حـاورته: دنيا حسين فرحان / لا ميديا -

من المعروف أن عدداً كبيراً من المدربين اليمنيين خاضوا تجارب عديدة في مجال التدريب لعدد من الأندية وتركوا بصماتهم في بطولات وإنجازات حققوها واستفادوا من خبراتهم في تطوير اللاعبين والمنتخب الوطني.
إلا أن هناك مدرباً سار في هذا المضمار كشخصية تمتلك الرؤية والثقافة في عالم التدريب الواسع والعميق.
الملحق الرياضي لصحيفة "لا" زار نادي الشعلة والتقى بالمدرب المتألق خالد الزامكي، الذي تحدث إلينا عن مسيرته في عالم كرة القدم والتدريب وتفاصيل أكثر في هذا الحوار الشيق.

 حدثنا عن بداياتك في كرة القدم ومتى خضت تجربة التدريب؟
-  بدأت لاعباً في نادي شعب صنعاء، وبسبب الإصابة التي تعرضت لها عام 2006، وأثناء توقفي اتجهت فوراً لتدريب ناشئي نادي شعب صنعاء، ثم انتقلت لتدريب براعم وناشئي نادي اليرموك، ثم عملت مساعد مدرب في نادي شعب صنعاء ومساعد مدرب للفريق الأول بنادي اليرموك، ثم عملت في نادي وحدة صنعاء، بعد ذلك عملت مدرباً لمنتخب صنعاء المدرسي لمدة 3 أعوام، كما توليت تدريب المنتخبين الأولمبي والأول لمحافظة صنعاء، بعدها عدت لنادي شعب صنعاء لمدة 3 سنوات متتالية قبل أن يتم استدعائي لأعمل إدارياً للمنتخب الوطني الأول، حيث عملت لمدة عام في تصفيات كأس العالم، بعدها عملت في المنتخب الأولمبي، وقبل 3 أعوام التحقت بنادي وحدة عدن كمدرب وحققت معه كأس رئيس الجمهورية وبطولة "المريسي 24"، وأخيراً استقررت كمدرب لنادي الشعلة.

الغوص في بحر التدريب
 ما الأشياء التي اكتسبتها خلال تجاربك الطويلة في التدريب وتطبقها لتحسين أداء اللاعبين؟
- كوني لاعب كرة قدم سابقاً استفدت من الخبرات التي تراكمت لدي بشكل بسيط من المدربين الذين تدربت على أيديهم في السابق، ومنهم مدربون عراقيون ومصريون أكن لهم كل الحب والتقدير والشكر.
الشيء الجميل أنه تم تأهيلي في أسرع وقت وأخذت الرخصة الدولية (C) في التدريب في قطر، وبعدها أخذت الرخصة (B) من الاتحاد الآسيوي بصنعاء، بالإضافة إلى التحاقي بدورات من الاتحاد الدولي ودورات من الاتحاد اليمني... كل هذا صقل قدراتي وأضاف لي الكثير.
لكل مدرب نهج معين. نحاول أن نقدم أساليب تتناسب مع اللاعب اليمني وإمكانياته وقدراته، لأن التدريب بشكل عام بحر كبير جدا، وبقدر الإمكان نحاول أن نبسط المعلومات بحيث نصنع جيلاً محترفاً إلى حدٍ ما نستطيع.

صناعة فريق المستقبل
 ما هي الصعوبات التي مررت بها وتجاوزتها مع شعلة البريقة؟
- بالنسبة لي أعتبر مدرباً جديداً على الساحة الكروية في محافظة عدن؛ لأن أكثر عملي كان في أندية الدرجة الأولى في صنعاء ومع المنتخب الوطني. عندما اقتحمت مجال التدريب في عدن دخلته من بوابة عريقة هي نادي وحدة عدن، الذين أوجه لهم كل التحية، فقد عملت معهم من 2017 حتى 2019، وكان الهدف الرئيسي للتعاقد معي هو تقديم فريق للمستقبل.
الحمد لله قدمنا فريقاً قوياً بل وأصبح لدينا فريقان. هذه الأشياء قدمت لي إضافات كثيرة في عدن، وأصبحت الناس هنا تتكلم عني كمدرب يبحث عن تطوير الكرة بعدن، وهذا شرف كبير لي.
بعدها تعاقدت معي إدارة نادي الشعلة. كان الهدف الرئيسي من التعاقد هو بناء فريق للمستقبل. تكلمت مع الإدارة بكل صراحة ووضوح وقلت لهم بأن البناء يحتاج إلى صبر بعكس أن تأتي لفريق يريد المنافسة، شغل المنافسة له متطلبات وشغل البناء له متطلبات أخرى، قالوا لي بأنه ليست لديهم مشكلة وأنهم يريدون فريقاً للمستقبل بإمكانه المنافسة على مختلف البطولات.
بدأت العمل وعملت على تشبيب الفريق وتصغير معدل الأعمار، بحيث يكون لدينا فريق شاب نستطيع أن نعول عليه في المسابقات القادمة.

