ما بين سقوط المؤامرة وخيارات المواجهة " استراتيجية ضرب رأس الأفعى "
- تم النشر بواسطة طلال سفيان/ لا ميديا

يخوض أبطال الجيش واللجان الشعبية معركة تنكيل ضد العدوان ومرتزقته في عدد من جبهات القتال، وذلك رداً على استمرار العدوان والحصار المفروض على اليمن منذ 26 مارس 2015. . ففي أيام قليلة ضرب الطرف اليمني رأس التحالف الذي يقود العدوان على اليمن منذ عامين ونصف، وقدم مؤشراً عملياً على تنفيذ استراتيجية جديدة، واستعداده المضي في مواجهة العدوان حتى نهاية المطاف، وبالذات بعد تحقيق الانتصار التاريخي الأخير على مؤامرة الخيانة التي ارتبطت بمخططات العدوان ضد الشعب اليمني، والقضاء على مليشيات دعاة الفتنة والاقتتال الداخلي وتطهير ثكناتها وإفشال مخططاتها التخريبية التآمرية، في رسالة واضحة لكل من يحاول العبث بالأمن والاستقرار في العاصمة والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبية.
لم تمضِ ساعات قليلة على سقوط مخططات الخيانة التي قام بها صالح وأعوانه في العاصمة صنعاء, حتى تجرع العدو السعودي ومرتزقته هزائم مريرة وسقط قتلى وجرحى في صفوفهم في عمليات نوعية عكست مدى التلاحم القوي بين الجيش واللجان الشعبية في جبهات العزة والكرامة والإباء.
يقول أحد أبطال اللجان الشعبية: (كنا نهاجم مواقع العدوان ومرتزقتهم مرة في الشهر، وثم صرنا نهاجمهم مرة في الأسبوع، والآن أصبحنا نهاجمهم بشكل يومي).
جاءت كلمات هذا المقاتل الوطني المغوار خلال بث الإعلام الحربي، مطلع الأسبوع قبل الماضي، مشاهد لعمليات هجومية نفذها مجاهدو الجيش واللجان من عدة محاور على مواقع مرتزقة العدوان شرق يختل بمديرية المخا غربي تعز.
هكذا تمكن الأبطال من السيطرة على الموقع, ممهدين الطريق إلى مواقع جديدة داخل المخا, وواضعين عشرات المواقع التابعة للمرتزقة تحت نيران المدفعية والصواريخ اليمنية.
لم تمر أيام قليلة من هجوم الشاذلي في يختل المخا, حتى تم تحقيق إصابات مباشرة في أرواح وعتاد المرتزقة بعد كسر محاولات ولوج المرتزقة إلى سواحل الخوخة وتنفيذ عمليات هجومية على تجمعاتهم في جسر الهاملي في مديرية موزع، واستهداف تحصيناتهم بمديرية ذوباب, وجبل الهان والتبة السوداء بعصيفرة والضباب والأقروض والصلو جنوب مدينة تعز، والتي خلفت خلال الأيام القليلة الماضية المئات من القتلى والجرحى في صفوف أدوات العدوان.
في مهب النار
يُعد انتقال قيادة الجيش واللجان الشعبية إلى خيار مشاغلة المحتل في الجنوب ورقة رابحة ستحسب له الرياض وأبوظبي ألف حساب، خصوصاً وأن البيئة في المحافظات الجنوبية اليوم قابلة للاشتعال بوجه المحتل الذي عاث في الجنوب سلباً للثروة والأرض، وسط ظروف اقتصادية صعبة يعيشها أبناء المحافظات الجنوبية، وامتهان كرامة أبنائها عبر القتل على الطرقات والزج بهم في المعتقلات السرية.
ومن هذا المنطلق جاءت دعوة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه بمناسبة المولد النبوي الشريف, إلى دعم أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية الأحرار لتحرير مناطقهم.
