حاوره: مالك الشعراني / لا ميديا -

الحكم الدولي مختار صالح اليريمي، أدار الكثير من المباريات المحلية. تميز بالشجاعة والقرارات الحازمة والحاسمة. يعد ضمن نخبة آسيا ومن أفضل الحكام اليمنيين الذين مثلوا اليمن خارجياً بقيادته قرابة 118 مباراة دولية.
 16 عاماً قضاها الجوكر مختار صالح في الملاعب قبل أن يُعلن اعتزاله التحكيم رسمياً في صيف 2014. لم تتوقف رحلة عطائه وإبداعه عند تلك الأعوام، إذ واصل رحلته العلمية، محلقاً مجدداً في اتحاد القارة الصفراء مقيماً ومحاضراً دولياً.
 استضفناه في هذا المساحة وطرحنا عليه عدة تساؤلات، فكانت ردوده مهمة. حينها وددنا لو يطول زمن الحوار، غير أن الصافرة كانت السباقة كالعادة في إعلان انتهاء زمن اللقاء. 

 نرحب بك ضيفاً على صفحات الملحق الرياضي لصحيفة "لا"!
- أهلا وسهلاً بكم، شاكراً استضافتكم لي.
 نبذة من سيرتك الذاتية...؟
- مختار صالح اليريمي. متزوج وأب لأربعة أبناء. حكم دولي سابق. محاضر دولي. مُقيم حكام في الاتحاد الآسيوي. رئيس المكتب الفني لمادة اللغة الإنجليزية بمكتب التربية والتعليم بأمانة العاصمة.

بدأت اضطرارياً
 كيف التحقت بالتحكيم؟ ومتى أدرت أول مباراة رسمية؟
- التحقت بالتحكيم عام 1998 كهاوٍ، وكانت أول مباراة رسمية أدرتها في مدينة تعز بين ناديي الصقر وشعب إب ضمن مباريات الدوري العام. كانت قيادتي لتلك المباراة مفاجئة واضطرارية، وذلك بسبب عدم استطاعة الحكم الأساسي، الفقيد عبد الواحد الخميسي، الحضور في الوقت المناسب، رحمة الله تغشاه. ومنذ تلك المباراة أصبحت حكم ساحة أساسياً لمسابقات كرة القدم.

أول مقيم حكام يمني
 اعتزلت التحكيم في 2014 وأنت في أوج عطائك وقبل وصولك إلى السن القانونية التي تسمح لك بالاعتزال، ما الأسباب التي جعلت الكابتن مختار يعتزل التحكيم مبكراً؟
- اعتزالي التحكيم كان عن قناعة تامة بأنني قدمت كل ما لديّ كحكم ساحة محلياً ودولياً. وأيضاً كنت أعد العدة لتأهيل نفسي علمياً، وذلك للعمل في مجال تقييم الحكام آسيوياً ودولياً، خصوصاً وأنه لا يوجد حكام يمنيين مقيّمون أو محاضرون معتمدون في الاتحادين الآسيوي والدولي. والحمد لله بذلت كل ما بوسعي وتكللت جهودي باعتمادي مقيّم حكام في لجنة الحكام التابعة للاتحاد الآسيوي، ويعتبر أول يمني يحصل على هذه الثقة، وقبلها تم اختياري ضمن حكام النخبة الآسيوية كأول حكم يمني يتم ترقيته ويصل إلى هذا المستوى.
 شاهدناك مراقباً لحكام مباريات بطولات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ثم مقيماً، وأخيراً محاضراً في لجنة الحكام للاتحاد الآسيوي. حدثنا عن التنقلات والتحولات التي جرت خلال مسيرتك التحكيمية حتى اليوم؟
 - منذ تم اعتمادي مُقيّم حكام آسيوياً شاركت وما زلت في تقييم حكام العديد من المباريات الهامة في دوري أبطال آسيا وكأس آسيا وتصفيات كأس العالم ونهائيات كأس آسيا للشباب والناشئين. وانتقالي من التحكيم المحلي إلى الدولي، ومن مُقيم إلى محاضر دولي لم يأت بمحض الصدفة، وإنما تحقق بعد جهد وتعب وتحصيل علمي مناسب، وتحقيق طموحي هذا كان بتوفيق من الله عز وجل.

