تقرير / لا ميديا -
يترقب الشارع اليمني ما ستتمخض عنه جولة التفاوض الجارية بين الوفد الوطني ومملكة العدوان في عاصمتها الرياض، برعاية سلطنة عُمان، لإنهاء العدوان على اليمن وتحقيق السلام الشامل الذي يُلبي مطالب الشعب اليمني على امتداد تُراب الوطن.
ومنذ مساء أمس الخميس، يتواجد الوفد الوطني برئاسة محمد عبدالسلام في الرياض، التي غادر إليها من صنعاء برفقة الوسيط العُماني، في أول زيارة رسمية لوفد المجلس السياسي الأعلى إلى العاصمة السعودية، ما يؤكد أن جهود الوساطة العمانية قد أثمرت عن تطورات هامة في ملف التفاوض بين الرياض وصنعاء، خصوصاً بعد الزيارة المفاجئة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى مسقط منتصف الأسبوع الفارط، قاطعاً زيارته للهند التي استضافت قمة الـ20 الاقتصادية، ودون إعلان مسبق عن زيارة مرتقبة للأمير السعودي إلى السلطنة.
رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، أوضح خلال لقائه الوفد العماني، قبيل مغادرة الوفدين صنعاء، الخميس، أن الوفد الوطني "سيستكمل المشاورات مع الجانب السعودي، والتي تمت في صنعاء ومسقط وكان آخرها في شهر رمضان الفائت".. لافتاً إلى أن مغادرة وفدنا الوطني برفقة الوفد العماني إلى الرياض، تأتي استجابة لوساطة سلطنة عمان الشقيقة.
وجدد المشاط التأكيد بالقول: "السلام كان ومايزال خيارنا الأول والذي يجب العمل عليه من قبل الجميع".
من جهته قال رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام، إن جولة التفاوض الحالية تأتي في إطار النقاشات التي قام بها الوفد الوطني مع الطرف السعودي في لقاءات عديدة في مسقط ولقاءات متكررة في صنعاء، آخرها اللقاء في شهر رمضان الماضي.
وأوضح عبدالسلام في تصريح صحفي، قبيل مغادرة الوفد على متن طائرة عمانية خاصة إلى الرياض، أن الملف الإنساني على رأس الملفات التي يعمل عليها الوفد الوطني، والمتمثل في صرف مرتبات جميع الموظفين وفتح المطار والموانئ والإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين.
وأضاف: "من الملفات التي نعمل عليها خروج القوات الأجنبية وإعادة اليمن وصولاً إلى الحل السياسي الشامل".
ولفت عبدالسلام إلى أن النقاشات في الملف الإنساني مهمة أساسية للوفد الوطني في التفاوض مع الطرف السعودي ودول العدوان والمجتمع الدولي.. مؤكداً أن "الوفد الوطني يعمل في المسار للحصول على حقوق شعبنا العادلة، والوصول لحلول تنهي الحالة القائمة التي لا تمثل أي استقرار ولا تعالج المتطلبات الإنسانية لشعبنا".

زيارة سعودية متكررة
ويرى مراقبون أن حديث رئيس الوفد الوطني، لأول مرة، عن لقاءات متكررة أُجريت مع الطرف السعودي في صنعاء، وآخرها مطلع نيسان/ أبريل الماضي، يؤكد رضوخ مملكة العدوان لحقيقة أنها طرف معتدٍ على اليمن وأنها تسعى للخروج من الورطة التي أوقعت نفسها فيها، ولكن بما يحفظ لها ما تبقى من ماء الوجه.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن ولي العهد السعودي، خلال زيارته إلى مسقط، قدم دعوة رسمية للوفد الوطني ممثلاً برئيسه محمد عبدالسلام لزيارة المملكة لاستكمال إجراءات التفاوض والتوقيع على ما سيتم الاتفاق عليه.. ولم تؤكد المصادر هل تم التقاء الأمير السعودي برئيس الوفد الوطني مباشرة، أم عبر الوسيط العماني.

تسوية أوّلية على طريق الحلّ الشامل
في السياق نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية، عن مصادر مطلعة، أن جولة المباحثات الحالية في الرياض، ستشهد التوقيع على ما يبدو "اتفاقا بشأن إعادة إنتاج النفط وصرف مرتّبات الموظفين، بما يفتح الباب واسعاً أمام تسوية سياسية للأزمة".
وأشارت المصادر إلى أن مشكلة المرتبات قد تمت "حلحلتها".. موضحة أن الاتفاق تم على أن تتولى جهة محايدة  (يمكن أن تكون سلطنة عُمان أو الأمم المتحدة) تسلّم الأموال وصرفها لمستحقيها بالتعاون مع حكومة الإنقاذ الوطني.
الأمر المهمّ الآخر، وفق المصادر ذاتها، هو "موافقة السعودية على إنجاز عملية تبادل شاملة تقفل ملف الأسرى،، إذ ثمّة حديث عُماني عن ضمانات مباشرة قدّمها ابن سلمان بهذا الخصوص".
وذكّرت المصادر بأن ثمّة عناصر ضغط سبقت الاتفاق، تشمل تحذير القيادة السياسية والثورية في صنعاء من أن "مهلة الهدنة تنتهي آخر هذا الشهر، وتحديداً بعد احتفالات ذكرى المولد النبوي، وأنهم جاهزون لضرب منشآت سعودية حساسة، ومن ضمنها ما يجري العمل عليه في نيوم، والقيام أيضاً بعمليات مباشرة ضد كل السفن التي تحمل النفط والغاز من الجنوب".
وأشارت إلى أن ابن سلمان، طلب من مقربين منه في السعودية بدء الحديث عن ضرورة إنجاز سلام "الشجعان مع الحوثيين".. في إشارة إلى حفظ ماء الوجه، بحسب مراقبين.

الخونج وأدوات الإمارات
تسارع الأحداث في ملف المفاوضات، بهذا الشكل، ومغادرة الوفد الوطني إلى الرياض، أربكت حسابات مرتزقة العدوان، الذين اعترفوا بطريقة أو بأخرى، أن زيارة وفد صنعاء للرياض، تُضاف إلى قائمة انتصارات القيادة الثورية والسياسية في صنعاء.
ونُقل عن عضو ما يُسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم من الإمارات، المرتزق صلاح بن لغبر، كلام يعبّر عن استياء من الاتفاق، إذ أشار الأخير إلى أن "ما تم الاتفاق عليه لا يتعدّى تنازلات جديدة تُقدّم للحوثي".. مضيفاً بالقول: "وهذا يعني ثالث إعلان انتصار صريح للحوثي وهذا هو المستقبل هناك".
ووصف بن لغبر ما يُسمى "مجلس القيادة الرئاسي" بأنه "مثل الأطرش في الزفة"، وأن رئيسه العميل رشاد العليمي، سيُستدعى لتوقيع أي اتفاق بين وفدي صنعاء والرياض، ولن "يُسمح له بقراءة البنود".
البرلماني الخونجي المقيم في تركيا شوقي القاضي، هو الآخر عبّر عن استيائه من زيارة وفد صنعاء للرياض، متسائلاً بلغة انهزامية هل هو "‏سلام أم تسليم في اليمن؟".
ووجه القاضي حديثه إلى مجلس العليمي وحكومة الفنادق والمكونات المنضوية مع جماعته في العمالة والارتزاق، داعياً إياهم إلى "الاصطفاف" وفرض أنفسهم وحضورهم في جلسات السلام الدائرة.