حوار وترجمة:طارق الأسلمي / لا ميديا -
مدرب استطاع عبر مسيرته الطويلة والمتميزة أن يترك بصمة لا تُنسى في تاريخ الكرة البرازيلية، إذ قاد المنتخبات السنية لسنوات طويلة، بل وكان مسؤولاً عن اكتشاف وصقل مواهب كروية شابة تحولوا إلى نجوم عالمية نتابعهم اليوم في أبرز الدوريات والأندية الكبرى.
قائمة طويلة من راقصي "السامبا" بنيت على يد لوتشو، منهم: نيمار جونيور، دينيلسون، كوتينيو، مارسللو، وكاسيميرو...
الحديث هنا عن مدرب المنتخبات البرازيلية لوتشو نيزو، صاحب الـ61 عاما، الذي حل ضيفاً على صحيفة "لا" في هذا الحوار.
ونرجو أن يكون هذا اللقاء فرصة لنغوص في عقلية هذا المدرب والخبير الكروي الفذ، ونتعلم من خبراته الواسعة ونعرف رأيه عن أسباب تراجع مستوى كرة السامبا.
   مرحباً بك سيد لوتشو في صحيفة "لا" اليمنية!
- مرحباً بك يا عزيزي، وسعيد جداً بالحوار مع صحيفة "لا" والالتقاء بالجمهور الرياضي اليمني الرائع.
 الكرة البرازيلية فقدت هيبتها وقدمت مستويات ونتائج لا تتناسب إطلاقاً مع تاريخ السيليساو... ما الأسباب برأيك؟
- هناك الكثير من الأسباب أدت إلى تدهور الكرة البرازيلية، وإذا كانت البلاد مريضة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا فإن ذلك سينعكس بلا شك على كرة القدم، وهذا أحد الأسباب. في الجانب الآخر لم يعد اللاعب يتمتع بحرية الإبداع وإبراز كل ما لديه من إمكانيات، مقابل العمل التكتيكي الصارم الذي يفسد طريقتنا في اللعب. يخدع المدربون حالياً لاعبينا، وفقدنا متعة اللعب، واليوم نتخلى عن تدريب اللاعبين المهاريين والمبدعين، لحساب إيجاد اللاعبين الأقوياء جسدياً للتصدير إلى أوروبا. باختصار: نحن نتخلى عن اللاعب البرازيلي الحقيقي الذي سحر العالم بأسلوبه، نتخلى عن جرأة وفرحة اللعب، لتشكيل لاعبين بدون مهارة لكن لديهم الكثير من القوة البدنية للعب في أوروبا، وهذا مؤسف.
 هل افتقد المنتخب البرازيلي الكرة الجماعية التي كان يتميز بها في الفترات الماضية؟
- في رأيي لا. المفقود هو اللاعبون ذوو المهارة، وحرية استكشاف لعبهم الفردي. نحن حالياً نركز على الجانب التكتيكي فقط، ولا نعطي الحرية للاعبينا لاتخاذ القرارات والتعبير عن كل مهاراتهم الفردية، ونتيجة لذلك أصبحت كرة القدم لدينا فقيرة. ومع ذلك يسعدني إخباركم أن لدينا في بلدنا تياراً قوياً من المدربين العاملين في البلاد، وأنا جزء منه، مع إنقاذ ثقافة كرة القدم البرازيلية الحقيقية، تلك التي تحرر اللاعب في اتخاذ قراره لحظة المباراة وأخذ قوة المراوغة، وكل ما جعل كرة القدم البرازيلية معترفاً بها كأفضل كرة قدم في العالم.
 غالبية لاعبي منتخب البرازيل ينشطون في معظم الأندية الأوروبية؛ لكنهم لم يقدموا الإضافة؛ لماذا؟
- هذه إحدى مشاكلنا الحالية. ليس كل لاعب يلعب في أوروبا يتمتع بالجودة اللازمة لتمثيل المنتخب البرازيلي. لدينا الكثير من اللاعبين هنا في البرازيل مستوياتهم الفنية أعلى بكثير من أولئك الذين يلعبون في المنتخب حالياً.
 هل يمكن القول بأن هذا الجيل هو الأسوأ للسامبا منذ سنوات؟
- نعم، أتفق معك تماماً. لقد افتقدنا ذلك الجيل الرهيب الذي حقق الكثير من البطولات وتلك الكرة الجميلة التي سحرت العالم.
