
يعوّل أبناء الشعب اليمني على المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ، الكثير من الآمال والطموحات في تحسينِ أوضاعهم المعيشية الصعبة، وارتفاع الأسعار بشكلٍ فاق طاقة المواطن، في ظل الحصار الخانق الذي تفرضه دول العدوان على الشعب اليمني، براً، وبحراً، وجواً... لأكثرِ من عامين، حيثُ تتجه أنظارهم في هذه المرحلة التي أعقبت وأد الفتنة التي كانت ستحرق العاصمة صنعاء والمحافظات، إلى المجلس والحكومة، لتغيير الصورة النمطية التي تمضي بنفسِ الوتيرة حسب متابعين لأدائهما، وكذا الإيفاء بوعودهما للمواطنين بتحسين الأوضاع الاقتصادية.. صحيفة (لا) التقت عدداً من الإعلاميين، والكتّاب، والمهتمين بالشأنِ المحلي، وكذا مواطنين أوصلوا رسائلهم إلى حكومة الإنقاذ، والمجلس السياسي، وتمنوا أن يكونا أكثر قرباً منهم...
فرصة ذهبية
أكد الرئيس صالح الصماد، في كلمته بعد إعلان مقتل رأس الفتنة رسمياً من قبل وزارة الداخلية، والتي طمأن من خلالها أبناء الشعب اليمني بأن الدولة قامت بواجبها الدستوري والقانوني والأخلاقي في حفظ الأمن والاستقرار في كل حي وشارع من أمانة العاصمة وبقية المحافظات، من الأعمال التخريبية التي قامت بها عناصر مدعومة من التحالف، وبإسناد مباشر منه، من خلال القصف دعم عناصر صالح في تنفيذ مخططات التحالف.
فيما يرى مراقبون للوضع المحلي أن المجلس السياسي الأعلى، وحكومة الإنقاذ، أمامهما فرصة ذهبية لإعادة الثقة التي فقدها المواطن جراء أدائهما المترهل في الفترةِ الماضية، خاصة مع تدهور الوضع الاقتصادي، وأزمة المشتقات النفطية، والارتفاع الجنوني للأسعار، وغياب مراقبة جشع التجار المتلاعبين بأقواتِ البسطاء.
لا تأبه لأوضاع الناس
ينتقد الصحفي جمال الغراب (كاتب صحفي، ورئيس موقع الفجر الجديد) المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ لأنهما يركزان بشكلٍ أكبر على الجانبِ الحربي، مع ترك الشعب يتضور جوعاً.. ويرى أن الكثير من المواطنين اليمنيين يعلقون آمالاً كبيرة على المجلس السياسي، وحكومة الإنقاذ برئاسة بن حبتور، لإنقاذهم من الأوضاع الاقتصادية المتردية التي بلغت مرحلة خطرة جداً.. لكنه وعلى ما يبدو أن المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ لم يأبها لأوضاع المواطنين بقدر ما يهمهما التركيز على الجانب الحربي وكيفية حشد الإمكانيات في هذا الجانب، وترك الشعب يتضور جوعاً جراء ما وصل إليه من حالة اقتصادية يصعب شرحها...
حبر على ورق
يستدرك الغراب: كنا نأمل أن يقدما شيئاً يذكر لخدمة المواطن، نتذكر وبحزن شديد قرارات المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ، المتمثلة بتخفيض أسعار أهم السلع التموينية والغذائية، لكنها ظلت حبراً على ورق، ولم تنفذ حتى اليوم، سيما قرارات تخفيض سعر مادة الغاز المنزلي، وإيجار المنازل. ورغم هذا الأداء الضعيف، إلا أن الكثير من المواطنين اليمنيين مازالوا يعلقون آمالاً كبيرة على المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ لإنقاذهم من الأوضاع الاقتصادية المتردية التي بلغت مرحلة خطرة جداً.
وختم الغراب رؤيته: صراحة المواطن اليمني يعيش أوضاعاً صعبة وحرجة، وعلى السلطات أن تقدر هذا الوفاء من قبل الشعب اليمني، وبدلاً من التركيز فقط على الجانب الحربي وكيفية حشد الإمكانيات لإنجاحه، فإن المجلس والحكومة مطالبان بتخفيف أعباء مواطنيهما بنفس الوتيرة، فخدمة المواطن وتوفير ولو جزء بسيط من الخدمات التي تتعلق بحياته كإنسان، لا تقل أهمية عن الجبهات العسكرية، حتى لا يستغل العدوان هذه الهفوات لتحقيق أجندته في اليمن.
