حاورته: دنيا حسين فرحان / لا ميديا -

من السهل أن تكون لاعب كرة قدم، لكن من الصعب أن تصبح نجما. هذه المقولة تنطبق على نجوم سطروا المجد على المستطيلات الخضراء. ومن هؤلاء الكبار يبرز اسم عمر البارك كأحد أبرز من أنجبتهم الملاعب اليمنية والذين حفظتهم الجماهير خلال تلك المسيرة الذهبية لرياضتنا الوطنية.
البارك المهاجم الهداف الأسطورة كما أطلقت علية الجماهير الرياضية، نجم يصعب تكراره، وتاريخ حافل بالعطاء الكروي، ومباريات لا تغيب عن ذاكرة كل عشاق الكرة اليمنية.
صحيفة "لا" تلتقي اليوم سلطان الكرة اليمنية في حديث شيق تتابعونه في السطور التالية.

مع القوات المسلحة ضد الوحدة
 حدثنا عن عمر البارك وبداياته مع عالم كرة القدم!
- عمر محمد علي البارك، مواليد 1969، محافظة أبين مديرية لودر، أب لـ5 أولاد 3 صبيان وبنتين، بدأت من الحارة ثم المدرسة حتى جاءت الخدمة العسكرية عام 1984 والتحقت بها وبفريق القوات المسلحة، وكان فريقاً ذهبياً وفريق نجوم، والكل كان يتمنى أن يلعب في صفوفه.
شاركت في أول مباراة مع فريق القوات المسلحة ضد فريق الوحدة، وكانت من أجمل المباريات وفاتحة خير على عمر البارك، ومن بعدها أصبح اسمي يذكر لدى الجماهير اليمنية، وأصبحت نجماً من نجوم الكرة.
لعبت مع فريق القوات المسلحة 3 مواسم، بعدها انتقلت لنادي التلال في التسعينيات وساهمت مع زملائي في إحراز عدد كبير من البطولات، كما انتقلت عام 2000 إلى نادي أهلي صنعاء وساهمت في ذلك العام في إحراز أهلي صنعاء بطولة الدوري والكأس عام 2000 -2001، وشاركت مع المنتخبات حتى عام 2007. والحمد لله كانت المشاركات مع المنتخبات والأندية أكثر من رائعة وحققت من خلالها الشهرة وحب الجماهير وهذا كنز كبير بالنسبة لي.
 أجمل المباريات في ذاكرة عمر البارك...؟
- كانت في تصفيات بطولة الناشئين في الكويت عام 1988 أمام المنتخب العماني، وسجلت فيها 3 أهداف، ومع المنتخب السعودي الذي كان من أقوى الفرق العربية حينها وتعادلنا معه 2/2 وسجلت هدفي المنتخب الوطني. هاتان المباراتان هما اللتان قربتا عمر البارك للجمهور. بعد ذلك صارت بطولة المالديف بنفس العام مع نفس المنتخبات وأحرزت في هذه البطولة لقب الهداف بـ7 أهداف.

عشق الهجوم
 هل اخترت مركز لعبك كمهاجم في الفريق أم أن هناك من ساعدك على هذا لاختيار؟
- أنا من اللاعبين العاشقين للهجوم، وفكري تركز على كيفية أن أكون مهاجماً. نادراً ما أكون في المركز الدفاعي عندما يتطلب الأمر، لكني منذ بداياتي كنت الهداف، وأحيانا أصبح صانع ألعاب عندما يتطلب مني الأمر.
عندما ذهبت إلى نادي التلال كانوا بحاجة لصانع الألعاب المتميز، خاصة بعد اعتزال الكابتن أبو بكر الماس، والحمد لله أديت دور المهاجم وصانع الألعاب وبما يرضي جماهيرية عمر البارك.