صعوبات استمرار الحكام
 زملاؤك من الحكام السابقين تقريباً أكثرهم انتهت أعمارهم الافتراضية في الملاعب وبعضهم اعتزل، وبالتالي هذا النقصان له سلبيات على الكرة اليمنية، وستعاني منه الكرة اليمنية في ظل عدم وجود الحكم البديل المؤهل والمناسب...؟ 
- اعتزال زملائي الحكام وعدم استمرارهم في الملاعب سببه كثرة الصعوبات والعراقيل الكبيرة التي وقفت أمامهم، وكذلك عدم اهتمام الجهات المسؤولة بالتحكيم الرياضي، وعدم تأهيلهم وتطويرهم. هذا من وجهة نظري هو السبب الرئيسي الذي جعل الكثير يعتزل التحكيم. وبلا شك أن هذا الفراغ الكبير الذي تركه الحكام أثر سلباً على التحكيم بشكل عام، وأصبحت اليمن الدولة الوحيدة في قارة آسيا التي لا يوجد فيها طاقم حكام معتمد دولياً يمثل اليمن في المحافل الآسيوية والقارية.

مواهب بحاجة للرعاية
 ما تقييمك للحكام الشباب الحاليين المتواجدين في الساحة؟ وهل لدى لجنة الحكام بالاتحاد العام لكرة القدم خطة لتأهيل وتطوير حكامنا الشباب؟ 
- على الرغم من وجود كوكبة من الحكام الشباب الموهوبين، إلا أنهم مازالوا في بداية المشوار، وبحاجة إلى تطوير وتأهيل وتشجيع ودعم ورعاية واهتمام من قبل الجهات المختصة. أما إذا استمر الإهمال، فسيكون له مخاطر على اللعبة محلياً ودولياً، وستظل اليمن الدولة الوحيدة لسنوات طويلة في آسيا بدون حكام نخبة. على الجهات المسؤولية أن تدرك خطورة الوضع القائم وتقوم بتأهيل الحكام الشباب الحاليين، فاليمن لديها حكام موهوبون بما يكفي لتمثيل اليمن بل ومنافسة حكام دول آسيا، بشرط إذا وجد حكامنا الرعاية والدعم المناسب.
 آخر مباريات دورينا كانت قبل 6 سنوات، كيف تنظر لهذا التوقف الطويل؟ وما مدى تأثيره على مستوى اللاعبين والحكام والكرة اليمنية عموماً من وجهة نظرك؟
ـ عندما كانت المنافسات تجري سابقا، كنا نعاني من ضعف المستوى الفني إجمالاً للأندية والحكام، بسبب قلة عدد المباريات الودية والرسمية في الدوري والكأس، فما بالك اليوم بعد توقف مستمر لأكثر من 5 سنوات دون وجود أي نشاط يذكر؟!

خارج نطاق الخدمة
 هناك تعديلات جديدة طرأت على القوانين التحكيمية وكرة القدم، هل قمتم بعرضها وشرحها للحكام اليمنيين الشباب؟ وكذلك أغلب لاعبي الأندية لا يعلمون عنها شيئاً، لماذا لا يتم إجراء محاضرات وإطلاعهم على تلك التعديلات والقوانين الجديدة؟
- لجان الحكام في أغلب دول العالم اعتمدت لحكامها برامج تدريب وتأهيل عن بُعد، بسبب جائحة كورونا التي أصابت العالم، لكننا في اليمن تجاهلنا هذا الموضوع نهائيا، وكأننا خارج نطاق الخدمة، فإلى متى سنستمر؟! إلى ما لا نهاية؟!
 الاتحاد الدولي أجرى تعديلات في بعض القوانين كرة القدم بما يتناسب مع الوضع المؤقت الذي اتخذته بعض دول العالم. وللأسف لم نتمكن من إيصال هذه التحديثات إلى حكامنا، لأسباب عديدة. ومشكلة عدم إيصال تلك التحديثات للاعبين تتحمل مسؤوليتها إدارات الأندية، التي من المفترض أن تقوم بالتنسيق مع لجنة الحكام العليا أو مع اللجان الفرعية لإقامة دورات تثقيفية للاعبين وإطلاعهم على التعديلات الجديدة.
 كثيراً ما تعرضت منتخباتنا الوطنية لأخطاء تحكيمية فادحة، هل كانت أخطاء متعمدة أم فردية؟ 
- لا تعليق.

