حاوره: نشوان دماج / لا ميديا -
من أشهر الأصوات الإنشادية على مستوى الوطن. وبالرغم من صغر سنه، إلا أنه برز في كثير من الأعمال الإنشادية كصوت متفرد بخصوصية عذبة وإحساس مرهف. 
لم يتوقف على أداء الموروث الإنشادي اليمني، بل وضع بصماته الخاصة، بأعمال إنشادية من ألحانه، أحدها ذلك الذي احتفت به شركة يمن موبايل وجعلته نغمة لكل الاتصالات الواردة لمشتركيها: «يا صائمي رمضان».
الفنان المنشد ياسر المطري، في إطلالته ضيفاً على صحيفة «لا»، يتحدث عن تعلقه باللون الإنشادي منذ الطفولة وكيف أنه تمسك بهذا اللون دون سواه، بالرغم من مقدرته على أداء اللون الغنائي أيضاً وبسهولة كبيرة، باعتبار أن الإنشاد أكثر صعوبة من الغناء، وتلك مسألة بحسبه يجهلها الكثيرون.

لا خيرة لي في الإنشاد
 لو بدأنا حوارنا معك أستاذ ياسر حول اختيارك اللون الإنشادي ونفورك عن اللون الغنائي.. ما أسباب ذلك؟
ليس اختياري أنا، وإنما هو اختيار الله لي. لم أكن مخيرا في ذلك عندما ولدت. فقد ولدت ومعي موهبة الإنشاد فعشقت هذا اللون. كما أن اللون الغنائي بسيط وليس صعبا بصعوبة اللون الإنشادي. هذه مسألة يجهلها الكثير من الناس. فاللون الإنشادي مميز بقوته وجماله بدون أي مساعدة موسيقية.

تحت نوافذ الجيران
انطلاقة المنشد ياسر المطري متى بدأت وكيف كانت؟ وهل كان هناك ميل للغناء؟
اكتشفت موهبتي في الإنشاد عندما كنت في الرابعة من عمري. كانت تشدني الأناشيد التي تبث من إذاعة صنعاء، وكان صوت المذياع يسمع عاليا. فأستغني عن اللعب وأذهب إلى المكان الذي يأتي منه صوت المذياع، إما تحت نوافذ الجيران أو أي مكان قريب، وألزم ذلك المكان حتى ينتهي الموشح... لم أكن أميل إلى الغناء، بالرغم من أن لدي القدرة على الخوض في الغناء وبشكل منافس؛ ذلك لأني تربيت على الأصعب وهو الإنشاد اليمني. ولكن النشيد لم يترك لي المجال في ذلك، لأنه أخذني إلى عالمه بشكل كامل. والفضل في ذلك لله وللمشايخ المعلمين رعاهم الله ورحمهم رحمة الأبرار.

عرفت المقامات من أم كلثوم والسنباطي
 دراستك للمقامات ومعرفتك بالشعر والأوزان.. ما الذي خلقه كل ذلك من دوافع عندك للإنشاد؟
في البداية عرفت المقامات عندما كنت أستمع في صغري إلى رواد اللون الشرقي وأبرزهم أم كلثوم والسنباطي وغيرهما من المطربين. واستمعت أيضاً إلى مقرئين أبرزهم محمد رفعت. وهذا اللون ساعدني أيضاً على التمييز بين المقامات بشكل كبير، إلى جانب ما درسته بصحبة بعض الزملاء. كل ذلك ساعدني عند الممارسة على تجاوز الصعوبات في الصوت في مرحلة البلوغ بنجاح. كما أن مجالسة من يكبرونني في السن من المثقفين وهواة الشعر حفزتني على مطالعة دواوين الشعر، فساعدني هذا على معرفة الأوزان والبحور الشعرية وتذوق الشعر. ومن مجالسة أساتذة النحو والصرف استفدت الشيء البسيط، ومازلت مستمراً في التعلم.