تتلمذت على أيدي كثيرين
 مدرب أثر في مسيرتك وشجعك منذ البداية...؟
- المستوى الذي وصلت إليه ليس بفضل مدرب واحد فقط، فقد تعاقب عليّ عدد كبير من المدربين واستفدت منهم خاصة في البداية مع نادي عرفان من خلال الكابتن المرحوم قاسم محمد عمر وأحمد سالم حسين وأخي الأكبر علي البارك الذي كان سندي وقوتي وقدم لي كل الدعم والتشجيع لأصبح لاعباً.
أما على مستوى المنتخبات وفرق القوات المسلحة فقد كان الكابتن صالح هزاع هو الشخص الذي أعطاني أولى الفرص للانتقال للمنتخب، كما كان الكابتن عوضين هو الأب الحنون. ولا أنسى الدكتور عزام خليفة والرائع عبدالله عبده الذي بالفعل كان كأب، أب لنا، وكان يأتي لنا إلى الأرياف ليعلمنا أبجديات الكرة. وهناك أيضا مدربون كثر تدربت على أيديهم وكلهم أعطوا شيئاً جميلاً في مسيرة عمر البارك.
 ما هي العوامل التي هيأت لكم الأجواء لتقديم مستويات كبيرة في كرة القدم؟
- في الزمن الجميل الذي كنت ألعب فيه كان اللعب بسيطاً، كان النجوم متواجدين في كل ناد وكنا نفهم اللعب إضافة للموهبة التي يمتلكها اللاعب كانت عاملاً مساعداً في بروز اللاعب وتقديمه المستوى الأفضل.

لكل مباراة حساباتها
 حارس مرمى أو مدافع كنت تحسب له حساباً قبل المباريات؟
- أنا كلاعب أحسب لكل مباراة حساباً خاصاً، لكن قد تحصل مباريات تفوق التوقعات كمباريات الدربي بين التلال والوحدة، فكان هناك عدد من اللاعبين الذين نحسب لهم حساباً، منهم الكابتن خالد عفارة، أيضا كمال صالح، وكثير من اللاعبين، وذلك وفق حساب وقتي في المباراة.
 هل كنت من اللاعبين الذين يتبعون قواعد اللعب النظيف؟
- الحمد لله كنت من اللاعبين الذي يحبون اللعب النظيف، لذلك لم أتلق بطاقات كثيرة في المباريات التي لعبتها في الأندية والمنتخب.
في حياتي ومسيرتي الكروية حصلت على بطاقة صفراء واحدة فقط، بسبب مركزي كمهاجم، وبطاقة واحدة حمراء بسبب خطأ غير مقصود، وهذا طبيعي لأي لاعب بسبب الاحتكاك مع لاعبي الفريق الآخر.

جيل محظوظ إعلامياً
 هل حصلت مع جيلك على التغطية الإعلامية المطلوبة؟
- جلينا من الأجيال التي حصلت على إعلام قوي أفضل من الجيل السابق. نحن جئنا على تطور القنوات والمعلومات والانفتاح في نقل وتغطية الأخبار على مستوى المنطقة العربية والقارة الآسيوية، الخليج العربي وقارة آسيا، وهذا ما أعطانا حافزاً قوياً. أيضا الصحف تطورت في طريقة طرح الأخبار والإخراج وعمل الملحقات الرياضية، بعكس الفترة التي سبقتنا، لم يكن هناك نقل للمباريات والتغطية الإخبارية كانت نادرة. لكن نحن كجيل صاحب تطور هذه التقنيات كنا الأفضل نوعا ما مقارنة مع ما يعيشه جيل اليوم مع ثورة السوشيال ميديا.

تدريب بلا تأهيل
 كابتن، بعد اعتزالك خضت تجربة التدريب ثم تواريت فجأة عن المشهد. هل هذا يعني فشلك في خوض هذا المجال؟
- للأسف اللاعب عندنا عندما تنتهي مسيرته الكروية في لعب كرة القدم لا يوجد له تطوير في حياته الرياضية بعد ترك اللعب كأخذ دورات تدريبية بالشكل المطلوب، خاصة النجوم المرموقين، أيضا التدريب له عوامل ليس كل لاعب كان متألقاً ونجماً بالضرورة أن يكون مدرباً ناجحاً. هذه نظرية خاطئة. التدريب له مقومات أساسية كأن يوجد لديك مجموعة من اللاعبين الجيدين بالإضافة للإمكانيات الجيدة التي تتوفر لك من قبل الإدارات حتى تساهم في الإنتاج.
بعد الاعتزال ذهبت إلى سيئون، لكن هناك الموهبة ضعيفة جدا ولم تساعدني. عملت أيضا في الميناء وهلال جعار وعملت في أكثر من ناد، لكن للأسف التدريب في اليمن غير صالح، لأنه لا يوجد تأهيل كاف للمدربين بالشكل المطلوب.

