حاوره:طلال سفيان - أنور عون / لا ميديا -
هو من أسرة اشتهرت بأقدميتها في الفروسية على مستوى الوطن.  امتطى الخيل وخاض السباقات منذ نعومة أظافره، وقاد المنتخبات الوطنية لسنوات طويلة، وحقق معه ألقاباً عالمية بألوان الذهب والفضة والبرونز.
أحد مؤسسي النادي اليمني للفروسية، وهوا المدير التنفيذي للنادي اليوم تحت اسم نادي العاصمة للفروسية، والعضو الفني لأول وثاني اتحاد للفروسية.
صحيفة "لا" التقت الفارس محمد القملي وتحدثت معه عن البداية ومواسم البطولات في القفز على الحواجز والتقاط الأوتاد، وعن تاريخ الخيل واللعبة، والنادي والاتحاد، وما يدور من مشاكل في أروقة لجنة تسيير أعمال الاتحاد، وما يحيط ببيارق المنتخبات، عن أكاديمية نادي الوحدة ومشروع مضمار نادي العروبة، وعن هموم وطموحات هذه الرياضة التاريخية... في حوار كان مليء بالمعلومات وأيضا بجرأة المكاشفة والصراحة.

  في البداية أعطنا نبذة عنك وعن انطلاقتك في عالم الفروسية!
- محمد حسين أحمد القملي، من مواليد 17 تموز/ يوليو 1978، بدأت الفروسية مع كلية الشرطة وعمري أربع سنوات، وفي العام 1991 التحقت بالدراسة العسكرية في كلية الشرطة، ومنها انطلقت في عالم الفروسية، وكانت أول مشاركة لي في العام 2000 بالعاصمة اللبنانية بيروت، وحصلت على المركز التاسع في القفز من بين أربعين فارساً، وفي العام 2001 أخذت المركز التاسع من بين ستين فارساً مشاركاً في البطولة الدولية لقفز الحواجز بالدوحة.
  ما سر عشقك للفروسية؟
- أنا فارس أبا عن جد، ونحن أقدم أسرة تمارس الفروسية في اليمن، والدي عاش في تعز وعمل مع بيت حميد الدين وكان يأخذ خيول الإمام من تعز إلى صنعاء والعكس أيضا، كما أنه بعد ثورة 62 انتدب من وزارة الدفاع إلى الداخلية، وقام بتأسيس الفروسية في كلية الشرطة، وعدد أفراد أسرة والدي من أبناء وأحفاد هم 20 فارسا. أنا لديّ اثنان من الأبناء، هما حسين بطل الفئة (أ)، وحاشد بطل الفئة (ب) وبطل الموسم 2023، ولديّ ابن يمارس الفروسية في ألمانيا وهو مجنس هناك، لأن أمه ألمانية، وهي أيضا كانت فارسة ولديها إسطبل هناك .
  ما هي الألقاب التي حصلت عليها؟
- كانت مشاركاتنا قليلة في الاتحاد السابق، إذ كنا ننظم بطولة الجمهورية مرة أو مرتين في العام، وحققت فيها مراكز ما بين أول وثان وثالث، وعندما جاء الاتحاد الجديد في العام 2006، انطلقنا بتكثيف البطولات الداخلية ووصلنا للعالمية في التقاط الأوتاد، وكنت كابتن المنتخب اليمني لقفز الحواجز والتقاط الأوتاد منذ العام 2000 حتى مشاركتنا الأخيرة في العام 2018.
  هل من الصعب أن يحافظ الفارس على المركز الأول؟
- في الفروسية لا يوجد فارس يحافظ على نفس المركز، بحكم أنك تمتطي كائناً حياً، فالخيل له تصرفاته ويمر بظروف مثل بني آدم؛ مثلا قد يكون لم ينم في الليل أو يخاف وقت المباراة... حتى في كل بطولة لن تجد خيلاً حقق المركز الأول وفي بطولة ثانية يحقق نفس المركز إلا في حالة نادرة، فالفروسية تجمع بين كائنين حيين، الفارس والخيل. كما أن الخيل يحتاج أشياء كثيرة. أنا بالنسبة لي أرى أن التعامل مع الخيل ينبغي أن يكون كما نتعامل مع طفل تماما، تواجه صعوبة وتبحث عن إمكانات كبيرة في التعامل.
