لا ميديا -
أبو همدان قنبر بن حمدان، مولى أمير المؤمنين عليه السلام وخادمه. من طلائع الصادقين. كان رجلاً عابداً ورعاً، عارفاً متكلّماً لسناً مدافعاً عن الإمام علي وأهل البيت.
كان من خواص الخواص عند أمير المؤمنين عليه السلام، لذا قالت كتب السِّيَر إنه لما اختلى أمير المؤمنين عليه السلام بولديه الحسن والحسين ليوصيهما لم يكن حاضراً أحد إلا قنبر.
تولى بيت مال المسلمين في الكوفة في خلافة أمير المؤمنين عليه السلام، ووقف إلى جانبه في الملمات. وكان من قادة «شرطة الخميس»، وشارك في صفين، وقد دفع إليه الإمام علي لواءً يوم صفّين.
كان عندما يُسأل: مولى مَن أنت؟ يقول: أنا مولى مَن ضرب بسيفين، وطعن برمحين، وصلّى القبلتين، وبايع البيعتين، وهاجر الهجرتين، ولم يكفر بالله طرفة عين.
قال الحجاج يوماً: إني أحب أن أُصيب رجلاً من أصحاب أبي تراب فأتقرب إلى الله بدمه! فقيل له: لا نعلم أحداً بقي ممن هم أطول صحبة لعلي من قنبر! فقال الحجاج: عليَّ به! وفعلاً أُلقي القبض عليه وجاؤوا به إلى الحجاج فأغلظ عليه في الكلام وسجنه، وبعد أيام قال: اعرضوا عليه البراءة من علي! فأبى قنبر، فجيء به إلى الحجاج وكان مجلس الحجاج غاصاً فقال الحجاج: يا قنبر، أخبرني ما كان بينك وبين علي بن أبي طالب! فقال قنبر: كنتُ أحضر وضوءه. فقال الحجاج: ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه؟ قال قنبر: كان يتلو هذه الآية: {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ}. فقال الحجّاج: كان يتأوّلها علينا؟! فقال: نعم. فقال الحجاج: ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك؟ قال قنبر: إذن أسعد وتشقى. فتمزق الحجاج من شدة الغضب وهاج أمام الناس وصاح: وماذا أخبرك صاحبك يا قنبر؟ فقال: أخبرني مولاي أمير المؤمنين بأن ميتتي ستكون ذبحاً بغير حق.
فأمر الحجاج جلاده وقال: اذبحه كما تذبح الشاة. فذُبح كما تذبح الشاة، وقطع رأسه رضوان الله عليه.