كانت غزة جزءا من «الأرض الموعودة» ثم تلاشى كل شيء
- تم النشر بواسطة ترجمة خاصة:إياد الشرفـي / لا ميديا

زفـي بارئيل صحيفة «هآرتس» العبرية
ترجمة خاصة إياد الشرفي / لا ميديا -
بعد كل شيء، كان شمال قطاع غزة، مثل ممر نتساريم في وسط غزة وممر فيلادلفيا في جنوبه، يُعتبر جزءاً لا يتجزأ من «الأرض الموعودة»، والأماكن المقدسة التي لن نفترق عنها أبداً، والعلاج التاريخي للدمار الذي كان عليه الانسحاب من غزة عام 2005.
ولكن في النهاية، اكتشفنا أنهم لم يكونوا سوى أوراق مساومة يجب التخلي عنها مقابل السعر المناسب.
وكان السعر مناسباً بالفعل. إن عودة الرهائن الذين تخلت عنهم إسرائيل، والذين كانوا بمثابة أوراق مساومة لأكثر من خمسة عشر شهراً في لعبة سياسية منحرفة، تستحق قطاع غزة بأكمله.
إن هذا ليس مجرد حكم أخلاقي، بل إنه يُفهَم أيضاً -على نحو متزايد ومتأخر للغاية- باعتباره الإنجاز الرئيسي وربما الوحيد للحرب. ومع ذلك فإن هذا الإنجاز أيضاً معرض للخطر ما دام التهديد بالعودة إلى الحرب يخيم على هؤلاء الرهائن الذين لم يتم تحريرهم بعد من أسر حماس.
ومن الجدير بالذكر أن استئناف الحرب لم يعد أيضاً هدفاً استراتيجياً؛ بل إنه وعد سياسي، أو مهزلة تُمنَح للمسيحانيين من حزب الصهيونية الدينية في مقابل تمديد عمر الائتلاف.
إن فرحتنا بنجاح مباراة المصارعة مع حماس هذا الأسبوع، والتي وافقت فيها حماس على إطلاق سراح المزيد من الرهائن قبل الموعد المخطط له، يجب أن ننظر إليها في هذا الضوء أيضاً؛ وكأنّ موقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحازم وإصراره على عدم فتح ممر نتساريم أمام الغزيين الساعين إلى العودة إلى الشمال هو ما أنتج هذه المعجزة بالفعل!
من الضروري أن نتذكر أن نتنياهو كان بإمكانه تأمين حرية جميع الرهائن، بمن في ذلك المحكوم عليهم بالمعاناة حتى نهاية هذه الخطة المؤلمة متعددة المراحل، قبل أشهر، في مقابل إنهاء الحرب بشكل كامل وفوري.
يجب ألا ننسى أيضاً المساهمة الجوهرية التي قدمها الرئيسان الأمريكيان جو بايدن ودونالد ترامب لتسريع الصفقة وتنفيذ مراحلها الأولية. لولاهما، لظلت عودة المراقبات العسكريات حلماً لمستقبل بعيد.
إن صفقة الرهائن تحرر إسرائيل من الوهمين الأساسيين اللذين لا يزالان يعذبان معظم الرهائن. لقد تم «تعديل» الوهم المتمثل في الإطاحة بحماس، وتم استبدال الكذبة القائلة بأن الضغط العسكري المتفوق قد حل محله حملة نفسية.
«كيف سيفكر أهل غزة بشأن تدمير ممتلكاتهم؟ وكيف سيستجيبون لتدمير منازلهم؟»، هكذا تساءل المراسلون والمذيعون في مختبرات علم النفس المعروفة باسم استوديوهات التلفزيون.
بدأ الخبراء والعلماء فعلاً البحث في وسائل التواصل الاجتماعي عن أشخاص عشوائيين لإجراء مقابلات معهم لاستخراج أدلة على أن الفلسطينيين في غزة يكرهون حماس ويرون أنها مسؤولة عن الكارثة، وكأنهم يحللون حملة انتخابية وفرص حماس في الفوز بها. هكذا تبدو أحدث مسودة لصورة النصر لدينا!
ولكن بعد ذلك، يصبح التناقض المجيد واضحاً. إن آلاف الأطنان من القنابل واغتيال القادة السياسيين والعسكريين وتدمير مصانع الأسلحة ليست هي التي ستدمر حماس، بل إنها حملة انتقام من قبل سكان غزة بسبب الدمار الذي ألحقته بهم الحركة.
باختصار، فإن الناس البائسين الذين يبحثون بين الأنقاض عن أقاربهم المدفونين تحتها قد كُلِّفوا الآن بمهمة تدمير حماس للانتقام. أليس هذا ما كنا لنفعله لو أن قادتنا جلبوا علينا مثل هذا الدمار؟
ومع ذلك فإن سكان غزة أنفسهم الذين من المفترض أن يكونوا من الآن فصاعداً حاملي لواء الانتفاضة ضد حماس، أو على الأقل حرمانها من كل الدعم الشعبي لها، يرون كيف تجري إسرائيل مفاوضات مع حماس نفسها حول أهمية الحفاظ على اتفاقية الرهائن، والتي هي القاعدة بين البلدان ذات المكانة المتساوية، وليس بين المنتصر والمهزوم.
صحيح أن حماس تعرضت بالفعل لضربة خطيرة؛ فقد تم تدمير قيادتها وقصف أنفاقها؛ ولكنها هي التي تدير عودة مئات الآلاف من سكان غزة إلى أحيائهم، وضباط شرطتها هم الذين يشرفون على توزيع المواد الغذائية التي تصل في قوافل المساعدات. إن البيروقراطيين في إسرائيل هم الذين سيستقبلون آلاف الخيام التي ستُنقل إلى غزة.
هناك بديل لهذا؛ ولكن تبني هذا البديل يهدد «استمرار الحرب»، وصورة الحرب التي جاءت وانتهت، وفوق كل شيء، الوعد الذي أعطي، الوعد بمواصلة الحرب. وبالتالي فإننا سنستمر في الحرب. وماذا عن الثمن؟ مثل حماس، يبدو أننا أيضاً لا نكترث!
المصدر ترجمة خاصة:إياد الشرفـي / لا ميديا