افتتاحية صحيفة الأمة (The nation) الباكستانية
ترجمـة خاصة:إيـــاد الشـرفـي / لا ميديا -
إن انتصار اليمن ليس عسكرياً فحسب؛ بل أخلاقي. إنه إعلانٌ بأن المقاومة، حتى من أقلّ الأماكن احتمالًا، ممكنة
سيسجل هذا الحدث كواحدة من أروع المآثر العسكرية في التاريخ الحديث: أمة فقيرة، محاصرة، ومُنهكة من تحالف القوى الإقليمية، صمدت وانتصرت. ذلك هو اليمن، من أفقر دول الشرق الأوسط، بل والعالم، تحدت القوة المشتركة لإسرائيل والولايات المتحدة. تحت ضغط لا هوادة فيه، لم تنهر. بل قاومت -بمفردها- وأجبرت رئيسين أمريكيين على التراجع أمام عزيمتها.
مرتين، نشرت الولايات المتحدة أقوى رمز لها بالنسبة الى الهيمنة البحرية -حاملات طائرات مُحاطة بمجموعات حاملات طائرات هجومية كاملة- في البحر الأحمر. ومرتين، أُجبرت رموز القوة هذه على التراجع. ما كشفه اليمن كان حقيقة مؤلمة لواشنطن: فهي لا تمتلك القدرة اللوجستية أو المادية اللازمة لمواصلة حملة طويلة الأمد في المنطقة ضد عدوٍّ مُصمم ومُلتزم بشدة. حتى في عهد دونالد ترامب، حين بلغ الصلف  والتبجح ذروتهما، لم تستطع الولايات المتحدة الوقوف مكتوفة الأيدي أمام مقاومة الشعب اليمني الصامدة. فسارعت بوقف بإعلان وقف الحرب.
ولكن لعلّ أهم نتيجة هي اتفاق وقف إطلاق النار نفسه. فبينما يحمي الاتفاق السفن الأمريكية، فإنه يستثني إسرائيل. وبالتالي، لاتزال حملة اليمن دفاعًا عن فلسطين تتخذ طريقا منفصلا وللحوثيين حرية مواصلة عملياتهم تضامنًا مع شعب غزة المحاصر، في تحدٍّ إقليمي نادر وقوي وسط صمت واسع النطاق.
يجب أن تُثير هذه اللحظة تساؤلات لدى الكثيرين في العالم العربي -وخاصةً الحكومات- الذين وقفوا مكتوفي الأيدي بينما تتكشف الأحداث عن إبادة جماعية مروعة على مرأى ومسمع من الجميع. إن انتصار اليمن ليس عسكريًا فحسب؛ بل أخلاقي. إنه إعلانٌ بأن المقاومة، حتى من أقلّ الأماكن احتمالًا، ممكنة.