 هل أثر غياب نيمار على أداء المنتخب البرازيلي خلال الفترة الماضية؟
- نعم، غياب المايسترو نيمار كان له تأثير واضح على أداء المنتخب. أتمنى أن يتعافى ويعود إلى الملاعب مجدداً.
 ماذا عن مشوارك في عالم التدريب؟
- بدأت مسيرتي التدريبية قبل أكثر من 30 عاماً، وأشرفت خلالها على العديد من المنتخبات والأندية في البرازيل وخارجها. عملت عشر سنوات مدرباً مع المنتخبات البرازيلية تحت 15، 16، 17، 19 سنة، كما أشرفت على تدريب عدد من الفرق المرموقة، مثل فلومنينزي.
كما خضت تجربة رائعة في دول عربية، وتوليت قيادة نادي الرائد السعودي عام 2010 وتمكنت من القيام بعمل جيد؛ لكن لسوء الحظ اضطررت للعودة إلى البرازيل بسبب مشاكل عائلية، في 2014 عدت للعمل مع الفريق الأولمبي بنادي النصر، وكان الهدف هو تطوير مشروع لتدريب المواهب الشابة؛ لكن بسبب مشاكل إدارية في النادي لم أستمر طويلاً.
باختصار: هذه أبرز محطاتي، وحققت خلالها عددا من البطولات، منها بطولة البحر الأبيض المتوسط وأمريكا الجنوبية وغيرها من البطولات، كما تمكنت من اكتشاف وتطوير الكثير من المواهب الشابة.
 كان لك الفضل في اكتشاف وصقل الكثير من نجوم الكرة البرازيلية حاليا، من هم أبرز اللاعبين الذين تخرجوا على يدك؟
- عملت ثلاثة عقود من الزمن في تدريب واكتشاف المواهب وصقلها في المنتخبات الوطنية والأندية، وأصبح اليوم هناك عدد كبير من اللاعبين الكبار الذين حظيت بفرصة وامتياز اكتشافهم، أبرزهم: ويليان الذي لعب لتشيلسي، أندرسون الذي لعب لمانشستر يونايتد، مارسيللو الذي لعب لريال مدريد، ولاعب الارتكاز كاسيميرو الذي لعب للريال ويلعب الآن لمانشستر يونايتد، ونيمار لاعب الهلال السعودي حاليا، والكثير من اللاعبين الذين لعبو في أوروبا والخليج.
 هل يمكنك وصف فلسفتك وطريقة اللعب المحببة إليك؟
- لديّ نزوع للعب الهجومي دائماً، إذ يمكنني العمل بتشكيلة 1-4-2-3-1 أو 1-4-3-3، أنا من محبي اللعب الهجومي، الذي يركز على تسجيل الأهداف، لأن تسجيل الأهداف هو التعبير النهائي عن المتعة في كرة القدم.
 بعيداً عن البرازيل، ما هو السر الذي قاد الأرجنتين للتتويج بالبطولات؟
- باختصار: لديهم جيل جيد جداً، ومدربه عرف كيف يستغل الإمكانات الفنية للاعبين.
 ماذا ينقص المدرب العربي ليكون حاضراً في الملاعب العالمية؟
- لا ينقصه شيء. أرى أن هناك العديد من المدربين العرب لديهم المؤهلات العلمية وقادرون على العمل في مختلف البطولات العالمية.
 من واقع تجربتك في الملاعب العربية، ما الفرق بين اللاعب العربي ونظيره البرازيلي بالنسبة لك كمدرب؟
- الفوارق كثيرة؛ نحن نركز بشكل أكبر على تعليم الأطفال من سن العاشرة، وما لاحظته خلال الفترة التي تواجدت فيها بالمنطقة العربية، وربما قد تغير اليوم، أنه ليس هناك اهتمام كبير بالأطفال، وهذا يُعيق تطورهم.
 عاصرت عدداً من نجوم العالم وشاهدت الكثير من اللاعبين الحاليين، برأيك من هو أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم؟
- نعم، عاصرت الكثير من اللاعبين العظماء، سواء من البرازيل أو من غيرها. وفي السنوات الأخيرة أيضاً برز عدد من النجوم الرائعين؛ لكن أرى أن بيليه هو أعظم لاعب في تاريخ كرة القدم.
 ختاماً ماذا تود القول عبر صحيفة "لا"؟
- من دواعي سروري أن أكون ضيفاً على صفحات جريدتكم الرائعة وأطل على الجماهير اليمنية والعربية لأخبركم قليلاً عن قصتي وعن رأيي في تدهور الكرة البرازيلية وجزء من مسيرتي التدريبية. شكراً لكم ودمتم بخير.