  كنت من مؤسسي نادي العاصمة للفروسية، وأيضا ضمن إدارة الاتحاد العام للفروسية...؟
- نعم، كنت من مؤسسي النادي اليمني للفروسية، ثم سمي نادي العاصمة للفروسية. وللعلم، النادي تأسس قبل الاتحاد، والاتحاد نفسه تأسس داخل النادي.
منذ تأسيسنا للنادي واجهنا محاربة من قبل ناس كثير، وللأسف من وزارة الشباب والرياضة. ورغم أنه في وقتها رعاه الله الدكتور عبدالوهاب راوح، وزير الشباب والرياضة آنذاك، كلف لجنة من كبار موظفي الوزارة على رأسهم الأساتذة خالد صالح رحمة الله عليه وأحمد الحدا ومحمد منصر وعباس المدومي وحمود الشراعي ومجاهد السمحي وغيرهم، وجلسوا لمدة 3 أشهر يعملون بيانات للنادي في عام 1999 حتى ينشأ النادي اليمني للفروسية، وكان وقتها المالك للأرض وللنادي هو الحاج أحمد السواري وولده هاشم السواري. كنا مجموعة من الفرسان ضمن مؤسسي النادي من الكلية الحربية وكلية الشرطة، وأيضا من بيت السواري ومن وزارة الشباب. وبعد ذلك تأسس أول اتحاد يمني للفروسية، وكان أول رئيس له هو الشيخ محسن البحر رعاه الله. وفي العام 2006 تم تعيين هيئة إدارية للاتحاد من قبل وزير الشباب والرياضة الأستاذ عبدالرحمن الأكوع، وذلك برئاسة الشيخ حاشد الأحمر، وكنت المسؤول الفني المساعد في الاتحاد، وعندما أجريت انتخابات للاتحاد في العام 2012 انتخبت ضمن الهيئة الإدارية وعينت مسؤولا فنيا، لتنطلق رياضة الفروسية من خلال البطولات التي كانت تقام ومن أقوى البطولات في اليمن، حتى أنه كان يحضرها رئيس الجمهورية وتحظى برعاية كبيرة من الوزارة ورئاسة الجمهورية ومن الشركات الداعمة.
  من حديثك هذا، هل كانت النقلة النوعية لرياضة الفروسية اليمنية لناديكم؟
- النادي هو الذي أوجد البنية التحتية لرياضة الفروسية. سأخبرك كيف هذا! قبل نادي الفروسية لم يكن يوجد ملاك مدنيون رعاة للخيول، عدا الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والشيخ ناجي الشايف وبعض المشايخ في تهامة؛ لكن بعدما تأسس النادي ظهر بيت هائل وبيت الأرحبي وبيت الرضي وبيت القاضي والكثير من ملاك الإسطبلات. النادي نشر رياضة الفروسية وحفز الناس. ومن الأشياء التي قدمها للمجتمع مثلا إذا أردت شراء خيل وصعب عليك تربيته، النادي عمل خدمة نظام إيواء، تضع خيلك في النادي وتدفع عليه مبلغاً شهرياً، وتكون تكلفته أقل، لأنه يدخل بين الخيول والنادي يتكفل بكافة أمور خيلك من تغذية وعناية، وهذا أفضل من أن تتركه عندك في البيت. كذلك معظم المدربين في أنحاء اليمن يمكن أن نقول 90% كانوا يعملون بنادي الفروسية. المدربون اليمنيون الذين يعملون في إسطبلات وأندية دول الخليج خرجوا من نادي الفروسية أفضل فرسان، سواء في قفز الحواجز أو التقاط الأوتاد، تخرجوا في نادي الفروسية، وآنذاك كان ثلثا المنتخب من نادي الفروسية، قبل مرور النادي بظروف صعبة.
