اليمن تفرض معادلة «الحصار مقابل الحصار»
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

قرار حظر مرور السفن إلى موانئ الاحتلال أثار ردود فعل «إسرائيلية» هستيرية
عادل عبده بشر / لا ميديا -
منذ إعلانها رسمياً الالتحام بملحمة «طوفان الأقصى» ودخول الحرب مع الكيان الصهيوني، أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حرصت القوات المسلحة اليمنية على اتخاذ الخطوات الأكثر تأثيراً على مجريات الحرب «الإسرائيلية» على قطاع غزة.
وبالتوازي مع إطلاق الصواريخ والمسيّرات نحو أهداف في مدينة أُم الرشراش المحتلة «إيلات»، والتي تركت بصمتها أيضاً على مستوطنات تلك البقعة، انتقلت صنعاء إلى مرحلة أخرى من التصعيد، في خطوة تتلاءم مع ميدان الحرب على قطاع غزة، واستهدفت القوات المسلحة اليمنية الشريان الاقتصادي لكيان الاحتلال، والمتمثل في منع إيراداته البحرية وفرض معادلة «الحصار مقابل الحصار».
القرار الأخير للقوات المسلحة، بمنع كافة السفن المتجهة لموانئ الاحتلال، من أي جنسية كانت، من المرور في البحرين الأحمر والعربي، إذا لم يدخل قطاع غزة ما يحتاجه من الغذاء والدواء، أثار ردود فعل «إسرائيلية» هستيرية، فلليوم الثالث توالياً، أفردت وسائل إعلام عبرية، أمس، مساحة واسعة لمناقشة قرار صنعاء الذي وصفته بـ»الخطير»، كونه يهدّد سلاسل إمداد الغذاء والاستقرار التمويني في أسواق الاحتلال، فيما حذر خبراء وقادة عسكريون في حكومة نتيناهو من الاستهانة باليمنيين، مؤكدين: «نحن نعرفهم جيداً».
صنعاء تُعطل 85 % من موارد ميناء «إيلات»
يُقدّر حجم التجارة البحرية للاحتلال حوالي 400 مليار شيكل سنوياً، أي أكثر من 96 مليار دولار. يستحوذ البحر الأحمر على 30% منها.
هذه الأرقام التي كان يضعها كيان الاحتلال في مقدمة الدلائل على علاقاته الواسعة مع محيطه، أصبحت اليوم أحد أهم الأسباب التي تدفع المسؤولين «الإسرائيليين» لإنهاء الحرب على غزة بأسرع وقت، وفقاً لخبراء اقتصاد، وذلك بعد إعلان القوات المسلحة اليمنية فرض «حصار بحري» على الكيان، والذي بدأت بتطبيقه بالفعل وباعترافات «إسرائيلية -غربية».
المدير العام لميناء «إيلات»، جدعون غولبر، قال إنّ التهديدات اليمنية بمنع السفن من التوجه إلى «إسرائيل»، «تُعطّل 80% إلى 85% من أرباح الميناء».
وأضاف أن «تغيير مسار الملاحة البحرية سيرفع أسعار المنتجات المستوردة بنسبة تقدر بنحو 3٪، ما سيزيد العبء المالي على الإسرائيليين بنحو عشرة مليارات ونصف المليار شيكل، أي نحو 3 مليارات دولار».
وحذر غولبر، وفقاً لإذاعة «الجيش» الصهيوني، مما سماه «التهديد اليمني للطرق البحرية في البحر الأحمر»، وكشف عن أن هذه الخطوات «كبّدت الميناء خسائر باهظة، وحوالي 14 ألف سيارة منذ منتصف الشهر الماضي وحتى اليوم».