سيد الألوان
  أي ألوان الإنشاد هي الأقرب إليك؟
كل الألحان التي أسمعها أو أحفظها عندما أنشدها أو أشدو بها أحس أنها الأقرب إلي. ولكن اللون الصنعاني هو سيد الألوان الإنشادية بالنسبة لي.

المرتضى أولهم
ما علاقتك بالشعراء والمنشدين الآخرين؟ وأي منهم تعاملت معه واشتركت معه فـي أعمالك الفنية؟
أول من كتب لي الشعر هو الأستاذ المبدع حسن المرتضى. وفي أول إصدار لي، والذي يحتوي على ثمانية أناشيد، بعضهن كانت من أشعار الأستاذ حسن المرتضى. وهناك قصيدة للشاعر الأستاذ محمد الآنسي. ولا أنسى هنا تقديم الشكر والتحية لكل الشعراء الذين تعاملت معهم ومازلت أتعامل معهم، منهم الإعلامي الأستاذ حمود شرف الذي اشتركت معه في أعمال كثيرة، وكذلك الأستاذ عبدالحفيظ الخزان.

عذوبة لا تمل منها
  ما هي رؤيتك لمستقبل الإنشاد؟
مستقبل الإنشاد سيتطور إذا كان هناك جهود أكثر من كل المبدعين المنشدين، وهو الآن متصدر، ولن يسقط هذا الفن لأنه ثري بأصالته وعذوبة ألحانه. كلما تمر السنون يتجدد، ففيه روح جميلة، لا تمل من سماعه الآذان. أشكر الأستاذ العزيز عبدالعظيم عز الدين، والأستاذ أسامة الأمير، وكل من وثقوا بإبداعهم من خلال الفن الإنشادي. وكذلك لا أنسى أن أشكر الأستاذ علي محسن الأكوع الذي جمع قصائد الإنشاد في كتاب اسمه شعر النشيد الصنعاني، وجعله في متناول الكل من الراغبين في تعلم الإنشاد ومحبي المطالعة.

صعوبات كثيرة وتقصير رسمي
  حدثنا عن طبيعة الصعوبات التي يعانيها الإنشاد في اليمن ودعم الجهات المعنية من عدمه؟ وهل ترون الريـع المادي للأعمال التي تقومون بإنتاجها مناسباً؟
الصعوبات واضحة وجلية، منها الافتقار إلى شركات إنتاجية متمكنة نستطيع من خلالها إنتاج الأعمال، بدءا من التسجيل إلى الكليب دون اللجوء إلى الشركات الخارجية التي تطلب مبالغ هائلة. وأيضا هناك تقصير من جانب الجهة الرسمية المختصة من الدولة، ليس هناك اهتمام في السابق ولا حاليا باحتواء المبدعين لهذا الفن، شعراء ومنشدين ومؤرخين وغيرهم، بالشكل المناسب واللائق. وأريد أن أذكرهم بمسألة مهمة، وهي أن هناك ديواناً معروفاً اسمه «زهرة البستان في مخترع الغريب من الألحان»، فيه أخطاء مطبعية في أوزانه الشعرية. وصاحب هذا الديوان غني عن التعريف؛ إنني أتحدث عن الشاعر والملحن جابر رزق. فأتمنى إعادة مراجعة الديوان وإخراجه بشكل سليم خال من الشوائب. أتذكر الأستاذ عبدالرحمن العمري، عندما اجتمعنا في مقابلة إذاعية في «آفاق إف إم»، قال لي إنه على استعداد تام لتصحيح الأخطاء الموجودة في الكتاب بشرط أن يكون هناك مساعد وداعم رسمي أو شخصي لطباعته مرة أخرى.