  قلت إنك كنت قائدا للمنتخب. لماذا أنت اليوم خارج المنتخب؟
- العام الماضي تم استبعادي، وللأسف لأغراض شخصية من قبل الأخ صدام علاو، وعن طريق تلميذي جمال الطويل. كان هناك خطة ممنهجة لاستبعاد محمد القملي من المنتخب. وكما رأيتم المشاركة الأخيرة في جنوب أفريقيا هزيلة جدا. منذ دخلنا نهائيات كأس العالم لالتقاط الأوتاد في العام 2007 وحتى العام 2018 كنا ننافس على المركز الأول، وفي كأس العالم 2023 ذهبوا إلى جنوب أفريقيا وحلوا في المركز قبل الأخير. برأيي أولا من يتحمل هذا الإخفاق هو وزارة الشباب والرياضة، حتى الآن لم تحاسب لجنة تسيير أعمال اتحاد الفروسية، بل بالعكس بل تبحث عن تكريمهم.
  ما هي المشكلة مع رئيس لجنة تسيير الفروسية اليمنية؟
- منذ خروجنا في العام 2020 من الأرض السابقة لنادي الفروسية في منطقة حزيز وانتقالنا إلى منطقة أرتل، سعى الأخ صدام علاو بكل الطرق لمنع استكمالي أو إرجاع النادي من جديد، لأنه أنشأ مدرسة الرعد للفروسية، قبل ترؤسه للجنة أهديته 7 خيول وأعطيته أكثر من 25 فارساً من فرساني، في وقت كان يذهب للمشاركات ولا يوجد معه خيول ولا فرسان، وهل يكون جزاء الإحسان إلا الإحسان؟! ما الذي أساءه النادي لصدام حتى يجازيه هكذا محاربة؟! طالما هو الآن رئيس لجنة تسيير أعمال الاتحاد فالمفروض أن يدعم ويقف مع النادي ومع بقية الجهات للاستمرار، بدلا من أن يقف ضدها! منذ قيادته للجنة كم من الفرسان تركوا هذه الرياضة؟! لا أرمي عليه التهم، فالرجل لديه قضايا كثيرة في المحاكم التجارية مع العديد من الناس، أضف إليها قيامه بأخذ حافلة اتحاد الفروسية، وبأمر من الوزير، وتسليمها لصاحب البيت كرهن إيجارات متراكمة عليه، وتصوير مالك العقار له وهو يخبره بأن الحافلة ملكه شخصيا. ورغم أن الوزير شخصية محترمة؛ لكن لا أعرف لماذا متمسك بهذا الشخص، رغم كل المخالفات، حتى أن اللجنة الأولمبية أقرت بالإجماع بشرعية الاتحاد المنتخب، إلا أن الوزير لم يتعامل مع هذا القرار! أيضا هناك شكاوى كثيرة بالأخ صدام، وآخرها شكاوى تقدم بها لاعبو منتخب الفروسية بعد إساءته لهم بالألفاظ عندما سألوه إن كان سيتم تكريمهم أثناء الاحتفاء بهم العام الماضي من قبل الرئيس مهدي المشاط في ملعب مدينة الثورة الرياضية، بعد إحرازهم المركز الثاني في تصفيات مسقط وتأهلهم لكأس العالم لالتقاط الأوتاد في جنوب أفريقيا.