برامج إعداد خاصة
 لديك مجموعة من لاعبي المنتخبات الوطنية بنادي الشعلة. ما هي الأجواء التي تخصصها لهم أثناء التدريبات؟
- هذه الجزئية مهمة جداً أثناء التدريب. لله الحمد لدينا تقريباً من 5 إلى 6 لاعبين في المنتخب من ناشئين وشباب ضمن الفريق الأول، وجميعهم منضبطون وملتزمون وعلى مستوى عالٍ من الكفاءة والقدرة. أيضاً لدينا لاعبون مؤهلون للانضمام لصفوف المنتخبات الوطنية بكل فئاتها العمرية.
في فترة التوقف نتيجة جائحة كورونا كنا مضطرين لأن نعد لهم برامج إعداد خاصة، منها التمارين في صالة الحديد والتغذية وكذلك الجوانب التثقيفية.
وخلال تلك الفترة كان لاعبونا جاهزين ومستعدين، وعندما تم استدعاؤهم للمنتخبات كانوا بدنيا وفنيا على مستوى عالٍ. حالياً لا يمكننا وضع برامج إضافية أخرى، لأن النشاط في البلد بشكل عام متوقف، ويجب أن يعود النشاط من أجل أن ينخرط اللاعبون في الإعداد للمنتخبات.

مسابقات "سندويتشية"
 التوقف الطويل بالتأكيد يؤثر في أداء اللاعبين، لكن هل قدمتم مقترحات للجهات المعنية بهذا الخصوص؟
- بالنسبة للأنشطة والمسابقات هناك لبس لدى البعض من الناس أو الرياضيين أو الفنيين، فهم يشعرون أن التوقف عن التمارين هو المشكلة الرئيسية، بالتأكيد هذا ليس صحيحاً، من المفترض أن تكون هناك مسابقات وأنشطة إدارة المسابقة، يجب أن تدير من 3 إلى 4 مسابقات في السنة حتى يصل اللاعب إلى 30 أو 40 مباراة، وهذا ما سيعمل له فورما تمكنه من المنافسة مع أقرانه من منتخبات الدول المجاورة.
للأسف مسابقاتنا متوقفة منذ وقت طويل. الاتحاد كان قد أعلن عن الدوري العام خلال أكتوبر الماضي، واليوم نحن في العام الجديد ولم يخرج الاتحاد بتوضيح يخبرنا فيه عن المعرقلات والأسباب. عندما أعلن الاتحاد عن هذه البطولة، أرسل لائحة وطلب من الناس ملاحظات، وأنا شخصياً قدمت لهم ملاحظات لبعض الجزئيات، ووجدنا أن تفاعلهم بطيء، بل ومختفٍ تماماً حتى الآن، وهذا يؤثر كثيراً على اللاعبين، لأنهم يتدربون طوال السنة دون أن يلعبوا في أي مسابقة رسمية.
هناك مسابقات سندويتشية، وأنا لا أعترف بها، تجرى فقط من مباراة أو مباراتين ولا تلبي الغرض ولا تعود بمردود فني كبير للاعب أو المنتخب، ولكن في النهاية نقول إنها أفضل من لا شيء.

