العدوان أثر على الرياضة اليمنية بشكل كبير

حاوره: طلال سفيان / لا ميديا -
نجم سطع اسمه طويلا في سماء الكونغ فو، متألقا وبطلا متوجا بألقاب وميداليات وكؤوس الذهب.
منصور لوزة المقاتل الذي ترك مضمار اللعب والانتصار إلى مضمار صناعة الأبطال اليمنيين وتصديرهم إلى كل محافل اللعبة القتالية في العالم.
هذا التنين اليمني أطلق عليه اسم أسطورة القتال الخالدة "بروس لي" نتيجة لنجومية وإداء شجاع ومثابرة بعزيمة لا تكل ولا تنهزم ومعهن ملامح أسيوية.
صحيفة "لا" التقت مع بروس لي الروح وجاكي شان الحركة ولوزة التاولو في حديث أفضى بالكثير عن ذكريات جيل الووشو الذهبي وهموم اللعبة القتالية على واقع ما تمر به اليمن من ظروف جد صعبة.

 كيف جاء اختيارك للعبة الكونغ فو؟
- في البداية، أرحب بك وبصحيفتكم الموقرة. حكايتي مع الكونغ فو بدأت من الطفولة وتعلقي بأفلام بروس لي وجاكي شان، عام 1995. التحقت بمركز الإيمان وتدربت على يد المدرب القدير الكابتن نبيل الجوفي، ثم انتقلت إلى جامعة صنعاء مع اللاعبين المتقدمين في ذلك الحين، وبقيت هناك حتى أصبحت الكونغ فو ذات انتشار في العاصمة صنعاء وبعدها بقية محافظات الجمهورية، وأصبحت اللعبة معروفة للصغار والكبار.
 بعد اعتزال اللعب إلى أين اتجهت؟
- بعد أن كنت لاعب منتخب لسنوات عدة، اتجهت مباشرة للتدريب، وعملت مدرباً للمنتخب الوطني للكونغ فو لفترة معينة، ثم مدرباً في مراكز اللعبة منذ عام 2007 وحتى اليوم.

أسرة كونغ فو
 عائلة لوزة اشتهرت بإنجاب أبطال الكونغ فو. ما السر في ذلك؟
- شقيقي بسام أحب اللعبة من حبه لي، أنا أخوه الكبير، كنت آخذه منذ كان صغيراً للنادي للتدريب، وهكذا استمر ليواصل بعدها طريقه نحو العالمية، حيث شارك في بطولتين في الصين وحقق فيها مراكز، وهو الآن يعد من أفضل اللاعبين المميزين في المنتخب الوطني. وبالنسبة لولديَّ كريم ولؤي أنا أحببت أن يكونا لاعبين في المجال ذاته.
 ماذا لو كانا لاعبين في رياضات أخرى؟
- لا. في قاموسي أفضل أن يكون أبنائي لاعبين في اللعبة التي لعبها والدهم، وهم يلعبون كرة القدم وأنا أشجعهم.
 كيف تتوقع مستقبلهما في اللعبة؟
- بإذن الله إذا تحسنت الأوضاع وفتحوا لنا المجال بمساعدة الواعدين، فأنا أتوقع إن شاء الله أن يكونا أفضل مني ويصلان للعالمية كعمهما بسام وليس فقط كما وصل والدهما للآسيوية.

اعتراض مصري
 من الذي أطلق عليك لقب "بروس لي" اليمن الذي اشتهرت به؟
- لقب بروس لي اليمن أطلق عليَّ أثناء مشاركتي في بطولة الكونغ فو الأفرو آسيوية بجمهورية مصر عام 2002. في تلك البطولة كان المصريون يقولون عني بأني صيني ولم يصدقوا إني يمني واحتجوا على مشاركتي مع منتخب اليمن، حتى سألوا وتأكدوا من أوراقي الرسمية ولهجتي الصنعانية، حتى أن الجمهور المصري كان يهتف ضدي في كل لقاء أخوضه، وهذا ما أثر عليَّ وجعلني أحرز المركز الثالث في البطولة، ومن يومها أطلقت الصحافة والجماهير عليَّ اسم بروس لي اليمن.
 هل أحببت هذا اللقب الذي يمثل اسم أحد أعظم أساطير اللعبة والرياضة في العالم؟
- بروس لي بالذات هو حلم لي منذ صغري أن أكون مثل هذا البطل الأسطورة، والحمد لله مع وصول مستواي هذا أن يقوم الناس بإطلاق لقب "بروس لي" عليَّ. بروس لي فيلسوف في مجال الألعاب القتالية، فقد أدخل الجيكواندو، وهو فن الدفاع عن النفس، وطبعاً هو لم يأخذها من الكونغ فو فقط، بل من جميع الألعاب القتالية كالتايكواندو والكاراتيه والكيك بوكسينج.
 من كلامك وحماسك يبدو أنك ملم بحياة الأسطورة بروس لي...؟
- أنا متابع لقصة حياته وفلسفته، كما تابعت أفلامه كاملة، ومنها المسلسل الصيني الأخير الذي يحكي عن حياة بروس لي.