  منذ فترة بسيطة أنشأتم أكاديمية للفروسية بنادي وحدة صنعاء. كيف تجري معكم أنشطتها؟
- هنا أوجه الشكر والتقدير للأستاذ أمين جمعان، لوقوفه معنا وإتاحته لنا إنشاء أكاديمية الوحدة للفروسية. في أكاديمية الوحدة عدد الفرسان في تكاثر ولدينا 75 فارسا، رغم أن عمر الأكاديمية لا يتجاوز شهوراً، والحمد لله عادت الروح لنا للاستمرار. طبعا كان لدينا في نادي الفروسية 75 خيلاً، والآن لدينا 48 خيلاً، منها 25 خيلاً جلبناها لأكاديمية الوحدة بسبب ضيق الميدان، والبقية نقلناها بعد أن نقلنا المكان في "أرتل" منذ أيام إلى نادي العروبة، الذي وقعنا معه عقد شراكة لمدة 15 سنة، وسنستكمل تجهيز الميدان والإسطبلات الرئيسية الأسبوع القادم، وهذا بتعاون كبير من رئيس نادي العروبة الأستاذ عبدالله الشاعر، والأمين العام الأخ فضل مثنى رازح، وجميع مجلس إدارة العروبة. مضمار الوحدة صالح لقفز الحواجز، فيما سيكون مضمار نادي العروبة بطول 200 متر، وستكون أنشطة الفروسية كالتقاط الأوتاد والقفز على الحواجز فيه، كما سيتجهز مضمار نادي العروبة وفق المواصفات الدولية، بمساعدة الأستاذ أمين جمعان، وبإذن الله مضمار فروسية العروبة سيشكل نقلة وقفزة هائلة، كما كان النادي اليمني في العام 2000 بنقلها من الحصرية العسكرية إلى المدنية ونشرها بين أوساط الناس.
  ما الذي يميز رياضة الفروسية؟
- كرياضة هي مكلفة جدا من حيث التغذية والاهتمام بالخيول ومعداتها، كما أن أدوات وملابس ممارسيها هي الأغلى في العالم. بالنسبة لميزتها أن الله كرم الخيل وذكرها في القرآن وأقسم بها بسورة كاملة "العاديات"، والرسول صلوات الله عليه كرمها بالأحاديث. وهي الرياضة الوحيدة التي ليس فيها اعتزال، ويمارسها الشخص سواء كان صغيرا أو كبيرا، رجلاً أو امرأة، لأنه لا يوجد فيها موضع قوة، بل الموضوع كيف تتعامل مع الخيل، مع احترامي لجميع الرياضات، إلا أن الفروسية يجب أن يكون لها شأن، وأن يحرص اليمنيون على الاهتمام بها. العالم يجمع على أن الخيل العربي الأصيل منشؤه اليمن، بل وخرجت أبحاث مؤخرا تؤكد أن الخيل خلق في اليمن. من المحزن أن أقول لك إن اليمن في الوقت الحالي لا تمتلك سوى 1500 خيل، وبعض المحافظات لا يوجد فيها حتى خيل واحد، وهي التي من المفروض أن يكون فيها 20 مليون خيل؛ لأنها هي المنبع. حرام أن يهمل هذا الأمر، والمفروض أن تسعى الدولة للاهتمام برياضة الفروسية وتسعى لإعادة الخيل العربي وبأصالته اليمنية، تهتم مثلما كانت الدولة قبل ثورة 1962 مهتمة برياضة الفروسية والخيول.
  كم لديكم خيول عربية أصيلة؟
- أغلبها خيول عربية أصيلة، أي 80%، والباقي هجينة، ومعنا خيول للشغل وهي الخيل الحبشي. ونحن حريصون على تحسين سلالة الخيل العربي، وأكبر دليل أن النادي وصل في فترة لعمل تلقيح للخيول التابعة للجهات الحكومية والأهلية؛ لأننا كنا نمتلك أفضل خيول في اليمن.
  خيل عزيز فقدته...؟
- "شوتايم"، حصان إنجليزي، وكان أكثر حصان له معزة في قلبي. كان رفيقي، وبكل ساعة أتذكره. قبل وفاته أنتج لنا عدداً من الخيول الهجينة، وهي أسرة من أبنائه ذكورا وإناثاً، نطلق عليها اسم "تايم"، وهذه الخيول اليوم تحقق المراكز الأولى.
  كلمة أخيرة كابتن محمد...؟
- أوجه الشكر لكم ولصحيفة "لا" على هذا الاهتمام والمتابعة التي أعتبرها منكم دعما لي على الاستمرار مع هذه الرياضة التي أوصى بها الله، رياضة الآباء والأجداد.