عادل بشر / لا ميديا -
فيما يبدو أن الحكومة البريطانية قد سقطت في "فخ" الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعدوانها على اليمن، حماية للكيان الصهيوني، مستندة إلى قوة عسكرية طالما تم تصويرها بأنها "الأضخم عالمياً" قبل أن تضطر "واشنطن" مجبرة على الاتفاق مع "صنعاء" لوقف إطلاق النار بين الطرفين، دون أن يشمل الاتفاق "إسرائيل" و"بريطانيا" أبرز حلفاء الولايات المتحدة، لتجد "لندن" نفسها وحيدة أمام القوات المسلحة اليمنية التي خبرتها البحرية الملكية، جيداً على مدار عام من المواجهات في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن.
وتأكيداً على عمق الحُفرة التي وقعت فيها الحكومة البريطانية، كشفت وسائل إعلام إنجليزية، أمس، عن تزايد المخاوف لدى لندن في وقت من المقرّر فيه أن تمر أكبر حاملات طائراتها "إتش إم إس برينس أوف ويلز"، قريباً، عبر البحر الأحمر في طريقها للانتشار في المحيط الهادئ.
وترتكز تلك المخاوف على إمكانية تعرض حاملة الطائرات "أوف ويلز" التي تحمل على متنها قرابة  18 طائرة طراز "F35"، للاستهداف من قبل القوات المسلحة اليمنية، أثناء مرورها، المحتمل، في البحر الأحمر وباب المندب، على خلفية مشاركة بريطانيا في العدوان على اليمن أواخر نيسان/ أبريل الفائت.
وتزايدت مخاوف البحرية الملكية البريطانية، أكثر، في أعقاب انسحاب حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس هاري إس ترومان" ومغادرتها البحر الأحمر على وقع هجمات يمنية قاتلة، بعد عملية انتشار لـ"ترومان" تميزت بإصابات مباشرة للحاملة وخسارة ثلاث طائرات مقاتلة F-18 وكميات ذخائر مهولة وأسابيع من الغارات الجوية المتواصلة والتي تكللت بفشل ذريع أمام عمليات قوات صنعاء المساندة للشعب الفلسطيني.
وأفاد محللون عسكريون بريطانيون أن "لندن" في هذه المعضلة تواجه خيارين: الأول، المغامرة في خوض البحر الأحمر، وما سيترتب على ذلك من مواجهة شرسة محتملة مع الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة اليمنية التي قد تستهدف حاملة الطائرات "ويلز" مما يضع الحاملة في دائرة الخطر، لاسيما وأن "حاملات الطائرات الكبيرة في المملكة المتحدة أصبحت عتيقة في عصر الضربات الصاروخية والطائرات بدون طيار"، وفقاً لصحيفة "التايمز" البريطانية.
أما الخيار الثاني، فيضع بريطانيا في خانة "الهروب"، من خلال الالتفاف على القرن الإفريقي وعبور طريق رأس الرجاء الصالح، بعيداً عن مرمى الصواريخ والطائرات المُسيّرة اليمنية.
وفي كلا الحالتين تواجه "لندن" مأزق عسكري وسياسي في آن. وبحسب المحللين فإن المغامرة بتعريض "ويلز" لهجوم قد يؤدي إلى إغراقها أو تعرضها لإصابة مباشرة تخرجها عن الخدمة فترة من الزمن، بخلاف الخسائر الأخرى المتوقعة ومن بينها إسقاط مقاتلات إف-35 ومقتل بحارين، سيمثل ذلك ضربة قوية لـ"إمبراطورية البحرية الملكية البريطانية" على أيدي القوات المسلحة اليمنية.
وفي حال لجوء بريطانيا إلى تجنب هذه المخاطر والإبحار عبر رأس الرجاء الصالح، للوصول إلى وجهتها في المحيط الهادئ بسلام، فذلك، أيضاً، يُعد اعترافاً مسبقاً بالهزيمة ووصمة عار في تاريخ البحرية الملكية البريطانية لن تمحوها مياه المحيطات والبحار.

خطط طوارئ
في السياق قالت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، في تقرير لها، أمس، إن "السفينة الحربية HMS Prince of Wales تتجه نحو واحدة من أكثر نقاط الاختناق خطورة في العالم وعلى متنها 18 طائرة مقاتلة من طراز F-35 وكثير من الطاقة التي تحمل شعار: لا تعبثوا معنا".