دافع قوي في المواجهة
  ما هو دور الإنشاد فـي تكريس العمل المقاوم والتصدي للعدوان؟ وهل هو دور تعبوي أم توعوي؟
الإنشاد لم يخلق لأجل التسلية، بل هو موجود لأهداف. وقد لاحظنا كيف استطاع الإنشاد أن يعطي دافعا قويا في مواجهة العدوان. وهو مؤثر جدا إذا وُجّهَ بشكل صحيح وهادف. فدور الإنشاد توعوي بطريقة فنية. قال هذا الوصف الشاعر الكبير صلاح الدكاك حفظه الله.

تراثنا مكتمل ولا يحتاج زخرفة وتجميلا
 إدراج الآلات الموسيقية فــي العمل الإنشادي.. كيف ترى ذلك من وجهة نظرك؟ وهل يمكن أن يؤثر على العمل الإنشادي المعتمد فقط على الصوت؟
هي ألحان وموشحات جميلة لها جوها الخاص، كاملة لا تحتاج إلا إلى صوت وإحساس مبدع في أدائه. هناك مشاركات في دول أوروبية لكبار المنشدين اليمنيين أنشدوها بدون موسيقى فكانت المفاجأة أن المجتمع الغربي انذهلوا من جمال الألحان التي يطرب المستمع عند سماعها وتشجيه حتى يدمع أو يفرح أو يبتهج أو يتحمس. تراثنا لا يحتاج إلى زخرفة وتجميل، فهو مزخرف ومكتمل. الواقع يشهد على ذلك. فنحن عندما نعمل عملاً إنشاديا تراثيا ونُدخل عليه موسيقى، صحيح أن الناس يطربون له، ولكن لديهم مشكلة مع الموسيقى، فهم يريدونه بدون موسيقى. وأعتقد أن من حكمة الأولين أن جعلوه بهذا الشكل المتفرد والجميل. هذا هو الواقع. وقد تؤثر الموسيقى بنسبة بسيطة عليه في مرحلة معينة، لكنه يعود من جديد وبقوة.

توظيف لصالح محور المقاومة
  هل هناك سعي من قبل المنشدين أو الجهات المعنية لتصديـر الأعمال الإنشادية اليمنية على مستوى محور المقاومة؟ وإذا كان هناك صعوبات تعترض ذلك فما هي تلك الصعوبات؟
هناك توظيف مناسب لبعض الأناشيد ومشاركتها مع محور المقاومة من قبل فرقة أنصار الله، ولا أعرف إن كان هناك صعوبات تذكر.

إحياء الموالد
 دور الموالد في تكريس اللون الإنشادي.. هل مازال للموالد تأثير وأهمية في الوقت الحاضر؟
كان هناك محاربة للموالد حتى على مستوى مقايل القات بأنها «بدعة». فبدأ الناس يتخلون عن هذه العادة، بالذات من بداية العدوان. ولكن الله أحيا هذه الذكرى بالرجال الصالحين، وعلى رأسهم السيد العلم عبدالملك بدر الدين حفظه الله الذي شد الناس إلى صاحب الذكرى والرسالة الخالدة، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله. فكيف بقوم لا يهتمون بشخصية الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، كيف سيكون منهاج هذه الأمة! منهاج ليس له أي معنى أو هدف. فالمولد يحكي عن بطولات رسول الله صلى الله عليه وآله وعن سيره وخطاه وأخلاقه وقيمه ومواجهته للظلم والظالمين. ومن هو معلمنا وقدوتنا إذا لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

أطمح إلى شركة إنتاج وحفلات عالمية
 ما الذي تطمحون إليه على المستوى الشخصي وعلى مستوى الإنشاد اليمني عموماً؟
بعون الله وتوفيقه، أطمح أن أمتلك شركة إنتاجية فنية أستطيع من خلاها أن أقدم رسائل تفيد هذه الأمة وأخدم بها دين الله بالشكل السليم والمطلوب مني أمام الله، وأن أعمل حفلات كبيرة في مختلف بلدان العالم أظهر فيها جمال تراثنا الإنشادي.

