تقرير/عادل بشر / لا ميديا -
أكد مركز أبحاث أمريكي أن القوات المسلحة اليمنية، في معركة إسناد غزة التي امتدت 15 شهراً الماضية، أثبتت قدرتها على إضعاف التفوق القتالي للولايات المتحدة، من خلال معدل نجاحها في إسقاط الطائرات المُسيّرة الأمريكية من طراز (MQ-9 Reaper)، مشيراً إلى أن «النجاح المتزايد» للهجمات اليمنية على الطائرات بدون طيار الأمريكية «أمر غير مسبوق، ويُظهر تحسن مهارات الحوثيين في التصويب، وتوسيع قدراتهم الهجومية».
جاء ذلك في تقرير حديث نشره المجلس الأطلسي للأبحاث الدولية، اعترف فيه بالخسائر الكبيرة التي تعرضت لها الولايات المتحدة في الطائرات بدون طيار (MQ-9) بنيران قوات صنعاء التي أسقطت 14 طائرة من هذا الطراز خلال 15 شهراً، بمعدل طائرة في كل شهر، بحسب تعبير التقرير.
وأفاد التقرير بأنه «في 28 كانون الأول/ ديسمبر 2024،  أعلن يحيى سريع، المتحدث باسم الحوثيين، أنهم أسقطوا طائرة مسيّرة أمريكية من طراز (MQ-9 Reaper) كانت تحلق فوق محافظة البيضاء في اليمن بصاروخ أرض-جو. وبعد أربعة أيام، تباهى الحوثيون بإسقاط طائرة مسيّرة أمريكية ثانية في محافظة مأرب، لتكون أول ضربة حوثية لطائرة من طراز (MQ-9 Reaper) في عام 2025».
وأوضح أن هذه الهجمات «تُمثل أحدث حلقة في سلسلة طويلة من الضربات الحوثية الناجحة ضد الطائرات بدون طيار الأمريكية منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، مما يبرز قدرات الحوثيين الهجومية المتنامية»، لافتاً إلى أنه بالنسبة لصنعاء فإن «فرض خسائر فادحة على أسطول الطائرات بدون طيار الأمريكية يخدم أهدافاً تكتيكية واستراتيجية ورمزية على المستويين المحلي والإقليمي».
وأكد التقرير أن «الضربات ضد طائرات (MQ-9 Reaper) بدون طيار تعمل على إضعاف أنظمة الاستخبارات والاستهداف الأمريكية، وتساعد الحوثيين في تعزيز الدعم المحلي والإقليمي. ومع علاقات الحوثيين بالصين وروسيا وإيران، فإن طائرات (MQ-9 Reaper) التي تم إسقاطها قد تنتهي في أيدي خصوم الولايات المتحدة».

تطور غير مسبوق
تقرير المجلس الأطلسي للأبحاث الدولية أوضح أنه «منذ عام 2002، نشرت الولايات المتحدة بانتظام  طائرات بدون طيار مثل (MQ-9 Reaper) لمهام المراقبة والضرب في اليمن، وخاصة لجمع المعلومات الاستخباراتية والقضاء على عملاء تابعين لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. ورغم نشرها المطول، كان عدد الطائرات بدون طيار الأمريكية التي فقدت بسبب النيران المعادية ضئيلاً، حيث أسقط الحوثيون ثلاث طائرات (MQ-9 Reaper) فقط بين عامي 2017  و2019».
وأشار إلى أنه خلال عمليات القوات المسلحة اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية على أيدي الجيش «الإسرائيلي» في قطاع غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كان هناك «تصعيد ملحوظ في الكفاءة التكتيكية» لقوات صنعاء، مضيفاً: «منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2023،  أعلن الحوثيون  مسؤوليتهم عن إسقاط 14 طائرة بدون طيار من طراز (MQ-9 Reaper)، في سلسلة من الهجمات التي استهدفت الأصول الأمريكية في محافظتي مأرب وصعدة بشكل أساسي».
ووصف التقرير «تكثيف وتيرة العمليات ومعدل النجاح المتزايد لهجمات الحوثيين على الطائرات بدون طيار الأمريكية» بأنه «أمر غير مسبوق، ويُظهر تحسن مهاراتهم في التصويب وتوسيع قدراتهم الهجومية».

