حاوره:يحيى الضلعي / لا ميديا -
احتلت رياضة المرأة في بلادنا، خلال السنوات الأخيرة، مواقع جيدة، بعد أن تميزت بنشاط متواصل لا ينقطع في مسار الألعاب التي تمارسها وتزاولها تحت مظلة الاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية وبعض الأندية.
وفرضت الفتاة اليمنية اسمها وحضورها المتميز على المستويين الداخلي والخارجي في مختلف الألعاب الرياضية، وأضحى ذلك علامة واضحة لا يمكن إغفالها حتى وإن غرد البعض بالصوت النشاز ضد رياضة المرأة وسلب نجاحها.
وإن النجاح الذي حققه منتخب فتيات الرماية، في مناسبات مختلفة، دليل واضح على أن لدينا راميات قادرات على صناعة النجاحات والإنجازات التي تعزز الحضور الطيب للرياضة اليمنية في المحافل العربية والدولية. ولدينا الكثير من تلك الفتيات الشابات القادرات على طي صفحة الماضي والبدء بكتابة تاريخ جديد للرياضة اليمنية يكون فيها الشرف الغالي معلقاً على الصدور ومزيناً للساحات العامة.
فالمتألقة ياسمين نبيل الريمي لاعبة منتخبنا الوطني للرماية التي تزاول اللعبة بسلاح "المسدس" واحدة من اللاعبات الجديرات بأن نفتح لهن مجالاً أوسع للصقل، حتى يأتي المردود إيجابياً، حيث يجمع الكثير على أنها مشروع حقيقي في التقدم خطوة للأمام من أجل الظفر والفوز بألقاب حقيقية وبطولات لا تأتي إلا من خلال الجهد العالي والتخطيط السليم والإصرار على الفوز ورفع اسم الوطن عالياً.
وبنت الريمي "ياسمين" واحدة من أبرز الفتيات المتميزات على الساحة الرياضية. لديها موهبة وطموح لا حدود له إلى تحقيق الإنجازات، وبمقدورها إحراز النجاحات الكثيرة وتسطير صفحات جديدة ناصعة البياض شريطة أن تحظى بالاهتمام والدعم المطلوب.
صحيفة "لا" التقت لاعبة "المسدس" ياسمين الريمي، التي كانت تسعى لخوض تجربة جديدة في العمل الرياضي كمرشحة تنطبق عليها الشروط لمنصب رئاسة لجنة الرياضيين، والطموحة للمشاركة في أولمبياد باريس القادم إذا حالفها الحظ للتواجد في هذا المحفل الرياضي الهام. وانتزعنا منها حواراً شيقاً فتشنا خلاله عن سيرتها مع معشوقتها رياضة الرماية واستعرضنا معها مسيرتها الرياضية على المستويين الداخلي والخارجي..

 ما هي الدوافع التي قادتك للترشح لمنصب رئاسة لجنة الرياضيين؟
- في الحقيقة هي المرة الأولى التي تتاح الفرصة للاعبة لتولي رئاسة لجنة الرياضيين. أنا تقدمت للترشح لهذا المنصب بعد أن انطبقت عليَّ كافة الشروط دون غيري من زملائي الذكور والإناث في انتخابات اللجنة في دورتها الخامسة.
 ما هي أبرز الشروط التي تسمح بالترشح لهذا المنصب؟
- أحد أبرز الشروط هو المشاركة في إحدى آخر ثلاث نسخ من دورات الألعاب الأولمبية، وهو شرط إلزامي؛ لكن في تقديري أنه شرط مجحف لبقية النجوم الرياضيين الراغبين بقيادة اللجنة، إذ إنني لم أطلع على اللائحة في حينها عندما أقرت من اللاعبين في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2022 نتيجة مشاركتي في إحدى البطولات الخارجية، وعندما اطلعت على الشروط ورأيت انطباقها عليّ تقدمت للترشح لمنصب رئاسة اللجنة.
 حدثت هناك تباينات وربما معارضة شديدة لترشحك إلى رئاسة لجنة الرياضيين من بعض اللاعبين. برأيك ما هي الأسباب؟
- كما تعلمون أنه خلال الدورات الأربع السابقة التي جرت فيها انتخابات لجنة الرياضيين تولى الرئاسة لاعبون ذكور، ولم تعترض اللاعبات، وهذه هي المرة الأولى التي تترشح فيها لاعبة لهذا المنصب.
 هناك من يخشى تواجدك على رأس لجنة الرياضيين أن تركزي الاهتمام فقط بالعنصر الرياضي النسوي. كيف تردين على مثل هكذا مخاوف؟
- الكل يعلم أن لي حضوراً متميزاً ومشاركات إيجابية وأرقاماً جيدة. وحقيقة أشعر أن كل المماحكات التي حدثت ليس لشيء إلا لكوني امرأة، وهذا يعتبر تمييزاً ضد المرأة، والبعض لا يريد تولي المرأة هذا المنصب. واللجنة في الأساس وضعت لخدمة الرياضيين، ذكوراً وإناثاً.
