حاوره/ أحمد عطاء / لا ميديا -

من صفاء «الزيدية» الشاعرة والشاعرية التي تهبك بزيارتها النفس الطويل للكتابة والتأمل، وتخلق كل يوم شاعراً وقصيدة.
هكذا أتى الشاعر سليمان معوضة ممتلئاً بالحب العذب يمزج الدنيا بالعطر ورائحة المطر في خبوت تهامة، يتسلق جدران الإبداع بكل سهولة، فهو ابن السهل والسهل الممتنع.
يعجبك بمعرفته للمداخل المجازية ومعرفته بالتاريخ النضالي للجنيد والمقبول، وأيضاً سعة مداركه التي تفوق الشاعر ذاته.. شاعرنا هو من أحفاد البردوني الذي أخذ بعصاه فانفلق له الشعر يمنة ويسرة، فسار بجواده اللغوي الجزل يجوب في العمق بكل ثقة، ويخرج لنا في كل يوم بقصيدة ترعب أعداء الوطن، وتزعزع استقرار جارة السوء التي لم تمتنع عن تدمير تهامة بعدوانها، وكان لها شعرياً ونضالياً وروحياً بالمرصاد شاعراً يحذو الغيوم بسماقته، ويلامس عنان القلوب بخضرة غزله المتميز، وفي طياته وطن كبير ينبض به عشقاً، ويذوبه حباً وشعراً.
 • أهلاً وسهلاً شاعرنا الجميل سليمان معوضة في صحيفة «لا».
أهلاً وسهلاً.

جيل أحفاد البردوني
•  أنت من الجيل الأول لشعراء تهامة.. ترى كيف كانت بداياتك؟
لست من الجيل الأول لشعراء تهامة، أنا من الجيل التسعيني، جيل أحفاد البردوني كما أطلق علينا في ملتقى أحفاد البردوني في عاصمة الثقافة العربية صنعاء 2004م. الجيل التهامي الأول أعتقد هو جيل إبراهيم صادق وجابر الشراخ ويوسف الشحاري وعبدالله غدوة والأستاذ أكرم عطية وعلوان الجيلاني وابن غازل وغيرهم. أما بدايتي فكانت في المدرسة وأنا في الصف الثالث المتوسط وفي الـ13 من عمري، بدأت كما يبدأ المبتدئون بداية المراهق الذي يتغزل في فتاة أحلامه التي أحبها من أول بسمة، وكان لمكتبة والدي الغنية بكتب الأدب واللغة تأثيرها في إذكاء روح الشعر في مخيلتي الجامحة، فانطلقت من ذلك المنطلق، وكنت شغوفاً بقراءة القصص التاريخية والغرامية والخيالية كقصص مياسة والمقداد وعنترة وعبلة وقيس وليلى، كذلك مجلات الطفل كمجلة ماجد الكويتية، وكنت أخصص 3 ساعات يومياً للقراءة، وبعدها تأثرت بالأدب العربي متمثلاً في طه حسين والعقاد والمنفلوطي ونجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس وغيرهم.

• من أين تستقي قاموسك اللغوي العميق؟
أستقي قاموسي اللغوي كسائر الكتاب والأدباء من اللغة الفصحى والمفردة الشعبية، كل في ما يخصه، معتمداً في الانتقاء على ثقافتي وذائقتي الفنية وتعاملي مع الطبيعة والواقع والحزن والفرح والألم والمرارة والتفاؤل والتشاؤم، وكل ما يمر بالشاعر ومن على شاكلته من متغيرات وأحداث.

• متى كانت أول قصيدة مكتملة كتبتها في حياتك؟
أول قصيدة مكتملة أعتقد أنني كتبتها عندما كنت في نهاية المرحلة الثانوية.

المشهد بكل تفاصيله
• لماذا أنت مختفٍ عن المشهد اليوم؟
لست بمختفٍ عن المشهد، بل أعيش المشهد بكل ما فيه من أحداث، وأتفاعل كأي يمني يحب وطنه، وأنشر كل تفاعلاتي وغيرتي على هذا الوطن الغالي على وسائل التواصل الاجتماعي على صفحتي في "فيسبوك" و"واتسآب"، والمحافل والوقفات الاحتجاجية، وأشارك في كل المناسبات تقريباً الوطنية والدينية على مستوى المحافظة والمديرية، وحتى على مستوى الجمهورية، وأكبر دليل مشاركتي في مهرجان الرسول الأعظم قبل أسبوعين في العاصمة صنعاء، وفوزي بالمركز الثاني على مستوى اليمن.

قصائد توثق انتهاكات العدوان
• ما هو تأثير العدوان على قصيدتك؟
العدوان أثر على حياتنا بأكملها، وليس على القصيدة وحدها، وقد كتبت في ذلك كثيراً، وعبرت عن غضبي تجاه العدوان السافر الذي يتعرض له بلدي من تدمير للبنية ومقدرات الدولة ومن قتل للأبرياء بالقصف الهمجي على الأسواق والطرقات والسجون، وكل هذه الانتهاكات موثقة في قصائدي، والتقصير ليس مني، ربما يكون من الإعلام، فأنا لا أحب أن أركض وراء الإعلام والكاميرات كما يفعل البعض، ولدي قناعة بأن العكس هو المفترض الطبيعي، فعلى الإعلام أن يبحث عن المبدع، وليس العكس.