فقء عين أمريكا
من الناحية التكتيكية قال التقرير الأمريكي إن عمليات إسقاط طائرات (MQ-9) تهدف في المقام الأول إلى تعمية أنظمة الاستخبارات والاستهداف الأمريكية، حيث تعتمد عملية «بوسيدون آرتشر» (Poseidon Archer) بشكل كبير على البيانات التي تجمعها الطائرات بدون طيار للتخطيط لضربات جوية مشتركة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على أهداف برية وصفها بـ»المعادية» في الأراضي اليمنية، ورغم تصميمها لتكون طائرة بدون طيار من الطراز الأول «للصيد والقتل»، تلعب طائرة (MQ-9 Reaper) أيضاً دوراً مهماً في جمع المعلومات الاستخباراتية والمراقبة والتعرف عليها بفضل قدرتها على التحمل لمدة 24 ساعة وارتفاعها التشغيلي الأقصى الذي يبلغ 50 ألف قدم.
وأكد أن جهود صنعاء لإخفاء المواقع الاستراتيجية أدت إلى زيادة اعتماد التحالف الغربي على الطائرات بدون طيار لجمع معلومات استخباراتية قابلة للتنفيذ حول المنشآت العسكرية.

«بوَّرَت»
وأشار تقرير مركز الأبحاث الأمريكي إلى أنه بسبب الرغبة الكبيرة لدى قوات صنعاء في إظهار قدرتها على الوقوف في وجه الولايات المتحدة، فقد أصبحت الطائرة الأمريكية (MQ-9) محط تهكم في أغنية بعنوان «بوَّرَت» (وتعني أن هذه الطائرات أصبحت عديمة الفائدة) للسخرية من ضعف قدراتها القتالية.
ومن ناحية أخرى أوضح التقرير أن «طائرة (MQ-9) تشكل العمود الفقري لأسطول الطائرات بدون طيار في الولايات المتحدة، حيث توفر للمخططين العسكريين الأمريكيين عمقاً تكتيكياً في المناطق الداخلية الوعرة في اليمن، ومع ذلك، ورغم تفوقها التقني، فقد ثبت ضعفها أمام أنظمة الأسلحة المضادة للطائرات الأساسية. ومما لا شك فيه أن نشر الطائرات بدون طيار يظل بديلاً مفضلاً للطائرات المأهولة عند العمل في بيئة عالية الخطورة مثل اليمن».
وأضاف: «مع ذلك، فإن معدل فقدان طائرات (MQ-9) في القتال منذ منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 يستحق اهتمام الاستراتيجيين العسكريين الأمريكيين، حيث تبلغ قيمة هذه الطائرة حوالى ثلاثين مليون دولار، وفقدانها بهذه الوتيرة (ما يقرب من طائرة واحدة شهرياً) ليس مقبولاً»، مؤكداً أن صنعاء «أثبتت قدرتها على إضعاف التفوق القتالي للولايات المتحدة جزئياً، وإضعاف التفوق الجوي الأمريكي، وكشف نقاط ضعف كبيرة في طبقات الدفاع في طائرة (MQ-9)، وقد يسعى خصوم واشنطن إلى الاستفادة من هذه الثغرات لتعزيز مصالحهم الاستراتيجية».
وخلص تقرير المجلس الأطلسي للأبحاث الدولية إلى القول بأن «على الولايات المتحدة أن تستغل الهدوء الحالي في هجمات الحوثيين لتعديل استراتيجية نشر الطائرات بدون طيار وتسريع دمج مجموعات الحماية الذاتية في طائرة (MQ-9) لتعزز قدرتها على البقاء ضد النيران المعادية».