وهو خيار يبدو فيه مركز الصمود والمقاومة الذي ينطلق اليوم من الشمال حاضراً للعبة مجدداً، واحتضان المقاومة الجنوبية للمحتلين الجدد، كما كان الحال إبان السنوات التي كانت جبهات تعز فيها منطلقاً لمواجهة المحتل البريطاني حتى نيل الاستقلال في نوفمبر من العام 1967م.
ووفق المعطيات الميدانية تمثل السيطرة الشاملة على منطقة طور الباحة أحد الخيارات الاستراتيجية لقوى الصمود والمقاومة والتحرر اليمنية, وتدشين مرحلة عسكرية جديدة تطل فيها هذه القوى على مركز قيادة العدوان وأدواتهم في عدن, ومنحها أفضلية جغرافية كقاعدة لانطلاق العمليات العسكرية في لحج وباب المندب ومريس وقعطبة في الضالع, مع تأمينها لظهرها المتمثل بكرش وجبال الحجرية, بعد أن تمكنت من السيطرة على 90% من مساحة طور الباحة، وباتت تبعد 3 كيلومترات فقط عن مركز المديرية.
مصيدة البوابة الشرقية
تتواصل الانتصارات والملاحم البطولية لأبطال الجيش واللجان الشعبية في المحاور الشرقية (البيضاء ومأرب والجوف)، وتصاحبها الكثير من المحاولات التي قام بها المرتزقة لإحداث اختراق ولو بسيط في جبهة نهم، وهنا يعزو القادة الميدانيون للجيش واللجان الشعبية, المحاولات الكبيرة للمرتزقة في محور نهم، إلى أن تحالف العدوان راهن على هذه الجبهة أكثر من غيرها من الجبهات، لأن التقدم من جبهة حرض وميدي محفوف بالمخاطر التاريخية والجغرافية، ولا يمكن للعدو التقدم منها، وجبهات الحدود ميئوس أي تقدم عسكري من خلالها، لأن الجيش واللجان أصبحا هما من يتحكم بمسرح العمليات الحربية هناك، وتعز صعبة جغرافياً وفيها مخاطر عصيبة.
في المقابل يدرك العدو أنه غير قادر على التقدم من المنتصف (جبهة البيضاء وشبوة)، لأنه سوف يقع في فخ ينتظره اليمنيون لكي يتم وضع كماشة لأسر أكبر عدد من الغزاة، ولكن التحالف ترك هذه الجبهة لأدواته، أما جبهة الساحل الغربي فهي حافلة بالمخاطر، ولقد جربوا طعم حرها ونارها، وبالذات مع صاروخي زلزال 1و2, بالإضافة إلى دخول سلاح بحري جديد ممثلاً بمنظومة المندب، ستكون وجباتها أدسم من سابقاتها.
تزامنت الزحوفات الأخيرة في نهم مع قيام أذيال اللوبي السعودي في الداخل بتصعيد الحرب الاقتصادية من خلال إخفاء المشتقات النفطية، والسعي لخلق أزمة معيشية خانقة وغير مسبوقة تمهد لنجاح المراهنات على اقتحام صنعاء والحديدة عبر مليشيا الخيانة التي كان يقودها عفاش وأعوانه من خلال تصعيد هجماتهم في محور نهم، والتي ركزت فيها الدعاية السوداء للماكنة الإعلامية للعدو وطابوره الخامس على تضليل الناس بانسحاب الجيش من الجبهات وقرب سقوط صنعاء عبر زحوفاتهم وهرطقاتهم التي دمرها أبطال الجيش واللجان الشعبية في جبهة نهم.
حارب مرتزقة العدوان في أكثر من 40 جبهة، لكن التصعيد تركز في معظمه مؤخراً في جبهة نهم، ولجأ العدو إلى اختيار جبهة نهم دون غيرها من الجبهات، لأنها حسب اعتقاده ووفق خطة تحالف العدوان أقرب طريق توصلهم إلى العاصمة صنعاء.
