حاوره: نشوان دماج / لا ميديا -
عندما يكون الشعر مَشرقاً، يغيب التكلف وتحضر الفطرة والبساطة في أبهى تجلياتهما. ضيفنا في هذا الحوار أحد أولئك المشرقيين الذين رضعوا الشعر منذ الصغر. تأثر بوالده الذي كان شاعراً هو أيضاً، وكان لاطلاعه على كتابات معظم شعراء الشعبي والفصيح في اليمن وخارج اليمن دور كبير في تنمية مقدرته الشعرية، فخرج على النمط التقليدي واتخذ له طريقاً خاصاً.
الشاعر عبدالرقيب علي عبد ربه الوجيه، من مواليد 1975 رداع   البيضاء. رئيس نقابة شعراء البيضاء وعضو اتحاد الشعراء اليمنيين. درس المرحلة الأساسية في البيضاء لينتقل إلى صنعاء مكملاً الثانوية. ثم التحق بالجامعة ليحصل في 1998 على ليسانس تاريخ من كلية الآداب. كتب الشعر منذ أن كان طالباً في الابتدائية، وظل يواصل مشواره حتى وصل إلى صوته الخاص به. شارك في عدد من مهرجانات الشعر وحاز فيها على المركز الأول. كما حاز في 2020 على لقب شاعر الصمود. له أكثر من 120 عملاً فنياً لعدد من المنشدين، أبرزهم أحمد صالح الريمي وأبو ذياب معوضة والمنشد السعودي ناصر الخميلي. كما له الكثير من القصائد المزوملة، مثل «نسخة لهدهد سبأ» و»عاصف الحق» بصوت عيسى الليث، و»رداع البطولة» لحسين الطير. 
صحيفة «لا» التقت الشاعر عبدالرقيب الوجيه في حوار شيق حول العديد من محطات حياته الشعرية، فإلى الحوار:

نقطة تحول مفصلية
 لو بدأنا حوارنا مع الشاعر عبدالرقيب الوجيه من انضمامه إلى اتحاد الشعراء اليمنيين بقيادة ضيف الله سلمان.. ما الذي مثله ذلك الانضمام بالنسبة لك؟ وأي انعكاس كان له في الطرف الآخر؟ 
في البداية كل التحية والتقدير لصحيفتكم الرائعة ممثلةً بكل القائمين عليها دون استثناء لدورها الملموس وخصوصاً اهتمامها بالجانب الأدبي والموروث اليمني الأصيل ودور الأقلام الحرة في الملحمة الوطنية التي يخوضها الوطن ضد تحالف العدوان الأمريكي الصهيوني المتمثل في أدواته القذرة من الأنظمة المتصهينة والعميلة، ولي كل الشرف أن يكون اسمي حاضراً في سطور صحيفتكم المتميزة. 
وبما أنه قد ورد اسم الهامة الوطنية والمجاهد النبيل رئيس اتحاد الشعراء والمنشدين الأستاذ ضيف الله سلمان، وجوباً علي توجيه كل التحية والتقدير والاحترام لشخصه الكريم من خلال منبركم الوطني نظراً لما لمسته من دماثة أخلاقه وجهوده الكبيرة والحثيثة التي يتفانى في القيام بها بكل ما أوتي من قوة والتي نرى ثمارها فوق المتوقع بكثير على الساحة الأدبية الجهادية،ـ وانضمامي إلى الاتحاد هو تكريم وشرف ما بعده شرف وقد كان نقطة تحول مفصلية جمعتني بإخوتي الشعراء المجاهدين في خندق الصمود والتصدي للعدوان الخبيث وجعلتني ولأول مرة أشعر بهذا الإحساس أن كل حرف أكتبه لا يقل عن رصاصة المجاهد في ساحة المعركة، أي يجب التمعُّن والتصويب الدقيق في اختيار الحرف والمفردة لكي تصيب هدفها ويكون لها الوقع المؤثر في كبد العدو، أما بالنسبة لانعكاس انضمامي إلى الاتحاد على الطرف الآخر فالمعني بالتقييم لست أنا فالشاعر لا يعرف قيمة ما قدمه إلا من خلال الآخرين خصوصاً زملاءه المشهود لهم والذين لهم بصمات مشهودة في الساحة. 