• ما هي القصيدة التي كتبتها ضد العدوان وترددها باستمرار؟
كتبت أكثر من 100 قصيدة ضد العدوان الغاشم على بلادنا.

عاد الحديدة بعيدة افهم
• القصيدة التهامية حاضرة في الواجهة الثقافية.. ما دورها في هذه المرحلة؟
القصيدة التهامية بالفعل كانت حاضرة معي من أول يوم للعدوان وحلف الشيطان، سأعرض عليكم منها قصيدة ألقيتها في صباحية جامعة الحديدة التي شاركت فيها مع كوكبة من شعراء تهامة واليمن، منهم الشاعر الكبير إسماعيل مخاوي والشاعر عبدالعزيز عجلان والشاعر أيوب حشاش، وأنت كنت معنا حاضراً يومها، وقصيدتي تقول: 
واحالية في عيونك كم 
شاشرح غرامك وهوه في امدم 
وانتي تهامة سلى روحي 
وانتي شجا قلبي المغرم 
أتنفس الحب من فلك 
في الصبح والليل بك أحلم 
وقولوا لعدوان صاحب نجد 
لا عاد يوسوس ولا يحلم 
صنعاء بعيدة وأثبتنا 
وعاد الحديدة بعيدة افهم 
والله لو يرسل المارينز 
ما واحدو منهم يسلم 
مقاتلينا أبو وابو 
لا كيف تعرف لهم أو كم 
يجيك كالجني من شجره 
ومن وسط صخره وبطن اليم 
صغيرنا لو صرخ صرخه 
كبيرهم في الرياض يحتم

الزامل التهامي
• برز الزامل التهامي في الآونة الأخيرة بشكل كبير.. ما رأيك بهذا التحديث للموروث؟
القصيدة التهامية حضرت بقوة، وكان لها دور فاعل في هذه المرحلة، وعلينا أن نستدرك ذلك من زامل "واساري سنا امزيديه" للشاعر التهامي أحمد عطاء "اللي كسر الدنيا" على رأي المصريين.

• لماذا لم تكتب زاملاً للآن بالرغم من أنك تمتلك الهاجس الشعبي الأكثـر من رائع؟
الزامل كتبته، وأنشدت لي فرق إنشاد تهامية الكثير من الأناشيد التي كانت محصورة داخل المديرية، كما أنشد لي المنشد علي الحيسي، وهو منشد تهامي مبدع من مديرية الضحي، زامل "يا مسيرة سيري".

الشعراء ثلاثة أصناف
• كيف تقيم الشعراء في هذه المرحلة؟
تقييمي للشعراء في هذه المرحلة 3 أصناف، الصنف الأول كسر حاجز الخوف واتخذ موقفاً وطنياً شجاعاً كالشاعر العملاق معاذ الجنيد، وحدد مساره الجهادي، وكشعراء قطاع اليمن كافة ممن التحقوا بالمسيرة الوطنية، وحددوا موقفهم من العدوان كإسماعيل مخاوي وأمين الجوفي وضيف الله سلمان وأيوب حشاش وأحمد عطا وأسد باشا رئيس قطاع الحديدة، وغيرهم، والصنف الثاني التزم الصمت والحياد إما خوفاً أو نفاقاً أو حرصاً على مصلحة معينة، والصنف الثالث هرع إلى أحضان العدوان للترزق، وما أكثرهم.

• هل أنت مقتنع بقصائدك التي كتبتها إلى الآن ضد العدوان، أم تشعر بأنك لم تفِ الوطن شعرياً؟
مقتنع بقصائدي التي كتبتها ضد العدوان، فأنا على مدى السنوات الأربع للعدوان لم أتوقف عن أداء دوري الشعري في مواجهة العدوان رغم التهديدات والتخويفات.

• ما الفرق بين القصيدة العاطفية التي أنت من أكبر شعرائها، والقصيدة الحربية..؟ وأين تجد نفسك أكثـر؟
الفرق بين القصيدة العاطفية والقصيدة الحربية، الأولى هم خاص، والثانية هم عام، والثانية أهم، لأنها تعني وطن.

• ما هي مشاركاتك الخارجية؟
مشاركاتي الخارجية متعددة، ولكن أهمها مشاركتي في الموسم الأول من مسابقة أمير الشعراء في أبوظبي، حيث كنت أول يمني يتأهل للنهائيات من ضمن 13 ألف متسابق.

الإبداع يتطلب الدعم
• ما الذي يحتاجه الشاعر اليمني برأيك كي يطور من ذاته الشعرية؟
الشاعر اليمني يحتاج إلى الدعم المعنوي والمادي، والخروج من دوامة البحث عن لقمة العيش، وسيتصدر العالم إبداعاً.

• من هو الملهم الأول لك؟
الملهم الأول لسليمان معوضة والدي رحمة الله تغشاه، ووالدتي التي أخذت بيدي وساندتني حتى تشكلت شاعراً، أسأل الله لهما الرحمة والمغفرة، وأن يسامحني على أي تقصير مني تجاههما.

• كلمة أخيرة تود قولها؟
أشكرك على هذا الاهتمام، وأتمنى لك التوفيق، وأسأل الله أن يجنب وطننا الحبيب مكائد العدوان والمتآمرين، وأن يستقر اليمن، وينعم بالرخاء والازدهار.