لم تكن عملية تركيز التحالف السعودي الإماراتي على جبهة نهم, وليدة بدء العدوان في 26 مارس 2015م، بل نسقت مع تنظيمات إرهابية كجماعة الإخوان المسلمين وبعض المشائخ الذين يقفون الآن في صف العدوان، وهدفت إلى تنفيذ عملية استباقية من حيث إن مأرب والجوف خط أحمر بالنسبة إلى السعودية، باعتبار تلك المناطق بترولية، ولا يمكن السماح لثورة 21 أيلول بالتقدم إليها مطلقاً.
منذ بدء معركة نهم ومرتزقة العدوان يستميتون لتحقيق أي تقدم يُذكر.. وكشفت زحوفاتهم الأخيرة الفاشلة مدى وقوعهم في خيارين أحلاهما مر؛ إما فشل المواجهة أمام أبطال الجيش واللجان، أو التصفية من قبل العدوان، لذا كان طبيعياً اختيار معظمهم للخيار الأول في ما يشبه حالة الانتحار، بعد أن أمهلتهم قيادة تحالف العدوان فرصة أخيرة لتحقيق مكاسب ميدانية.
فعلى نسق العمليات النوعية التي نفذتها قوات الجيش واللجان الشعبية في جبهة نهم, تم تأمين جبل السفينة بالكامل وسط تكبد مرتزقة العدوان خسائر جسيمة بالأرواح والعتاد، وذلك بعد تساقط تحصيناتهم في القتب الصغير والحول والتباب السود وعيدة ويام، ووقعوا في شباك الموت على أعتاب نقيل بن غيلان وجبل القرن والضبوعة وجبل الصلط, والذي عُد مرحلة جديدة لفشل وانهيار وتهاوي وانتحار العدوان ومرتزقتهم في البوابة الشرقية للعاصمة صنعاء.
يوماً بعد يوم تنهار خطط وعمليات العدوان ومرتزقته، وتتصاعد خسائرهم البشرية والمادية، ففي غضون أيام قليلة سقط العشرات من قياداتهم والمئات من مجنديهم بين قتيل وجريح، كما كشف ذلك مصدر عسكري نهاية الأسبوع قبل الماضي، مشيراً إلى أن حصيلة قتلى وجرحى المرتزقة خلال الـ15 يوماً فقط (من 2 إلى 17 نوفمبر الفائت) بلغت أكثر من 250 قتيلاً وأكثر من 500 جريح، منهم 90 إصابة خطرة، فيما تم تدمير أكثر من 9 آليات، وأسر مجموعة من المرتزقة، بالإضافة إلى اغتنام كميات من الأسلحة.
من القضم إلى السيطرة
في ظل ترتيبات هائلة تحكم مسارات الجبهة ونظرة استراتيجية تتحكم بكل خطوات المقاتلين معتمدة على الإرث الذي تركته عمليات القضم والسيطرة، مثلت المعارك في ما وراء الحد الشمالي ضرباً من الأساطير، فكل شيء انهار هناك، التجهيزات الفنية والهندسية للعدو، والغطاء الجوي انعدمت فاعليته أيضاً.
في محور جبلي ساخن، فرضت معادلة جديدة، وبعد أن أطل أبطال الجيش واللجان الشعبية على مدينة نجران، وبخطى قادت المقاتلين إلى مناطق متقدمة في نجران، فبعد استنزاف العدو هناك، كانت تكتيكات التنكيل منظمة، والهجمات متوالية، مع حرص على توسيع رقعة السيطرة, لتصبح المحافظة كلها اليوم على حافة السقوط تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبية.
في نجران تجاوزت إدارة المعركة كل ما هو مثبت ومتفق عليه في الأكاديميات العسكرية وفي الخرائط والنظريات العسكرية، وعلى المستويات المختلفة، التكتيكي، والعملياتي، والاستراتيجي، وفرضت معارك ما وراء الحدود معادلات عسكرية أبهرت العالم, بعد أن نالت الجبهات الحدودية في كل من نجران وعسير وجيزان نصيباً وافراً من تلك العمليات التي نفذها أبطال الجيش واللجان الشعبية.
