تقرير: مارش الحسام / لا ميديا -
الابتزاز والاستغلال والغش أسلوب تنتهجه محطات الكهرباء التجارية لمعاقبة مشتركيها، بما يخالف القوانين والقرارات وحتى الأعراف الاجتماعية، فيما تستمر وزارة الكهرباء والطاقة بإصدار القرارات والبيانات والتصريحات الإعلامية العاجزة عن ضبط مخالفات وتجاوزات تجار الكهرباء، الذين يُبدون الرفض المطلق لتلك القرارات.

حسنة بعشر سيئات
ظهور الكهرباء الخاصة سبب مباشر ونتيجة مباشرة للعدوان، الذي بدأ في العام 2014 بالتدمير الممنهج لقطاع الكهرباء، ما أسفر عنه خروج منظومة الكهرباء الحكومية عن الخدمة، ودفع المواطنين لاستخدام الشمع مؤقتاً قبل اللجوء للطاقة الشمسية، التي لم تكن تغطي احتياجهم من الطاقة، لتبدأ بعدها حقبة الكهرباء الخاصة. ويعتبر العام 2017 تاريخ الولادة الحقيقية لمولدات الكهرباء الخاصة، التي أنارت أغلب حواري أمانة العاصمة. وقتها كانت العودة القريبة للكهرباء الحكومية ضرباً من المستحيل، وهو ما جعل بديلتها الخاصة كبادرة أمل مرهون عليها حل مشاكل الطاقة؛ ولكن سرعان ما خاب الرهان على تلك المولدات، باعتبار أن حسنة واحدة بعشر سيئات مازال يعاني من ويلاتها المواطنون منذ قرابة خمس سنوات، وتنوعت ما بين فرض رسوم اشتراك أسبوعي أو نصف شهري نظير استخدامهم للتيار، إضافة إلى رفع مجحف لتعرفة الاستهلاك، وكذا فرض منظومة عدادات مخالفة للمواصفات تبالغ في قراءة الاستهلاك.

خمس سنوات من الصعق والقرارات
طوال هذه السنوات الخمس التي يصعق فيها المشتركون بتيار الكهرباء الخاصة، أصدرت وزارة الكهرباء ما لا يحصى من القرارات، التي «تطنشها» محطات التوليد بخصوص إلغاء رسوم الاشتراك أو تخفيض تعرفة الكيلووات.
قرار إلغاء رسوم الاشتراك، الذي اعتادت وزارة الكهرباء أن تصدره بين فترة وأخرى وأحياناً مرتين في السنة، صدر لأول مرة في 2017، وهو العام الذي شهد ظهور المولدات الخاصة.
منذ صدور ذلك القرار وحتى اليوم لم تتوقف الوزارة عن تعزيزه بقرارات أخرى هي الأخرى لم تطبق حتى اليوم.
وأواخر العام الماضي، وتحديداً في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، أعادت الوزارة إصدار النسخة الثالثة أو الرابعة من القرار ذاته، الخاص بإلغاء رسوم الاشتراك؛ إلا أن هذا القرار وبنسخه السابقة واللاحقة لا يدل فقط على فشل وزارة الكهربـــــــــاء وعجزها عن ضبط سوقها، وإنما يدل على أن مثل هذه القرارات تخضع فقط لأمزجة مالكي المولدات. وحسب مواطنين فإن الاشتراك في بعض المحطات يصل إلى 2100 ريال وبعضها 1500 أو 1000 ريال.

غير جديرة بالمسؤولية
فيما كان ينتظر المواطنون ردة فعل الوزارة، التي كان يتحتم عليها أن تفي بوعدها بمحاسبة المخالفين، فاجأتهم بقرار آخر لم يفاجئ مالكي محطات الطاقة. فبعد أيام من إصدارها قرار إلغاء رسوم الاشتراك نهاية العام الماضي، أصدرت الوزارة قراراً آخر، وفي الشهر ذاته (تشرين الأول/ أكتوبر)، حمل الرقم (123) وقضى بخفض سعر الكيلووات الحكومي إلى 200 ريال، والتجاري إلى 260 ريالا. وكالعادة اختتمت الوزارة قرارها بالتهديد والوعيد ذاته، وهو ما رفضته نقابة ملاك محطات الكهرباء الخاصة، التي اعتبرته قرارا باطلا لا يلزمها تخفيض تعرفة استهلاك الكهرباء.
تلاشت ثقة المواطنين بوزارة الكهرباء في إنقاذهم من جشع ملاك محطات الكهرباء الخاصة، وصارت الوزارة وقراراتها محل تندر وسخرية، كونها لا تستطيع أن تحكم سوقها.
واعتبر مواطنون ومراقبون أن الوزارة غير جديرة بالمسؤولية الملقاة على عاتقها، وخصوصاً في هذه الظروف الاستثنائية، واعتبروها وزارة فاشلة تعجز عن ضبط شركات تعمل تحت إدارتها.