وعبّر غولبر عن قلقه من أن «يؤدي إغلاق باب المندب أمام حركة السفن التجارية إلى الكيان عبر البحر الأحمر إلى ميناء إيلات أو عبر قناة السويس إلى إطالة أمد سفر سفن الشحن إلى حوالي خمسة أسابيع، حيث سيتعين عليها الالتفاف حول القارة الأفريقية في رأس الرجاء الصالح عبر مضيق جبل طارق إلى البحر الأبيض المتوسط».
في السياق، أوردت «القناة الـ13» العبرية، في تقرير، أنّ «هناك خشية من التعطيل الكامل لميناء إيلات، إضافة إلى ضرائب الحرب التي تجبيها شركات الشحن البحري الكبرى بسبب خطر تعرضها لنيران من الساحل». موضحة أن «الجبهة التي لا ترد فيها إسرائيل أبداً هي التي تعرّض أكثر من أي شيء آخر استقرارها الاقتصادي للخطر»، في إشارة إلى اليمن.
تهديد جديّ للأمن القومي «الإسرائيلي»
من جهته، شدد القائد السابق لبحرية الاحتلال إليعازر ماروم، على أنه «ممنوع الاستخفاف» بحركة أنصار الله اليمنية، داعياً إلى «التعامل معهم بجدية».
وفي حديث لـ«القناة الـ12» العبرية، أشار ماروم إلى أنّه قال هذا الكلام سابقاً «لمن يجب أن يقوله لهم في المؤسسة»، متابعاً: «ممنوع الاستخفاف بهم، ونحن نعرفهم».
ولفت ماروم، وهو لواء في الاحتياط الصهيوني، إلى أنّ «صنعاء لم تحدد ما الذي ستفعله لمنع السفن من المرور عبر البحار أو كيف ستفعل ذلك، وهذا ما يدفع الغالبية العظمى من السفن إلى عدم المخاطرة، والذهاب إلى الأرصفة الإسرائيلية».
بدورها، لفتت معلّقة الشؤون الاقتصادية في القناة، معيان برتي، الى أنّ حجم التجارة البحرية لـ«إسرائيل» تبلغ 400 مليار شيكل في السنة، و99% من حجم الاستيراد يأتي من السفن عبر البحر، التي يأتي 30% منها من البحر الأحمر.
أما القطاعات التي يُتوقّع أن تتضرّر، فهي كثيرة وفقاً لبرتي، وأهمها قطاعات إنتاج القطع الكهربائية والسيارات والمواد الخام للإنتاج المحلي.
وأضافت أنّ الكثير من المصانع في «إسرائيل» تقول إنّها تواجه مشكلات في الاستيراد، لأنّ المواد الخام لا تأتي في الوقت المحدّد، فيما يُتوقّع ارتفاع الأسعار وارتفاع تكاليف التأمين وعرقلة سلسلة التزوّد بالبضائع.
وشدّدت على أنّ الاحتلال «لا يعرف إنتاج كلّ ما يحتاجه، وهو يستورد كميات كبيرة»، مبيّنةً أنّ هذا الأمر «باختصار يدخل السوق في مشكلة لا نهاية لها، وإذا لم تُحلّ، كلنا قريباً سندفع ثمنها».
ثمن باهظ
ويشرح كبير الاقتصاديين في شركة «بي دي أو للاستشارات»، ذر تشن هرتسوغ، مفاعيل العمليات العسكرية اليمنية. مؤكداً على أن «التهديد اليمني للشحن البحري إلى «إسرائيل» يكبّدنا ثمناً اقتصاديّاً باهظاً في تكاليف المعيشة وسلاسل التوريد».
«نيوزويك» الأمريكية: لدى صنعاء صواريخ باليستية ومضادة للسفن لا تملكها سوى دول قليلة
تمتلك القوات المسلحة اليمنية ترسانة من الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية التي في مقدورها استهداف كامل البحر الأحمر، ومنها صواريخ بحر -بحر وأرض -بحر وطائرات مسيّرة وزوارق مسيّرة وعدد من أنواع الألغام البحرية التي تعمل بأنظمة ذكية ولديها قدرات تدميرية عالية.
