شركات التسويق التجاري الشبكي.. الصعود على أكتاف الآخرين.. مصائد وردية
- تم النشر بواسطة مارش الحسام / لا ميديا

تصدير الأوهام عبر كذبة الربح السريع
عضوية لا ينهيها الموت
مارش الحسام / لا ميديا -
فكرة التسويق الشبكي
التسويق الشبكي هو نوع من تسويق المنتجات أو الخدمات مبني على التسويق التواصلي عبر وسيط، حيث يقوم المستهلك بدعوة مستهلكين آخرين لشراء المنتج (السلعة) مقابل عمولة أو نقاط، ويحصل أيضاً المستهلك الأول على نسبة من العمولة في حالة قيام العملاء ببيع المنتج لآخرين، بحيث يصبح المستهلك على قمة هرم، وفي الأسفل يصبح لديهِ شبكة من الزبائن المشتركين أو عدد من العملاء تم الشراء عن طريقهم، فالمنتج الذي تسوقهُ هذهِ الشركات مجرد ستار وذريعة للحصول على العمولات والأرباح.
هذا الأمر جعل هذه الشركات محط انتقاد الكثيرين، نظراً لإضافة منتجات وسلع لا قيمة لها أو زائدة عن قيمتها الأصلية. كما يلجأ الشخص لشرائها، ليس بهدف الاستفادة منها، بل من أجل السعي وراء الربح والنقاط والعمولات، مما يجعل المستخدمين أو الأعضاء على قمة الهرم يحققون أرباحاً خيالية بينما القاعدة الأكبر من العملاء في هذه الطريقة قد لا يحرزون أي مكسب في النهاية.
أبرز الأنشطة التي تنسب لشركات التسويق الشبكي
- دفع رسوم اشتراك (100 دولار) للحصول على رقم عضوية، وبعض الشركات تشترط الشراء من منتجات الشركة بما قيمته 100 دولار، بينما شركات أخرى تمنحك رقم عضوية مجانياً غير مفعل إلى أن تبلغ قيمة مشترياتك 100 دولار يتم تفعليه.
- تحصيل العمولات والنقاط ناتج عن تجنيد مسوقين جدد يشترون المنتجات أو يدفعون رسوم التسجيل، وهذه هي وسيلة الربح الحقيقية والوحيدة، وأحياناً ستجد أن المروجين يطلبون منك أن تستدين المال، وسيعدونك بأمور كبيرة وستسمع وعوداً بثروات ومدخول عالٍ جداً خلال فترة زمنية قصيرة، وستسمع كلمات أكبر، لكنك لن تحصل على أكثر من الكلمات.
- الأرباح والعمولات مستمرة حتى ما بعد الممات، لأن العضوية الوظيفية لا تنتهي بموت الشخص، وإنما تورث للأبناء وبإمكانهم مواصلة المشوار.
تصدير الأوهام
تعمد شركات التسويق الشبكي إلى الخداع وتصدير الأوهام من أجل اصطياد المزيد من الضحايا. وعادة يأتي الوهم عن طريق سرد قصص ومقاطع فيديوهات أو مقالات لأشخاص بدؤوا من الصفر وبعد اشتراكهم في إحدى هذه بلغوا عالم الثراء. مقالات أخرى تتناول المحتويات المختلفة التي تروج لهذا النوع من النشاط التجاري غير القانوني في قالب الإغراء والإغواء.
كذبة الربح السريع
الربح السريع هي واحدة من أشهر الأكاذيب التي تروج لها الشركات الشبكية من البداية، حيث تقول لك بأنه خلال الشهر الأول يمكنك تحقيق 5000 دولار وبعد عام سيتجاوز دخلك الشهري 100000 دولار! لتصديق هذه الكذبة يكفي أن يكون لديك تطبيق واتس آب. وسيصلك سيل من الرسائل المخدرة، سواء نصية أو مقاطع فيديو، كلها تدعو إلى حب المال والسفر يرويها أشخاص كانوا صفر اليدين في البداية وصاروا ينعمون بالمال والترحال بفضل اشتراكهم في هذه الشركات.
من قصصهم
على سبيل المثل: سيصلك مقطع فيديو لشخص يقول: أنا كنت عاطلاً عن العمل وتعبت بالبداية، ولم أكن أحصل على شيء. ولأني صاحب إصرار وعزيمة وطموح, كونت أكثر من فريق وزرعت فيهم نفس الطموح، والحمد لله وخلال سنتين استطعت الوصول إلى هدفي ودخلي يزاد يوما بعد آخر وأسافر كل عام إلى دولة.