الأسطورة المطاطية
 هل من أبطال آخرين أعجبت بهم؟
- نعم، جاكي شان، الرجل المطاطي، أيضاً أعتبره نجمي وأسطورتي، أسلوبه ممتع في الهجوم والدفاع أو كما نسميه نحن اليمنيين فن المراوغة. حركات جاكي شان في التاولو الصعبة الممتعة في آن هي سبب عشقي للكونغ فو. أيضاً هناك الممثل دون يون الذي مثل دور آي بي مان في أربعة أجزاء، وهو أسطورة الكونغ فو في الوقت الحالي، لقد عبر عن الكونغ فو بأسلوب راقٍ.

غياب الإمكانيات الفنية
 هل سنرى بطل كونغ فو يمنياً يتجه للتمثيل؟
- عندنا في اليمن لا توجد الإمكانيات الحقيقية في مجال الدراما والسينما وتوظيفها للرياضيين، لكن لم لا؟! نحن لدينا الكابتن حمدي اليريسي بطل الكونغ فو الذي اتجه لدراسة الإخراج السينمائي والتلفزيوني ومثل في الفيلم القصير للحوار الوطني وأبدع فيه، كما أنه أشركنا أنا والكابتن أمين مسعود وعدداً من الرياضيين في هذا الفيلم الذي حصل على المركز الأول، كما قمنا نحن بعمل مقاطع (أكشن) أنتجها المدرب الصيني لمنتخبنا وعرضت في اليوتيوب ولقيت استحساناً كبيراً.

السيف الجنوبي
 ما هو أكثر أسلوب في الكونغ فو وجد فيه نفسه منصور لوزة؟
- أنا أحببت السيف العريض (السيف الجنوبي)، لأنه أسلوب راقٍ، كان معي في هذا الأسلوب الكابتن عصام الحيمي، لكن أنا اتجهت باكراً للتدريب كمساعد للمدرب الصيني لمنتخبنا اليمني، بينما الكابتن عصام استمر في اللعب وواصل التألق في هذا المجال.

حزن وفرح
 لحظة قاسية بالنسبة لك وأخرى أسعدتك في مشوارك مع الكونغ فو...؟
- هناك لحظة لم أكن أتمناها وذلك في البطولة الأفروآسيوية في مصر، حزنت كثيراً عندما وضعتنا القرعة أمام بطل إندونيسي هو بطل عالمي يمتلك تكنيكات وأداء عالٍ، وأنا كنت في بداية مشواري في الساندا وأول بطولة لنا على مستوى الخارج، رغم أنه كان بيننا أربعة لاعبين، لكن من سوء الحظ وضعتني القرعة في مواجهته، ومع هذا واجهته وخسرت المواجهة أمامه بأداء مشرف. وأسعد اللحظات عندما كنت أرى علم اليمن مرفرفاً خلال البطولات الخارجية التي كنا نتوج بها، وخاصة في البطولة العربية في الأردن وكنت فيها مساعداً للمدرب الصيني وتحقيقنا للبطولة وارتفاع نشيد اليمن ورأيته لحظة التكريم. كان قلبي يرجف وعيوني تدمع لا شعورياً لحظتها.

