صورة الجندي اليمني الحافي يواجه أحد  أكثر الجيوش تطورا  في العالم لفتت انتباهي بقوة

حوار وترجمة: آلاء عبدالكريم الخيواني / لا ميديا -
من أقصى الغرب يبرز التضامن الأممي ضد الامبريالية الأمريكية وتوحشها الرأسمالي، ورفضا لحروبها العدوانية الغاشمة في اليمن ودول الشرق الأوسط، رون أجرهس من دولة الدنمارك الصديقة، ناشط ومدون على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، يبدي اهتماما واسعا بمظلومية الشعب اليمني جراء العدوان الغاشم، وبمنطلق تضامن أممي وإنساني أسس مع آخرين منظمة إنسانية تُعنى بالشأن اليمني ومخاطبة المجتمع الغربي بلسان يمني، هي مجلس التضامن مع اليمن.
لقد جرت العادة بالتكتيم عن حقيقة ما يقوم به العدوان في حرب على اليمن وتبريراتها المضللة، الأمر الذي يعكس صورة مغايرة للحقيقة وتصديق العالم الغربي لتلك المبررات، كان من النادر جدا بروز شاب غربي دنماركي يدرك حقيقة ما يحدث، ويسعى من أجل معرفة كل الحقيقة، ومن المهم جدا الاحتفاء بهذه الأصوات الحرة التي توصل معاناتنا ومظلوميتنا للعالم، ويعد رون أحد أهم هذه الأصوات التي سيعتمد عليها اليمنيون في مساعدتهم وتوصيل مظلوميتهم إلى العالم، وكان لا بد من هذا الحوار لنعرف اليمنيين بصديقنا رون المناصر لقضيتنا، لنتعرف عليه أكثر، ونتعرف على أهدافه وخططه لمناصرة اليمن وقضيتها.

ضد الامبريالية
  كيف تعرف نفسك للشعب اليمني؟ 
أنا رون أجرهس، عمري 21 عاما، أدرس اللغة الإنجليزية ودراسات دولية بجامعة آلبورغ، شغوف بالعدالة الاجتماعية، وأعتبر نفسي ضد الامبريالية، وبالنطاق السياسي أنا يساري أميل نحو الاشتراكية، أنا أيضاً مصمم جرافيك ومونتاج فيديو، آمل أن أصبح دبلوماسيا بالمستقبل.

البحث عن الحقيقة الكاملة
  متى بدأ اهتمامك بمظلومية الشعب اليمني؟ 
بدأ اهتمامي الأولي بالحرب منذ عام 2015م، سمعنا بالأخبار أن السعودية بدعم أمريكي بدأت بقصف اليمن، لكننا لم نكن نعلم حقيقة الأسباب الكامنة وراء ذلك، فوسائل الإعلام حينها تحدثت حول «تمرد الحوثيين»، لكن شيئا ما أخبرني أن السكوت غير صحيح، أو على الأقل ليست تلك الحقيقة كاملة، لذلك بدأت بالبحث والتحري عبر مواقع التواصل الاجتماعي و»فيسبوك»، وأصبحت صديقا لعديد من الشباب والنشطاء اليمنيين الذين لهم الفضل في جعلي مطلعا على مسار الأحداث وحقيقة الحرب على اليمن.
أيضاً الصور التي تمّت مشاركتها من خط المواجهة لفتت انتباهي بشكل كبير، والجندي اليمني حافي القدمين مع بندقيته الكلاشينكوف والقذيفة اليدوية، يقف في مواجهة أكثر جيش متطور في العالم، منذ ذلك الحين صرتُ مهتما بالنزاع، والخلفية التاريخية للصراع في اليمن.
  من المعلوم أن الحرب على اليمن ليست عسكرية واقتصادية فحسب، بل هناك تعتيم إعلامي وتزييف لحقائق الحرب على الشعب اليمني، فما هي المصادر التي أوصلت لك حقائق الحرب بعيدا عن التضليل الذي تمارسه مؤسسات إعلامية كبيرة؟
كما قلت سابقا، النشطاء اليمنيون في «فيسبوك» أسهموا بشكل كبير في تعريفي بحقيقة الوضع هناك، كما أن هناك بعض القنوات التلفزيونية اليمنية تقوم بعمل رائع لإظهار الحقيقة حول الحرب، لكن من المؤسف أنه لا يوجد قناة منفصلة باللغة الإنجليزية وذات انتشار دولي واسع، بالإضافة إلى الاستماع لشهادات شخصيات يمنية من أرض الوطن قطعا شكل أكبر إسهام لي في معرفة الحقيقة.