أعمال على مدار السنة
 ما الأعمال الفنية التي أنتجتها؟ وما هي المواسم التي تكون هي المناسبة لإنتاج أعمالك؟
هناك أعمال وجدانية توعوية ووطنية وعيدية. وأنتجت بفضل الله أدعية أيضاً للإمام زين العابدين علي بن الحسين سلام الله عليهم جميعا. أما بالنسبة للمواسم، فليس هناك مواسم معينة فالإنتاج يكون طوال السنة. وعندما لا يكون هناك تزاحم في الأعمال الشخصية تكون الفرصة مناسبة لإنتاج الأعمال الفنية. أيضاً مواكبة الأحداث مهم: رمضان ومناسبة الحج والأعياد وغيرها.

اكتساب ذاتي
 كيف اكتسبت موهبة التلحين؟ وما هي الأعمال التي قمت بتلحينها؟
كثرة الاستماع والممارسة تكسبك الخبرة في أي مجال. وأغلب الأعمال التي أنتجتها بفضل الله هي من ألحاني.

الأول في  «نجم الإنشاد»
  ما طبيعة المسابقات التي شاركت فيها بأعمالك الفنية؟
عندما شاركت في مسابقات إنشادية لم يكن لدي أعمال فنية خاصة. وفي أول مشاركة لي في مسابقة الألوان من اليمن فزت بالمركز الثاني. وفي مسابقة إنشادية أخرى هي «نجم الإنشاد»، شاركت بألحان من التراث وحصلت على المركز الأول على مستوى الجمهورية، عام 2012.

شاركت في «مجزرة تنومة»
  ما هي مشاركاتك في المسلسلات والدراما؟ ومن هو صاحب فكرة إدخال النشيد في مسلسل «أبواب صنعاء»؟
أول مشاركة لي هي في مسلسل درامي إذاعي بعنوان «مجزرة تنومة» أحمل شخصية الجمال حادي العيس، ونال إعجاب الكثير والحمد لله. أما أول مسلسل درامي اجتماعي مرئي فهو «أبواب صنعاء». ولكن كنت بفضل الله المعد للموسيقى التصويرية للمسلسل كاملاً. كانت فكرة الأستاذ عبدالله الوشلي عندما اختاروا موقع التصوير للمسلسل في صنعاء القديمة. حيث أراد أن تكون الموسيقى التصويرية تراثية. أعدت إعداداً جيداً ونجحت الفكرة بشكل كبير. ذلك الفضل من الله.

اليوتيوب ووسائل التواصل هي السبب
  هل كان لقناتك في اليوتيوب دور في إشهارك كمنشد؟
بلا شك دورها كبير. وبطبيعة العمل كمنشد، فإن الاحتكاك بالناس كان هو السبب الأول في معرفة الناس بالمنشد ياسر المطري. ووسائل التواصل الاجتماعي هي أسباب سخرها الله، ونعمة يستطيع الإنسان من خلاها نشر الشيء المفيد والجيد، والذي يعبر عن ثقافته ووعيه وانتمائه. ولا أنكر أنها كانت مساعداً رئيسياً، والشكر موصول لكل المتابعين والمهتمين والمشتركين أيضاً.
 ما الذي أضافه انخراطك في المسيرة القرآنية من رصيد؟
أنتجت كثيرا من الأعمال وتوسعت مداركي في كثير من الأشياء التي كنت أجهلها.
  كلمة أخيرة تود قولها أو إيصالها من خلال صحيفة «لا»..؟
أشكرك وأشكر طاقم الصحيفة الرائع وأحيي اهتمامكم بالإنشاد والمنشدين والمبدعين، وتمنياتي لكم بمزيد من التفوق والنجاح، وأسأل الله أن يحفظ بلادنا وأن ينصر المجاهدين في سبيله، وأن يوفقنا ويسدد خطانا وأن يتقبل منا اليسير ويسامحنا على التقصير.