وفي إطار تنفيذ الجيش السعودي ومرتزقته لعشرات الزحوفات الفاشلة بغية استعادة المواقع العسكرية المطلة على مدينة نجران، والتي أسقطها أبطال الجيش واللجان الشعبية قبل عامين، تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية، خلال الأيام الماضية، من كسر عدة زحوفات واسعة مسنودة بطيران الأباتشي وطيران التجسس للجيش السعودي ومرتزقته، على موقع الشرفة الاستراتيجي المطل على مدينة نجران, كما لقي عشرات الجنود السعوديين ومرتزقتهم مصرعهم وأصيب آخرون بنيران الجيش واللجان الشعبية خلال الأيام الفائتة، في زحوفات فاشلة على مواقع باتجاه جبل قيس وقرية حامضة وموقع الكرس ومنفذ الطوال بجبهة جيزان
وتكشف العمليات التصعيدية الهجومية للجيش اليمني واللجان الشعبية خلال الأسبوعين الماضيين، عن خسائر كارثية في الأرواح والعتاد لدى الجيش السعودي.
فبعد أن سجلت العمليات الهجومية لأبطال الجيش واللجان الشعبية التي تواصلت خلال الأسبوع الماضي، والتي ترافق معها ضربات مسددة للقوتين الصاروخية والمدفعية لغرف عمليات العدو في منفذ الخضراء بجيزان أمس السبت, مرحلة متقدمة من التصعيد العملياتي العسكري الناجح في محاور ما وراء الحدود, عكست قوة وصلابة المقاتل اليمني من جهة، وتهاوي وفشل جيش ومرتزقة العدو السعودي في زحوفاتهم من جهة أخرى، رغم إمكانياتهم المادية والبشرية والتسليحية الهائلة البرية منها والجوية. وتكبد الجيش السعودي خسائر كبيرة في ضباطه وجنوده ومرتزقته، إلى جانب خسائر في آلياته ومعداته المختلفة, كما أرغمت الخسائر الكبيرة التي خلفتها العمليات التصعيدية والدفاعية للجيش واللجان الشعبية, العدو على الانتحار.
تأتي زحوفات الجيش السعودي ومرتزقته بشكل مكثف في جبهات ما وراء الحدود والجبهات الداخلية في ظل تمكن القوة الصاروخية للجيش اليمني واللجان الشعبية من وضع عواصم وكري المؤامرة والعدوان (الرياض وأبوظبي) في بنك أهداف قوتنا الصاروخية, بالإضافة إلى تزامنها مع انقلاب علي صالح على الشراكة الوطنية وتفجير الوضع في بعض أحياء العاصمة صنعاء.
ولم تكن الهستيريا والتصعيد العسكري في اليمن, الصورة الوحيدة، فجوانب التخبط السعودي الأمريكي المسعور متعددة، جراء تساقط مشاريعهم في المنطقة، فكما مثلت السيطرة السورية على مدينة البوكمال الحدودية سقوطاً لداعش الوهابية في سوريا، تسير داعش في ذات الطريق في العراق، حيث أعلنت القيادة العراقية تطهير الجزيرة وأعالي الفرات.
وقريباً سيجد السعودي التائه نفسه في نهاية الزقاق المظلم الذي يسير فيه أمام ساطور الجزار الأمريكي، بعد أن تخبط في كل المنطقة بشره وقبحه، وواصل مع شريكه الإماراتي ممارسة الأذى على كل مكان، لا سيما على جيرانه في اليمن, وعلى الأمتين العربية والإسلامية، والتي أثمرت مخططاتها الأربعاء الفائت بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس كعاصمة للكيان الصهيوني المغتصب.
المصدر طلال سفيان/ لا ميديا