تقرير: نشوان دماج / لا ميديا -
يسعى الاحتلال السعودي بكل السبل لتدويل الملف الاقتصادي في المناطق المحتلة وجعل بنك عدن تحت إشرافه مباشرة، بعد الترتيبات الأخيرة التي أقرت في الرياض مع رئيس حكومة الارتزاق. إجراءات شكلية لا تقوم على أي أساس منهجي أو علمي، وإنما تشكل ظاهرة سرعان ما ستتحول إلى انتكاسات؛ هكذا يصف خبراء اقتصاد ما خرج به رئيس حكومة الارتزاق في الرياض بعد اجتماعه بنائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان مما سماها حلولاً للفشل الذريع في السياسة المالية طيلة الفترة السابقة.
أكدت قوات الاحتلال السعودي سعيها لتدويل الاقتصاد اليمني، بعد ترتيبات للإطاحة بالعميل هادي ونائبه والتشبث برئيس حكومته، المرتزق معين عبدالملك.
وأكد خالد بن سلمان، مسؤول ملف العدوان على اليمن، أمس، توجه بلاده لتدويل الاقتصاد اليمني، في خطوة تشير إلى مساعي الاحتلال السعودي تقاسم عائدات وثروات اليمن في المحافظات المحتلة مع أطراف دولية، بعد أن ظلت تستحوذ عليها لسنوات.
وكان البنك الدولي نشر من مقره في نيويورك موازنته لليمن للعامين المقبلين، ما أثار جدلاً كبيراً.
وفي تصريح صحفي أشار ابن سلمان إلى أن بلاده تدرس "تدويل الاقتصاد اليمني" وتشجيع من وصفهم بالمانحين للمشاركة في إدارته. 
وتأتي تصريحات ابن سلمان عقب لقاء مع المرتزق معين عبدالملك استجاب فيه الأخير إلى كل إملاءات السعودية وشروطها، وأبرزها التحكم وإدارة فرع البنك المركزي في عدن المحتلة بإشراف من قبل سفير الاحتلال محمد آل جابر.
من جهتهم، شكك خبراء اقتصاد في جدوى إجراءات وزارة مالية حكومة الارتزاق وبنكها المركزي في الحد من تدهور العملة في المناطق المحتلة، والتي قالوا إنها ستكون محدودة.
وأضاف الخبراء أن تلك الإجراءات شكلية ولا تقوم على أساس بحثي علمي، وإنما تشكل ظاهرة سرعان ما ستتحول إلى انتكاسات.
واستغربوا -في الوقت نفسه- من حديث وزير المالية في حكومة العمالة، المناصفة، المرتزق سالم بن بريك، عما سماها الإصلاحات والسياسات المالية، معتبرين أنها لا تمتّ إلى الواقع بِصلة، وأن الحديث عنها هو من باب إسقاط الواجب ولفت أنظار المانحين إلى زيادة الدعم الذي يذهب إلى خزائن مسؤولين ونافذين في حكومة الارتزاق، لاسيما أن بن بريك هو الآخر طلب مزيداً من الدعم في سبيل ما قال إنها محاولة استدامة المالية العامة واستقرار الوضع الاقتصادي، وتحسين الإيرادات التي وصفها بالشحيحة جداً، وذلك خلال اتصال له بسفراء الاتحاد الأوروبي.  
وانتقد باحثو اقتصاد السياسات المالية لحكومة العمالة عموماً، وخصوصاً ما يتعلق منها برفع سعر الدولار الجمركي من 250 ريالاً للدولار إلى 500 ريال، وعدم مراعاة شحة الموارد، إضافة إلى انتقاد حجم النفقات الخاصة بموظفي البنك المركزي بعدن، ووزارة المالية، والتي تفوق قدرات المالية العامة في وقت يشكو المواطن البسيط من عجز هذه الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها وتلبية الاحتياجات الضرورية للمواطنين.
وحذَّر خبراء الاقتصاد من تسبب تراجع قيمة العملة في زيادة معدل التضخم لمستويات قياسية، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر، مذكّرين بتقارير الأمم المتحدة التي أكدت أن البلاد تعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم وأنها مرشحة للتصاعد.
وعلَّق الخبراء على ما يسمى البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، بأن ما يعلن عنه مجرد مشاريع وهمية، لا وجود لها في الواقع، كما تطاله أيادي العبث من القائمين عليه إلى جانب هوامير القطاع المالي في حكومة العميل هادي.
وسبق أن حذرت تقارير أممية –في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي- من انهيار غير مسبوق للاقتصاد في المناطق المحتلة وتفاقم الأزمة المعيشية، مضيفة أن ما يصل إلى 4 ملايين شخص قد انخفضت مساعداتهم الغذائية، بحسب نائب منسق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة راميش راجاسنغهام، والتي جاءت خلال إحاطة تقدم بها آنذاك أمام مجلس الأمن الدولي، مضيفاً أن أكثر من 20 مليون يمني -وهم ثلثا السكان تقريباً- يحتاجون إلى مساعدات إنسانية على وجه السرعة.
في السياق، عبَّرت نقابة المهندسين اليمنيين في عدن -في بيان لها، الاثنين- عن رفضها القاطع لما وصفتها بسياسة التجويع التي تهدف إلى تركيع أبناء المحافظات المحتلة، وأكدت وهم الإجراءات الشكلية غير الجوهرية للسياسات المالية وحرف مسار الحقيقة عن إخفاقات حكومة الارتزاق إلى الحديث عن معالجة اقتصادية. 
وأشارت النقابة إلى أن وزارة مالية الارتزاق وبنكها الذي تم نقله إلى عدن في 18 أيلول/ سبتمبر 2016، "لم يتبعا سياسة مالية واقتصادية وإدارة موارد تقوم على قاعدة اقتصاد الحرب، وبما يجنب البلاد التأثيرات السلبية، بل على العكس زادت الضغوط الاقتصادية مقابل عدم اتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد وتشديد الرقابة الإدارية والمالية".
وكانت حكومة الارتزاق أعلنت عن ارتفاع قيمة العملة مقابل الدولار إزاء الوديعة الثانية التي اعتمدها الاحتلال السعودي، وهو الأمر الذي اعتبره خبراء الاقتصاد مجرد إجراءات شكلية ليست مبنية إلا على حلول ترقيعية مؤقتة سرعان ما ستتحول إلى انتكاسة أخرى أسوأ من سابقاتها.