الفنان علي الكوكباني:واقع الدراما لا يسر و«الثقافة» تدير الظهر لـنضالات شعبنا
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / حاوره/ عبدالرقيب المجيدي
حاوره / عبدالرقيب المجيدي
إنه من المبدعين القلائل الذين عرفوا كيف يبذرون بذرة فنية تنمو وتفيض معرفة وفناً وجمالاً، ويعتبر قطباً من أقطاب الدراما اليمنية. أثبت وجوده من خلال أعماله التي يصعب أن يتميز بها أحد سواه.. الفنان القدير علي الكوكباني فنان يساوي ثروة، وهو أحد الأبنية التي ارتفعت في صرح الدراما اليمنية.. عندما نتحدث عن الدراما اليمنية غالباً ما تأخذنا الذاكرة إلى مسلسلي (الفجر) و(الثأر) اللذين كان أحد نجومهما المبدعين، واللذين كانا يناقشان موضوعات تمس واقعنا وتتحدث عن همومنا ومشاكلنا الحقيقية. موضوعات تمس واقعنا، ولا تسبح بنا في الخيال، ونحن بحاجة كبيرة إلى مثل تلك الأعمال القديمة.. هناك فنانون لهم أعمال درامية كثيرة، ولكنها كفقاعات الصابون، وسرعان ما تختفي عن الأنظار. أما أعمال الفنان علي الكوكباني فستبقى حاضرة، وسيكتب لها الديمومة والخلود، لأنهما تمثل البذور الأولى لمرحلة الدراما اليمنية.
الفنان القدير علي الكوكباني، مرحباً بك في هذا اللقاء مع صحيفة (لا)؟
في البداية شكراً لكم ولصحيفة (لا) على الاهتمام بالفن والفنانين، وبالدراما اليمنية التي هي أساس ثقافة الشعوب، وأعني بذلك المسرح والسينما والتلفزيون.
العمل الدرامي في اليمن موسمي
الدراما اليمنية لم تعد أحد الفنون النشطة، ولم تعد تبرز فوق سطح الحياة الثقافية، أين يكمن الخلل؟
سؤالكم في محله حول غياب الدراما اليمنية من شاشات القنوات الفضائية، إلا ما ندر، والمسؤول عن غيابها وعدم تواجدها الجهات المعنية مثل وزارة الإعلام والمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون والمؤسسات الرسمية والأهلية التي لم تكلف نفسها إنتاج دراما واقعية تعالج المشاكل الاجتماعية والثقافية والوطنية، حيث جعلت هذه الجهات المختصة من العمل الدرامي عملاً موسمياً فقط، بعيداً عن تناول المشاكل التي يعانيها الوطن والمواطن، والتي توثق توثيقاً صادقاً لمراحل النضال الوطني لشعبنا. للأسف الشديد، رغم وجود العديد من القنوات الفضائية الرسمية والأهلية، والتي كنا نأمل أن توجد العديد من القنوات التي سوف تسهم بنهضة ثقافية شاملة. وأؤكد لكم أن دراما السبعينيات وما بعدها الى نهاية 2011، كانت قد شقت طريقها بنجاح، وأسهمت بنشر الوعي الثقافي في أوساط المجتمع، حتى الأنشودة الوطنية غابت للأسف الشديد.
الجهات الرسمية لا تهتم بالمواهب
هناك مشكلة يعاني منها الفنانون القدامى، والذين كان لهم دور كبير في فن الدراما، ومع ذلك نرى المخرجين يتعاملون مع فنانين جدد. ماذا تقول في هذا الجانب؟
صحيح للأسف الشديد، فمعظم الفنانين الرواد انتقلوا الى رحمة الله، ولم تستغل مواهبهم كاملة، وماتوا بعد معاناة شديدة، لم يتلقوا أية رعاية من قبل الجهات المسؤولة، وإلى حد الآن من تبقى من الفنانين الرواد ممثلين وموسيقيين مهمشون مهملون حتى من بعض المخرجين الذين لا يهمهم المواهب القديرة والكفاءات الفنية القادرة على العطاء، فمعظم الأعمال التي يقومون بإخراجها يختارون لها كوادر لا تعرف عن العمل الفني شيئاً، إلا من رحم الله من المخرجين. وللأسف هذا ما يحصل.