إن عدتم عدنا بكذبة أبريل
في حين يواصل مالكو المحطات ابتزاز واستغلال المشتركين، وبعد الارتفاع الذي طرأ على سعر الكيلووات بداية هذا العام، إذ وصل سعره إلى 500 ريال في أغلب المحطات، دشنت المحطات جرعة سعرية جديدة أوصلت سعر الكيلووات إلى 600 ريال، مضاف إليها رسوم الاشتراك.
أمام هذه التجاوزات والانتهاكات بحق مستهلكي التيار الكهربائي الخاص، عادت وزارة الكهرباء لإصدار القرارات! وربما ليس من قبيل المصادفة أن تنتظر الوزارة شهر الشائعات (نيسان/ أبريل) لتساهم فيه بكذبتين: الأولى: تخفيض تعرفة الاستهلاك، والأخرى محاسبة المخالفين.
مطلع الشهر الجاري، وضمن شائعات نيسان/ أبريل، أطلقت وزارة الكهرباء شائعة تقر فيها تسعيرة جديدة للكهرباء التجارية بقيمة 420 ريالاً للكيلووات، وذلك عقب تزويد المحطات الخاصة بكمية من الوقود، وتدعو المستهلكين للإبلاغ عن المخالفين عبر الرقم المجاني (800014) أو الرقم (777105515).
وطبيعة «كذبة أبريل» تنكشف بغروب شمس اليوم الذي أطلقت فيه. وبالمثل كان مصير كذبتي وزارة الكهرباء بتخفيض التسعيرة ومحاسبة المخالفين، الذين تتوعدهم الوزارة منذ خمس سنوات، فرسوم الاشتراك مازالت سارية على كاهل المشتركين، وسعر تكلفة الاستهلاك مازالت مجحفة، وليس هذا فحسب طالما وهناك عدادات مغشوشة تسرق ما تبقى في جيوب المواطنين.

عدادات مغشوشة بتواطؤ الوزارة
تعمل مولدات الكهرباء الخاصة بمنظومة مولدات خاصة بتكاليف الاستخدام التي يراها كثير من المستهلكين مجحفة وتبالغ في قراءة الاستهلاك.
وكانت صحيفة «لا» قد نشرت، في عددها (484) بتاريخ 22/ 7/ 2021، تصريحاً خاصاً لمصدر مسؤول في وزارة الكهرباء أكد فيه أن هناك تواطؤاً كبيراً من قبل وزارته لإحلال المحطات الخاصة محل الكهرباء الحكومية.
وأضاف المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن شخصيات من العيار الثقيل باتت منزعجة من العودة التدريجية للكهرباء الحكومية، كون المصالح الشخصية لبعض مسؤوليها مرهونة بحرمان الدولة من مئات الملايين التي يستولي عليها تجار الكهرباء الخاصة بشتى طرق النصب والاحتيال على المواطنين، وباستخدام عدادات مشبوهة تبالغ في احتساب استهلاك المشتركين.
وأكد أن أغلب العدادات التي تستخدمها محطات الكهرباء الخاصة غير مطابقة للمواصفات، وأن كثيراً من أصحاب المحطات، وكنوع من الغش التجاري، يلجؤون إلى استخدام عدادات مغشوشة رديئة الصنع تبالغ في احتساب قيمة الاستهلاك، فيما آخرون يتعمدون التلاعب بالمكونات الداخلية للعداد من أجل تسريع قراءة الاستهلاك.
وأضاف قائلاً: «في أكثر من مناسبة طرحنا مثل هذه المواضيع على قيادات بالوزارة، وقدمنا إثباتات وأدلة على استخدام محطات الكهرباء الخاصة عدادات مغشوشة ومخالفة للمواصفات والمقاييس، وقدمنا صوراً لبعض هذه العدادات وهي منصوبة على المنازل... لكن للأسف كانوا يردون بالقول: ليس من اختصاصنا ضبط الجودة، وإنما من اختصاص الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس».

الكيلو بـ600 ريال
أحد مشتركي الكهرباء الخاصة أكد أنه يدفع 1200 ريال شهريا كرسوم اشتراك، وأن المحطة رفعت سعر الكيلووات مؤخرا إلى 600 ريال.
وقال إن ارتفاع أسعار المشتقات ينعكس على ارتفاع أسعار الكهرباء؛ ولكن ليس بهذا القدر.
وتابع: «المشكلة أنه حتى حين تنخفض أسعار المشتقات وفي حال توفرها تظل تسعيرة الكيلووات مرتفعة ولا تنزل».
وأضاف أنه لا توجد رقابة على فواتير الكهرباء، التي تطبع حسب أمزجة ملاك المولدات، محملاً وزارة الكهرباء كامل المسؤولية أمام الله والمواطن.
أحد ملاك المولدات -رفض ذكر اسمه أو اسم محطته- قال إن رسوم الاشتراك تذهب كمرتبات للموظفين، وأكد أنه يدفع أمولاً طائلة شهرياً كضرائب لوزارة الكهرباء.
وتابع: «الديزل غير متوفر على الدوام، وأحياناً نشتريه بمبالغ خيالية». واشترط لتخفيض رسوم الاشتراك أو الاستهلاك، تخفيف الضرائب عليهم من قبل وزارة الكهرباء، وتموينهم شهرياً بالديزل بالسعر الرسمي.