عادل بشر / لا ميديا -
أربعون يوماً مضت منذ استئناف الولايات المتحدة الأمريكية في 15 آذار/ مارس الفائت، عدوانها على اليمن الذي يرفض حرب الإبادة في غزة. ومع استمرار الهجمات الأمريكية المكثفة، تتكشف الأيام عن عجز واضح لأقوى جيش في العالم، أمام القوات المسلحة اليمنية، وتؤكد المعطيات الميدانية أن قوة ترامب (الساحقة) وقعت في هاوية من الجحيم عديمة القرار.
وبخلاف الفشل الأمريكي في إعادة الملاحة الصهيونية والأمريكية إلى البحر الأحمر، أو منع الهجمات اليمنية إلى عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما يتعرض له في سبيل ذلك من خسائر كبيرة (مالية وفي المخزون الاستراتيجي للذخيرة) كشفت تقارير عسكرية وإعلامية أمريكية عن مخاوف حقيقية من إمكانية دفاعات صنعاء الجوية تحييد المقاتلات الحربية المتطورة، بما فيها قاذفات الشبح الأمريكية.
تأتي هذه التحذيرات نتيجة لتزايد عمليات اصطياد الطائرات الأمريكية من MQ-9 Reapers، بصواريخ يمنية محلية الصنع، والتي بلغت حتى الثلاثاء 22 نيسان/ أبريل الجاري، 22 طائرة من هذا النوع أسقطتها القوات المسلحة اليمنية خلال الـ18 شهراً الماضية، بينها 3 طائرات الأسبوع الماضي، و7 منذ منتصف آذار/مارس الفائت.
في هذا نشر موقع (ذا وور زون) الأمريكي المتخصص في الشؤون العسكرية، أمس الأول، تقريراً مطولاً، أكد فيه أن «الدفاعات الجوية اليمنية تشكل مشكلة حقيقية للقوات الأمريكية».
وجاء في التقرير: «تشير خسارة ما يقرب من 20 طائرة من طراز MQ-9 Reapers، والاستخدام المتزايد للذخائر البعيدة المدى، ونشر قاذفات B-2، إلى أن الدفاعات الجوية للحوثيين تشكل مشكلة حقيقية».
وأوضح أن من يصفهم بـ(الحوثيين في اليمن) أثبتوا «امتلاكهم ترسانة دفاع جوي تُشكل تهديدات حقيقية، كما يتضح من العدد المتزايد من عمليات إسقاط طائرات أمريكية بدون طيار من طراز MQ-9 Reaper». مشيراً إلى أنه «ومع ذلك، لاتزال العديد من التفاصيل حول حجم ونطاق قدرات الدفاع الجوي للحوثيين غامضة للغاية».
وأضاف: «كما يشير استخدام الجيش الأمريكي لمجموعة متزايدة من الذخائر البعيدة المدى التي تُطلق من الجو ضد أهداف في اليمن، بالإضافة إلى استخدام قاذفات الشبح B-2، إلى أن الخطر الذي تتعرض له الطائرات أعلى مما هو مُقدّر على نطاق واسع».
وسلط التقرير الضوء على ما وصفه بـ(غموض ترسانة الدفاع الجوي) لدى قوات صنعاء، قائلاً: «تتزايد التساؤلات حول المدى الكامل لقدرات الدفاع الجوي الحوثية منذ أشهر، بعد أن تمكن المسلحون اليمنيون من إسقاط عدد مثير للقلق من طائرات MQ-9 Reaper».
ونقل الموقع عن مسؤول دفاعي أمريكي قوله إن مسلحين يمنيين أسقطوا ست طائرات MQ-9 منذ 15 آذار/ مارس، فيما ذكرت قناة فوكس نيوز أن مسؤولين أمريكيين أقروا بفقدان طائرة ريبر أخرى، وهي السابعة منذ بداية الشهر الماضي».
ولفت التقرير إلى أن هذه الخسائر لطائرات MQ-9 تأتي في ظل هجوم جوي متجدد وموسع ضد اليمن.

مبتكرون جداً
وذَكّر التقرير بتصريحات سابقة لمسؤول دفاعي أمريكي كبير يقول: «لقد فوجئنا في بعض الأحيان ببعض الأشياء التي نراهم يفعلونها، وهذا يجعلنا نخدش رؤوسنا قليلاً»، مضيفًا: «هناك الكثير مما لا نعرفه عن الحوثيين في الوقت الحالي، لكننا نعتقد أنهم مبتكرون جداً».
وبحسب التقرير فإن قدرة قوات صنعاء على «استخدام صواريخ أرض-جو بفعالية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتوفر أجهزة الاستشعار ذات الصلة، ولاتزال التفاصيل المتعلقة بمخزون الحوثيين في هذا الصدد محدودة». مؤكداً أن «قدرات الرادارات المتاحة، والتغطية التي توفرها، لها تأثيرات مباشرة على نطاقات الاشتباك لصواريخ أرض-جو التي تعتمد عليها في تحديد الأهداف وتوجيهها».
