أُســــــر فــي مهـــــب البــــــرد
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / زيد المجاهد

قد يصنع لوح صغير من زجاج فارقاً في حياة أسرة فقيرة تحطمت نوافذها بفعل موجات الضغط الناجمة عن غارات طيران العدوان السعودي الأمريكي، وقد يمثل غياب الزجاج عن النوافذ في ليل صنعاء، تحدياً حقيقياً بالنسبة لأسرة معدمة تصارع الحياة من أجل الحصول على لقمة العيش، لتبقى النوافذ مفتوحة على كل الاحتمالات، بما في ذلك أمراض البرد التي قد تتحول من أمراض آنية إلى أمراض مزمنة، وتكمن المشكلة بأنه لا يوجد من يحس بها سوى أصحابها، فمن يكترث لمنزل بلا نوافذ زجاجية وسط هذا الدمار الذي يعيشه اليمنيون جراء العدوان، الأمر الذي يجعل معاناة أسرة تعيش في منزل بلا نوافذ مجرد تفاصيل صغيرة بين آلاف التفاصيل التي يعايشها شعب بأسره، والذي تتشعب مشاكله مثل شظايا زجاج نافذة تناثر لقطع صغيرة من دمار كبير.. عندما ضرب تحالف العدوان منطقة عطان بسلاح دمار غير تقليدي، تحطمت نوافذ البنايات على محيط يقدر بـ5 كيلومترات في العاصمة صنعاء، حسب شهود العيان الذين عايشوا الواقعة، والذين شاهدوا أيضاً سحباً سوداء كثيفة انتشرت على مساحة واسعة في الأحياء المحيطة بعطان. الآثار الكارثية لقصف عطان لا تزال ماثلة حتى اليوم.
منازل بلا نوافذ
ويمثل (حي العشش) الواقع في منطقة عطان، الوجه الأبرز لمعاناة الأسر، حيث تخلى سكان هذا الحي عن فكرة إصلاح زجاج النوافذ من كثرة التحطيم المتكرر لنوافذهم بغارات الطيران السعودي، إذ يعتقدون أنه لا جدوى من إصلاح زجاج نافذة سيحطمها طيران العدوان غداً.
وقد فضل سكان حي العشش استبدال زجاج النوافذ بخرق من قماش، وهو ما جعل الحي يبدو مثل ثوب قديم مرقع بخرق وقطع من قماش من كل شكل ولون.
وقد تحدث عدد من سكان الحي لصحيفة (لا) حول معاناتهم بالقول: إن قطع القماش لا تعوض أبداً غياب الزجاج عن النافذة، وأنهم يضعون الخرق على النوافذ بغرض السترة فقط لا غير. ويفيد أهالي حي العشش بأنهم يعيشون هذه الأيام صراعاً مع البرد الذي يقتحم النوافذ دون أن تتمكن قطع القماش من صده، والذي يسكن بين العظام.
خسائر مصاحبة
غياب الزجاج عن النوافذ خلَّف لدى الأسر المنكوبة مشاكل متعددة، فالأهالي الذين لا يمتلكون ثمن إصلاح النوافذ، أصبحوا هذه الأيام كثيري الزيارة للمرافق الصحية بسبب الأمراض الناجمة عن التعرض للبرد.
حيث يقول أهالي حي العشش، إنهم أصبحوا يترددون على المرافق الصحية بشكل متكرر خلال فترات متقاربة، وذلك بسبب أمراض البرد الذي يتعرضون له أثناء النوم دون أن يشعروا.
ويقول الأهالي إن الأمراض تكثر لديهم هذه الأيام بشكل غير طبيعي، وخصوصاً بين الأطفال الذين يصابون بنزلات البرد والسعال والتهابات اللوزتين والحمى.
على أن المعركة لا تقتصر على فصل الشتاء، حيث يضطر أهالي حي العشش إلى قضاء السنة كاملة وهم يعالجون مشاكل غياب الزجاج عن النوافذ، خصوصاً خلال فصل الصيف عندما ينهمر المطر الذي يتسرب عبر النوافذ المحطمة إلى داخل المنازل، وهي مسألة اختزلها أحد سكان الحي بالقول: عندما يكون البيت بلا نوافذ فلا فرق بين المنزل والشارع.
حطام وكساد
يفترض أن يؤدي تحطم زجاج النوافذ إلى رواج تجارة الزجاج، لكن يبدو أن هذه المعادلة لم تعد سارية المفعول، حيث يقول محمد اليريمي، صاحب محل لبيع الزجاج في العاصمة صنعاء، إن حركة بيع الزجاج أقل من المستوى الاعتيادي الذي كانت عليه الأوضاع قبل العدوان. ويبرر اليريمي ذلك بالقول: إن الحالة الاقتصادية المتردية أدت إلى توقف أعمال بناء المساكن، إلى جانب أن هناك أناساً كثيرين من المتضررين باتوا يحجمون عن شراء زجاج جديد لنوافذهم من كثرة ما تحطمت نوافذهم جراء الغارات، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانيها الناس.
المصدر صحيفة لا / زيد المجاهد