قصة أخرى يقول صاحبها: «دخلي حاليا 6000 ألف دولار شهريا، والبداية غيرتُ المتجر فقط، فبدلا من أني كنت أشتري القهوة والعصير والزيت والصابون والشاي من السوبر ماركت أو البقالة صرت أشتريها من الشركة، ووجدت أنها منتجات صحية ومفيدة، وفي كل مرة كنت أحصل على تخفيض، ثم قمت بتزكية هذه المنتجات للجيران والأصدقاء ليستفيدوا منها وليجربوها، وقمت بإرسال رسائل تعريفية عبر الواتس بمنتجات الشركة لكل الأشخاص المسجلين في هاتفي، فبدل إرسال النكت والخزعبلات في جروبات الواتس صرت أرسل رسائل تعود عليَّ بالفائدة، واليوم أطوف دول العالم، وحافظت على صحتي مع هذه المنتجات، وفي كل مرة أحصل على تخفيضات وأشتريها بسعر أقل، وقريبا سأحصل عليها مجانا».
شماعة المنتج
تعد الشركات المبنية على الدفع مقابل جلب المشتركين وغياب المنتج والنشاط التجاري الحقيقي هي شركات هرمية ممنوعة بناء على القانون الدولي، لهذا تقدم لك هذه الشركات منتجا حقيقيا فعلا يمكنك شراؤه منها، وهو سعر الاشتراك، ومنه يأخذ الذي انتسبت عن طريقه عمولته.
أي أنها طريقتهم للتلاعب بعقول الناس، ولكن في الحقيقة عندما تتأمل هذه الخطوة بالضبط ستجد أن المنتج الذي اشتريته غالي الثمن مقارنة بالنسخة المماثلة في المتاجر والأسواق، والأسوأ أنك اشتريت منتجا لست بحاجة إليه.
السلعة يسوع
من وسائل الخداع التي تنتهجها شركات التسويق الشبكي هي تلميع المنتج بمنشورات أو بشهادات أشخاص جربوه وشفيت علتهم، ويتم تلميعه كما لو أنه ترياق الحياة صنع بمواصفات فريدة، والمضحك أن هناك تلميعاً للسعر الباهظ. الشركة وفي إعلانها الترويجي تخبر الجمهور المستهدف بأن سعر المنتج مرتفع جدا، ولكنه ليس غاليا لو عرفوا قيمته.
اذ يتم تصويره كما لو أنه يسوع المسيح عيسى بن مريم الذي يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص، فمثلا تروج إحدى هذه الشركات لمعجون أسنان مع كونه معجون أسنان إلا أنها تقول بأن له استخدامات عديدة ويمكن استخدامه لكل شيء (صيدلية)، وأنه يفيد للصداع والنزيف وقرحة المعدة والقولون والغازات وألم المفاصل والروماتيزم ولدغة الدبور والعقرب... وغيرها من الأمراض والعلل.
إغراء الضحايا
عند استدراجك وقبولك بدفع مائة دولار لن تشعر بأنك وقعت ضحية نصب، بل يتم إيهامك بأنك ربحت الملايين وصرت شريكاً للشركة في جني الأرباح، وأن الشركة تنتهج مبدأ الأمانة والمصداقية والشفافية، بل وتقول لك بأن المبلغ الذي دفعته من أجل أن تجرب هذه المنتجات المفيدة والصحية وتلمس بنفسك جودتها وصحيتها ومن ثم ترشد الآخرين لاستخدامها بعد أن تحكم عليها بنفسك وعن سابق تجربة، وستحصل على نسبة ونقاط مقابل كل شخص جاء يسجل عن طريقك.
وبإمكانك خلال فترة وجيزة أن تصل إلى عميل من مستوى نجمة برونزية أو فضية بتحقيق نقاط تراكمية سواء عن طريق مشترياتك الشخصية أو عن كل أعضاء فريقك التسويقي، وإذا كان لديك الطموح ستصل إلى عميل النجم الذهبي والماسي، وستسافر بلدان العالم وستتضاعف أرباحك حتى بعد موتك وسيتوارثها أبناؤك من بعدك، أي بطريقة غير مباشرة ابحث لنا عن ضحايا آخرين.
