
في جنيف، قال محمد علي النسور، رئيس مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن الصراع في اليمن كارثة من صنع الإنسان، لكنه وصفها بأنها "أكبر أزمة إنسانية في العالم نتيجة مزيج من النزاعات والكوليرا وانعدام الأمن الغذائي "
وفي الفترة ما بين آذار / مارس 2015 ونهاية الشهر الماضي، كان التحالف الذي تقوده السعودية هو السبب الرئيس لإصابات المدنيين، بمن فيهم عدد لا يحصى من الأطفال.
ومنذ بداية النزاع، قتل أكثر من 10 آلاف شخص مع نزوح الملايين من ديارهم، غير أن هناك كلام يدور حول ولي العهد السعودي ووزير الدفاع محمد بن سلمان الذي يريد الخروج من اليمن.
كان محمد بن سلمان العقل المدبر للحرب ضد الحوثيين في اليمن، والآن بعد أكثر من عامين من المشاركة العسكرية المستمرة من المملكة العربية السعودية، تظهر تسريبات البريد الإلكتروني الشهر الماضي من ولي العهد الجديد ووزير الدفاع أن السعوديين يريدون الخروج من الحرب، حيث انتشرت الحرب والأوبئة مثل المجاعة والكوليرا في جميع أنحاء اليمن ويبدو أن هزيمة الحوثيين بعيدة.
إن الحرب في اليمن قد كلفت الحكومة السعودية مليارات الدولارات ومع انخفاض أسعار النفط العالمية، فقد اضطرت إلى اتخاذ تدابير تقشفية للمرة الأولى منذ سنوات عديدة، ولكن الخروج من اليمن لن يكون سهلاً، يجب على الوريث الجديد أن يتوصل بطريقة أو بأخرى إلى اتفاق مع الحوثيين لضمان عدم الإطاحة بالرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي.
ويشير البريد الإلكتروني بين محمد بن سلمان وكبار المسؤولين الأمريكيين السابقين إلى أن الدبلوماسية يجب أن تكون الحل الوحيد للأزمة.
كيف سيبدو الانسحاب السعودي؟
لم تؤد الحرب في اليمن إلى خسائر في المملكة العربية السعودية فحسب، بل أثرت أيضاً على اليمن نفسه، يجب أن يكون هناك الآن تفاهم في الرياض بأن هذه الحرب في اليمن كانت فشلاً هائلاً، بل إن البعض يسمون هذه الكارثة " فيتنام السعودية".
كانت هناك مآسي على جانبي الحدود بين المملكة العربية السعودية واليمن، ولكن لا ينبغي للمرء أن يتخلى عن حقيقة أن اليمن يواجه أزمة المجاعة والكوليرا بسبب الحصار اللاإنساني من قبل المملكة العربية السعودية، والقصف الشامل المستمر لأفقر البلدان في العالم .
وبالإضافة إلى ذلك، لا يمكن أن تقارن حقاً حركات المقاومة بالعدوان السعودي لأن السعوديين ليسوا ضحايا لهذه الحرب، وكيف يمكن لهم أن يكونوا وسطاء في السلام إذا كان لديهم تحالف يستهدف المدنيين الأبرياء عمداً بينما تستمر الدعوات من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى إلى وضع حد للعنف؟ فالمواطنون يموتون ويتساقطون على الأرض، وقد حان الوقت للسعوديين وجميع أطراف الصراع لمواجهة الواقع.
ومن الواضح أن الضحايا المدنيين كانوا ضحايا للائتلاف السعودي في شمال البلاد، وكذلك في الأجزاء الوسطى والجنوبية من البلاد. وقد بدأت جميع أطراف الصراع تدرك أنه بعد أكثر من عامين من العنف، لم يعد الحل العسكري خياراً، بل يحتاجون إلى بدائل أكثر مثل الحل السياسي لأننا لا نستطيع أن نرى استمرار هذا الصراع.
