في زحمة الطرقات وتسابق الصائمين في مسارات العبور، تحت لهيب شمس نهار رمضان، يقف رجل المرور كأنه في حلبة صراع، ينظم حركة السير متحملاً أقصى درجات الحرارة والعطش، لتأمين وصول الناس إلى منازلهم وأعمالهم بسلام، لا يلقى حتى كلمة شكر، ويقابل بالتجاهل دوره الكبير في حل المشكلات والازدحامات المرورية، وفوق ذلك يواجه بحملة شعواء على مواقع التواصل الاجتماعي، وكأنّ رجل المرور فائض أو «متهبش» أو قاطع طريق!
صحيفة «لا» تجولت في بعض شوارع العاصمة صنعاء، للاطلاع على ما يعانيه رجل المرور أثناء تأدية مهامه الصعبة منذ ما قبل الظهيرة في تقاطعات الشوارع.
سألنا الرائد/ عاشور العليمي، ورفاقه عن سلوكيات الصائمين خلال الشهر الفضيل، فأجابونا بأن عملهم في رمضان يمثل تحدياً قوياً وعملاً شاقاً، فالكثير من السائقين لا يأبهون لإرشادات المرور أو العمل بوسائل السلامة، وأن البعض يعمدون لقطع إشارات المرور والتسبب -أو يكادون- بحوادث خطيرة تمثل تهديدا لحياتهم وحياة غيرهم من السائقين أو المارة. وحين يقوم رجل المرور بدوره في ضبطهم أو تدوين المخالفات بحقهم يبدأ البعض بالتصوير بهواتفهم وافتعال المشكلات وتصوير أنفسهم على أنهم يواجهون ظلماً أو اعتداء.
عاشور العليمي يعمل منذ 25 عاما في تنظيم حركة المرور، ينزل مع رفاقه ليزاولوا مهام عملهم، وفي رمضان يبدؤون من الساعة 11 صباحاً، ويفطرون واقفين مستبسلين بكل تفانٍ ونضال، ولا تتوقف أيديهم عن توجيه السائقين والأخذ ببعض أيدي الأطفال أو المسنين لعبور الشوارع... أفلا يستحق مثل هؤلاء كلمة شكر، وتعظيم سلام؟!
وإلى ذلك فإن الوضع المعيشي لأغلب رجال المرور متدنٍّ؛ فهم يكافحون في كسب لقمة عيشهم وعيش أطفالهم، مثلهم مثل أي مواطن، فإذا كنت تفطر في بيتك متنعماً مطمئناً بين أطفالك، فلا تحاول «الهنجمة» على مثل هؤلاء المجاهدين في الطرقات وأنت عاكس خط أمام خلق الله جميعاً، وغيرها من المخالفات التي تستلزم «الضبط».