قصائده مصقولة صافية، ضخ فيها من فكره وعمق تأمله، مما جعلها تمتلئ وتتوهج بالثراء في سياقات وأساليب وهندسة تركيب لم يعرفها إلا شعر أحمد درهم المؤيد.
كتب شعراً غزيراً عبر عن وطنيته الصادقة وانتمائه لليمن، استطاع أن يعيد للقصيدة دورها الحيوي. حافظ على كبرياء الكلمة وضخامة طاقتها، احتفظ برونق الشعر، وتجوهرت لغته الشعرية. حمل على عاتقه هاجس القصيدة الشعبية، وعمل على تطويرها، تنفس أصالتها، وشرب من منابع خلودها، وبلل روحه بعبقها.. يتميز الشاعر الكبير أحمد درهم المؤيد بموهبة نادرة وثقافة واسعة، إنه شاعر يخوض في تضاريس دقيقة من الشعر. كما تتميز قصائده بلغة سلسة دفاقة، وإيقاع جميل، وبفكر حيوي، وبما تبعثه من إحساس وطني.. إنه شخصية إنسانية ووطنية بامتياز.
في ذكرى يوم الشهيد
ـ كيف يحب الشاعر أحمد المؤيد أن يقدم نفسه لقراء صحيفة (لا)؟
أحمد درهم المؤيد كشاعر أتقدم لكم ولقراء صحيفتكم الكرام بأزكى تحية وأزكى سلام، ونحن في الأيام الأولى من مناسبة ذكرى الشهيد أقــول:
يا سلامي عليكم يُوزَّع 
بالتحيات وزنه فريد
في الحشى بارق السعد يلمع 
هللي يا بيوت القصيد  
يوم ذكرى لها العين تدمع
التقينا بيوم الشهيد

جبهة قتال شعرية
ـ ظهرت العديد من الأصوات الشعرية المبدعة التي أصبحت تؤثث المشهد الشعري بالعديد من الأعمال الشعرية المناهضة للعدوان، ماذا تقول في هذا الجانب؟
ــ لا شك أن ظهور هذه الأصوات الشعرية وظهور الشعراء الكبار مثل رافداً كبيراً للجبهة العسكرية في الميدان، بل أصبحت تلك الأصوات جبهة شعرية لا تقل شأناً عن جبهات القتال، وانتقلت بالشعر من حالة الجمود الى حالة المواجهة، وأسست لمرحلة جديدة لم يسبق لها مثيل في تاريخ اليمن على ما أعتقد، وأصبحت أصوات الشعراء اليمنيين تدوي في عموم منطقتنا العربية، وتتصدى لكل حملات التضليل والتشويه التي تشنها دول العدوان على شعبنا اليمني المجاهد، وما نراه ونسمعه في الميدان خير شاهد على ذلك.

ثورة القصيدة
ـ هل اكتمل للقصيدة الشعبية كل المقومات الضرورية لكي تبقى وتستمر؟
من وجهة نظري أن المقومات لبقاء واستمرارية القصيدة الشعبية شبه مكتملة في بعض الجوانب، وقاصرة شيئاً ما في جوانب أخرى، لكنها قابلة للمعالجة حتى تستمر بشكل دائم، وطالما استمر العدوان ستستمر القصيدة، وستبقى ثورة حتى تتحقق لشعبنا وأمتنا العربية العدالة والاستقلال.

ـ هل لك قصائد تم إنشادها؟
نعم، لدي العديد من القصائد التي تم إنشادها.

ـ عمل شعري تعتز به كثيراً..
كل أعمالي الشعرية أعتز بها كثيراً، لكونها تحمل قضية، وتدافع عن مظلومية شعبنا اليمني، وما يتعرض له من عدوان غاشم.

استفزاز ونشوة
ـ هل لك طقوس خاصة لكتابة القصيدة؟
في حالة استفزاز المشاعر أو نشوة الشاعر أو مناسبات وطنية ودينية تكاد القصيدة تجري من خلال السطور، وها هنا تكمن طقوسي كشاعر، والمـبـاشر مـا له إلا المباشـر، والمشاعر مثل موج البحور.

هنا الخلل
ـ هناك قصائد ركيكة يتم إنشادها، فيما نرى قصائد قوية يتم تجاهلها من قبل الكثير من المنشدين، برأيك لماذا؟
هناك قائمون على الشعراء والمنشدين لمتابعتهم وتأهيلهم، ولو أن المنشدين الذين تقصدهم التزموا بذلك لكانت أعمالهم قوية، لأن المنشد قد لا يحسن الاختيار بنفسه، بينما القائمون بهذا الجانب على معرفة وتواصل بالشعراء الأقوياء من خلال مخالطتهم المستمرة، فإذا ابتعد المنشدون عنهم كانت أعمالهم عشوائية، وهنا مكمن الخلل.