وإذا لم يجد السعوديون مخرج من الحرب في اليمن، فإنهم سيهملون مسؤولياتهم كلاعب رئيس يعزز الاستقرار في المنطقة، وبالإضافة إلى ذلك، تحتاج الرياض أيضاً إلى الابتعاد عن الحل العسكري والعمل من أجل التوصل إلى تسوية سياسية، وسيحتاج هذا الأمر إلى الكثير من المساعدة والتعاون الدوليين مع جميع الأطراف الفاعلة في البلاد سعياً إلى استعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن وكذلك إلى المملكة العربية السعودية، وهو ما يبدو ظاهرياً السبب وراء بدء هذه الحرب عند السعوديين وتدخل الإماراتيون في مارس 2015.
الدبلوماسية المدنية
إحدى العقبات في حل الأزمة اليمنية هو أننا نصور الصراع على أنه نزاع سني- شيعي أو سعودي- يمني. أحد الأشياء الرئيسة التي يجب تذكرها في الأزمة اليمنية هو أن اليمنيين مفقودين في عملية الحوار.
جوهر النزاع في اليمن هو أن هذا الصراع المدني اليمني حيث تم توجيه مزيد من الاهتمام نحو القوى الإقليمية والانقسامات الدينية بدلاً من اليمنيين أنفسهم.. هذه هي المشكلة الرئيسية التي لم تعالج من قبل العديد من الوكالات الدولية مثل الأمم المتحدة والعديد من مراكز التفكير حول واشنطن.. وثمة جانب هام آخر من جوانب الصراع المفقود هو كيف يشعر اليمنيون بالغياب بل أكثر إحباطاً من استبعادهم من أية مفاوضات أو حوار سياسي.
وفي نهاية المطاف، يجب أن يكون الشعب اليمني هو الطرف الرئيس الذي يمكنه أن يقرر مستقبل بلده، وأن الانتخابات الحرة والنزيهة ستكون سبيلاً للمضي قدماٌ في البلد الذي مزقته الحرب.. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحالة الإنسانية تستمر في التدهور، وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة للشعب اليمني.
معظم الشعب اليمني لا يريد علاقات معادية مع المملكة العربية السعودية ويريدون أن يكون لديهم علاقة طبيعية مستقرة مع الرياض مثل الدول المجاورة الأخرى في الخليج. ما يمكن أن يكون في مصلحة كل من السعوديين واليمنيين هو تخفيف حدة التوتر وإعادة العلاقات الطبيعية بين الجانبين.
إن الحرب في اليمن أكثر تعقيداً من مجرد الصراع السعودي اليمني، والقضية الهامة التي يرغب اليمنيون فيها هي تقرير المصير السياسي الذي يمكن أن يسمح لهم بأن يقرروا شؤونهم الخاصة، مثل أن يصبحوا أكثر استقلالية ويختارون قادتهم، وأن يضع نهاية للعنف الذي نراه الآن.
ويجب على المجتمع الدولي أن يقبل تقرير المصير السياسي كمبدأ يتيح لليمن فرصة اتخاذ قرار بشأن مستقبلهم. وإذا كان هناك أي سبيل لإيجاد حل سياسي، يجب أن يُسمع الشعب اليمني ويُعطى صوتاً لتمثيل الاتجاه الذي تريد بلده أن تتخذه في المستقبل. وستكون الأزمة الإنسانية أيضاً إحدى أكبر العوائق التي تعترض سبيل السلام، لأن عدم الاستقرار يزدهر في ظل المجاعة والفقر الذي يمكن أن يؤدي إلى فراغ السلطة المناخ الأمثل لازدهار الجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
هناك حاجة إلى حل سياسي يسمح لجميع الأطراف بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، ولن يؤدي أي عمل عسكري من أي من الجانبين إلى حل مستدام طويل الأجل.
موقع يورو ايجن رفيو
المصدر ترجمة خاصة / لاميديا : محمد السالمي