معجب بالحمدي والصماد
 مَن أبرز الشخصيات اليمنية التي أثرت عليك؟
هناك الكثير من الشخصيات أنا معجب بها، لكن أكثرهم هما إبراهيم الحمدي وصالح الصماد، الحمدي كان أول رئيس لشمال اليمن اهتم بالناس، وكانت إصلاحاته ستنتقــــــل باليمـــــن من مجتمع زراعي فقير إلى قوة صناعية، تلك الإصلاحات تعني أن اليمن سيعزز حضوره الإقليمي وحفاظه على سيادته الوطنية، إذ لم يكن يكترث للسعودية، ولهذا السبب تم اغتياله بمؤامرة تحريضية سعودية بقيادة أحمد الغشمي وعلي عبدالله صالح، الأمر الذي أدى إلى صعود علي صالح وحكمه الديكتاتوري طيلة 33 عاما.
أما صالح الصماد، فقد سار بشكل كبير في تتبع خطوات الحمدي، ومساهمته ورغبته في التغيير الديمقراطي وتحديد المسار لثورة 21 أيلول/سبتمبر 2014م المجيدة، كما أنه ذو شخصية كاريزمية حقيقية تمثل شعبه بأفضل طريقة ممكنة، وعبارتاه «الدولة من أجل الشعب لا الشعب من أجل الدولة» و»يد تحمي ويد تبني» أصبحتا تعويذات تقود الثورة نحو النصر، ومشاركته في الدفاع عن الجمهورية اليمنية وديمقراطيتها البرلمانية في الخطوط الأمامية، وفي الوقت ذاته كان مركزا على بناء مؤسسات الدولة اليمنية وتصحيح اختلالاتها.

السعودية في أوروبا مكروهة وملكية بغيضة
  ما حقيقة موقف الشارع الأوروبي من حكوماته المتورطة بدعم وتمويل دول العدوان بالأسلحة المحرمة التي تستخدم لقتل المدنيين نساء وأطفالا؟ وهل يملك الرأي العام قدرة ضغط على حكوماته؟
السعودية مكروهة، ويُنظر إليها في أوروبا أنها ملكية بغيضة متخلفة وبدون حريات، وهذا ما يجعل الناس أكثر تعاطفا مع الشعب اليمني ورغبته بالسلام والازدهار، مع ذلك بسبب الدعاية الإعلامية ووسائل الإعلام التي لا تقدم الحقيقة كاملة، يميل البعض إلى لوم من سموهم «المتمردين الحوثيين» باعتبارهم السبب في بدء الحرب، وهذه كذبة، فالسعودية تتدخل في الشؤون الداخلية لليمن منذ عقود، وليس الأمر بجديد، لكن السعودية أصبحت يائسة جدا عقب ثورة 21 أيلول/سبتمبر، فاعتبرت البطش والعنف والحرب الطريقة الوحيدة لإعادة فرض الوصاية على اليمن، لكن في النهاية أيا كان ما يحدث في اليمن، فهو شأن داخلي ليس من شأن أية دولة أخرى.
أما حول بيع الأسلحة للسعودية من قبل الدول الأوروبية، فأغلب الناس هنا مشمئز من ذلك، ويرى أنه لا يجب علينا أن نبيع الأسلحة لديكتاتوريات الإبادة الجماعية على الإطلاق. لذلك الكثير منا مستمرون بدعوة حكومتنا إلى وقف جميع صادرات الأسلحة، أو من الأفضل قطع كل العلاقات مع المملكة، وكلما عزلنا النظام السعودي سيكون ذلك أفضل للعالم كله. 

رسالتي في فضح العدوان
  ما هي الأنشطة والأهداف التي تسهم بها من أجل فضح العدوان على الشعب اليمني على المستوى العالمي؟
أنا أستخدم وسائل الإعلام الرقمية؛ إنتاج الفيديو وتصميم الجرافيك، لنشر رسالتي، وذلك يشمل مونتاج البطولات للمقاتلين اليمنيين الأحرار في ميادين القتال ومواجهتهم للصعاب ببسالة وإقدام، بالإضافة إلى المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، والحديث بشكل عام عن وضع البلد ككل.. تصاميمي وإنتاجاتي مصممة خصيصا للجمهور الغربي، لجعلها مفهومة في الأسس الاجتماعية والثقافية ذات الصلة.

ندعم حق اليمنيين في الدفاع عن أنفسهم
  ما الهدف الأساسي من إنشاء مجلس التضامن مع اليمن؟ وكيف يمكنه مساندة القضايا الإنسانية في اليمن؟
مجلس التضامن مع اليمن، أو ما عُرف سابقا بلجنة التضامن الدولي مع اليمن، أُنشئت بدافع نشر الحقيقة ببساطة، وأي شخص يستطيع التقدم بطلب الحصول على العضوية، نحن نتواصل باستمرار مع المنظمات الأخرى من أجل التعاون والشراكات. في المضمون، مجلس التضامن مع اليمن لديه الرغبة في التشاور مع المنظمات، المؤسسات، وحتى المسؤولين الحكوميين، حول الطابع الحقيقي في ما يتعلق بالحرب ضد اليمن، وما هو الموقف اللازم اتخاذه من أجل اليمن، فنحن نقف إلى جانب السيادة الوطنية اليمنية، ومع الحق الأصيل للشعب اليمني بالدفاع عن نفسه، كما نمتلك مكاتب في كل أنحاء العالم، ونحن الآن بصدد توسيع مستمر.