ونقلت عن مصادر حكومية القول بأن البحرية الملكية البريطانية وضعت عدة خطط طوارئ تحسباً لاستهداف "ويلز" خلال عبورها البحر الأحمر.. ومن بين تلك الخطط توجيه ضربات جوية بمقاتلات إف-35 لمعسكرات ومنشآت يمنية، في حال تعرضت حاملة الطائرات للهجوم.
وأشارت إلى أن الحكومة البريطانية، طبقاً للمصدر نفسه، منحت قوات البحرية الخاصة وقوات مشاة البحرية الملكية الإذن بتنفيذ عمليات إنقاذ، في حال تم إسقاط أي طيار مقاتل.
وبينما ذكرت وسائل إعلام غربية أن حاملة الطائرات البريطانية تتواجد حالياً في البحر الأحمر، لكن محللي استخبارات المصادر المفتوحة قالوا على موقع X إن صور الأقمار الصناعية بتاريخ أمس 19 أيار/ مايو أظهرت أن الحاملة "ويلز" لاتزال في خليج سودا باليونان، منذ أربعة أيام.
وبالرغم من أنه لم يصدر عن صنعاء أي تحذير للبحرية الملكية البريطانية من المرور في البحر الأحمر، أو تأكيد على نية القوات المسلحة اليمنية مهاجمة حاملة الطائرات "ويلز" والقطع البحرية المرافقة لها، إلا أن مراقبين أكدوا تمسك اليمن بحق الرد لمشاركة بريطانيا في العدوان الأمريكي الأخير.
ونفذت المقاتلات البريطانية عدة غارات على أحياء ومنشآت مدنية يمنية مساء 29 نيسان/أبريل الفائت، بعد شهر ونصف من الحملة الأمريكية الثانية ضد اليمن. وقال وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي، في تصريحات صحفية بعد لحظات من الغارات الجوية، إن هذه الغارات "تأتي إسناداً للولايات المتحدة" التي وصفها بأنها "صديق مثالي"، قبل أن يبرر الانخراط في العدوان على اليمن بالإشارة إلى أن المتسوّقين البريطانيين "العاديين" يواجهون "أسعاراً أعلى" لدى شراء السلع التي يعتمدون عليها، "نتيجة تعطيل الحوثيين للشحن الدولي" حسب قوله.
وتعليقاً على هذه الاعتداءات وصف سيد الجهاد والمقاومة عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطاب له عصر الخميس 1 أيار/ مايو الجاري، بريطانيا بأنها "تابع ذليل لأمريكا، والذراع الضعيفة، الهزيلة، القديمة، من أذرع أخطبوط الشر الصهيوني"، مشدداً على أن البريطاني بمشاركته في العدوان على اليمن "هو يورِّط نفسه؛ لينتظر العواقب على ذلك، مثل ما حصل في المرَّة السابقة، وتلقَّى الضربات المنكِّلة".
وكانت المملكة المتحدة شاركت مع الولايات المتحدة في الجولة الأولى من العدوان على اليمن واستمرت طوال عام 2024م، وتعرضت لضربات يمنية نوعية استهدفت السفن والبوارج العسكرية، كما خسرت لندن عدة سفن تجارية البعض منها هاجمتها قوات صنعاء وهي في طريقها لموانئ فلسطين المحتلة، والبعض استهدفت نتيجة لعدوان بريطانيا على اليمن.
وكانت صحيفة التايمز البريطانية قد حذرت في تقرير سابق من إمكانية إغراق حاملة الطائرات "ميلز" في البحر الأحمر.
وزادت حدة المخاوف البريطانية أكثر مع تأكيد محللين وخبراء عسكريين غربيين إمكانية القوات المسلحة اليمنية إغراق السفن الحربية الكبيرة، بطائرات مسيرة وصواريخ منخفضة التكلفة نسبيًا.
وقالت الصحيفة: "هناك حالة من التوتر في وزارة الدفاع البريطانية، حيث من الممكن أن تتعرض هذه السفينة الرئيسية في الأسطول الملكي والتي تبلغ قيمتها 3.5 مليار جنيه إسترليني، للهجوم بصواريخ باليستية مضادة للسفن وقوارب ذاتية القيادة من قبل الحوثيين، قبل أن تصل إلى وجهتها".
وأعادت "ذا تايمز" التذكير بتعرض المدمرة البريطانية "إتش إم إس دايموند" لهجمات مماثلة في المنطقة، خلال مشاركتها في البحرية الأمريكية في العدوان على اليمن، وهي العمليات التي أكدت القوات اليمنية نجاحها، بينما حاولت بريطانيا التعتيم على خسائرها.