لا يشبهني أحد
ـ من هو الشاعر الذي يشبهك؟
قد يكون هناك من يتأثر بأشعاري وطريقتي، أما الشبه فلا أعتقد أن هناك شاعراً يشبهني، لأن كل شاعر له طابعه الخاص به.

ليسوا شعراء
ـ من هو الشاعر الذي صدمك بانحيازه للعدوان؟
لا يوجد شاعر صدمني بانحيازه للعدوان، لكونه تجرد عن كل القيم وتنكر لهويته، ولم يعد شاعراً في نظري، وهو يرى أبناء بلده يدفنون تحت الأنقاض رجالاً ونساءً، شيوخاً وأطفالاً، ومع ذلك يساند المعتدي ويؤيد عدوانه البشع، فالشاعر هو من يحمل هموم شعبه، ويدافع عن مظلوميته وقضيته المحقة والعادلة، ويكون له موقف مشرف، وما أجمل ما قاله الشاعر أحمد مطر: 
لعنت كل شاعرٍ 
لا يمتلك 
قنبلة 
ليكتب القصيدة الأخيرة 

من رحم الألم
ـ لنعد بالذاكرة الى البداية، كيف كانت؟
نتيجة لتلك الآلام التي عشتها، والحروب الطاحنة على صعدة وما جاورها، والمجازر والسجون، كانت البداية، وتفجرت القريحة الشعرية، وحملت قضيتي مدافعاً عنها وعن مظلوميتي.

ـ من شجعك من الشعراء؟
شجعني والدي العزيز (رحمه الله)، فقد كان حكيماً وعالماً وشاعراً ملهماً. ومنه تعلمت أموراً كثيرة، وبتأثري به وتشجيعه لي استطعت كتابة الشعر.

فوق الاستفزاز
ـ ما الذي يستفزك؟
لا يستفزني شيء، وهدوئي فوق الاستفزاز (وما كل برق لاح لي يستفزني).

أحلم بالنصر
ـ بماذا يحلم الشاعر أحمد المؤيد؟
انتصار شعبنا اليمني العظيم، وتوحيد صفوفه، وأن يكون بلداً آمناً مستقراً مستقلاً تحت قيادة واحدة، وهذا حلمي عسى أن يجعله ربي حقاً.
ـ قصيدة ترددها دائماً..
أردد كل قصائدي، وأكثر من ذلك الزامل الذي أنشده المبدع عيسى الليث، بعنوان (حان النقاء)، يا شعب من فوهة الشيكي شبّ النكف واللقاء ساعة... 

دقت نواقيس الخطر
ـ ما هو أول زامل كتبته؟
بعد الحرب السادسة زامل (يا شعبنا دقت نواقيس الخطر)، كتبته لعيسى الليث ومجموعة من المنشدين.
ـ ما هو المجد الذي يحظى به الشاعر من الشعر؟
يحظى بحب جماهيره والرفعة والمكانة والسمعة الطيبة.

صدق النبوءة
ـ يقال بأنك تنبأت في قصائدك في 2006 وأنت في السجن المركزي بالحديدة، عن الأحداث الجارية اليوم، هل هذا صحيح؟
نعم أبيات كتبتها داخل الزنزانة بداية 2006 تقريباً في السجن المركزي بالحديدة: 
فجروها حرب كبرى قوية 
وازحفوا بالألوية والكتايب 
واستعينوا بالقوى الأجنبية 
وادفعوا للغرب كل الضرايب  
واجعلوا كل الزنازن ملية
قفلوها من جميع الجوانب  
دام واحنا حاملين القضية 
والشعـار سلاحنا للحـرايب  
والـثـقة بـالله رب الـبـريـة 
نعتصم به في جميع النوايب
الفـيـالق جـاهزة حـيـدرية
تقتحم كل المواقع غصايب 
الشـواهـد للـهـزائم جلـيــة
والعبر قال المثل في العواقب 
للسقوط عروشكم مستوية 
ما يضيع الحق بعده مطالب

ـ ماذا أضاف لك الشعر؟
معرفة الرجال الأحرار والأصدقاء الشرفاء والأدباء الكبار أمثالكم.

ـ كلمة أخيرة..
الشكر لكم جميعاً ولصحيفتكم الموقرة (لا)، التي أصبحت مهوى قلوبنا، (لا) التي لا تنفك تبحث عن المواهب وتنمي العقول وتصقلها بعذب أفكارها وثقافتها المستنيرة، (لا) التي لايستطيع أن يفارقها من تابعها وتعلق بها.. ولشعبنا اليمني العظيم وجيشنا ولجاننا الشعبية النصر.. والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى.. وكل التحية لقراء صحيفتكم الكرام.. والسلام عليكم.