسرائيل نفّذت هجوماً على حيّ السلّارية في مدينة قم» مشيراً إلى أنّ «الهجوم تسبّب باستشهاد طفل يبلغ من العمر 16 عاماً، وإصابة شخصين آخرين».
وأفادت وزارة الصحة الإيرانية باستشهاد 430 مواطناً وإصابة أكثر من 3500 مدني منذ بدء العدوان الصهيوني على إيران.
كما نقلت وسائل إعلام عن «الحرس الثوري الإيراني» تأكيده استشهاد خمسة من عناصره في هجمات «إسرائيلية» على خُرّم آباد.
وأعلنت وكالة «مهر» استشهاد العالِم النووي طبطبائي قامشه وزوجته في هجوم «إسرائيلي».
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا