تقرير / لا ميديا -
في اليوم الـ618 من مواجهة غزة لعدوان الإبادة، تُدوّي أصوات الاشتباكات في شرق الشجاعية وخان يونس كما لو أنها صريخ الأرض الأخير، وتردّ عليها السماء بنيران كثيفة تنهمر كأنها لعنة قديمة أُعيد بعثها على رؤوس المدنيين. وسط هذا الجحيم، تتقدم فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة بثقل صمت العالم، تخطّ على التراب آخر سطور الكرامة في زمن تبدّدت فيه مفاهيم الحق والعدالة.

عمليات بطولية
كتائب القسام، سرايا القدس، وبقية أجنحة المقاومة الفلسطينية لم يغادروا ميدانهم. قذائف الهاون تنهمر على تحصينات العدو الصهيوني في كل تجمع، وعبوات أرضية تزرع الرعب في قلوب الجنود المتوغّلين شمالاً أو جنوباً. وحدها المقاومة تفكك الصمتَ العربي والدولي، وتكتب بلغة الدم رسالة تقول: «نحن لا نركع».
وفي قلب المعركة، توحّدت الفصائل في عمليات مشتركة، استهدفت منازل تحصّن بها العدو، فحوّلتها إلى شراك موت تنفجر على من ظنّ أن دخول البيوت كاحتلالها سهلٌ بلا ثمن.
قوات العدو الصهيوني اعترفت اليوم بمقتل نائب قائد سرية وإصابة عدد من الجنود خلال المعارك في غزة.
كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة حماس من جانبها أعلنت استهداف ناقلة جند ودبابابتين «ميركافا» شرق جباليا شمالي القطاع.
وتحدثت كتائب القسام عن عملية مشتركة مع سرايا القدس استهدفت قوة صهيونية راجلة تحصنت داخل منزل شرقي خان يونس.
وفي التفاصيل قالت القسام: «استهدفنا بالاشتراك مع سرايا القدس قوة «إسرائيلية» راجلة تحصنت داخل أحد المنازل، بقذيفة مضادة للأفراد وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح، وتمكنا من قنص أحد الجنود في المكان ذاته ببندقية الغول القسامية في منطقة السناطي شرق بلدة عبسان الكبيرة شرقي مدينة خان يونس جنوبي القطاع».
من جانبها، كان أبرز ما أعلنت عنه سرايا القدس - الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، الاشتباك مع قوة صهيونية شرق حي الشجاعية.
إلى جانب ذلك قالت سرايا القدس: «قصفنا بقذائف هاون تجمعاً لجنود وآليات الجيش «الإسرائيلي» المتوغلين بمحيط بلدية القرارة شمال خان يونس».

الإبادة متواصلة
غير بعيد عن خطوط التماس، كان الموت يحصدُ أولئك الذين خرجوا بحثاً عن كسرة خبز أو كيس طحين. 68 شهيداً في 24 ساعة، بينهم 38 من طالبي المساعدات، ارتقوا وهم يحلمون بأن يعيشوا يوماً آخر بلا جوع. وبذلك ترتفع حصيلة الشهداء إلى 55,432 شهيداً منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، في حربٍ عنوانها الواضح: «الإبادة».
وزارة الصحة في غزة توثقُ صمتَ العالم برقم جديد: 338 شهيداً ارتقوا وهم يحاولون الوصول إلى ما يُعرف بمراكز الآلية الأميركية-»الإسرائيلية» لتوزيع الغذاء، بينما جرح أكثر من 2831. هذه المراكز وصفها المكتب الإعلامي الحكومي بأنها «مصايد موت»، حيث يُستدرج الجائع ليُقتل على أعتاب ما قيل إنه «مساعدة إنسانية».

الضفة الغربية: الجريمة بالبطيء
المشهد في جنين، طولكرم، ونابلس، ليس بأقل وحشية. هناك، حيث لا حرب مُعلنة، يُمارس الاحتلال سياسة «القتل بالتنقيط». اجتياحات يومية، اعتقالات، وهدم منازل بالجرافات. 147 يوماً على حصار جنين، 141 يوماً على طولكرم، 128 يوماً على مخيم نور شمس، ولا تزال الجرافات تعمل كوحوش فولاذية تُدمّر كل ما يُشبه الحياة.
في نابلس، كانت مخيمات اللاجئين مسرحاً جديداً للبطش. اقتحامات جماعية، واعتداءات على النساء والمسنين، وتحويل منازل إلى نقاط استجواب واعتداء.
وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بتعامله مع إصابتين جراء اعتداء جنود الاحتلال على مواطنين بالضرب المبرح، وتم نقل المصابين إلى المستشفى.
وفي قرية الولجة ببيت لحم، لم يسلم أحد. الطفلان محمد بهاء ومحمد شادي وهادنة اعتُقلا تحت جنح الظلام، فقط لأنهما فلسطينيان. أما الطالب الجامعي أسيد بياتنة، فكان ذنبه أنه يحمل حلماً علمياً، لا يروق لمستعمِرٍ لا يُحب الأدمغة الحرة.
يأتي كل ذلك في ظل استمرار إغلاق الاحتلال للمدن والبلدات الفلسطينية عبر البوابات العسكرية، ومنع تنقل الفلسطينيين على الطرق والمحاور الرئيسية، ضمن سياسة تضييق مستمرة تتزامن مع تصعيد العمليات العسكرية في شمال الضفة الغربية للشهر الخامس على التوالي.

الاحتلال يخطف شباناً بتهمة نية الفرح!
في فصل جديد من جرائم الاحتلال السوداء، مدّدت محكمة صهيونية في مدينة حيفا اختطاف 17 شاباً من مدينة أم الفحم؛ لأنهم وفق التهمة فكّروا بالفرح بالهجوم الإيراني على العدو.
التهمة الجاهزة التي أعلنها الاحتلال كانت «نيّة الاحتفال بعد سقوط صواريخ إيرانية على إسرائيل»، وقد عدها الاحتلال جريمة أمنية من الدرجة الأولى!
وفق الإعلام الفلسطيني، الشباب المختطفون تم توقيفهم قبل أن يقوموا بأي مظاهر احتفال؛ إذ أوقفتهم قوات الاحتلال وهم ما زالوا في ساحة أحد الأسواق.
وفق الإعلام الفلسطيني أيضاً يصرّ الاحتلال على أن هؤلاء الشباب يشكّلون خطراً أمنياً، ولذلك تم وضعهم في ظروف احتجاز تليق بـ»أعداء الدولة».
المحامي محمود خلدون جبارين، أحد المترافعين عن الشباب «المسرورين بالخطأ»، أكد أن الشبان معتقلون في ظروف قاسية فقط لأنهم قرروا التعبير عن عاطفة غير الحزن، وهو ما يُعدّ تجاوزاً للقانون الصهيوني، الذي يبدو أنه لا يعترف إلا بحق الشعب الفلسطيني في أن «يحزن ويصمت».
ولم يتأخر الاحتلال في إصدار بيان يبرر جريمة الاختطاف؛ إذ أعلن أنه «أحبطت قافلة فرح» كانت ستنطلق من أم الفحم.
وكانت قوات العدو قد ذكرت، في بيانها الذي أصدرته الجمعة الماضي، أنها «أحبطت قبل وقت قصير، قافلة مكوّنة من عشرات المركبات في أم الفحم كانت تنوي تنفيذ ’قوافل فرح’»، مؤكّدة أن عناصرها «ألقوا القبض على 22 مشتبهاً به»، كما أرفقت فيديو يوثّق اختطاف الشبّان.