شعارنا مستمد من الهوية اليمنية
  لاحظنا أنك قمت بتصميم شعار وبطاقة العضوية مستوحاة من جواز السفر اليمني. فما الرمزية من ذلك؟
الشعار لمجلس التضامن مع اليمن مستمد من الهوية الجمهورية اليمنية «نسر صلاح الدين»، والذي استخدام لأول مرة بواسطة المصريين بعد ثورتهم الجمهورية؛ لأننا مدافعون عن النظام الجمهوري اليمني، وندعم الوحدة العربية في وجه الامبريالية، ومجلس التضامن مع اليمن يدعم النظام الجمهوري كأفضل بديل لليمن والعالم العربي، فهو يضع الأسس للتقدم في جميع المجالات.
بطاقة العضوية صُممت للإشارة بشكل كافٍ لليمن وهوية الثقافة اليمنية، حتى يستشعر الأعضاء أنهم جزء من شيء كبير ومهم، هو ثقافة اليمن وتاريخه الملهم.

كثير من الأنشطة في جعبتنا
  ما الآلية التي يعمل بها مجلس التضامن؟
نستخدم الوسائط المتعددة لتتناسب مع أهدافنا، وهذا يشمل تصميم الجرافيك، التصوير الفوتوغرافي، والفيديو. نحن منظمة شؤون عامة، ونمتلك الرغبة لتنظيم مظاهرات وورش عمل حول اليمن للأعضاء والمهتمين بالالتحاق، وفي جعبتنا الكثير من الأنشطة القادمة. نحن أيضا نود أن نتعاون مع الحكومة اليمنية في صنعاء ووزرائها في الحملات والفعاليات الأخرى، كما فعلنا السنة الماضية مع وزارة الخارجية، شراكتنا وتعاوننا مع وزارة الخارجية هو محل تقدير كبير.

أمريكا إرهابية ومتخصصة في قتل الأبرياء
   تواجه الإنسانية اليوم أزمة كبيرة تكاد تغير النظام العالمي برمته، متمثلة بفيروس كورونا، كيف تقرأ تاثير ذلك على صعيد الحرب على اليمن؟
كلما كانت أمريكا أضعف، كان ذلك أفضل؛ لأن أمريكا هي الدولة الوحيدة التي تقتل الناس الأبرياء حول العالم، خصوصاً في الشرق الأوسط.. إنها تمثل الإرهاب، تغزو الدول، تدمر وتطيح بالحكومات الشرعية، وتخترق القانون الدولي كل يوم، فيما بالجانب الآخر الصين تتقدم لتصبح قوة عالمية عظمى، وبالتالي سوف تقوض هيمنة أمريكا. الصين ليست دولة عدوانية في معظم الحالات، وقد تصرفت بحكمة من أجل رعاية الناس وحمايتهم في الداخل والخارج، وسخرت مقدراتها لتمويل بناء مستشفيات وتوفير الأدوية الخاصة لهذا الوباء، بينما أموال أمريكا مسخرة للحروب والإرهاب.

لا أطيق الانتظار لزيارة اليمن
   هل تطمح لزيارة اليمن؟
نعم، أتمنى أن يأتي ذلك اليوم قريبا.. لا أطيق الانتظار.
   ما أول عمل ستقوم به عند أول زيارة؟
سوف أرسل رسالة إلى كل أصدقائي في اليمن، وأطلب منهم أن نلتقي، لأستطيع مصافحة أيديهم وأستمتع معهم، بعد ذلك، أتمنى أن أحتسي كوبا من قهوة موكا وبعض الطعام، وأستمتع بالمناظر الخلابة من حولي، أيضاً سوف أشتري ملابس يمنية.    

توقفوا عن دعم وتسليح السعودية
   ما الرسالة التي تريد إيصالها للمجتمع الغربي؟
توقفوا عن دعم السعودية، توقفوا عن تسليح السعودية، توقفوا عن تمويل السعودية. ينبغي على حكومات الدول الغربية أن تدرك أن الحرب ضد اليمن كانت فشلا كبيرا. يجب على الدول الغربية أن تتوقف عن تبرير الحرب على أنها «تدخل ضد المتمردين الحوثيين»، فالحقيقة هي أنها ثورة شعبية مدعومة من الناس، الأمر الذي أغاظ السعودية وجعلها تشن حربها العدوانية.
ولذا ينبغي على العالم الغربي، بدلا من ذلك، أن يعيد ترتيب سياساته الخارجية، والبدء بالاعتراف بحكومة الإنقاذ الوطني في اليمن بقيادة الرئيس مهدي المشاط، باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة للجمهورية اليمنية المستقلة.
   ما الرسالة التي توجهها عبر صحيفة «لا» للشعب اليمني؟
أود أن أتقدم بتحياتي لمنحي هذه الفرصة للتحدث بجرأة وطلاقة، كما أود أن أتقدم بتحياتي الى الأخ الجدير بالإجلال صلاح الدكاك، ولجهوده المستمرة بالجبهة الإعلامية.. شكرا من أجل كل شيء.