«بايجي يوم»
 في 2018 وجهت لك دعوة من رابطة شعراء الخليج.. ما العروض التي تم طرحها عليك في هذا الصدد؟ وكيف تعاملت معها؟
نعم وجهت لي دعوة من رابطة شعراء الخليج عن طريق الشاعر السعودي المعروف مانع بن شلحاط وسعد بن فيصل السهلي، وهما عضوان مؤسسان وإداريان في الرابطة، وأخبراني أن الرابطة اختارتني ممثلاً لليمن لدى الرابطة، وأن علي السفر مع أسرتي للإقامة في السعودية وهم سيتكفلون بكل شيء، وأخبراني أن الرابطة تضُم ثمان دول عربية من ضمنها الأُردن والسودان باستثناء قطر. ولكن بعد أن قمت بنشر قصيدة «بايجي يوم» كان لها ردة فعل سريعة وخيبت أملهم في استمالتي وضمي إلى الرابطة.
 قصيدة «بايجي يوم» التي تحدثت عن معاناة المغترب اليمني في السعودية وشنت هجوماً على النظام السعودي.. هل نستطيع القول بأنها شكلت قطيعة مع الفعاليات الشعرية الخليجية؟ وكيف كان وقع تلك القصيدة عليهم؟
قصيدة «بايجي يوم» كانت وليدة جلسة مع أحد الإخوة المغتربين والذي التقيته بالصدفة ولم أكن أعرفه من قبل، هو أحد مواليد السعودية كما ذكر لي وعمل في مجال السيارات ما يقارب 20 عاماً، واختلف مع كفيله السعودي فكان يبتزه تدريجياً إلى أن وصل به الحال لعدم قدرته على دفع ما يطلبه منه كفيله، فقام بالإبلاغ عنه، ومن ثم تم إلقاء القبض عليه والاستيلاء على كل ما تبقى من ممتلكاته وترحيله دون قيد أو شرط لدرجة أنه وصل المنفذ اليمني وهو لا يمتلك سوى 70 ريالاً سعودياً، ولم يستطع أن يصل إلى قريته إلا بعد أن تواصل مع أحد أصدقائه وطلب منه أن يحوٍّل له على وجه السرعة مصاريف طريق وقام بتحويل 2000 ريال سعودي لكي يتمكن من العودة إلى أهله في القرية. وشرح لي طريقة تعامل السلطات هناك والإجراءات الاستثنائية التعسفية التي يتعرض لها المغترب اليمني والتي لا يسعني ذكرها. وكان لقصته وقعها في نفسي لدرجة أن مطلع القصيدة أتى في مخيلتي وهو على وشك الانتهاء من الحديث، وبمجرد نشر القصيدة تواصل معي الأخ والصديق الشاعر أبو ذياب معوضة له كل التحية مبدياً إعجابه بالنص ويستأذن مني أن يقوم بإنشادها وقام بأدائها في وقت قياسي وتم نشر العمل اليوم الثاني مباشرةً فقابلوها في رابطة شعراء الخليج بامتعاض شديد خصوصاً أنهم تفاجأوا بسرعة التحوُّل غير المتوقع، وكانت بالفعل سبب القطيعة في ما بيني وبينهم. 

«النبطي» أقل جودة من «الشعبي اليمني»
  باعتبارك كنت مشاركاً بارزاً في مسابقات الشعر الخليجية.. كيف تقيم شعراء الخليج والشعر النبطي؟
الشعر النبطي أمام الشعر الشعبي اليمني يبدو لي كأنه يفتقر إلى كثير من الأدوات والمميزات والجماليات ولا يتقيد بمعظم الأحكام التي يتقيد بها النص الشعبي اليمني، ويبدو الشعر النبطي لمن يجيد الشعر الشعبي اليمني كشعر المبتدئين لبساطته وعدم التزامه بالقيود كاستخدام الياء النسبية والملكية عند افتقار الشاعر للمفردة الأصيلة في آخر القافية، وأحياناً يلجأ شعراء النبطي في الخليج إلى الاعتماد على التلاعب بالإيقاع السماعي في الإلقاء لإخفاء عيوب الوزن أحياناً.

حضور في كل الجبهات
 هناك عشرات الأعمال التي أداها منشدون خليجيون لك، أمثال ناصر الخميلي، ما هي أبرز المواضيع التي كنت تتناولها في قصائدك تلك؟
معظم المنشدين الخليجيين يبحثون عن اللون «الغزلي» و»الفخر»، وكنت أكتب الألوان المطلوبة، ولكن كان الوطن حاضراً في قصائدي وله نصيب لا بأس به في كتاباتي إلى أن انضممت إلى الاتحاد، ابتعدت تماماً عن كل الألوان تماماً وجندت قلمي في خندق الوطن مع إخوتي الشعراء المجاهدين، وحتى الآن وبإذن الله حتى تشرق شمس النصر المبين ونتغنى في محافل الظفر القريب وتخلِّد الأقلام ملحمة الحسم التاريخية المرتقبة.
 هل هناك فارق في المواضيع بين قصائدك الآن وقصائدك السابقة؟ وأين تكمن تلك الفروق؟
أكيد هناك فرق؛ في السابق كنت ألجأ أحياناً لتقمص دور ما واللجوء للخيال لكي أعيش اللحظة لإيجاد موضوع القصيدة، أما الآن فالوطن والملاحم الجهادية للأبطال والصحوة الإيمانية الملحوظة تولد في الساعة أكثر من فكرة وتجد في اليوم الواحد ما يجعلك حائراً أي عنوان قد تباشر الكتابة عنه. وكلما كتبت قصيدة أشعر بحضوري في كل الجبهات.