الظروف الاقتصادية سبب تدهور الرياضة
 برأيك متى بدأ انحدار الكرة اليمنية؟ وما هي المشاكل التي نعاني منها الآن؟
- في زمننا كانت الحياة بسيطة وشجعتنا على خلق بؤرة رياضية خصبة. متطلبات الحياة الاجتماعية والأسرية كانت بسيطة، عكس اليوم الذي صارت فيه الحياة صعبة وساهمت في إضعاف كرة القدم وإمكانيات اللاعب.
اليوم يأتي اللاعب للحديث عن وضعه وهو لا يوجد لديه أي إمكانيات متوفرة في محيطه. الراتب غير كاف، الظروف الاقتصادية صعبة ومرهقة، اختلاف الأزمنة هو سبب في انحدار كرة القدم في اليمن.
 ما الذي تحتاجه الرياضة للانتعاش؟
- الرياضة من أجل أن تنهض في أي دولة من دول العالم يجب أن تكون لديها رعاية من قبل الدولة بشكل سليم. ثانيا لا بد من إرساء وإعطاء الفرص في التدريب. ثالثا البنية التحتية للرياضة، فكلما وجدت المنشأة برزت الرياضة، وبدون المنشأة والتخطيط والمال والعقول والإشراف من قبل الدولة في هذا الجانب لا يمكن أن تتطور الرياضة.

غياب الرؤية والفساد
 هل تعتقد أن الدولة اليوم أعطت تنظيم البطولات والمسابقات الكروية حقها؟
- سأجيب بكل شجاعة، مع الأسف الدولة في اليمن مترددة، تعمل خطوة وتتراجع خطوتين! أتذكر المنتخب العماني حتى التسعينيات كنا نهزمه بالـ5 والـ6 أهداف، اليوم انعكست الآية وأصبح هو من يهزمنا بهذه النتيجة، لماذا؟ لأن منتخبهم تطور، لكن نحن منتخبنا انعكست عليه الظروف المحيطة من حروب وفساد الأنظمة. أيضا الدولة لدينا نظرتها قاصرة تجاه الرياضة، ولن تتطور الرياضة طالما المسؤولون على البلد رؤيتهم للرياضة بهذا الشكل.
 من وجهة نظرك ما هو الأمر الذي يزعج الجماهير الرياضية اليمنية اليوم؟
- الجماهير الرياضية ملت وضع البلاد والمشاكل والحروب والأوضاع الصعبة، وتوقف الدوري، شيء طبيعي إن كانت هناك برامج رياضية بشكل مستمر ومباريات جميلة لأندية الوطن سيعود الجمهور معها، لأن عودة الجمهور مرتبطة بشكل مباشر بعودة كل ما ذكرته.

محبة الناس كنزي الحقيقي
 ما الذي يعمله اليوم عمر البارك اليوم؟
- أنا موظف منذ عام 1990 في شركة النفط، وحاليا أعمل كمستشار قانوني للشركة. صحيح لا أكسب المال الكافي، لكن الحمد لله حياتي مستقرة وكنزي الحقيقي محبة الناس لعمر البارك. أيضا أنا من عشاق النادي الملكي ريال مدريد وفي الدوري الانجليزي ليفربول، وأتابع كثيراً من الفرق، لأنهم يعطونك الإبداع واللعب الجميل.
أحب المدافع راموس وكريستيانو وميسي أيضا واللاعب المصري محمد صلاح والسنغالي ساديو ماني وأتابعهم دائما.
 نصيحة توجهها للاعبي اليوم؟
- الموهبة اليوم ضائعة، لكن أقول للاعبي اليوم: يجب أن تتحلوا بالصبر وعدم التذمر. النجم لن يصبح نجماً إلا بالتضحية، يجب عليكم الالتزام بالتدريبات والتحلي بالأخلاق ومستوى راق وتعامل مع الآخرين باحترام وستصبح نجماً بإذن الله.
الرياضة رقم صعب وهي المتنفس الوحيد للشباب، لأنها تجذب الجماهير بدون أي استدعاء وبشكل تلقائي، لذلك أتمنى من كل الجهات الرسمية الاعتناء بالجانب الرياضي وباللاعبين، وأتمنى أن يتم بناء المنشآت الرياضية وتأهيل الملاعب الحالية، لأن الرياضة أصبحت جزءاً مهماً في حياتنا ونتنفس بها.
 كلمة أخيرة للكابتن عمر البارك يوجهها عبر صحيفة "لا"...؟
- أحب أن أقول لكافة الجهات المعنية: الناس ملت وتعبت مما يحدث للبلد والذي لا يفيد بشيء. وللجهات الرياضية أقول: لا بد من إعادة الحياة للملاعب، فإعادة الدوري وتنظيم المسابقات والبطولات الرياضية بشكل دائم ومستمر وبناء وتأهيل الملاعب والمنشآت ودعم وتشجيع اللاعبين بهذا ستتمكن الرياضة من العودة لسابق عهدها تدريجياً، وآمل أن يحدث ذلك. وفي الأخير خالص الشكر لصحيفة "لا" على هذه اللفتة والاهتمام بنجوم الرياضة القدامى.