الإغراء هو أفضل أسلوب لتحويلك إلى ضحية. وللأسف عوض أن تكون مدير نفسك كما يزعمون، تصبح عبداً للوهم، كما هو حال العديد ممن خاضوا هذه التجربة.
هل عليَّ أن أكسب الشعب الصيني؟!
أحمد الكمالي صاحب تجربة فاشلة امتدت لثمانية أشهر مع إحدى شركات التسويق الشبكي، بعد أن تم إغراؤه بالثراء وأنه بالتدرج سيصبح مليونيراً وأن أرباحه ستتضاعف وهو نائم في بيته.
يقول الكمالي: «حضرت ندوة لإحدى هذه الشركات بدعوة من صديق، واقتنعت بكلام المحاضر، وعدت بعد أسبوع واشتريت منتجات من الشركة بقيمة 100 دولار، والمحاضر طبعا حصل على عمولات ونقاط، وبعد جهد جهيد استطعت تكوين فريقين، أي تسجيل 12 شخصاً تحت عضويتي لدرجة أني خسرت من جيبي الخاص، لأن أغلب هؤلاء لم يكونوا قادرين على تدبير الـ100 دولار كنت أساعدهم في دفع المبلغ وأحيانا كنت أدفع نصف المبلغ، وكثيرا ما كنت أشتري منتجات لا أحتاجها وأحيانا أبيعها بخسارة بهدف أن تتضاعف نقاطي».
ويتابع: «بعد ثمانية أشهر من العمل والجهد والتضحيات المالية، كانت النقاط التي حصلت عليها توهلني فقط للحصول على تخفيضات في شراء المنتجات. وقال لي الشخص المحاضر الذي قام باستدراجي: يجب أن تتحفز أكثر وتحفز أعضاء فريقك وتستمر في تشكيل فرق كثيرة، وستحصل على عمولتك، وستكب وسيكسب أعضاء فريقك وسأكسب أنا، وطبعا هو مستفيد وليس أنا، لأنه يجمع نقاطاً من هنا ونقاطاً من هناك، فهناك عشرات المغفلين أمثالي من المنضوين تحت عضويته وتحت كل مغفل فريق أو أكثر».
ويستطرد ساخراً: «وعندها قلت في نفسي: هل علي أن أكسب الشعب الصيني لأحصل على العمولات المادية، وثم أغلب الشعب اليمني يعانون من فقر ويعيشون على المعونات فكيف سيقتنع مواطن ضابح أن يشتري معجون أسنان بـ5000 ريال من أجل صحة أسنانه؟!».
تسويق النقاط
مقابل شرائك منتجاً معيناً أو إقناع شخص آخر بشرائه تحصل على عدد من النقاط التي ربما لا تستطيع أن تحسب ما يقابلها بالدولار والريال اليمني. النقاط لا علاقة لها بسعر المنتج، فكل منتج له نقاط معينة، وهناك منتجات لها أسعار موحدة ونقاط متفاوتة. وعلى سبيل المثال: مقابل شرائك أو تسويقك لمنتج صابون سعره 7 دولارات تحصل على خمس نقاط، وبينما تحصل على سبع نقاط مقابل شراء أو تسويق زيت شعر سعره 7 دولار.
هنا يضطر الشخص لشراء منتج لا يحتاجه أو تسويق المنتجات ذات النقاط الأكبر، وتصبح العملية تسويقاً للنقاط وليس للمنتج.
طريقة ذكية
يرى المختص في التسويق الشبكي إبراهيم العريقي، أن التسويق الشبكي أو ما يسمى بالشجرة هي طريقة ذكية جدا للشركات التي تسعي للربح دون أن تدفع فلسا واحدا من خزينتها مقابل توزيع المنتج وتسويقه، وعمل إعلانات ترويجية له.
ويضيف: في هذا النوع من التسويق ليس هناك بيع مباشر، إذا ذهبت إلى الشركة لن يتم البيع لك، إلا عبر الشخص الذي أخبرك أو دلك على المنتج أو الشركة، ليتم تسجيل عضويتك تحت اسمه، والشخص الذي أرشدك هو الآخر ينضوي تحت عضوية شخص آخر، وهذا الشخص تحت عضوية شخص آخر يعلوه مرتبة وهكذا حتى رأس الهرم، فالشخص الذي أقنعك سيحصل على نقاط مقابل تجنيدك، والأشخاص الذين هم أعلى منه سيحصلون على نفس النقاط، وحتى تحصل أنت على النقاط يجب أن تقنع آخرين وسيتم تسجيلهم تحت عضويتك وستحصل على نقاط مقابل كل شخص جاء عن طريقك والأشخاص الذين هم أعلى منك سيحصلون على نفس النقاط».
