عندما تلتقي به تشدك رائحة الطفولة الجميلة، ويغزو وجدانك الإحساس بالسعادة، وأنت تتأمل فناناً كان له الأثر البالغ في سعادة الكثيرين من خلال فنه الذي رافق طفولة هذا الجيل الصاعد. وعندما تستمع إليه ترى الصورة الأصيلة لمعنى الإنسان اليمني العظيم، فهو مشرق الأمل كوجه الصباح، وطموح بلا حدود. . رحلة عطاء طويلة ومستمرة بنفس البهجة والطموح، كرست حياة الفنان الكوميدي سليمان داوود، وجعلته من أبرز الفنانين اليمنيين الذين حملوا الفن قضية في عملهم وفي خياراتهم، يغرد في سربه الخاص، بعيداً عن السائد، إيماناً منه بأن الجمهور متعطش للفرح، وهو حالة فنية فريدة، حفر اسمه في ذاكرة الأطفال والكبار معاً بالجهد والكفاح والتحدي.. إصراره على أن يرسم الابتسامة في وجه الأطفال كان أقوى من أية مساومة يمكن أن تسهل مشواره الفني، فكان يعمل جاهداً لرسمها منذ أن كان في كشافة المدرسة، وحتى وصل على عتبة المسرح.
هواية قبل كل شيء
ـ لو تحدثنا قليلاً عن بداية تجربتك الفنية؟ 
لم يكن دخولي عالم الفن تجربة، وإنما هواية نابعة من القلب منذ أيام المدرسة عندما كنت في الكشافة، وصعدت بعد ذلك درجة درجة حتى وصلت.

سر نجاح (كشكوش)
ـ كان هناك فراغ كبير في دراما الأطفال اليمنية، إذ لا يذهب الفنانون في هذا الاتجاه، لكنك من خلال مسلسل (كشكوش) عملت نقلة نوعية في عالم دراما الأطفال.. كيف استطعت أن تسد هذه الثغرة؟
أولاً كان يجب أن نقدم شيئاً للأطفال، ومسلسل (كشكوش) تعبت فيه كثيراً حتى نال هذا النجاح، والفضل يعود لله تعالى وللأستاذ إبراهيم الأبيض الذي شجعني ودعمني حتى استطعت أن أتقمص شخصية (كشكوش)، وبرزت فيها.

رسالة للعالم عن معاناة الأطفال
ـ هل تسعى لتقدم دراما للأطفال أفضل من مسلسل (كشكوش)؟
الأطفال متعبون نفسياً مع الظروف والعدوان الظالم الذي يقتل الأطفال، ونحن من خلال الأعمال الفنية للأطفال نقدم رسالة للعالم عما يعانيه الأطفال في اليمن. وباستطاعتي أن أقدم عملاً للأطفال أفضل من (كشكوش)، لكن المشكلة في الكُتاب.
والآن أحاول من خلال شخصية (حمائم) أن نوصلها للأطفال، ومن الصعب أن أترك شخصية (كشكوش) تطغى علي، فأنا ممثل، وإذا لم أستطع أن أقدم عدة شخصيات فلست ممثلاً (أرقد في البيت أفضل!).

ليس هناك اهتمام بالفن
ـ كيف تلمس واقع الفن اليمني في ظل هذه الظروف التي تعيشها البلاد؟
المأساة التي يعيشها الفن اليمني ليست وليدة اللحظة، وإنما من زمان، لأن الحكومات السابقة لم تكن تهتم بالفن، على عكس حكومات الدول الأخرى، فأي بلد لا يوجد فيه مسرح لا يمكن أن يكون شعبها مثقفاً.

(الثقافة) لم تفعل شيئاً
ـ بصفتك مديراً لمسرح الأطفال في وزارة الثقافة.. ما هو دور الوزارة في إنتاج الأعمال الفنية؟ 
وزارة الثقافة (زي بيت الوقف)... أخي لا تتعذر بالعدوان، اشتغلوا وحركوا المسرح، فمن خلاله عرفوا العالم بما يحدث، وإذا كانت مؤسسات خاصة وصغيرة تشتغل في مواجهة العدوان، وأقول بالفم المليان وزارة الثقافة لم تفعل شيئاً منذ 3 سنوات. 
الجندي يواجه العدو في المعركة، وأنتم (مخاطباً العاملين في وزارة الثقافة) بماذا ستواجهون العدو؟ وأوجه رسالة إلى الأخ عبدالرحمن العابد أن يشغل التلفزيون، وينتجوا دراما توصل مظلومية اليمنيين للعالم. 