رصيد لا ينضب
اشتهرت كثيراً في مسلسل (الفجر) ومسلسل (الثأر) ، هل لا تزال شخصية رابح حية في أذهان الجماهير؟
الأدوار البطولية التي أديتها بنجاح والحمد لله في العديد من المسلسلات الدرامية، لاقت الإعجاب الكبير من قبل المشاهدين، وحققت لي شعبية كبيرة لدى الجماهير، وشهرة ما كنت أتوقعها. وفي الحقيقة أول وأروع عمل درامي قدمني للجمهور الغالي هو مسلسل (الفجر)، ودور قاسم أبو الليل لا يزال صداه وشعبيته لدى الجمهور، وكذلك دور رابح في مسلسل (الثأر)، وتوالت أدوار البطولة في العديد من الأعمال الدرامية، أديتها بكل ما لدي من موهبة، وكل ما حصلت عليه من هذه الأعمال هو حب الجماهير لي، فهو الرصيد الذي لا ينضب، أما من الناحية المادية لا شيء يذكر، بعض الأعمال نخرج منها صفر اليدين.
واقع لا يسر
كيف تقيِّم واقع الدراما اليمنية خصوصاً في هذه المرحلة؟
واقع الدراما اليمنية حالياً للأسف لا يسر صديقاً ولا يغيظ عدواً، دراما هامشية برامجية لا تسمن ولا تغني من جوع، إلا ما ندر، وأظل أقول للأسف الشديد هذا هو واقع الدراما حالياً.
أعمال رائعة
لماذا لا يكون هناك عمل درامي يليق بمستوى اليمن، ومن خلاله يتم فضح جرائم العدوان السعودي القبيح؟
نتمنى أن تهتم الجهات المسؤولة عن الثقافة والإعلام بإنتاج أعمال درامية واقعية تسهم في نشر الثقافة الوطنية والتاريخية لنضالات شعبنا، وهذا ما نتمناه، وإلى حد الآن تاريخ الحركة الوطنية لم تتناوله الدراما اليمنية إلا باستحياء، لا ندري ما هي الأسباب. وللأسف ويا ليت أننا استمررنا بإنتاج مسلسلات اجتماعية مثل (الفجر) و(المهر) و(عندما تبتسم الأحزان) و(الثأر) و(الوصية) و(الحب والثأر)، والعديد من الأعمال التي أنتجت في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، والتي كانت قد قطعت شوطاً كبيراً في اللحاق بالدراما العربية، وكذلك الأعمال المسرحية العديدة والموضوعية التي قدمت في تلك الفترة، كانت أعمالاً رائعة قدمها المسرح العمالي والعسكري والوطني والمسارح الأهلية التي كانت موجودة آنذاك، والتي قدمت أروع الأعمال المسرحية لكتاب كبار رحمهم الله، مثل الكاتب الكبير المرحوم محمد ردمان الزرقة، والكاتب الكبير المرحوم عبد الكافي محمد سعيد، والكاتب والشاعر الكبير المرحوم محمد الشرفي، وغيرهم من الكتاب الرواد العظماء، وكان للمسرح العسكري والعمالي الريادة والسبق في تقديم هذه الأعمال الرائعة.
مشكلة
لماذا الدراما اليمنية ترضخ دائماً لرغبة المنتجين؟
هذه مشكلة، معظم المنتجين للأسف لا يهمهم إنتاج أعمال وطنية وتاريخية، وكل ما يهمهم هي الأعمال التي لا تكلفهم إلا القليل، والتي يجنون من ورائها أرباحاً سريعة، وذلك من خلال اختيارهم لممثلين مبتدئين ليس لهم أية تجارب سابقة، وهذا ما يحدث وللأسف.
حلقات سندوتشية
نلاحظ أن المخرج اليمني في أغلب أعماله يرافقه مجموعة من الممثلين دون غيرهم، برأيك لماذا؟
هذا صحيح، وما تعانيه الدراما من هذا التصرف غير المسؤول، أسهم في إحباط العمل الدرامي، وضعفه، وأصبح بعض المخرجين لا يهمه موضوع العمل ولا رسالته الإنسانية، يهمه أن ينتج عدة حلقات ليس لها أي معنى، مع احترامي للبعض أقول لهم إن عملاً درامياً واحداً له موضوع وهدف ورسالة، عملاً وطنياً يساوي عشرات الأعمال الهامشية التي ليس لها طعم ولا ذوق، بل حلقات سندوتشية فقط.
(الفجر) أكسبني جمهوراً واسعاً
ما هو المسلسل الذي تألق من خلاله الفنان علي الكوكباني؟
كل المسلسلات التي شاركت في بطولتها تركت من ورائها بصمة لدى جمهوري الغالي في أرجاء الوطن، ولكن دوري في عميد الدراما اليمنية مسلسل (الفجر) التاريخي، هو الذي أكسبني جمهوراً واسعاً، ولا زال صداه الى حد الآن.