تدريب إلكتروني
 ما الذي يحتاجه المدرب اليمني من أجل تقديم مستوى أفضل؟
- يظل المدرب اليمني مظلوماً، فهو عرضة للانتقادات الكبيرة، ويعمل في بيئة صعبة للأسف! وأوجه رسالة لزملائي المدربين بأن يؤهلوا أنفسهم ويستفيدوا من كل جديد في كرة القدم. اليوم الوسائل متاحة عبر الانخراط في دورات تدريبية، هناك مجال لمتابعة دورات عبر الإنترنت والمشاركة في ورش عمل لتزيد من ثقافتك وإلمامك بالمعلومات الجديدة.
وللقائمين على المدرب اليمني أقول: يجب أن تهتموا بالتأهيل وإقامة الدورات وتثقيف المدربين. أيضاً يجب أن يعطى للمدرب حجم خاص بالجوانب المادية. دائماً المدرب المحلي يعتبر كمدرب طوارئ! لماذا لا يعطى المدرب اليمني كل الصلاحيات مقارنة بنظيره الأجنبي الذي يتم التعاقد معه وإعطاؤه صلاحيات كبيرة جدا وفي النهاية قد يكون مردوده أقل من اليمني؟! لذلك يجب أن تكون معاملة المدرب اليمني راقية من قبل الاتحاد وكل القائمين على الكرة اليمنية وإعطاؤه الفرصة المناسبة وبالتأكيد سيقدم الأفضل.

الظروف مختلفة
 لديك متابعات لبعض المدربين العالميين. من هو المدرب الأقرب إليك؟
- كثير من المدربين الذي يعدّون أمثلة نحتذي بها، سواءً كانوا محليين أم دوليين، وبالتأكيد هناك مدربون كثر أعجب بطريقة تعاملهم مع اللاعبين، صعب أن نكون مثلهم، لأن الظروف مختلفة بشكل كامل. بالنسبة لي أحب الإسباني بيب جوارديولا وفلسفته بالكرة، لقد عمل نقلة في عالم التدريب. وعلى المستوى المحلي الكابتن محمد سالم الزريقي، الذي أوجه له التحية عبر صحيفتكم وهو يعد من أفضل المدربين اليمنيين.

الحاجة للتأهيل والتخطيط
 ما الذي تحتاجه الكرة اليمنية للعودة بها إلى الواجهة من جديد؟
- هناك عدد من المعوقات، أهمها غياب التخطيط. وللأسف القائمون على كرة القدم لا توجد لديهم رؤية واضحة تجاه هذا الأمر. نتكلم عن الإمكانيات بأنها ضعيفة. نحن يمكن أن نخطط بحسب إمكانياتنا الموجودة، ونستطيع أن نصل إلى الحد الأدنى من الأشياء التي من الممكن أن نقبلها، كرياضيين ومدربين. بصريح العبارة نحن نمضي بدون أي تخطيط، فجأة يمكن أن تقام بطولة وفجأة تلغى! أضف إلى ذلك البنية التحتية بحاجة إلى تحسين حتى نواكب المحيطين بنا ونرتقي بالمستوى العام للكرة اليمنية.

 كلمة أخيرة تود قولها عبر صحيفة "لا"...؟
-  أولاً: أحب أن أوجه رسالة إلى جميع اللاعبين في نادي الشعلة وفي مختلف الأندية اليمنية عامة: لكي تكون لاعب كرة قدم محترفاً، وليس مجرد لاعب عادي، يجب أن تتحلى بالصبر والانضباط، ويجب أن تنفذ تعليمات المدرب كما هي بالضبط، لا تضجر أو تمل، لأن الذي يريد أن يصل إلى القمة يجب أن يمر بكل هذه الأمور والصعوبات ويتغلب عليها.
وبالنسبة لفروع الاتحادات: يجب أن تكون حركتكم إيجابية أكثر، لا تنتظروا الدعم الحكومي أو الدعم من أي شخصية، تستطيعون أن تبحثوا عن داعمين، عن مستثمرين، في كل فرع يوجد مسؤول عن الاستثمار، فعّلوا هذا المنصب، اذهبوا إلى رجال الأعمال، إلى الغرف التجارية، اسحبوهم نحو رعاية أنشطة كرة القدم من أجل أن تتطور الرياضة بشكل عام.
أخيراً أوجه الشكر لك أخت دنيا على إجراء هذا الحوار، وأشكر صحيفة "لا" وكل القائمين عليها.