لا ميديا -
هو الحُرُّ بن يزيد بن ناجية التَّميميِّ اليربوعِيِّ الرِّياحيِّ، من زعماء أهل الكوفة وقادة جيشها.
لمّا علم ابن زياد بخروج الحسين من مكّة متوجّهاً نحو العراق، بعث الحُصين بن نُمير صاحب شرطته في أربعة آلاف، وكان الحر بن يزيد، ومعه من الجند ألف فارس، ضمن جيش الحصين هذا.
التقى الحر مع الحسين عند جبل ذي حسم. ثم قال الحر: إني لم أؤمر بقتالك، وإنما أمرت ألا أفارقك حتى أقدمك الكوفة، فإن أبيت فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة، ولا يردك إلى المدينة حتى أكتب إلى ابن زياد. فسار الحر بأصحابه في ناحية، والحسين في ناحية أُخرى.
انتهى الاتفاق بينهما حينما وصل كتاب ابن زياد إلى الحر يأمره بالتّضييق على الحسين، وأنْ يُنزله بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء.
لما رأى الحر منطق الحسين خلال تلك الأيام، ونقض الكوفيين لعهودهم، ومنعهم الماء عن معسكر الإمام، تأثر بذلك وقرر ترك جبهة الباطل والالتحاق بركب الحسين.
فلما أخذ ابن سعد يجهز الجيش ويعين القادة، أوكل قيادة بني تميم وبني همدان إلى الحر بن يزيد. استعد الجيش للقتال، فلمّا رأى الحرّ بن يزيد أنّ القوم قد صمّموا على قتال الحسين وسمع صيحة الحسين، تقدم إلى عمر بن سعد وخاض معه حوارا، حتى إذا رأى تصميمهم رجع يقول: «اللّهمّ إليك أنَبْتُ فتُبْ عَلَيّ، فقد أرْعَبْتُ قلوب أوليائك وأولاد بنتِ نبيّك!». ثم قال للحسين: «جُعلتُ فداك يا ابن رسول الله، أنا صاحبك الذي حَبستك عن الرّجوع وسايَرْتُك في الطّريق وجَعْجَعْتُ بك في هذا المكان، وما ظننتُ أنّ القوم يردّون عليك ما عرضْتَه عليهم ولا يبلغون منك هذه المنزلة. والله لو علِمْتُ أنّهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركِبْتُ منك الذي ركِبْتُ، وإنّي تائبٌ إلى الله ممّا صنعْتُ، فترى لي ذلك توبةً؟»، فقال له الحسين: «نعم، يتوب الله عليك».
ثم قال الحر للحسين: «يا ابن رسول الله، كنت أول خارج عليك، فأذن لي لأكون أول قتيل بين يديك». فتقدم نحو الكوفيين، مرتجزا:
إني أنا الحر ومأوى الضيف
أضرب في أعناقكم بالسيف
عن خير من حل بأرض الخيف
وبينما هو يقاتل، وقد قتل أكثر من أربعين فارساً وراجلاً، عرقب فرسه، وبقي راجلاً، فشد عليه الرجال وتكاثروا حتى قتلوه. مسح الإمام الدم والتراب عن جبين الحر، وقال: «أنت حُرٌّ، كما سمَّتك أمُّك، حُرٌّ في الدنيا والآخرة».