اليمن بالحبر الغربي -
يشكل الحوثيون الآن تهديداً استراتيجياً له تداعيات عالمية على الولايات المتحدة وحلفائها، وتحولوا من جماعة صغيرة في جبال شمال اليمن إلى تهديد استراتيجي كبير له علاقات مع خصوم واشنطن المتعددين.
إن سلسلة التدابير نصف التفاعلية التي اتخذتها الولايات المتحدة للرد على التصعيدات الحوثية الدرامية منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فشلت في تحقيق تأثيرات حاسمة، أو تدمير القدرات العسكرية الحوثية بشكل ملموس.
لم يُردع الحوثيون، بل جمعوا رؤى مهمة حول تشغيل الدفاعات الأمريكية ضد أنظمة الهجوم الخاصة بهم من جميع الأنواع. ومن المؤكد تقريباً أنهم سيستغلون هذه الرؤية لتحسين فاعلية هجماتهم الخاصة وتقديمها لخصوم الولايات المتحدة الآخرين. وفي غضون ذلك، ستستمر عملياتهم في الشرق الأوسط بصرف الجهود الأمريكية عن إعطاء الأولوية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، كما حدث بالفعل لأكثر من عام.
لم يتسبب الموقف الذي تبنته الولايات المتحدة ضد الحملة الهجومية الإقليمية الموسعة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 في أي تغيير ملحوظ في عملية صنع القرار الحوثي والاستجابة الأمريكية الأولية التي صُممت للدفاع عن السفن دون تنفيذ ضربات. لقد فشلت في منع التصعيد، كما فشلت حملة الضربات التي تقودها في تغيير معدل هجمات الحوثيين.
بل إن هناك بعض المؤشرات إلى أن هجمات الحوثيين أصبحت أكثر فاعلية في العام 2024.
كان من الممكن دفع الحوثيين لمراجعة حساباتهم من خلال دعم الجماعات المسلحة في اليمن أو التدابير الاقتصادية مثل إخراج البنوك العاملة في المناطق التي يسيطرون عليها من نظام سويفت الدولي، وتحدي سيطرتهم على شمال اليمن، رغم أن هذه الخيارات تنطوي على مخاطر كبيرة.
إن فشل الولايات المتحدة في إيقاف أو ردع التصعيد الحوثي في البحر الأحمر أجبر صناع القرار الأمريكيين على إعطاء الأولوية للبحر الأحمر، على حساب غرب المحيط الهادئ، وهي الأولوية التي تتعارض مع السياسة الأمريكية المعلنة، وتتسبب في حرمان الولايات المتحدة من موارد منطقة المحيطين الهندي والهادئ، في حين تقول استراتيجية الدفاع الوطني للعام 2022 إن الصين تشكل التحدي الأكثر شمولاً وخطورة على الأمن القومي الأمريكي.
إن إعطاء الأولوية للشرق الأوسط بهذه الطريقة غير مستدام، وخاصة في حالة حدوث سيناريو مضيق تايوان.
حملة الهجوم الحوثية التي استمرت عاماً ستوفر بيانات ودروساً يمكن للحوثيين وخصوم الولايات المتحدة الآخرين استخدامها لتحسين فاعلية هجماتهم على السفن البحرية الأمريكية والمنشآت البرية في المستقبل، فقد نفذ الحوثيون 111 هجوماً بعضها كانت ضد سفن حربية أمريكية وتابعة للحلفاء في منطقة البحر الأحمر. هذه الهجمات توفر للحوثيين قدراً هائلاً من البيانات حول كيفية استجابة الدفاعات الجوية الأمريكية وحلفائها للصواريخ والطائرات بدون طيار، ويمكن للحوثيين مشاركة هذه البيانات مع الروس.
ومن المؤكد أن الدروس المستفادة من هذه البيانات ستُستخدم ضد دفاعات البحرية الأمريكية في المستقبل، ويمكن أن تفيد العمليات المعادية ضد الدفاعات البرية الأمريكية المضادة للطائرات بدون طيار والصواريخ أيضاً.

 مشروع التهديدات الحرجة - 
معهد دراسات الحرب الأمريكي