واستعرض التقرير نماذج لعدد من الأسلحة الدفاعية الجوية التي تمتلكها صنعاء والرادارات والتقنيات المستخدمة في رصد وتتبع الطائرات الأمريكية.. مشيراً إلى أنه «كان هناك نقاش في الماضي حول ما إذا كان الحوثيون يستفيدون من وسائل بديلة لرصد وتتبع الطائرات المعادية، بما في ذلك أجهزة استشعار الترددات الراديوية السلبية التي قد تكون قادرة على العمل كرادارات افتراضية».
وأفاد بأنه «بالاعتماد على أنظمة البثّ الآليّ للمراقبة المعتمدة على الأقمار الصناعية، وخيارات التتبع السلبيّ الأخرى، يُمكن لأجهزة الرادار المرئيّ أن تُساعد الحوثيين على رصد وفكّ تشفير وعرض الموقع الجغرافيّ الدقيق، والارتفاع، وزاوية المسار، والاتجاه، والسرعة، والهوية، ورمز النداء لجميع طائرات التحالف ضمن دائرة نصف قطرها يزيد عن 250 كيلومتراً».
وأضاف: «ويُمكن بعد ذلك استخدام هذه المعلومات لاستخلاص حلول استهداف لبطاريات الدفاع الجوي، مما يُتيح لصواريخ سام اليمنية العمل دون الانبعاثات المُنذرة التي تُنتجها رادارات المراقبة».
وقال: «بفضل هذه القدرة، قد يتمكن الحوثيون من شن هجمات انبثاقية خطيرة، حيث يستخدم المشغلون أنظمة سلبية لتتبع هدف ثم إطلاق صاروخ في الاتجاه الصحيح، ولا يتم تفعيل نظام التوجيه بالأشعة تحت الحمراء أو الرادار للصاروخ إلا عند اقترابه من الهدف».
ونقل التقرير عن مايكل نايتس، المحلل البارز في معهد واشنطن، قوله إن «الحوثيين يعتمدون على أنظمة كهروضوئية، لأنها أنظمة سلبية تماماً، فمن الصعب رصد هذه الأنظمة لأنها لا تحمل أي بصمة قبل إطلاقها».
وأشار إلى أن وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، أكدت في تقرير غير سري نشر في تموز/ يوليو 2024، أن القوات المسلحة اليمنية استخدمت صواريخ من نوع «صقر» مزودة بباحثين سلبيين يعملان بالأشعة تحت الحمراء، من أجل «مهاجمة الطائرات الأمريكية بدون طيار».
ونقل عن بهنام بن طالبلو، المحلل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، قوله إن هذه الصواريخ «كان لها تأثير كبير في التهديد الجوي الحوثي ضد الأنظمة الأمريكية بدون طيار على مدى العام ونصف الماضيين، ومن المرجح أن تستمر في لعب دور رئيسي في قدرة الحوثيين على مضاعفة التكاليف على الولايات المتحدة».
وبالإضافة إلى هذه التقنية، أوضح التقرير أن «استخدام الأنظمة المتنقلة، وخاصةً تلك التي تتمتع بقدرة إطلاق نار سريعة، يزيد من التهديدات التي تشكلها قدرات الدفاع الجوي الحوثية، بغض النظر عن مجموعة أجهزة الاستشعار التي يستخدمونها لتحديد الأهداف وتوجيهها»، مشيراً إلى أن هذا يزيد من حاجة الولايات المتحدة لاستخدام طائرات (إم كيو-9) للمساعدة في تحديد مواقع هذه القدرات.
وذكر التقرير أنه «في جلسة استماع عُقدت في مارس، أكد الفريق جيفري كروس، رئيس وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، لأعضاء لجنة الاستخبارات الدائمة في مجلس النواب الأمريكي، صراحةً أن الحوثيين حاولوا استخدام أنظمة صواريخ أرض-جو متنقلة ضد الطائرات الأمريكية».

مخاوف أمريكية
تقرير موقع (ذا ووور زون) أكد أن «كل هذا يثير المزيد من الأسئلة حول ما إذا كان استخدام الجيش الأمريكي لطائرات (بي-2) ومجموعة متزايدة من أنواع الذخائر البعيدة المدى ضد أهداف الحوثيين في اليمن، كان مدفوعاً إلى حد كبير بمخاوف الدفاع الجوي أكثر مما تم الاعتراف به علناً».
وقال: «الحوثيون أثبتوا أن لديهم ما يكفي من قدرات الدفاع الجوي لتعريض الطائرات العسكرية الأمريكية لخطر فعلي، وهو ما يبدو أنه يدفع إلى زيادة استخدام الذخائر البعيدة وغيرها من أنواع اتخاذ القرارات المرتبطة بالمخاطر».
من جهتها نقلت شبكة «سي إن إن» الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين قولهم أمس إن «الحوثيين أصبحوا أكثر براعة في استهداف طائراتنا المسيرة».
وأضاف المسؤولون الأمريكيون أن «الخسائر المستمرة للمسيرات صعبت علينا تحديد نجاح تدمير أسلحة الحوثيين بدقة».
وأكدوا أن قدرات قوات صنعاء وعزمها على ضرب السفن الأمريكية والتجارية وقصف إسرائيل لم تتغير كثيرا.