أرقـــــام وإنجـــــازات
بدأ لاعباً بفريق عرفان بمحافظة أبين وتفتحت موهبته الكروية مبكرا واقفا خلفه شقيقه الأكبر علي، الذي اشترى له أدوات كرة القدم مشترطاً أن يحمل الفانلة رقم 9 باعتباره الرقم 9 من بين إخوته الـ5 وأخواته الـ4.
في العام 1987 انصم لفريق القوات المسلحة أثناء تأديته للخدمة العسكرية، ومع فريق القوات المسلحة خاض أولى مبارياته أمام فريق وحدة عدن مسجلاً في ظهوره الأول هدفاً وصانعاً الثاني في المباراة التي انتهت لفريق القوات المسلحة 2/1، ومع فريق القوات المسلحة أحرز السلطان عمر البارك لقب هداف الدوري في موسم 87-88 بـ13 هدفاً.
وفي العام 89 انتقل للتلال وصار واحدا من أبرز افراد الكتيبة التلالية التي خاض بها المسابقات الكروية، وحقق مع التلال أول بطولة دوري للجمهورية اليمنية عام 90 مسجلاً 16 هدفاً. كما أحرز مع فريق التلال وصافة الدوري العام الممتاز لكرة القدم عام 96 خلف وحدة صنعاء، وشارك مع التلال في البطولة الآسيوية أبطال الدوري أمام الرفاع البحريني والاستقلال الإيراني.
انتقل النجم الكبير عمر البارك في موسم 2000 إلى نادي أهلي صنعاء مساهما في ذلك العام في إحراز أهلي صنعاء بطولتي الدوري والكأس عام 2000-2001. كما شارك مع النادي الأهلي في بطولة الأمير فيصل التي جرت في السعودية ليرافق أهلي صنعاء أهلي جدة إلى الدور الثاني في البطولة التي استضافها نادي السد القطري في الدوحة والتي أبلى فيها النجم البارك بلاءً حسنا مسجلاً هدف التعادل لفريق الأهلي أمام حطين السوري بعد أن تجاوز السد القطري في الافتتاح 2/1 قبل أن يتعثر أمام مولودية وهران الجزائري 3/2.
مثل البارك المنتخبات الوطنية بمختلف فئاتها، ففي عام 1988 شارك في بطولة الناشئين بالكويت وأحرز لقب الهدَّاف برصيد 7 أهداف. وفي نفس العام شارك في كأس فلسطين ببغداد، وشارك في بطولة الصداقة والسلام التي أقيمت في الكويت عام 90 ومثل في نفس العام المنتخب في البطولة الآسيوية التي جرت في الصين. وفي العام 93 لعب مع المنتخب الأولمبي في البطولة التي ضمت باكستان والإمارات وقطر وإيران واليمن مسجلاً في البطولة 3 أهداف. كما مثل المنتخب في تصفيات كأس العالم 94 في الأردن إلى جانب العراق والأردن وباكستان والصين، والتي جرت ذهاباً وإياباً وحل اليمن ثالثاً بعد العراق والصين، وشارك في بطولة كأس الاستقلال في قطر عام 96، وكذا في تصفيات كأس العالم 98 أمام إندونيسيا وكمبوديا وأوزبكستان، كما توج عام 88 بلقب الهدَّاف في محفلين خارجيين (هدَّاف بطولة المالديف بـ7 أهداف، وهدَّاف تصفيات آسيا في الكويت)، وخاض خلال مسيرته 50 مباراة دولية سجل خلالها 30 هدفاً دولياً، وهو رقماً لم يصل إليه أي لاعب يمني حتى اليوم، وحصل خلال مسيرته الكروية على عدة ألقاب أبرزها وأشهرها لقب سلطان الكرة اليمنية.