 هل يعني هذا أنه لا يوجد لاعب آخر أو لاعبة تنطبق عليهم شروط الترشح لرئاسة لجنة الرياضيين؟
- حقيقة لو كان هناك مرشح أو مرشحة أخرى تنطبق عليهم الشروط سأرحب بذلك، ومستعدة للمنافسة معهم على رئاسة لجنة الرياضيين.
 سيرتك ومسيرتك الرياضية مع لعبة الرماية حافلة بالكثير من المشاركات والنجاحات على المستويين الداخلي والخارجي. ما أبرز إنجازاتك؟
- لدي مشاركات خارجية على المستوى العربي حققت فيها ميداليات متنوعة، وكذا مشاركات آسيوية وعالمية أحرزت فيها أرقاما متميزة ونتائج إيجابية، وتواجدت في كثير من المحافل الرياضية الخارجية، فقد حققت برونزية الفرقي في البطولة العربية في السودان، وفضية الفردي في بطولة القاهرة، وفخورة بالتواجد في أغلب البطولات القارية والدولية، وأبرزها أولمبياد طوكيو 2020.
وبالنسبة للمستوى الداخلي فأنا ولله الحمد مسيطرة على بطولات الجمهورية بلا منازع منذ تأسيس اتحاد الرماية في بلادنا.
 ما سر اختيارك مزاولة الرماية بسلاح المسدس ولم تختاري البندقية؟
- في أولى مراحل مزاولتي للرماية خضت المنافسات بسلاح المسدس، وحينها عززت قدراتي في هذا الجانب، رغم أن التصويب بسلاح المسدس أصعب بكثير من التصويب بسلاح البندقية، ولهذا تمسكت بالمنافسة على سلاح المسدس لأني تميزت فيه.
 ما الفرق بين منافسات سلاح المسدس وسلاح البندقية؟
- ربما لا يوجد فرق، لكن كل سلاح له مميزات ومواصفات وقانون للمنافسة، فضلاً عن أن كل شخص له ميوله الخاصة لمزاولة رياضة الرماية بسلاح المسدس أو بسلاح البندقية.
 ما تقييمك للاتحاد اليمني للرماية؟
- أعتذر عن عدم الإجابة على هذا السؤال، لأسباب أتحفظ عليها.
 ماذا ينقص لاعب ولاعبة الرماية في اليمن؟
- ينقصها كثير من الإمكانيات، منها الصالات والميادين والأسلحة والملابس الخاصة بالرماية وإقامة البطولات باستمرار ومعسكرات تدريب للاعبي ولاعبات المنتخبات وتوفير الذخيرة الخاصة بالأسلحة... إذ لا توجد قطع سلاح لمزاولة رياضة الرماية؛ إلا في حدود ثلاث قطع في سلاحي المسدس والبندقية، وهذه معضلة نعاني منها باستمرار، وهي شحة توفر السلاح. لا بد من فتح المجال أمام الهواة ونشر هذه الرياضة على مستوى واسع، وأن لا تكون حكراً على مجموعة أو فئة، فثقافة المجتمع اليمني بمختلف فئاته يهوى الرماية.
 إذا عُرض عليك الترشح لرئاسة الاتحاد اليمني للرماية، هل تقبلين؟
- الإجابة على هذا السؤال سابقة لأوانها. إن شاء الله في المستقبل يحظى اللاعبون واللاعبات بقيادة الاتحاد؛ لأن أي اتحاد رياضي لا يمكن أن يديره إلا أبناء اللعبة.
 ماذا قدمت لك لعبة الرماية؟
- قدمت لي الشيء الكثير، علمتني فوائد عديدة، منها تحسين المهارات العقلية وتعزيز التركيز، ورياضة الرماية تساعد في تحديد وتحقيق الهدف وتعلم من يزاولها الصبر وتساهم في تعزيز الثقة بالنفس... وإجمالاً الرماية هي رياضة ممتعة جداً.
 هل شعرتِ يوما بالندم أن اخترتِ مزاولة هذه الرياضة؟
- أبدا، بل العكس، رياضة الرماية تجري في دمي وفي شراييني، فهي رياضة مميزة وممتعة وأحبها كثيراً.