الجيل الأفضل
 كنت ضمن جيل ذهبي يمني في رياضة الكونغ فو...؟
- نعم، لقد كان جيلنا هو الأفضل، كان هناك حمدي اليريسي، وعصام الحيمي، وأمين مسعود، ويوسف الخضري، وبسام الصبري، ومحمد وناجي الأشول، وهلال وزيد، ربنا يرحمهما... كان جيلاً ساده الحب وتوفرت له سبل الدعم. لم يكن ذلك الجيل كما جيل اليوم الذي واجهته وواجهت الرياضة اليمنية بشكل عام الظروف الصعبة بسبب العدوان على البلاد. في أيام لعبنا كان النشاط مستمراً، مثلا كنا في العام الواحد ننظم خمس بطولات منها بطولة النخبة وبطولة المنتخبات، وكان كل لاعب يعد نفسه ويطور أداءه من بطولة إلى بطولة تليها، حتى أن المنتخب اليمني خلال السنوات من 2007 وحتى 2010 إذا شارك في بطولة عربية يحقق المركز الأول. كم أتمنى أن يعود هذا الجيل المميز لحقل التدريب حتى تستفيد منهم البلاد في تطوير ورقي اللعبة!
 إلى أين اتجه رموز وأبطال كونغ فو اليمن بعد اعتزال اللعب؟
- بالنسبة لي أنا اتجهت للتدريب، وبالذات التدريب في مراكز الواعدين التابع لوزارة الشباب والرياضة. وكذلك اتجه ناجي الأشول للتدريب، ويوسف الخضري اتجه للمجال الفني الإداري ضمن المجال الرياضي، وهناك من ترك مجال اللعبة لاعباً أو مدرباً نتيجة الظروف الصعبة.

إشكاليات تدريبية
 كيف تجري الأمور التدريبية معكم في الوقت الحاضر؟
- لدينا فترات معينة في التدريب. سابقاً كان يجرى التدريب طوال أيام الأسبوع وكان الإقبال كبيراً. وفي ظل الظروف الراهنة الإقبال قليل والتدريب يجرى لفترات محدودة، مثلا من الثالثة عصراً حتى السادسة، لأن أولياء أمور المتدربين يريدون أن يكون أبناؤهم لديهم قبل حلول المغرب، وهذه الإشكاليات تضعنا بمساحة ضيقة ومعاناة من الصعوبات في تطوير اللاعبين. كما أن العديد من اللاعبين يستمر معك شهرين أو ثلاثة ثم ينقطع نهائياً. لا توجد بطولات حتى يستمروا ويتحفزون للتطوير، وهكذا نعود من جديد مع لاعبين جدد وتستمر الإشكالية نفسها.
 لكن في السنوات الأخيرة لاحظت انتشاراً واسعاً وبالذات في العاصمة صنعاء لمراكز الألعاب القتالية الخاصة...؟
- نعم، ظهرت العديد منها لتدريب ألعاب الكونغ فو والتايكواندو والكاراتيه والموتاي والبنجاك سيلات وفق الامكانات المتاحة، معظمها تجرى في بدرومات؛ من سيؤجر لك صالة كبيرة أو هنجر؟! وإن وجد من سيقدر على دفع تكاليف إيجاره العالي؟! هذا صعب. مدربو المنتخبات والمراكز ليس لديهم رواتب أو ما يكفي أجرة موصلات للذهاب إلى صالات التدريب منذ انقطاع رواتبهم في الصندوق عام 2018. الآن سمعنا أن المدير التنفيذي لصندوق رعاية النشء والشباب الأستاذ علي القاسمي سيخصص حوافز للمدربين، واللهم اجعل هذا الخبر خيراً، لأنه لو صح هذا الخبر فإنه سيعمل نقلة نوعية للمدربين في ظل ما تواجههم من ظروف معيشية صعبة.
 بالمناسبة لماذا لا نرى الكونغ فو في الأندية الرياضية بقدر نشاطها حصريا في المراكز؟
- الكونغ فو تعتمد في الأساس على المراكز. عندما كنا نذهب إلى الأندية لإدخال اللعبة إليها لم نجد الصالات التي تساعد على التدريب، وتكون صالات الأندية إما صغيرة وإما في البدروم، والكونغ فو وبالذات التاولو يحتاج لصالات مفتوحة للمساعدة على القفز وألا يكون هناك أعمدة حتى لا تقيد اللاعب عن أداء الحركات.
 هل تتوقع أن يكون هناك جيل يضاهي جيلكم؟
- أتوقع في حالة واحدة، إذا وجدنا الدعم من وزارة الشباب والرياضة وأيضا الاهتمام من الاتحاد العام للعبة بالنسبة للجيل الجديد.