نقلة نوعية مرتقبة
استبشر الكثير من المواطنين بكلمة الصماد عقب وأد الفتنة، وتفاءلوا بأن القادم سينتشلهم من الأوضاع المتردية... وفي هذه الجزئية يرى الماجد حميد (صحفي وناشط) أن ما جاء في كلمة رئيس الجمهورية صالح الصماد ينبئ أن الفترة القادمة ستشهد نقلة نوعية على كل المستويات، سواء على مستوى الإصلاحات الاقتصادية وتوفير المتاح والممكن من الرواتب والخدمات للشعب، أو على مستوى الإصلاحات الإدارية والمالية ومكافحة الفساد وإصلاح القضاء ونشر العدل والأمن لكافة أبناء الشعب، فضلاً عن الإصلاحات المنشود. وأضاف الماجد: لا شك أن القيادة السياسية ممثلة برئيس الجمهورية صالح الصماد، تملك من الإرادة والعزم ما يمكنها من تجاوز العثرات الماثلة، والعمل على التخفيف من حدة معاناة أبناء الشعب اليمني، والجميع يتطلعون إلى تحقيق ما تحدث به رئيس المجلس السياسي عقب وأد الفتنة بصنعاء، والذي أكد أن الفترة القادمة ستشهد نقلة نوعية على كل المستويات ومكافحة الفساد.
ترشيد نفقات
ويرى مراقبون للوضع أن صمود الشعب اليمني يستحق أن يُكافأ صبره بتخفيف معاناته، وهي رؤية تتفق مع ما طرحه الماجد حميد الذي يقول: إن غالبية أبناء الشعب اليمني الصامد يتطلعون من حكومة الإنقاذ أن تكون مستشعرة لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، والتحدي الماثل أمامها في التخفيف من معاناة الشعب اليمني، وتعزيز صموده أمام استمرار العدوان الغاشم، وذلك باتخاذ الإجراءات العملية المدروسة والكفيلة بترشيد النفقات وتنمية الموارد الإيرادية، وتفعيل أوعية إيرادية أخرى مهدرة تذهب إلى جيوب نافذين وغيرهم. مضيفاً أن من ضمن تلك التطلعات إعادة النظر في بعض المواد التشريعية الخاصة بتحصيل الإيرادات، سيما قانون السلطة المحلية، وإضافة وتعديل المواد التشريعية الكفيلة بالحفاظ على الموارد والإيرادات المحلية والمركزية، لضمان مواجهة تغطية المرتبات نسبياً، وغير ذلك من الالتزامات الماثلة.
ضبط المتلاعبين
في نزولها الميداني وجدت صحيفة (لا) أن معظم المواطنين يأملون من حكومة الإنقاذ ضبط المتلاعبين بأسعارِ السلع الأساسية والاستهلاكية والمشتقات النفطية، وهو أيضاً ما ختم به الماجد، أن يكون هناك دور لحكومة الإنقاذ في ذلك على مستوى المحافظات للتخفيف من حجم الأعباء التي تثقل كاهل المواطن البسيط، إلى جانب إيجاد مشروعات صغيرة مدرة للدخل للأسر المحتاجة عبر القروض الميسّرة، والضمان الاجتماعي، وتشجيع الإنتاج الزراعي، وغيرها من الخطوات الكفيلة بامتصاص الاحتقان الحاصل في أوساط المواطنين بفعل العدوان والحصار على بلادنا.
الشعب نفد صبره
من جانبها، بدأت أمة الملك الخاشب (كاتبة وناشطة سياسية) حديثها بحمد الله الذي منّ على هذا الشعب المؤمن والصابر بأن وأد الفتنة التي كان مخططاً لها، لسفك مزيد من الدماء... وأضافت: الشعب المظلوم يعيش تحت وطأة عدوان غاشم لا يرحم منذ ما يقارب الثلاث سنوات، ولا شك أن زعيم المليشيا كان له دور كبير في عرقلة عمل المؤسسات الحكومية، حيث كشفت الأحداث أنه لم يدخل في الشراكة إلا وهو يضمر النية لتشويه شريكه وتأليب الشارع العام عليه ونشر الشائعات، واختار المؤسسات الإيرادية كي يمنع توريد الإيرادات المتاحة للبنك كي تصرف حكومة الإنقاذ ولو جزءاً من الرواتب. تستأنف الخاشب: الآن وبعد وأد الفتنة وكشف كل ما كان مخططاً له من إسقاط صنعاء بيد تحالف العدوان مقابل السلطة والأموال والمصالح وبيع دماء الشهداء والجرحى.. بعد تجاوز هذه المحنة يؤمل المواطنون الكثير في تحسين أداء المجلس السياسي وحكومة ما يسمى الإنقاذ، لعلها فعلاً تنقذ الشعب من براثن الجوع وتخفف من المعاناة بعد أن سقط رأس الفتنة.