 ماذا عن استعدادك للمشاركة في أولمبياد باريس، خاصة وقد أصبح في حكم المؤكد مشاركتك في هذا المحفل الرياضي الكبير؟
- لم تتأكد مشاركتي في أولمبياد باريس حتى اللحظة؛ ولكن أتمنى أن أحظى بالتواجد في هذا المحفل الرياضي الهام، وأنا على استعداد مستمر وجهوزية عالية لخوض المشاركة في الأولمبياد أو أي بطولة أخرى بغية حصد الميداليات والمراكز المتقدمة في مختلف المشاركات.
 هل تثقين بأنك ستحققين إنجازا خارجيا في المستقبل؟
- أنا تمكنت حققت الكثير من الإنجازات الخارجية سابقاً، والقادم أفضل إن شاء الله، وثقتي بالله كبيرة وتفاؤلي لا حدود له بأن أحقق إنجازاً يرفع اسم اليمن عالمياً.
 ما هي طموحاتك المستقبلية مع رياضة الرماية؟
- أطمح إلى توسيع قاعدة مشاركة رياضة الرماية والارتقاء بها نحو الأفضل وتوفير الإمكانات التي تساعد على تطوير اللعبة. الجميع يعلم أن اليمنيين يعشقون الرماية ولديهم موهبة فطرية، فقط يحتاجون إلى بيئة مناسبة تعزز قدراتهم وتوفير الإمكانيات المطلوبة، وحينها بالإمكان أن يعتلي اليمن منصات التتويج على المستوى العربي والقاري والعالمي ويتصدر المراكز الأولى في مختلف المحافل والتظاهرات الرياضية.
 ما أبرز الصعوبات التي واجهت مسيرتك مع لعبة الرماية؟
- هناك الكثير من الصعوبات التي نعاني منها، أبرزها عدم توفر الميادين والصالات المناسبة لمزاولة رياضة الرماية، وعدم وجود الأسلحة والذخيرة، وانعدام الكادر التدريبي المؤهل الذي يساعد على صقل المهارات الفنية والعقلية، حيث أصبح اللاعب أو اللاعبة في اليمن يعتمد على جهوده الذاتية في الجانب التدريبي، نتيجة غياب المدربين، ونكتسب المهارات الفنية فقط من خلال المشاركات الخارجية ونتعلمها من الآخرين، فضلاً عن أننا نعتمد أكثر الأوقات على تلقي المعلومات والمهارات الخاصة بمنافسات الرماية من الإنترنت، وكل هذا اجتهاد شخصي.
 يقال إن اليمن بيئة طاردة للنجوم الرياضيين والمبدعين... ما رأيك؟
- فعلاً، هذا كلام صحيح، وهذا نتيجة تقصير الجهات المسؤولة والقائمين على الحركة الرياضية. هناك الكثير من النجوم الرياضيين والمبدعين اختفوا فجأة، بسبب عدم الاهتمام بهم، بالإضافة إلى أن الكثير من هؤلاء أصابهم اليأس والإحباط، خاصة في ظل غياب البطولات والأنشطة المحلية التي أصبح تنفيذها إسقاط واجب فقط، بالإضافة إلى شبه انقطاع المشاركات الخارجية.. وكل هذه عوامل ساهمت في اختفاء النجوم والمبدعين الرياضيين في مختلف الألعاب الرياضية.
 رسالة لمن تودين توجيهها؟
- إلى وزارة الشباب والرياضة، أن تقف إلى جانب الاتحاد العام للرماية من أجل إحداث تطور لرياضة الرماية في اليمن، وعلى القائمين على الوزارة أن يدركوا أن رياضة الرماية تحتاج إلى المتطلبات اللازمة لمزاولتها، كونها لعبة مكلفة في مختلف الجوانب. وأتمنى من اتحاد الرماية العمل على نشر اللعبة وتوسيع ممارستها في مختلف محافظات الجمهورية وإحداث التطور الذي يرنو إلى تحقيقه كافة اللاعبين واللاعبات والهواة لهذه الرياضة الأصيلة المرتبطة بتاريخ اليمنيين منذ القدم.
 كلمة شكر لمن تهديها...؟
- الشكر الكبير لأسرتي، الذين حظيت بتشجيعهم على مزاولة رياضة الرماية وساهموا في دعمي معنويا، وهو الدعم والتشجيع الذي أوصلني إلى هذا المستوى المتميز مع لعبة الرماية.
 كلمة أخيرة...؟
- أثمّن عالياً جهود اللجنة الأولمبية وسعيها الدائم والمستمر لتطوير رياضة الرماية ووقوفها إلى جانب لاعبات المنتخب في المشاركات الخارجية. كما أتوجه بالشكر للاتحاد العام للرماية الذي يقف إلى جانبي منذ بداية مسيرتي مع اللعبة. والشكر موصول لصحيفة "لا" على إتاحة الفرصة بإجراء هذا الحوار معي، وأتمنى لكم التوفيق والنجاح.