مطلوب التشجيع والدعم
ـ لو توقفنا عند هذه النقطة... ماذا ينقص الدراما اليمنية؟ 
التشجيع والدعم، ونحن نقدر الظروف والعدوان الذي أكل الأخضر واليابس، لكن يجب أن نعمل بضمير، ولا نقول (يجيبوا لنا رأس الثور كله)، فقط نريد حتى سناً واحدة من الثور.
نحن في عدوان، ويجب على وزارة الثقافة أن تشتغل وتدعم الشباب، فهناك شباب في الشوارع والبوفيات، وهم فنانون ومبدعون، ولديهم مسرحيات وأعمال تحتاج للدعم حتى تظهر.
نحن فقط نعتمد على الجيش واللجان في الجبهات، ونحن في (الهناء راقدين)... يجب أن نعمل جميعاً.

مجردون من الإنسانية والكرامة
ـ رأينا موقفك الوطني من العدوان على البلد، ماذا تقول في هذا الصدد؟ 
الإنسان الذي يرضى على بلده بالدمار، وعلى أبناء جلدته بالقتل، فهو مجرد من الإنسانية والكرامة، لأن هذا عدوان علينا جميعاً، ولا يستثني أحداً، وأنت كيمني وإنسان ومسلم عندما ترى مشاهد إخراج الأطفال من تحت الأنقاض، والمرأة التي كانت مستورة في بيتها قبل أن يقصف منزلها العدوان، وتعرت أمام العالم وهي تحت الأنقاض.. بالله عليك ماذا نقول عن العدوان؟! نقول شاطر يا سلمان!
إذ لم نتكاتف ونكن صفاً واحداً جميعاً في مواجهة العدوان، فليس هناك فائدة. 

دور الفنان في مواجهة العدوان
ـ ماذا عن دورك في مواجهة هذا العدوان؟
أنا أجاهد من خلال عملي الإعلامي، لدينا برنامج اسمه (فحوصات) يكتبه الفنان يحيى صغير، وتنتجه مؤسسة الإمام الهادي، ومن خلال صحيفتكم أشكر الأستاذ عبدالله الوشلي، رئيس المؤسسة، الذي يعمل جاهداً ليفعل شيئاً من خلال الدراما والبرامج التلفزيونية، ليرى العالم والصامتون في العالم الإسلامي والعربي كيف يفعل العدوان باليمن، ولا بد أن نوصل مظلوميتنا إلى العالم أجمع من خلال الدراما اليمنية. 

 فرد في الجيش
ـ لو لم يكن سليمان داوود فناناً ففي أي مجال ستجد نفسك؟ 
 (صديق المزارعين) [من باب الدعابة]، كنت سأجد نفسي في الجيش، لأن والدي كان في الشرطة العسكرية، ووطنيته نقلها إلى قلوبنا، وأحببنا في الوطن... ويجب أن نقول الصدق الوطن الذي ترعرعت فيه وبنيت مستقبلك فيه، يجب أن نحبه.  

الشجعان والحمائم
ـ لقد عملت في المجال الإعلامي، حدثنا عن هذه التجربة. 
عملت في عدة برامج تلفزيونية وإذاعية، وحالياً أقدم برنامج (حمائم) في إذاعة (سام)، ونتكلم فيه مع الأطفال عن العدوان، وعن مستقبلهم وتعليمهم، وتخيل معي أسمع أطفالاً عندما يتكلمون عن العدوان كلاماً لا تلاقيه عند الكبار. 

ـ هل لديك أعمال فنية قادمة؟
نعم لدينا الجزء الثاني من مسلسل (مغامرات الشجعان)، وهو من إنتاج مؤسسة الإمام الهادي، وسيعرض على قناة (المسيرة) في رمضان، بالإضافة إلى مسلسل (أبو الحمائم) في إذاعة (سام).

ـ ما الذي يحزن سليمان داوود؟ 
من زمان تحزنني دمعة الطفل، أما اليوم ما يقتل سليمان داوود هو عندما أشاهد جثة الطفل تحت الأنقاض.

لا أستطيع التفكير
ـ بماذا يفكر سليمان داوود؟ 
كلما أحاول أن أفكر بأشياء في المستقبل، لا أستطيع.. لماذا؟ لأن كل الدمار الذي حصل بسبب العدوان شتت الأفكار، والذي قتلني أكثر الطفلة إشراق التي قتلها العدوان في مدرسة بأرحب، فكيف تريد أن يفكر سليمان داوود وهو يشاهد هذه المظاهر المأساوية؟

ـ كلمة أخيرة تود أن تقولها...
كلمة أقولها للشعب اليمني أن نكون يداً واحدة ضد هذا العدوان، لا تغرينا الأموال وبيع الوطن، ويجب أن نتكاتف ضد العدوان وفي بناء الوطن، وأتمنى أن يعم الخير والسلام والأمان الوطن، وتعم المحبة والتسامح أبناء الشعب اليمني كافة. وشكراً لصحيفة (لا) ولك أنت.