إلى أين وصل الوعي في 2018 ؟
فــي ذكــرى المولــد ..نساء اليمن يبهرن العالـم


أمة الملك الخاشب / لا ميديا
بعد دعوة السيد القائد، في يوم الاثنين الماضي، للجماهير بالخروج المشرف في الساحات السبع المعدة لإحياء المولد النبوي كانت النتيجة خروجاً خيالياً وغير مسبوق، ولا أبالغ إن قلت إنه لم يشهد له تاريخ المسلمين مثيلاً.
منذ ساعات الصباح الأولى من صباح يوم الثلاثاء، الموافق 12 ربيع الأول، والسيول البشرية تتدفق وتتدافع، متجاوزة كل الصعوبات وكل العوائق، ومنتصرة على الحروب الباردة وبقوة، فما سر ارتباط اليمنيين بالنبي الأعظم؟ وكأنهم كانوا فقط منتظرين من يعيدهم ويوجههم إلى نهج أجدادهم، فنفسياتهم ذوات فطرة سليمة.
فلو كان مقدراً للساحات المعدة للاحتفال أن تنطق لنطقت وقالت: أذهلني خروج الناس بهذا الزخم الجماهيري! ولكانت تقول: شكراً لأنصار الله الذين أعادوا للشعب كرامته واعتزازه بنفسه وبنبيه الأعظم صلوات الله عليه وآله. وما لفتني أنه رغم حرارة الشمس في صنعاء التي شعرت بها، وحرارة الشمس في الحديدة وفي الجوف التي سمعت بها، فإن الحشود استمرت في التدفق والتدافع كما السيول الغزيرة التي لا يرى أولها من آخرها. 
هذه الحشود المرعبة للعدو تعتبر استفتاء شعبياً يعرّفهم حجمهم في اليمن، فالحشود المحمدية تعلن استمرار الصمود واستمرار التضحيات حتى تحقيق حقها في الحرية والكرامة المنشودة كما أعلن قائدها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ورعاه.

المرأة اليمنية في السبعين
في الحقيقة كان حضور المرأة اليمنية في ساحة السبعين حضوراً تاريخياً وغير مسبوق، حضوراً هزم نفسية العدو وجعل بعض المرجفين يكتبون بكل خيبة أنهم قد بذلوا جهودهم (حسب تعبيرهم) لتوعية الشعب لكن دون فائدة تذكر. أكثر ما جعلني أسخر من عقولهم الغبية التي سُلبت التوفيق منشورات البعض الآخر مصدومين، حيث كتبوا أن كل من حضروا المولد صرفت لهم سلال غذائية!! 
فهل يعلم هؤلاء ماذا قدمت النسوة في سبيل الله والوطن حتى يتهموهن بأنهن لا يخرجن إلا لسلال غذائية؟! طبعاً لا يدركون ما معنى العطاء والتضحية، ولا يرتقون بأنفسهم ليستوعبوا معاني البذل في سبيل الله.
أحياناً أشفق لحال هؤلاء الرخاص، وإلى أي درجة وصلوا من الانحطاط وحرمانهم أنفسهم من العزة والكرامة التي خرجت بها الملايين والسيول البشرية التي تضاعفت أضعاف كل عام، رغم تزايد عدد الساحات، ما يدل على ارتفاع مستوى الوعي بنسبة كبيرة جداً، وهذا بفضل الله ودماء الشهداء وحكمة القائد وتحركات المخلصين.

نساء من مختلف المديريات
تنقلت بين تلك الجماهير الغفيرة من النساء وأنا أسمع اللهجات المتعددة، فقد طُفتُ عليهن قبل بدء الفعالية وتبادلت معهن أطراف الحديث، واستمتعت جداً وأنا أدردش معهن، وشعرت بالفخر وأنا أجس نبضهن عن حضورهن للمولد وعن التفاعل المجتمعي حولهن من الناس، وبدأت أوجه لهن بعض الأسئلة عن مجتمعاتهن وعن نسبة الوعي والثقافة هناك وعن التضحيات التي يقدمنها في سبيل عزة وكرامة الوطن. 
فمن (بني حشيش) التمست العزة والإيمان، ومن (سنحان) (بيت حاضر إلى وادي الأجبان والضبعات) شعرت بالقوة والصلابة حتى من نبرات الصوت، ومن قرية (القابل) الشامخة رأيت نساء فكأني لمحت شموخ القرية من نظراتهن ومن حديثهن، ومن (بني مطر) شاهدت البراءة والبساطة وصدق الفطرة والصدق والرغبة في التضحية والتسابق على حمل لقب والدة الشهيد أو زوجة الشهيد والرغبة في التعلم والمعرفة والاطلاع أكثر وأكثر، ومن (حزيز) و(المحاقرة) التمست في كلامهن الوعي والثقافة والاطلاع على كل ما يدور حولهن، ومن (بلاد الروس) من عزلة (ذي سان خدار العبس)... أما من محافظة عمران فوحدها وفد منها أكثر من عشرين باصاً إلى جانب عشرات السيارات الخاصة ونساء عمران وما أدراك ما عمران؟!...
قد أعجز عن وصف كل ما شاهدت وسمعت من النساء العظيمات المؤمنات، ولكن الكل بشرنني بأن الوعي يزداد ويزداد، خاصة مع ازدياد الشهداء، فكل شهيد يحيي أسرته من بعده وأقاربه ويكون لدمائه أثر كبير في التحاقهم بالمسيرة القرآنية، وهذا ما أكد لي أن دماء شهدائنا فعلاً لا تذهب هدراً.
ولا أبالغ إن قلت إن ساحة السبعين وساحة جامع الشعب أيضاً لو قدر لهما الكلام لقالتا إنهما ينتظران مناسبة المولد النبوي في كل عام ليتشرفا بهؤلاء النسوة لتطأهما أقدامهن.
نساء من مختلف الفئات والأعمار والألوان، نساء يحملن الأطفال، ونساء كبيرات السن، ونساء شابات في مقتبل العمر، نساء ظلت ألسنتهن تلهج بالصلاة على النبي وآله، الصلاة التقليدية التي ورثنها عن الأجداد والتي تترك في النفس أثر الروحانية والشعور بقرب الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وآله. 
وما إن أطل السيد القائد تلك الإطلالة، عم الصمت والهدوء وتوجهت الأنظار إلى الشاشة. وما إن ابتسم السيد القائد ورحب بالحضور، رأيت الدموع تغرق العيون وتسبقها العبرات الخانقة، شوقاً لحفيد المصطفى واستذكاراً للنبي الأعظم صلوات الله عليه وآله، الذي اجتمعت كل تلك الحشود حبا له.
أيضاً في ساحة محافظة ذمار كان للمرأة حضور مهول وغير مسبوق من مختلف مديريات المحافظة؛ ولكن كان هناك تقصير بخصوص التغطية الإعلامية من محافظة ذمار، خاصة عن الجانب النسائي؛ ولكن يكفينا فخراً أن الحشود عبرت عن أن مستوى الوعي زاد جدا وارتقى لدرجة تريح النفس، حتى وإن لم تكن التغطية الإعلامية كافية، فالرسالة قد وصلت. 
وأخيراً، نحمد الله تعالى دائماً وأبداً أن جعل حب النبي وآله فارقاً بين الحق والباطل، ولم نجد أحد المؤيدين للعدوان يذكر النبي أو يبتهج لذكرى مولده.
وهنا يقع الفرق بين المحمديين وبين عبيد بني سعود والأمريكيين.