معاقبة الحكام فيها نظر
 البعض يرى أن تفعيل مبدأ الثواب والعقاب وتكريم الحكم الناجح وإعلان العقوبة ضد الحكم المخطئ ستحد من الأخطاء التحكيمية وتساهم في تألق الحكام محلياً ودولياً، هل أنت مع تفعيل هذا الإجراء؟ ولماذا؟
- مبدأ الثواب والعقاب أمر لا بد منه وتفعيله أمر إيجابي، لكن إعلان العقوبة فيه نظر، وذلك لكي نحافظ على الحكم، لأن بناء حكم يحتاج إلى سنوات، وبالتالي التشهير به وإعلان العقوبة سيقضي على مستواه ويدمر مستقبله وسمعته.

لم يطالب أحد بتكريم أحمد قائد
 الحكم اليمني أحمد قائد أول حكم في العالم استخدام تقنية الإعادة التلفزيونية (الفار) لاحتساب الأهداف واكتشاف الأخطاء. هل مسؤولو لجنة الحكام بالاتحاد الآسيوي يعلمون ذلك؟ ولماذا لا يخاطبون الاتحاد الدولي (فيفا) لتكريمه وتدوين هذا الاختراع باسمه؟
 - فعلاً، الحكم الدولي السابق ورئيس لجنة الحكام الحالي أحمد قائد هو أول حكم في العالم استخدم هذه التقنية، والكل يعلم ذلك، ولكن لن تتحرك أي جهة لمنحه ما يستحق، إلا إذا طالب الاتحاد اليمني لكرة القدم بذلك، كونه المسؤول الأول عن أحمد قائد.

ما هي السلبيات التي توقف تطور وتنهي مستوى الحكام اليمنيين، وتنصحهم بالابتعاد عنها؟ وأي الحكام الشباب لفتوا انتباهك وترى أن مستقبلهم سيكون مشرقاً؟
- الحكم اليمني لا يقل مستوى وانضباطاً عن غيره من حكام العالم. وأي سلبيات يمكن تصحيحها من خلال المتابعة والتدريب وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب كما أسلفنا. حالياً لدينا مجموعة لا بأس بها من الحكام الشباب، المستقبل أمامهم وسيكون لهم شأن، بشرط إذا توفرت لهم الظروف المناسبة.

ينقصنا الدعم والإدارة الاحترافية
 حكام دول شرق آسيا أكثر مشاركة في تصفيات ونهائيات بطولات الاتحاد الآسيوي، ما هي معايير ترشيح الحكام؟ يا حبذا لو توضح لنا المعايير المتبعة لترشيح حكام الدول الأعضاء لإدارة المباريات الدولية؟
- صحيح، حكام شرق آسيا لديهم كل مقومات النجاح التي تدعم تواجدهم في المحافل والبطولات الدولية، فهم يمتلكون الدعم المالي الكبير وإدارات احترافية ولديها علاقات دولية، ولها أعضاء وممثلون في جميع اللجان العاملة في الاتحادين الآسيوي والدولي.
بالنسبة لمعايير ترشيح الحكام أهمها: ألا يتجاوز عمر الحكم 35 عاماً، وأن يجيد اللغة الإنجليزية كتابة ونطقاً، وأن يجتاز اختبارات اللياقة البدنية والقانونية، وبعدها يتاح له إدارة عدد من المباريات الدولية ويتم متابعته وتقييمه من قبل المختصين.

118 مباراة دولية
 كم عدد المباريات المحلية والدولية التي أدرتها كحكم ساحة؟ وما هي أصعب مباراة أدرتها؟ وأي فريقين كنت تخشى مبارياتهما؟
- برغم الصعوبات التي كنا نواجهها إلا أنني تمكنت من إدارة 118 مباراة دولية، وهذا الرقم لا أعلم به إلا من موقع الاتحاد الآسيوي الذي يقوم بتوثيق جميع مباريات حكام النخبة. أما عدد المباريات المحلية لا أدري كم عددها، ولم أقم بتسجيلها للأسف الشديد، كل المباريات التي أدرتها محلياً، كنت أبذل كل طاقتي وتركيزي وأقودها إلى بر الأمان.
 لو طلبت منك أن تعترف، ما هي القرارات التي تسرعت في إصدارها وندمت على اتخاذها وكانت ظالمة في حق هذا الفريق أو ذاك اللاعب؟
- الحكم بشر ومن الطبيعي أن يخطئ ويصيب، والأهم ألا تكون الأخطاء متعمدة وتضر هذا أو تسيء لذاك، وإذا حدث مني أي خطأ أو ظلم فأطلب المسامحة من الجميع.

 كلمة أخيرة قبل الختام كابتن مختار...؟
- مرة أخرى أشكركم على هذه الاستضافة، وإن شاء الله يعود الأمن والأمان وتعود المسابقات الرياضية في بلادنا.