وتعترف وسائل إعلام أمريكية بهذه القدرات، إذ اعتبرت مجلة «نيوزويك» الأمريكية أن الصواريخ الباليستية والصواريخ المضادة للسفن، هي قدرات متخصّصة لا يملكها سوى عدد قليل من الدول، وكذلك «أنصار الله» في اليمن.
وتؤكد القوات اليمنية التابعة لحكومة تصريف الأعمال بصنعاء، أنها لا تهدّد الأمن الملاحي والممرات المائية، وليست بصدد الإغلاق التام لمضيق باب المندب، بل «تقوم بواجبها في مساندة أهالي قطاع غزة ومقاومته من الباب الإنساني والقومي والديني»، وتشترط للتراجع عن قرارها فكّ الحصار عن القطاع وفتح معبر رفح.
ويرى خبراء عسكريون أنه في حال قرّرت البحرية الأمريكية المواجهة مع صنعاء، فلن تكون مهمتها سهلة، بل غاية في التعقيد، بسبب التموضع المخفي والمحصّن للقدرات اليمنية. وهذا ما تنبّهت إليه مجلة «نيوزويك» بالقول: «إن العالم لم يشهد هذا النوع من الحرب البحرية منذ مدة طويلة، ومن الصعب جداً معرفة كيف ستسير الأمور على أرض الواقع».
صحيفة عربية:القـــوات اليمنيـــة توجه صفعة لدول التطبيع
أكدت صحيفة «الأخبار» اللبنانية، أن قرار القوات المسلحة اليمنية بمنع كافة السفن المتجهة إلى الموانئ الصهيونية من عبور البحرين الأحمر والعربي، يُمثل «صفعة» للدول التي تربطها اتفاقيات تطبيع مع الكيان الصهيوني.
وقالت الصحيفة، في تقرير لها أمس: «القرار اليمني لا يصيب فقط الكيان الإسرائيلي، بل هو صفعة للدول العربية والإسلامية المطبّعة، وأبرز هذه الدول:
- تركيا التي تتعاطى بازدواجية مع الصراع. ففي الوقت الذي تزعم فيه أنقرة أنها تدعم القضية الفلسطينية وتقف ضد العدوان على غزة، فإن السفن التركية ترسو يومياً في الموانئ الإسرائيلية، وتحمّل بضائع يستفيد منها الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الفرق العسكرية التي تتقدّم في غزة. وقد علّق أحد النشطاء الفلسطينيين على منصة «إكس» بالقول: «يا ريت لدينا قوات مسلحة يمنية في البحر المتوسط حتى تكون قادرة على منع السفن التركية من الوصول إلى الموانئ الإسرائيلية»، وأضاف أن «أردوغان لايزال يرسل البضائع والنفط إلى إسرائيل بمعدل ثماني سفن يومياً».
- الإمارات التي عمدت بعد تعرض التجارة «الإسرائيلية» للمخاطر في البحر الأحمر، إلى مد طوق النجاة للعدو بالإعلان عن توقيع اتفاق معه لنقل بضائعه براً عبر السعودية والأردن.
- مصر، البلد العربي المجاور لفلسطين، والذي يزيد عدد سكانه عن 100 مليون نسمة، ويمتلك أكبر الجيوش العربية، ويقف عاجزاً عن فتح معبر رفح، فضلاً عن أن القاهرة لن تكون مرتاحة للقرار اليمني، إذ تعتبر أنها ستتضرّر جراء تجنب سفن الشحن المرور من باب المندب والبحر الأحمر ومن ثم قناة السويس.
- أما الصفعة الأكبر، فهي لكل دول «جامعة الدول العربية» و«منظمة التعاون الإسلامي»، والتي اجتمع قادتها في السعودية الشهر الماضي، وعجزوا عن فرض قرار إدخال المساعدات الدوائية والغذائية إلى قطاع غزة المحاصر.
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا