استطلاع: مالك الشعراني / لا ميديا -

مثل الحضور الجماهيري الكبير للجماهير اليمنية، في أواخر العام الماضي والشهر الماضي من العام الجاري 2020، نقطة بارزة في تاريخ الرياضة اليمنية، لاسيما ومدرجات ملاعب سيئون الدولي ووحدة صنعاء وملاعب أخرى امتلأت عن بكرة أبيها، في حدث لم يتكرر منذ 2011، قبل أن يقرر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) آنذاك حظر استضافة المباريات الدولية على ملاعب اليمن.
الحضور الجماهيري مؤخراً فاجأ الجميع، حيث وصل عدد الحاضرين إلى 40 ألف متفرج في المباراة النهائية للدوري التنشيطي بين شعب حضرموت ووحدة عدن على استاد سيئون الأولمبي، ثم تلاه الحضور المتميز لمباريات الملتقى الشتوي الذي نظمه وحدة صنعاء على ملعبه الخاص، وآخرها الحضور الأكثر من رائع للجمهور الحضرمي لنهائي البطولة الشعبية (الهبة) بين ناديي التضامن والاتحاد.
 ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا وكذا انتشار فيروس كورونا لم تتوقف الجماهير العاشقة والمحبة لكرة القدم عن قطع المسافات الطويلة لتشجيع ومؤازرة فرقها، الأمر الذي جعل الإعلام الرياضي اليمني والعربي يشيد به وبحضوره ووصفه بالأروع والأفضل عربياً.
جماهيرنا الوفية لم يقتصر حضورها فقط داخلياً، بل إن الجمهور اليمني كان كلمة السر في تأهل منتخباتنا، ناشئين وشباباً، إلى نهائيات كأس آسيا للفئات المختلفة، وذلك بحضوره الكثيف ومؤازرته الحارة لنجوم منتخباتنا الوطنية في تصفيات كأس آسيا، وكان عدده في مباريات عديدة أكثر من جماهير منتخبات الدول المضيفة.
وعلى وقع رفض الجمهور اليمني للعزوف عن المدرجات، والعودة إلى التشجيع، تحدث رياضيون ومشجعون ومتابعون لملحق "لا" الرياضي عبر هذا الاستطلاع:

كرة القدم معشوقتهم
 في البداية تحدث إلينا مساعد مدرب منتخب الشباب، ابن حضرموت، شهيم النوبي، قائلاً: "جماهير حضرموت عاشقة لكرة القدم. وقرار الاتحاد العام لكرة القدم إقامة الدوري التنشيطي بنظام المجموعات قرار جيد، لأنه جعل جماهير فرق الدرجة الثانية تتابع الدوري"، مضيفاً: "البطولات المحلية لا تلبي أمنيات الجماهير، إلا أن مباريات الدوري التنشيطي جعلتها تتحمس لمشاهدة المباريات، فزاد الشغف من مباراة إلى أخرى وساعد في ذلك وصول فريق شعب حضرموت إلى المباراة النهائية، فكان الحضور الجماهيري أكبر".
 وفيما يخص رفع بعض الجماهير شعارات سياسية، قال النوبي: "من الطبيعي أن يقوم البعض من الجماهير برفع الشعارات، وهؤلاء قلة قليلة، والجماهير تدرك أهمية إبعاد السياسية عن الرياضة، والأندية التي لعبت في نهائي الدوري التنشيطي لم تتعرض لأي هتاف سياسي، لأن سيئون ترحب بالجميع وتنظر إلى جميع أندية الجمهورية بعين واحدة".
 وأشار إلى أنه "في حال استقرت الأوضاع سنرى اهتماماً إعلامياً كبيراً بالمسابقات الرياضية، وسنرى حضوراً جماهيرياً أكبر".
 واستبعد استعداد استاد سيئون الأولمبي لمباريات المنتخبات الوطنية، لأن مرافق الاستاد الأولمبي غير جاهزة، "لكن سيئون كمدينة مؤهلة لاستقبال أي مسابقات رياضية أكثر من أي مدينة أخرى"، متمنياً أن يرى المنتخبات الوطنية تستضيف نظيراتها في استاد سيئون الأولمبي.

 فرصة 
الزميل الصحفي الرياضي يوسف باسنبل، أكد أن الجماهير الحضرمية تعشق كرة القدم وتتوافد من مختلف المديريات، و"شاهد الحضور يتكرر بالآلاف حتى في مباريات الحارات التي نسميها فرقاً شعبية، وذلك لكسر حالة الفراغ ولعشق الجماهير للرياضة".
 واستطرد باسنبل بأن افتتاح استاد سيئون الأولمبي بعد مضي أكثر من 16 عاماً من المماطلة في تجهيزه أدى إلى حضور الجماهير بأعداد كبيرة لمشاهدة لاعبي الأندية الأخرى والاستمتاع بمشاهدة كرة القدم.
وطالب بعدم إقحام السياسة في الرياضة وترك السياسة للساسة، الذين "لم نر منهم حلولاً على مدى أكثر من 7 سنوات، وأقول لهم: اتركونا نتنفس رياضة" على حد قوله.
وفي ختام حديثه قال إن "الجماهير اليمنية تتفاعل مع البطولات عكس ما نشاهده في دول الجوار من عزوف جماهيري، فسيئون مهيئة لاستقبال المباريات الدولية، والحضور الجماهيري فرصة لكسر الحظر المفروض على ملاعبنا، إلا إذا كان هناك من يستفيد مما يحصل، والله أعلم". وطالب الاتحاد العام لكرة القدم بدراسة هذا الأمر جيداً.

حضور غطى الإخفاق 
وفي رد مطول، يتفق الصحفي الحضرمي محمد مصطفى بامخرمة مع آراء من سبقوه فيقول: "الحضور الجماهيري الكبير لأبناء وادي حضرموت حاز على إعجاب كل المتابعين في داخل الوطن وخارجه، وليس بغريب على الجماهير الرياضية ذلك الحضور الكبير، فهو ليس وليد اللحظة، فمنذ توقف الدوري في عام 2015 والجماهير تحضر وتشجع في دوريات الفرق الشعبية في سيئون والحوطة وتريم الغناء وشبام وغيرها من المديريات، ووصل عدد الحضور في المباراة الواحدة إلى 10 آلاف مشجع".
وأشار إلى أنه كتب في وقت سابق أن أي نجاح للبطولات التي تُقام في حضرموت سيكون عبر الجماهير، وأي إخفاقات سيغطيها الحضور الجماهيري.
وانتقد بامخرمة توقف وزارة الشباب والرياضة عن إكمال مشروع مرافق استاد سيئون الأولمبي. وطالب السلطة المحلية ووزارة الشباب والرياضة بسرعة استكمال مرافق الملعب والنظر إلى الملاعب الأخرى بعين الاعتبار.
 واعتبر رفع بعض الجماهير أعلام التشطير ظاهرة ليست جديدة، فهي تُرفع في أكثر من بطولة شعبية، والعقوبة أصدرتها لجنة المسابقات على وحدة عدن، وأن النشيد الوطني عزف في استاد سيئون في حفلي الافتتاح والختام للدوري التنشيطي، مؤكداً أن سيئون أرض السلام التعايش والمحبة وجمهورها حضاري يشجع بروح رياضية.
 
رسالة 
 نجم الهلال الساحلي والمنتخبات الوطنية عبود الصافي تحدث باقتضاب قائلاً: "حضور الجماهير بذلك المشهد في أكثر من ملعب رغم الظروف الصعبة كان أكثر من رائع، وهي رسالة واضحة مفادها: أعيدوا النشاط الرياضي، كفى توقفاً طويلاً للمسابقات الرياضية". وأضاف: "الجمهور اليمني مثقف وواعٍ ولا يحب خلط الرياضة بالسياسة".
 
نفتخر بجمهورنا
 ويقول مشجع نادي الصقر عارف النميري: "سبب عودة الجماهير إلى الملاعب هو الملل من روتين الحياة اليومي، ونحن نتفخر بعودتهم، لكن علينا أن نبتعد عن الشعارات السياسية، لأن السياسة تهدم، والرياضة أخلاق تجمع ما تفرقه السياسة".
ويضيف: "اليمنيون شمالاً وجنوباً إخوة وأصل العرب، وعلينا أن نفتخر بعروبتنا ونكون قدوة للعالم، وتشجيعنا حضاري".
وأعرب عن حزنه وأسفه من عدم تمكنه من حضور المباريات في السنوات الأخيرة بسبب ظروف يمر بها.

 فاكهة البطولات
أخيراً تحدث أمين عام نادي الوحدة الرياضي بإب، عبدالرحمن منصور، قائلاً: "الحضور الجماهيري الكبير مؤخراً شيء إيجابي ويضيف للبطولات نكهة خاصة ويعزز حب الشارع الرياضي للساحرة المستديرة كرة القدم، كما وهي دعوة للاتحاد العام لكرة القدم بأن يستمر في إقامة المسابقات الرياضية".
وأشار إلى أن ما جعل الجماهير تحضر إلى المدرجات هو الواقع الذي نعيشه والتوقف الطويل للدوري.
وطالب الذين يرفعون شعارات سياسية في المسابقات الرياضية بأن يتركوا الرياضيين يمارسون أنشطتهم في أجوائها النقية بعيداً عن الشعارات السياسية، فالرياضة أصلحت ما أفسدته السياسة.