وتختم الخاشب: الشعب نفد صبره، وإذا لم يتحسن أداء الحكومة ولم يلمس المواطن التغيير، فعلى هذه الحكومة أن ترحل، فسياسة (النفس الطويل)، التي تم استخدامها مع رأس الفتنة، لن تستخدم معهم، فقد بلغ السيل الزبى، ومثلما أثبتت وزارة الداخلية جديتها وقوتها وبسطت نفوذها وقضت على الفتنة في 3 أيام، على بقية وزراء حكومة الإنقاذ أن يسارعوا في تحسين الأوضاع، بسرعة يشعر بها المواطن المغلوب على أمره.
ورقة العدوان الأخيرة فشلت!
يرى عمار الكحلاني (رئيس لجنة الأنشطة والفعاليات في اتحاد الإعلاميين) أن الفتنة التي تم وأدها كانت بمثابةِ ورقة أخيرة للعدوان فشلت.. واستطرد: الحمد لله وبفضله تعالى استطاعت الأجهزة الأمنية وبتعاون القوى الوطنية القضاء على هذه الفتنة الخطيرة التي كانت تهدد شعبنا العزيز الصامد الصابر في وجه العدوان الظالم، وكانت ورقة العدوان الأخيرة، ورهانه عليها فشل والحمد لله.
وبخصوص دور حكومة الإنقاذ والمجلس السياسي الأعلى والتعويل عليهما بتحسين الأداء، أضاف الكحلاني: بالـتأكيد أن الأشهر الماضية أثبتت قدرة المجلس في قيادة البلد وبشكل إيجابي ورائع، برغم الظروف الصعبة التي يعانيها الوطن، واستطاع من خلال ذلك حل الكثير من المشاكل على الساحة الوطنية، وكذا تعزيز الجبهات العسكرية بتخرّج عدد من الدورات القتالية التي أغاظت العدو.
وأكد أن الوضع بعد وأد الفتنة صار مهيأً بشكل أكبر باعتبار أن صالح كان معرقلاً رئيسياً لعمل المجلس السياسي وللحكومة من خلال كتلة المؤتمر الشعبي العام، ومع ذلك فالمسؤولية صارت أكبر على عاتق المجلس السياسي في تصحيح الأداء الحكومي ومكافحة الفساد وتوفير الرواتب والخدمات للمواطنين الذين يعانون بشدة جراء الحصار والعدوان.
أما هدى صبر (مهندسة صوت، ومعدّة برامج بإذاعة صنعاء) فإنها تتمنى ألا تخيب توقعات كل أبناء الشعب اليمني بعد وأد الفتنة، وأن تقدم حكومة الإنقاذ والمجلس السياسي حلولاً جدية للوضع المعيشي الراهن، ويغيرا الأداء لديهما في ما يخدم مصلحة المواطنين ويخفف معاناتهم، وأن تكون حكومة إنقاذ لا حكومة (أنقاض)، حسب تعبيرها.
سيطرة قوى العدوان
على حقولِ النفط
لا يزال الشعب اليمني يتعرض لعدوان غاشم منذ 3 سنوات، يرافقه استمرار الحصار المفروض منذ بدء العدوان... هكذا يرى حسن شرف الدين (صحفي) السبب الرئيسي في عجز المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ عن إيفاء تعهداتهما تجاه توفير الرواتب وضعف الخدمات الأساسية، أضف إلى ذلك سيطرة قوات التحالف وعملائها ومرتزقتها على الموارد الرئيسية، والمنافذ الرئيسية البرية والبحرية والجوية للبلاد، ناهيك عن حقول النفط التي يسيطر عليها العدوان ومرتزقته، وبالتالي جميع إيرادات الدولة تذهب إلى طرف العدوان ومرتزقته. إضافة إلى أن سيطرة قوى العدوان ومرتزقتهم على المنافذ البرية، والبحرية، والجوية، وسيطرتهم على حقول النفط كما أشرنا إليه سابقاً أدت إلى ضعف أداء البنك المركزي اليمني.. ورغم الدور الذي كان يتمتع به هذا البنك في معالجة قضية الرواتب، قام مرتزقة العدوان وبإيعاز من السعودية التي تقود قوات تحالف العدوان، بنقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى محافظة عدن المسيطر عليها من قوات تحالف العدوان، ما أدى إلى تضييق الخناق على المواطنين، خصوصاً الموظفين عندما انقطعت الرواتب منذ نقل البنك.