النجم الماسي
عدد من قصص الإخفاقات صادفناها ونحن بصدد عمل هذا التقرير. أما قصص النجاحات عن السفر والترحال، فليست سوى مجرد رسائل نصية أو مقاطع مصورة لأشخاص لا نعرف ماهيتهم، وهل هم أشخاص وهميون أم حقيقيون؟ وبعد جهد، صحيفة «لا» التقت أحد الأشخاص حاصل على النجم الماسي من إحدى شركات التسويق الشبكي نتحفظ على اسمها حتى لا يكون ترويجا لها، وطرحنا عليه عدداً من الاسئلة، حيث أكد أمين قحطان، الحاصل على النجم الماسي في شركة (...) أن كثيراً من الشباب وقعوا ضحية لبعض شركات التسويق الشبكي التي تمارس النصب والاحتيال، سواء بتقديم منتجات غير استهلاكية ولا فائدة تذكر من شرائها، أو باشتراطها دفع مبالغ مالية كبيرة مقابل الانضمام إليها لبدء التسويق.
وأضاف قائلا: لست هنا بصدد الحديث عن هذه الشركات، أريد أن أتكلم عن قوة شريكتي (...) انا مقتنع تمام الاقتناع بأنها نظام رائع وحققت لي نجاحاً كبيراً أوصلني إلى الثراء الشامل، وتحولت إلى مستهلك حكيم وحصلت على الحرية الصحية عبر منتجاتها، الحرية المالية كدخل إضافي، وحرية السفر والترحال. ذهبت لزيارة المشاعر المقدسة على حساب الشركة، وسأسافر قريبا إلى ماليزيا وفي العام القادم إلى الهند. قبلها لم أكن أحلم بزيارة عدن. أنا كنت أعمل في السلك العسكري، ومع انقطاع الرواتب وجدت فرصة عمل في هذه الشركة».
وتابع: «الإنسان بطبيعته مستهلك، ونحن ندعوه لتجربة منتجات شركتنا إذا أعجبته بعد تجربتها يتكلم عنها بكل مصداقية وأمانة وفي نهاية الشهر سيحصل على عوائد مالية، كفرصة عمل إضافية، وبقدر جهده سيصل إلى المبلغ الذي يريده.
واضاف: نحن نمارس الترويج بالفطرة، فمثلا إذا سألك أحدهم عن أفضل مطعم ستخبره المطعم الفلاني، وعن أفضل خياط ستدله على الخياط الفلاني، وأفضل صابون ستقول له صابون كذا... ولكن هل لدينا عوائد مالية من هذا الترويج، يعني إذا ذهبت إلى المطعم تريد عمولتك مقابل ترويجك له لن يعطيك شيئا، ومصنع الصابون لن يعطيك. لماذا لا نستغل هذا الترويج لنعود على أنفسنا بالفائدة؟!».
الصعود على أكتاف الآخرين
ينصح فؤاد القاضي، مسؤول الملف الاقتصادي في صحيفة 26 سبتمبر، بعدم الدخول في هذا البيزنس مطلقا. وأكد أن هناك بالفعل نصباً واحتيالاً في مثل هذا النوع من الأعمال.
وأضاف: يغرونك بالمبالغ التي يمكن أن تحصل عليها، وهو صعب جدا، إذ يستفيد الأشخاص الذين يعلونك مرتبة وليس أنت ولا فريقك. وأعرف عدداً من الأصدقاء دخلوا هذا المجال وفشلوا، لأن الربح لا يأتي بسهولة.
وأشار إلى أن عمليات النصب كثيرا ما تتم باسم التسويق الشبكي، إذ يستغل أصحابها حاجة الشباب إلى المال، ولاسيما حديثي التخرج الذين يبحثون عن عمل، ويقومون بإغرائهم للدخول معهم بكافة الطرق الممكنة، إذ يحصل هؤلاء المروجون على دورات داخل الشركة لكيفية التسويق وإقناع الآخرين بكل الطرق الممكنة، ليتمكنوا من جلب آخرين سعياً وراء مزيد من الأرباح.
المصدر مارش الحسام / لا ميديا