لا وجود للمسرح في بلادنا
لماذا لم تهتم الجهات المعنية ببناء مسرح؟
لا يوجد في بلادنا السعيدة مسرح في عرضها وطولها وشمالها وجنوبها وشرقها وغربها، لا يوجد مسرح قومي بالمعنى الحقيقي كمسارح العالم، بل يوجد عندنا مراكز ثقافية متواضعة ومنصات لأعمال الاحتفالات المناسباتية.
الثقافة أساس وعي الشعوب
إلى متى ستظل الشكوى الدائمة من قبل الفنانين من عدم اهتمام وزارة الثقافة بهم؟
توجد جهات مسؤولة تقدر مسؤوليتها، وتعمل على الاهتمام بالفن والفنانين وبالأدب والثقافة ونشر الوعي الثقافي في أوساط الجماهير، وهذا لا يتأتى إلا من خلال وجود قيادات نيرة مثقفة وطنية يهمها أولاً وأخيراً كل ما فيه صالح الوطن والمواطن، والثقافة هي أساس وعي الشعوب ونهضتها وتقدمها.
فاقد الشيء لا يعطيه
ماذا ينقص الدراما اليمنية؟
ينقص الدراما اليمنية الكثير، ومن ذلك الاهتمام بإيجاد النص الدرامي أو الكوميدي الهادف، وتشجيع كتاب على كتابة النصوص الوطنية والتاريخية والاجتماعية، وكذلك تشجيع الفنون بمختلف أنواعها، وهذا لا يتحقق إلا بوجود مؤسسة إنتاجية وطنية مستقلة مالياً وإدارياً وفنياً، وترصد لها ميزانية تشغيلية تحقق بذلك الأعمال الرائعة التي نحلم بها، ونتمنى أن نراها تتحقق، ولكن للأسف فاقد الشيء لا يعطيه، والمثل يقول: (لو زرعنا لو في وادي عسى، كان طلع يا ليت).
أعمال خارجية
هل لك مشاركات خارجية؟
نعم، شاركت بتواضع في بعض الأعمال الخارجية مثل (سيف بن ذي يزن) للأسف مع الإخوان السوريين، ومسلسل (خطوات على الجبال) مع الجانب السعودي آنذاك، ومسلسل (حائر طائر) مع الجانب الإماراتي، ولي العديد من الأعمال الشعرية التي شاركت فيها في معظم الاحتفالات وأديتها في القنوات الفضائية، والتي لاقت نجاحاً باهراً، ولدي الآن ديوانان أعدهما للطبع، وعملت أيضاً في برنامج (حماة الوطن) الإذاعي والتلفزيوني، وكان لي فقرة خاصة حوارية (خواطر أبو حمير) كنت أكتبها وأقدمها يومياً. ولا أنسى مشاركتي في الأسبوع الثقافي الذي أقيم في السعودية، كما شاركت في بطولة مسلسل (حصار السبعين) الذي كانت تبث حلقاته من تلفزيون القناة الأولى عبر برنامج (حماة الوطن)، وشاركت في بطولة العديد من الأعمال المسرحية.
بماذا يحلم الفنان القدير علي الكوكباني؟
أحلم بوطن آمن مستقر تعم المحبة بين أبنائه، وطن وحدوي يشهد نهضة شاملة في كل المجالات. وأحلم بأن أرى الدراما اليمنية قد وصلت الى مستوى الدراما العربية، وليس ذلك على الله ببعيد، عندما توجد النية الخالصة من الجهات المسؤولة عن ذلك.
رصيد جماهيري
ماذا أضاف لك الفن؟
أضاف لي رصيداً جماهيرياً كبيراً في أرجاء الوطن الواحد، وأضاف لي حب الجماهير الواسعة وتقديرهم لي واحترامهم، فأينما ذهبت أتلقى المحبة والتقدير والاحترام من قبل جماهيري الغالية التي أحبها وأقدرها وأحترمها وأجلها، وأتمنى أن أقدم لها المزيد من الأعمال الناجحة. لكل فرد من المعجبين بعلي الكوكباني وبأدواره، أقول لهم أنتم رصيدي الذي لا ينضب، وبكم أفخر وأتفاخر، وأقول لكم في النهاية حماكم الله من كل مكروه، وحفظ الله اليمن.
المصدر صحيفة لا / حاوره/ عبدالرقيب المجيدي