أعباء إضافية
وأضاف شرف الدين أن كل الأسباب الآنفة حملت المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ أعباء إضافية وكبيرة، وحاولا مع القوى الوطنية المناهضة للعدوان تخفيف حدة هذا الحصار بإيجاد مجموعة من المعالجات والتي كانت معالجات آنية أو وقتية حتى انكشاف المؤامرة الخطيرة التي كانت تحاك ضد الوحدة الوطنية من الداخل، حيث استطاعت قوى العدوان اختراق الصف الداخلي، وبدأت بالتنسيق ووضع الخطط بهدف خلق حالة من الفوضى وإيجاد حالة من عدم الاستقرار في المحافظات الآمنة، خصوصاً أمانة العاصمة صنعاء باعتبارها عاصمة الجمهورية.
إيجاد خطة اقتصادية
يختم شرف الدين: بعد أن انكشفت المؤامرة ودرئت الفتنة بمقتل زعيم الخونة صالح، وهدأت الأوضاع في صنعاء وباقي المحافظات، وأصبح رهان العدوان على تفكيك الوحدة الوطنية ضعيفاً جداً، ولم يعد هناك من يؤيده إلا خائن، وأصبح المجال مفتوحاً للمجلس السياسي وحكومة الإنقاذ لإيجاد خطة اقتصادية ترشيدية للمؤسسات الإيرادية، هدفها تعزيز الإيرادات المالية وإعادة دور البنك المركزي اليمني بصنعاء. كان وضع المؤسسات الإيرادية غير مستقر قبل وأد الفتنة.. أما وضعها اليوم فقد تغير، وأصبح بالإمكان إعادة ترتيبها بما يخدم المواطن ورفد الجبهات بما تحتاجه.
رسالة مواطنة لحكومة الإنقاذ
وأثناء تحرير المادة وصلتنا رسالة مؤثرة من المواطنة وفاء الكبسي، وجهت فيها الكثير من الرسائل المهمة، والتي جاء فيها:
أرجو من حكومتنا الموقرة أن تفهم أوضاع وحاجة الناس، فلا تعيشوا بين الورق والافتراضات، انزلوا الشوارع، ولامسوا أوجاع الناس، نصف مرتب ظلم كبير، فليس كل موظف يستلم مائة ألف، ولا الخمسين ألفاً، فمعظم الموظفين الكادحين معاشاتهم أقل من الثلاثين ألفاً، فماذا يعمل للموظف (نصف مرتب)؟
خمسة عشر ألف ريال تقريباً مش حق الإيجار ولا حق صاحب البقالة المنتظر لراتب الموظف ليسدد ديونه المتراكمة، ولا حق عياله المنتظرين (للفنايل والجاكتات) لتقيهم شدة البرد، ولا حق المدارس، ولا حق مصروف البيت: من سكر ورز، وطحين، وغاز... ولا شيء مما ذكر، فالناس متألمون جداً.
وبمناسبة وأد الفتنة، والحمد لله على هذه النعمة العظيمة، أتمنى منكم ملامسة هموم الناس وأوجاعهم (يا منعاه). اعطوا لكل الموظفين سواء كان مديراً أم موظفاً عادياً، اعطوا الجميع تقريباً مائة ألف، وسموها ديناً، وإلا سموها (إسعافات أولية)، مش مهم الاسم، المهم يا ليت تفكروا بمعاناة المواطنين، وكونوا عوناً لهم، وليس من المستنفعين من همومهم وحاجاتهم..
لن نطالب العالم بحقوقنا ونحن مازلنا بعيدين عن حقوقهم وهمومهم!
فلا تنسوا أنكم حكومة إنقاذ وطني.
أمل أخير..
إذن.. الجميع اتفق من خلال تلمّس الأوضاع، أنها الفرصة التي تضع حكومة الإنقاذ، والمجلس السياسي، أمام المحك، ليقوما بدورهما الإيجابي، وتخفيف معاناة الشعب اليمني بإيجاد البدائل والحلول بما يتوافق مع المتاح، كون الشعب يستحق أكثر من مجرد (نصف راتب)، أو (سلة غذائية) لا تفي بالغرض.
المصدر بشرى الغيلي/ لا ميديا