أقلام باليستية
  ما الذي شكله العدوان في قصائد الشاعر عبدالرقيب الوجيه؟
العدوان في قصائدي هو من يستهدفني ديناً وأرضاً وإنساناً، وأنا فدائي في سبيل ديني وأرضي وعرضي وكرامتي، جندي مجند في سبيل الله قلماً وسلاحاً وعقيدة.
  متى حصلت على لقب شاعر الصمود؟ وهل كان لهذا اللقب خصوصيته عن سواه من الألقاب التي حصلت عليها في المسابقات الخليجية؟
تشرفت بنيل لقب شاعر الصمود عام 2020، وله خصوصيته المتفردة جداً، أولاً كونه في مرحلة مفصلية وفارقة في تاريخ شعبنا اليمني العظيم نظراً لما يتعرض له وطننا الحبيب وشعبنا المجاهد من عدوان صهيوني أمريكي ظالم، وثانياً كون المنافسة كانت في ملحمة وطنية لا نظير لها استشعرنا من خلالها مدى الإحساس بالثقة ونحن نقف بأقلام لا يقل وقع حبرها فاعلية في الجبهات عن الصواريخ الباليستية التي تدك معاقل العدو.

النضال الأدبي في ملحمة التحرر
 كيف تصف أول مشاركة لك في المحفل الوطني من خلال قصيدة «هذا اليمن» بمناسبة ذكرى مجزرة الصالة الكبرى؟
أول مشاركة لي في المحفل الوطني من خلال قصيدة «هذا اليمن» بمناسبة ذكرى مجزرة الصالة الكبرى كانت بداية تدشين مرحلة النضال الأدبي والانخراط في الفيلق الجهادي الثقافي وخوض ملحمة الكرامة والتحرر في خندق واحد مع إخوتي من الشعراء والأدباء الذين أكرمهم الله وكانوا السباقين إلى هذا الخندق وكانت لهم بصمات خالدة.

رداع.. موطن الشعر
  بمن تأثر الشاعر عبدالرقيب الوجيه؟
كان لتجربة والدي الشعرية (رحمة الله عليه) أثرها في تعلقي بكتابة الشعر، علاوةً على أن انعكاس طابع البيئة المحيطة كان له تأثير مباشر كون مجتمعنا في «رداع» يعتبر الشعر عنصرا وموروثا حاضرا بقوة. نادراً ما يوجد من لا يكتب الشعر في القبيلة. وكان لاطلاعي على كتابات معظم شعراء الشعبي والفصيح في اليمن وخارج اليمن دور كبير في تنمية مقدرتي الشعرية.

فوق الوصف
  علاقتك بالشاعر صالح الأحمدي؟
علاقتي بأخي وصديقي الشهم النبيل الأستاذ صالح عباد الأحمدي «أبو عصام» فوق الوصف لها ما لها من بعد أخوي حميمي إلى أقصى حد.
ومن ناحية أخرى لا أُبالغ إذا ما قلت إنه يعتبر مدرسة متكاملة تكاد أن تتفرد برونقها ونكهتها عن كل الألوان الحاضرة في الساحة الأدبية، علاوةً على أن له رصيدا مشرِّفا في مناجم القصيدة اليمنية وحضورا يمنيا وإقليميا مشهوداً ومعلقات شعبية خالدة. أوجه له كل التحيَّة والتقدير من خلال سطوركم الحرَّة فهو شرف كبير لكل صديق له أو من تشرَّف بالتعرف عليه والجلوس معه. 

«نسخة لهدهد سبأ»
  هل هناك قصائد لك تم إنشادها وزوملتها؟ وما هي تلك الزوامل؟
نعم، زامل «عاصف الحق» أداء المجاهد عيسى الليث، زامل «نسخة لهدهد سبأ» أداء المجاهد عيسى الليث. «رداع البطولة» أداء المجاهد حسين الطير. وهناك عدد لا بأس به من القصائد المسجلة. ولي في السابق ما يزيد على المائة عمل على يوتيوب، ولكني أعتبر إنجازي الذي أعتز به هو الجانب الجهادي. 

  كلمة أخيرة لكم عبر صحيفة «لا»؟ 
كل التحية والتقدير لشخصكم الكريم أخي الأستاذ نشوان دماج ولكل هيكل الصحيفة بلا استثناء من أعلى هرم الإدارة وحتى حواف القاعدة على لفتتكم الكريمة وجهودكم الحثيثة في اختيار المواضيع الهادفة والإسهام الفعال في تقديم الصورة الناصعة للثقافة اليمنية. وفقكم الله وسدد على طريق الخير خُطاكم.