الكونغ فو تسمية غربية
 وماذا عن الاتحاد اليمني للووشو والكونغ فو؟
- بالنسبة لاتحادنا نشكر الكابتن محمد راوح رئيس الاتحاد العام لما يقوم به من متابعة لفتح الصالة التدريبية لاتحاد الكونغ فو. رغم الصعوبات المالية التي يواجهها الاتحاد، منها دفع الإيجارات، إلا أن الكابتن محمد أصر أن تظل الصالة مفتوحة وتواصل نشاطها، والحمد لله الصالة مفتوحة والمدربون موجودون والكل متفاعل.
 على ذكر الاتحاد، كان سابقاً يسمى اتحاد الكونغ فو، واليوم اتحاد الووشو والكونغ فو. هل هناك فوارق استدعت هذا التغيير؟
- الووشو هي التسمية الصحيحة لهذه الرياضة، بينما الكونغ فو تسمية غربية، ووشو معناها الحركة المستمرة وتنقسم اللعبة إلى "ساندا" قتال قانوني و"تاولو" وهو قتال وهمي وحركات مثل الكاتا في الكاراتيه والبومزا في التايكواندو وهي أساليب حركية وكانت تسمى قديما أساليب حيوانية، والآن عملوا 10 أساليب في التاولو محددة للمشاركة في البطولات ومنقسمة ما بين جنوبي وشمالي.

لكل لاعب أسلوبه
 بماذا كان يتميز رفاقك كل في الأسلوب القتالي للعبة؟
- في البداية نأتي لبسام الصبري وكان يتميز بالنانشوان والعصا الشمالية ومبدع فيهما، وحضرت في بطولة مصر كحكم دولي وشاهدت كيف أبهر الجميع وحقق المركز الأول بعد أن حصل على الدرجة النهائية، وأيضا في هذا الأسلوب بزيادة الرمح كان حمدي اليريسي. ويوسف الخضري أنا أطلق عليه ملك التاي جي حتى أنه شارك في أولمبياد وحقق مراكز جيدة، وعصام الحيمي أبدع في السانشوان والسيف العريض الجنوبي، وصدام الرحومي في الرمح، وكان معنا لاعب متميز بالسلسلة اسمه سلطان اليماني لكنه انقطع، والجيل الذي بعدهم جاء أخي بسام لوزة وأبدع في السانشوان والسيف العريض والعصا الشمالية.

رياضة على مدار اليوم
 يا ألله كم تبدو لي هذه المصطلحات صعبة! دعنا نسألك كيف تمضي يومك؟
- من بعد صلاة الفجر وحتى الساعة السادسة صباحا أقوم بتدريب بعض الأشخاص على اللعبة، ثم أذهب لأداء عملي في قطاع الرياضة بوزارة الشباب، وعصرا أذهب مع أولادي للتدريب في المركز وهكذا. في شهر رمضان المنصرم استدعانا الكابتن عدنان الريمي مع بعض الزملاء كضيوف على معهد صنعاء للكاراتيه. بحق لقد استمتعنا وسعدنا كثيراً بهذه المشاركة بالتدريب في مركزه وتدريب اللاعبين أيضاً عنده. بحق الكابتن عدنان يمتلك روحاً جميلة وكذلك مبادرات رائعة.
 يا حبذا لو تحدثنا عن قرابتك مع نجم الزمن الجميل لكرة القدم اليمنية المرحوم علي الحمامي!
- الكابتن علي الحمامي الله يرحمه ويوسع قبره هو عمي أبو زوجتي. أنا أعتبر الكابتن علي الحمامي أسطورة الكرة اليمنية وأحد مؤسسي كرة القدم في الوطن. لقد كان لاعب نادي أهلي صنعاء المميز وعاشقاً لهذا النادي بشكل لا يتصور. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى كان عمي متعدد المواهب الرياضية، فقد كان لاعب كرة طائرة ولدي صور وهو يتوج بكأس الشرطة، وأيضاً كان لاعباً في تنس طاولة وكرة السلة وكان مبدعاً ومحترفا في هذه الألعاب، وهذه أعتبرها موهبة من الله.
 كلمة أخيرة كابتن...؟
- أتمنى أن تعود الرياضة بشكل عام إلى عهدها السابق وأفضل، وتكون اليمن بأفضل حال وسلام وأمن ورخاء. كما أحب أن أشكر صحيفة "لا" وجميع طاقمها على هذا التميز والنجاح. وأشكرك يا صديقي على هذه الاستضافة في صحيفة "لا".


سجــل بطولــي
منصور أحمد علي لوزة
- مواليد صنعاء القديمة.
- بكالوريوس تربية بدنية تخصص علم تدريب.
- متزوج ولديه 3 أبناء.
- موظف بوزارة الشباب والرياضة.
- بطل الجمهورية عام 1995.
- المركز الأول في البطولة التأسيسية في وزن 52 كجم عام 1998.
- بطل الجمهورية عام 1998.
- حقق المركز الثالث في البطولة الأفرو آسيوية التي جرت في جمهورية مصر عام 2002.
- أحرز 5 ذهبيات و4 فضيات مع نادي وحدة صنعاء.